الأوجه التسعة في بيان اضطراب سعيد المقبري في حديث ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى الصَّلاَةَ مَا لَهُ مِنْهَا إِلاَّ عُشْرُهَا تُسْعُهَا ثُمُنُهَا..))
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين أما بعد..
فهذه مشاركة أحببت إفرادها ليعم النفع بها، وهي في بيان الاختلاف الذي وقع في سند حديث «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى الصَّلاَةَ مَا لَهُ مِنْهَا إِلاَّ عُشْرُهَا تُسْعُهَا ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا »
وهي مقتطفة من المناقشة هنا:
http://www.ajurry.com/vb/showthread....9237#post69237
هذا الحديث رواه جماعة منهم أبو داود في سننه" و أحمد في مسنده" والنسائي في الكبرى" والحميدي في مسنده" وابن المبارك في الزهد" والمروزي في تعظيم قدر الصلاة"، ومداره على سعيد بن أبي سعيد المقبري -رحمه الله- وهو وإن كان ثقة لكن الخطأ قد يطرأ على الحفاظ الكبار ولم يسلَم منه أحد من المحدثين.
والناظر بتجرد في اختلاف الرواة على سعيد يميل بل يكاد يقطع في كون هذا الحديث من أخطائه، فالاختلاف عليه شديد،وأما إرجاع هذا الاختلاف وتحميله الرواة عنه ففيه تكلُّف، وهكذا حمله على الأوجه المختلفة بعيد جدًا، وإليك باختصار تسعة أوجه اختُلف عليه في هذا الحديث:
1- مرة يرويه محمد بن عجلان عن سعيد بإبهام من حدثه واكتفى بنسبته لبني سليم عن عبد الله بن عنمة فقال الحميدي:
ثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن رجل من بني سليم عن عبد الله بن عنمة الجهني : أن رجلا رأى عمار بن ياسر يصلي صلاة أخفها... ا.هـوهذه كما ترى من طريق ابن عجلان الذي اعتمدت عليه في روايتك فهي هنا مخالفة لتلك.
2- مرة يرويه فيصرح سعيد بالواسطة عن عبد الله بن عنمة، قال أبو داود:
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَكْرٍ - يَعْنِى ابْنَ مُضَرَ - عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنَمَةَ الْمُزَنِىِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ..ا.هـ
3- ومرة يبدل مكان (عبد الله بن عنمة) ابن لاس، قال أحمد في مسنده:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنِ ابْنِ لَاسٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ دَخَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ..ا.هـ
وهذ هي المتابعة التي اعتمدت عليها في تصحيح رواية ابن عجلان التي ستأتي، وهذا عتمادًا على أنّ ابن لاس هو عبد الله بن عنمة وهذا لا يُسلم وإنما قاله ابن المديني ظنًا قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في ترجمته من "التقريب":
ويقال هو أبو لاسن الخزاعي الصحابي ولم يصح ا.هـ
وقال في الإصابة:
وقد روى أَبو داود والنسائي من طريق عمر بن الحكم بن ثوبان، عَن عَبد الله بن عنمة، عَن عمار حديثا في الصلاة فيحتمل أن يكون هذا وفي الرواة أيضًا أَبو لاس الخُزاعيّ يقال اسمه عَبد الله بن عنمة والحق أنه لا يعرف اسمه. ا.هـ
ولذا جاء في ترجمة أبي لاس -رضي الله عنه- في "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين" بعد أنّ ذكر الخلاف في اسمه والأقوال:
وذكره بكنيته البخاري في صحيحه ولم يسمه وكذا مسلم وأبو أحمد الحاكم وابن مندة في كتبهم في الكنى وكذلك ابن مندة في المعرفة أيضاً والجمهور على هذا والله سبحانه أعلم ا.هـ
فالأشهر كونه غيره فليست هي متابعة، نعم تابعه في شيخه وخالفه فيمن فوقه.
4- مرة أخرى يرويه سعيد بنفس السند لكن بدلا من عبد الله بن عنمة يجعله ( عبد الرحمن بن عنمة) قال المروزي في "تعظيم قدر الصلاة":
حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنا أبو خالد الأحمر ثنا ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبدالرحمن بن عنمة قال رأيت عمار بن ياسر ...الحديث.
5- ومرة تردد في الاسم بينهما، قال المروزي كذلك:
حدثنا محمد بن بشار ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا ابن عجلان عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن عبدالرحمن أو عبدالله بن عنمة قال رأيت عمار بن ياسر..الحديث.
6- مرة أخرى يرويه سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال النسائي في "الكبرى":
أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب قال حدثنا الليث قال نا خالد عن بن أبي هلال عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ا.هـ الحديث.
وأشار لهذه الرواية البيهقي في السنن.
تنبيه: سيأتي بحث الاختلاف على سعيد بن أبي هلال في المشاركة التالية.
7- مرة أخرى يرويه سعيد المقبري عمر بن أبي بكر عن أبيه عن عمار بن ياسر-رضي الله عنه- قال المروزي في "تعظيم قدر الصلاة":
حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبيدالله بن عمر قال حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أن عمار بن ياسر صلى ركعتين ..الحديث.
8- رواه مرة أخرى عن عمر بن أبي بكر بإسقاط أبيه عن عمار بن ياسر مباشرة، قال ابن المبارك في "الزهد":
أخبرنا عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن عمر بن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عمار بن ياسر دخل المسجد ..الحديث.
9- ومرة يترك هذا كلّه ويرسله عن عمار من غير واسطة قال، أبو يعلى:
حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، حَدَّثنا عَبدُ المَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الجُدِّيُّ، حَدَّثنا سُفيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ عَمَّارًا صَلَّى فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:..الحديث.
فهذه تسعة أوجه في الاختلاف عليه، مما يدل على عدم ضبطه لسند هذا الحديث، وقد أشار لهذا الاختلاف:
* الإمام الدارقطني -رحمه الله- فقال في "المؤتلف والمختلف":
أما عنمة فهو عبد الله بن عنمة يروي عن عمار بن ياسر روى عنه سعيد المقبري واختلف عنه. ا.هـ
*وقال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه":
وعبد الله بن عنمة روى حديثا لعمار عنه قلت قيل في هذا عبد الرحمن بن عنمة وفي إسناد حديثه اضطراب ا.ه
فالذي يترجح لي ضعف هذا الحديث من جهة سعيد المقبري ويبقى طريق سعيد بن أبي هلال ، والله تعالى أعلى وأعلم .
تنبيه: قد يقول القائل: لكن بعض هذه الأوجه يمكن تخريجها فالأمر فيها سهل !
فالجواب: هذا صحيح فيما إذا كان الاختلاف مقتصرا عليها فحينها يمكننا تخريجها بدلًا من توهيم الراوي، لكن باجتماعها إلى الأوجه الأخرى القوية كتغيير كل الطريق فجعله مرة من حديث أبي هريرة ومرة من حديث عمار بن ياسر، ثم ليس الأمر تغيير صحابي بصحابي بل غيّر كل الطريق، ثم مرة جعل الراوي عن عمار ابن لاس ومرة عبد الله عنمة ومرة عبد الرحمن ، وهكذا مرة جعل الحديث من طريق والده ومرة من طريق عمر بن بكر ومرة من طريق عمر بن أبي بكر فهنا تكون تلك الأوجه الضعيفة مؤكدة لاضطراب الراوي فليس الانفراد كالاجتماع فتدبر
[/color]
تعليق