إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيْنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الكَلامِ كَلامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكَلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هذاه.
الفتنة نوعان فتنة شهوات وهي مرض العصرالحاضر, وفتنة شبهات
اشربتها قلوب ظمأى من علم النبوة كما في الحديث الصحيح ( تعرض
الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت في
قلبه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب
على قلبين , قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا لايعرف معروفا ولا ينكر
معروفا إلا ما أشرب من هواه , وقلب أبيض. فلا تضره فتنة مادامت
السماوات والأرض ) مسلم .
ومحلهما القلب ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)
متفق عليه . ولا يستقيم للأعضاء شئ من أعمالها حتى تصدر عن قصده
ونيته فهو المسؤول عنها , والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب
مرضها. فتن البدع والمعاصي, فتن الظلم والجهل , فالأولى ينتج عنها فساد
القصد, والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد , وعليه فالقلوب ثلاثة أقسام
قلب صحيح سليم , وقلب ميت لاحياة به واقف مع شهواته وشبهاته ينادى
إلى الله والدار الآخرة من مكان بعيد , والقلب الثالث يتجادبه بحران بحر
الصحة وبحر السقم يمده هذا مرة والآخر مرة.
وللأسف ظهر في وقتنا المتأخر[زمن العجائب] أصحاب آراء مظلمة
متهافتة ,متناقضة ,تقدف الشبهات في قلوبهم المتحيرة قذفا التي تعدل الحق
بالباطل والخطأ بالصواب فبضاعتهم القيل والقال وكثرة الجدال ,فارقوا
الدليل واتبعوا أهواء قوم ضلوا وأضلوا , لامعتقد مطابق للحق يرجع إليه
ولا حاصل من العلم واليقين. نبدوا الدليل وراء ظهورهم كأنهم لايعلمون
ظلمات بعضها فوق بعض .
قبل كتابة هذا المقال بسنة تقريبا كنت أتجول في المكتبة بحثا عن تحقيق
جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر للأخ القادم بدر بدر ,فوقع بصري
على كتاب صون الشرع الحنيف ببيان الموضوع والضعيف لعمرو عبد
المنعم سليم ولم تكن عندي خلفية مسبقة عنه إلا ما يتبادر للذهن عند سماع
رنة الاسم أنه مصري. فاقتنيت الكتاب، وعند القراءة بدأت تمر بي أمور
أستنكرها كثيرا لأني نشأت على كتب شيخنا ناصر الدين في الحديث ,
وأستغلها فرصة لنصيحة إخواني المشتغلين بهذا الفن أن تقييد الفوائد التي
تمر على القارئ ضروري جدا في علم الحديث خاصة .
فيا طالب علم الحديث قيد ما يمر عليك من نفائس تساعد عليك المراجعة
فاللهم يسر.
قلت بعد قراءتي الجزء الأول وجدت أنه يؤصل ويفسر ويقعد كلام العلماء
بما لايستساغ مع مرادهم وتطبيقاتهم العملية ,فظهر لي بون شاسع بين
تخريجاته وتخريجات الألباني مثلا .فعلا بحثت عن مؤلفات أخرى له
مثلا براءة الذمة , الأجوبة الوافرة , هدم المنارة, دراسة الأسانيد..
فاستنتجت أنه مر بمرحلتين فكتبه القديمة كانت جيدة ثم تحول وأصبح ينافح
عن مذهب التفريق الذي أخد به مثلا في ( الحسن بمجموع الطرق في
ميزان الاحتجاج بين المتقدمين والمتأخرين) . وعصاميته في البحث وفهم
كلام العلماء ظاهرة وإن ادعى أنه تتلمذ على محمود الطحان وعبد الله
الجديع وهذا يحتاج لاثباث . فلعل إخواننا الأفاضل في مصر يفيدوننا .
وأنا شخصيا لا أنكر العصامية في الطلب عند انعدام الشيخ وإن كانت آخر
درجات الطلب فهي وإن كانت تفيد, لكن بالمقابل لها آفات منها الاستبداد
بالرأي ، والتسلط على العلماء بالقدح والذم وسوء الأدب. وكمثال أستاذي
أحمد بن الصديق. قال عن الإمام الأبي أحد الأئمة المالكية وشارح صحيح
مسلم بعدما قرر جواز الصلاة في النعال والأفضل عدم الفعل ( وهو كلام
فاسد ينبئ على جهله التام بالسنة المحمدية وبعده الشاسع عن معرفة الدلائل
) وقال عنه أيضا( وهذا اعتراض من هذا الجاهل السخيف على النبي صلى
الله عليه وسلم وتقديم الهوى والأنفة والكبر .. لابارك الله فيه ولا فيمن عده
من علماء المسلمين) تحسين الفعال ص16 وعندما اختار ابن حزم عدم
وجوب خطبة الجمعة قال الغماري( النص القاطع الدال على جرأة أبي
محمد وكذبه على الله في هذه الآية ) وقال عن الشوكاني ( وهو استظهار
فاسد مبني على غير برهان بل على ترهات وتمويهات وتلاعب وتقلبات
.. فهذا من التمويه والتلاعب بأدلة الشريعة وفق الهوى كما هو شأن هذا
الرجل) الحسبة ص 108 .
ولولا فضل الله ورحمته ثم تقييضه للأمة المغربية تقي الدين الهلالي لكن
شمال المغرب غارق في أوحال التصوف والقبورية والتشيع ، فهو الذي
تصدى له ومن أبدع اللقاءات التي سمعت مجلس مناظرة جمع الهلالي
والألباني مع محمد الزمزمي أخ أحمدبن الصديق عند زيارة الشيخ ناصر
للمغرب . وللاشارة نذكر أن الشيخ عبد الوهاب البنا المصري كان حاضر
المجلس .
والآن مع الوقفات
**حديث [ إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته ،تسعها،ثمنها،
سبعها،سدسها،خمسها..] رقم 168.
أخرجه أبو داود (796) وأحمد ج 5ص 420 ( 18539) وأبو يعلى
(1615) وابن حبان ج 2 ( 1509) من طريق محمد بن عجلان عن سعيد
المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عنمة المزني عن عمار بن
ياسر به .
فحصرعمرو تضعيف الحديث في مخالفة عبيد الله بن عمر لابن عجلان في
المقبري , فقد رواه عبيد الله عن المقبري عن عمر بن أبي بكر بن الحارث
عن أبيه عن عماربه . ثم بعدما رجح رواية عبيد الله على رواية ابن عجلان
ثم ضعفها بجهالة عمر بن أبي بكر.
وجوابي أن سبب ترجيحه رواية عبيد الله أن ابن عجلان يخطئ في أحاديث
المقبري وهذا لايضر لأنه متابع من صفوان بن عيسى عند أحمد ثم إن
المقبري واسع الرواية فاحتمال كبير أن له فيه شيخين وعليه يكون عبيد الله
متابع لابن عجلان غير مخالف وعمر بن أبي بكر روى عنه جماعة ووثقه
ابن حبان ومتابع من عمر بن الحكم فالحديث صحيح من الوجهين والله أعلم.
***حديث [ عليكن بالتسبيح والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات
مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة ] حديث برقم 42.
قلت (أشرف) أخرجه ابن راهويه ( 1/199) وأحمد (6/370) وابن أبي
شيبة (2/160-6/53-7/16 وابن سعد في الطبقات (8/310) والدوري
في تاريخ يحي بن معين (3/51) وأبو داود(1501) والترمذي(3583)
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني(6/73) وابن حبان (2333)
والطبراني في الكبير (25) والأوسط ( 5/183) من طريق هانئ بن
عثمان عن أمه حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة من المهاجرات قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عليكن بالتسبيح والتقديس واعقدن
بالأنامل..] الحديث .
صححه الحاكم والذهبي والنووي وابن حجر وفي السند حميضة بنت ياسر
مجهولة من الرابعة وبهذه العلة ضعفه عمرو سليم .
على أني أنبه الاخوة القراء إلى شئ مهم هو أن الجهالة إذا كانت في
الطبقات العليا من السند فلها حكم خاص عما إذ كانت في الطبقات الدنيا
وأقصد بالطبقة العليا القرون المفضلة بالخيرية ( خير الناس قرني ثم الذين
يلونهم ثم الذين يلونهم) قال الذهبي في ديوان الضعفاء ص( 374)
( أما المجهولون من الرواة فإن كان الرجل من كبارالتابعين أو أوساطهم
احتمل حديثه وتلقى بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة
الألفاظ ) فخذ هذه الفائدة أخي القارئ وادعوا لأخيك بل أزيد إن كان
مجهول العين والحال ( وهو المستور) في القرون الثلاثة فيعتبر به وما
دون ذلك ففيه نظر. ( يراجع التأصيل لأصول التخريج) لبكر أبو زيد
ص 180 وللحديث شاهد من روايةعبد الله بن عمرو قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده وفي رواية بيمينه. أخرجه أبو داود
والترمذي والنسائي في الكبرى والحاكم وحسنه ابن حجر والألباني .
ورأيت الشيح بكر أبو زيد في التأصيل ص 202 حكم على لفظة بيمينه
بالشذوذ . تفرد بها محمد بن قدامة وقال أن المحفوظ في الحديث لفظة بيده.
وعلى أي فحديث حميضة حسن إن شاء الله .
**حديث[ المرأة عورة فإذ خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ماتكون من
ربها وهي في قعر بيتها].
حديث صحيح أخرجه الترمذي (1169) ج4ص267 وابن خزيمة في
صحيحه ج3ص93 ( 1681) ( 1683) وابن حبان ج5ص333 (5502)
من طريق همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ( المرأة عورة..الحديث) .
خالف سليمان التيمي همام فرواه عن قتادة عن أبي الأحوص باسقاط مورق
العجلي ، أخرجه ابن خزيمة (1682) وابن حبان(5501) من طريق أحمد
بن المقدام حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي به ، والحفاظ في شك
من سماع قتادة من عوف بن مالك (أبو الأحوص) فالراجح والله أعلم رواية
همام عن قتادة به ، فهو متابع من سعيد بن بشير عند ابن خزيمة (1683)
من طريق محمد بن عثمان ثنا سعيد بن بشير عن قتادة به , وسعيد حسن
الحديث إذا توبع ، ضعفه ابن حجر والنسائي وابن حبان ومحمد بن نمير
وقال شعبة صدوق وقال دحيم ثقة وقال البخاري يتكلم في حفظه وهو
يحتمل , وقال أبو بكر البزار عندنا صالح الحديث ليس به بأس , وقال ابن
عدي الغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق, والمتابعة الثانية
لهمام من سويد أبو حاتم أخرجها الطبراني في الكبير( 10/132) وسويد
ضعيف . فاشتراك ثقة وضعيفين في رواية هذا الحديث عن قتادة عن
مورق العجلي به، ذل على أن المحفوظ هو ذكر مورق في السند والله أعلم
وإذ نظرنا في حال قتادة المتهم بالتدليس نجد أنه متابع من شعبة عند البيهقي
في شعب الإيمان (7819) من طريق بهز بن أسد عن شعبة عن أبي
إسحاق عن أبو الأحوص عن عبد الله مرفوعا , ورواية شعبة عن أبو
إسحاق مزيلة لعلة تدليسه فقد صح عنه قوله كفيتكم تدليس ثلاثة ومنهم أبو
إسحاق .
من جهة أخرى اختلف في هذا الحديث بين الوقف والرفع . فمورق
والسبيعي رووه عن أبو الأحوص عن عبد الله مرفوعا واختلف على أبي
إسحاق فرواه أبو الأحوص عند ابن أبي شيبة في المصنف ( 270) عنه
عن أبي الأحوص عن عبد الله موقوفا , وخالفه شعبة عند البيهقي كما مر
عن أبي إسحاق مرفوعا . واختلف على شعبة فبهز بن أسد أورده بالاسناد
المتقدم وخالفه عمرو بن مرزوق فرواه عن شعبة عن أبي إسحاق به
موقوفا أخرجه الطبراني في الكبير ( 9/241) , وتابع حميد بن هلال
رواية من روى عن الأحوص الوقف أخرجه ابن أبي شيبة 2/219) من
طريق وكيع ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي الأحوص
قال عبد الله موقوفا . الخلاصة اختلف على أبو الأحوص فرواه عنه أبو
إسحاق ( في رواية) ومورق عن عبد الله مرفوعا , وخالفهم حميد بن هلال
فرواه بالوقف على ابن مسعود .
ولعل القارئ يتسائل لماذا لم أرجح في الاختلاف على السبيعي فالجواب
غالب ظني والله أعلم أن الرفع هو الراجح ولعل ابن مسعود جاء عنه
الوجهين الوقف والرفع ومرة حدث بهذا , وأخرى بتلك . وكل أخبر بما
سمع , يرجح ذلك أن ابن مسعود متابع من ابن عمر عند الطبراني في
الأوسط من طريق سليمان التيمي عن قتادة عن سالم عن ابن عمر مرفوعا
فلتنظر الصحيحة 2698 والارواء273 .
والحقيقة أني توقفت كثيرا في هذا الحديث ( من رواية ابن عمر) خشية أن
يكون هناك اختلاف على معتمر بن سليمان فبدل أن يرويه بعض من لم
يضبط هذا الحديث جيدا عن معمر عن أبيه عن قتادة عن أبي الأحوص به
كما سبق ,فيرويه عن معمر عن أبيع عن قتادة عن سالم به .
لكن جودة إسناده وصنيع شيخنا ناصر الدين في الصحيحة يوحي أن مخرج
الحديث مختلف ولا يوجد وهم ممن دون معمربن سليمان والسلامة البقاء
في غرز العلماء والله أعلم .
***** حديث [أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك]
حديث صحيح أخرجه أبوداود(3535) والترمذي ( 1263) والحاكم (2/46) و
الدارمي ( 2/17 والبخاري في التاريخ الكبير (2/360) والطحاوي في مشكل
الآثار( 2/337) والبيهقي(10/271) والدارقطني ( 3/35) من طريق طلق بن غنام
عن شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قوله.
قال الحاكم ( حديث شريك عن أبي حصين صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي
وقال أبو حاتم في العلل لابنه( 1/375) عن طلق بن غانم ( روى حديثا منكرا عن
شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولاتخن من خانك) قال أبي ولم يرو هذا الحديث
غيره.
أما قول الحاكم فغير مسلم وشريك لم يحتج به مسلم إلا متابعة,والحاكم لايخفى عليه مثل هذا
وهو يقصد شئ آخر ليس هنا مجال بيانه.
وبالنسبة لأبي حاتم فالجواب أن طلق وثقه الدارقطني ويعقوب بن شيبة وابن سعد و
روى له البخاري فمثله يحتمل تفرده ولا يقدح في حديثه وشريك النخعي وقيس بن
الربيع سيئا الحفظ وقد تابع أحدهما الآخر من باب سنشد عضدك بأخيك والله أعلم.
وللحديث شواهد منها حديث أنس أخرجه الطبراني في الصغير (1/171) والحاكم
(2/46) من طريق أيوب بن سويد ثنا ابن شوذب عن أبي التياح عن أنس مرفوعا
وفيه أيوب بن سويد وهو ضعيف ,لكنه متابع من طرف ضمرة بن ربيعة حدثنا ابن
شوذب عن أبي التياح به .
وشاهد ثاني أخرجه أبو داود ( 3534) من طريق يوسف بن ماهك قال كنت أكتب
لفلان نفقة أيتام كان وليهم فغالطوه بألف درهم فأداها إليهم فأدركت لهم مالهم مثليها
قال قلت أقبض الألف الذي ذهبوا منك؟ قال لا حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول .. الحديث والراوي عن أبي بن كعب لم يعرف فهو مجهول .
وينبغي التنبه إلى أن الجهالة في الطبقات العليا من الإسناد ( طبقة التابعين) ليس
كالجهالة في الطبقة الوسطى أو مادونها لخيرية تلك الطبقات فالمعاملة لا تكون
بالمثل وينظر حفظكم الله ( التأصيل لأصول التخريج 186وما قبله) لفضيلة الشيخ
بكر أبو زيد .
أما الأستاذ عمرو عبد المنعم سليم فحكم عليه بالنكارة اتباعا لأبي حاتم . في كتابه
صون الشرع الحنيف ج2ص168 (323) والجواب أن طلق ممن يحتمل تفرده بهذا
الحديث بسبب كثرة الموثقين له ولا نكتفي بوصفه بصدوق في نفسه كما ذكره الأستاذ
عمرو سليم . وغالب ظني أنه سار هنا مع قول الذهبي رحمه الله ( قد يعد تفرد الصدوق منكرا) وليس هنا محل بسط الكلام فأكتفي بالعزولأسئلة أبي العينين للشيخ ناصرفهناك الجواب. ثم لم يتنبه عند سرده لشاهد أنس بن مالك وتضعيفه إياه بأيوب
بن سويد , أنه متابع من قبل ضمرة بن ربيعة .
وقال في ختام بحثه في هذا الحديث مخالفة صريحة لحديث هند بنت عتبة إن أبي
سفيان رجل شحيح ..الحديث , فنصب التعارض بين قول النبي صلى الله عليه وسلم
أد الأمانة إلى من ائتمنك وبين قوله خدي من ماله بالمعرف مايكفيك ويكفي بنيك
ولا تعارض بإذن الله فالمسلم يؤذي الأمانات لأصحابها ولا يخن وفي حالات خاصة
يأخد حقه ويستوفيه من غير قدر حقه والله أعلم ولو نظر لمشكل الآثار لأراح نفسه
(2/373).
**** حديث [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمان و
أصدقها الحارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ].
قال صاحب الانشراح ص107 ( حديث حسن أخرجه أبو داود [4950] والنسائي [ 6/218
219] والدولابي في الكنى [1/59] والبخاري في الأدب المفرد 814 وفي الكنى
749 وأحمد [4/345] والبيهقي[9/306] من طريق عقيل بن شباب عن أبي وهب
الجشمي وكانت له صحبة ... فذكره .
قلت وعقيل بن شبيب مجهول .
وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/312/313] (سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن
حنبل ... وساقه) قال قال أبي سمعت هذا الحديث من فضل الأعرج وفاتني من أحمد
وأنكرته في نفسي وكان يقع في قلبي أنه أبو وهب الكلاعي صاحب مكحول ,وكان
أصحابنا يستغربون فلا يمكنني أن أقول شيئا لما رواه أحمد . ثم قدمت حمص فإذا قد
حدثنا ابن المصفى عن أبي المغيرة قال حدثني محمد ابن المهاجر قال حدثني عقيل
بن سعيد عن أبي وهب الكلاعي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن أبي حاتم وحدثنا به مرة قال حدثنا هشام عن عمار بن يحي بن حمزة عن ابن
وهب عن سليمان بن موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبي فعلمت
أن ذلك باطل , وعلمت أن إنكاري كان صحيحا . وأبو وهب الكلاعي هو صاحب
مكحول الذي يروي عن مكحول واسمه عبيد الله بن عبيد وهو دون التابعين يروي
عن التابعين وضربه مثل الأوزاعي ونحوه, فبقيت متعجبا من أحمد بن حنبل كيف
خفي عليه فإني أنكرته حين سمعت به قبل أن أقف عليه . قلت لأبي هو عقيل بن
سعيد أو عقيل بن شبيب قال مجهول لا أعرفه).
قلت قد شبه لأبي حاتم رحمه الله وقد نقل البغوي عن يحي بن معين قال أبو وهب
الجيشاني اثنان أحدهما صحابي والآخر يروي عنه ابن لهيعة ونظراؤه .
قال الحافظ ( خلط ابن أبي حاتم ترجمته بترجمة أبي وهب الكلاعي فوهم في ذلك
وهما واضحا قاله ابن القطان ثم وقفت على مسند ابن أبي حاتم من ذلك في أثناء
كتاب الأدب فحكى عن أبيه أنه تعب على هذا الحديث إلى أن ظهر له أنه عن أبي
وهب الكلاعي وأنه مرسل وأن أحد الرواة وهم في نسبه جشميا وفي قوله إن له
صحبة ) .
قلت واعتماد ابن حنبل والبخاري وابن معين وابن حبان والبغوي صحبة أبي وهب
مقدم على من أنكر , ومن عرف حجة على من لم يعرف .
وما اعتمده أبو حاتم من أسانيد فيه نظر , ومحمد بن مصفى له أوهام وفوق ذلك كان
يدلس التسوية كما قال أبو زرعة الدمشقي . وفي الاسناد الآخر عمار بن يحي بن
حمزة ولم أهتد إليه فلعله عمار عن يحي بن حمزة والله أعلم غير أن لفقرات الحديث
شواهد .
فللأولى حديث المغيرة بن شعبة قال ( لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرؤن يا
أخت هارون وموسى قيل عيسى كذا بكذا , فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم سألته عن ذلك فقال إنكم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم) أخرجه مسلم
[ 2135] ... وللفقرة الثانية حديث ابن عمر ( إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد
الرحمان) أخرجه مسلم [14/113] وأبوداود[4949]والترمذي[2/136]وابن ماجه
[3828]والدارمي[2/204]وأحمد[2/24]والحاكم[4/274]والبغوي[12/333]
والبيهقي[9/306] وغيرهم من حديث ابن عمر.
وللفقرة الثالثة والرابعة ما أخرجه ابن وهب في الجامع ص7 أخبرني داود بن قيس
عن عبد الوهاب بن بخت مرفوعا ( خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمان وأصدق
الأسماء همام والحارث وشر الأسماء حرب ومرة ) قال الالباني في الصحيحة
[3/33] (وهذا إسناد مرسل صحيح رجاله ثقات رجال مسلم ) قال وقد أخرجه ابن
وهب أيضا من رواية عبد الله بن عامر اليحصبي عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا . وإسناده صحيح أيضا . ورواه ابن وهب 8 من مرسل اللخمي أيضا وهو الحسن بن جابر وتعدد مخارج هذه المراسيل مما يصلح لتقوية موصول ابن وهب
الجيشاني وله شاهد من حديث أنس مرفوعا ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد
الرحمان والحارث) أخرجه ابن عدي في الكامل ( [1/282] من طريق اسماعيل بن
مسلم المكي عن الحسن وقتادة عن أنس به .
قال ابن عدي( وأحاديثه-أي إسماعيل – غير محفوظة عن أهل الحجاز والبصرة
والكوفة إلا أنه ممن يكتب حديثه).
وشاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا (أحب الأسماء إلى الله ماسمي به له,
والحارث وهمام وأكذب الأسماء خالد ومالك وأبغض الأسماء إلى الله ماسمي به
لغيره ويقظة ومرة والحباب وذلك اسم الشيطان ) أخرجه ابن عدي [1/232]من
طريق إبراهيم بن الفضل عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ...فذكره
وهوضعيف وآفته إبراهيم هذا قال ابن عدي وهذا الحديث مع أحاديث سواها عن
إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي هريرة مما لم أذكره فكل ذلك غير محفوظ
ولم أر في أحاديثه أفحش منها .. ومع ضعفه يكتب حديثه وعندي أنه لايجوز
الاحتجاج بحديثه ).
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن جراد وله صحبة كما قال البخاري وابن حبان
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير [3/1/35] وقال في إسناده نظر وجملة القول
أن هذا الحديث مما يطمئن القلب لثبوثه.
أما عمرو عبد المنعم سليم فقد حكم عليه بالنكارة على عادته في اتباع أبو حاتم في
كثير من أحكامه ولعله لو نظر لهذه الشواهد حكم على الحديث بالحسن إن شاء الله
والعجيب أنه انتصر لقول أبي حاتم في أبي وهب الكلاعي ولم ينتبه إلا توهيم
الحافظ له , ثم راح يرجح رواية أبا المغيرة عبد القدوس على رواية هشام بن سعيد
وغاب عنه أن في سند المغيرة محمد ابن المصفى له أوهام وفوق ذلك كان يدلس
تدليس التسوية قاله أبو زرعة الدمشقي . وكلامه في صون الشرع حديث رقم [11]
*** [ حديث أعلنوا النكاح] حديث رقم 205
قال عمرو ضعيف أخرجه أحمد (4/5) وأبو نعيم في الحلية(8/32وابن
حبان (موارد 1285) والحاكم ( 2/183) من طريق ابن وهب عن عبد
الله بن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه مرفوعا به .
أعله بتفرد عبد الله بن الأسود فهو في حيز الجهالة.
قلت عرفه الدارقطني كما في سؤالات البرقاني له ص250 قال الدارقطني
( مصري لابأس به).
*** حديث [ ضحك ربنا من قنوت عباده وقرب غيره]
حكم عليه بالنكارة لتفرد وكيع بن عدس أو حدس به ( لم يوثقه معتبر) فهو
مجهول وباقي السند صحيح . لكن خفي على عمرو عبد المنعم أن ابن حبان
قال في مشاهير علماء الأمصار ص 134 ( من الأثباث) وذكر المعلمي
في التنكيل أن هذه العبارة من أرفع درجات التوثيق عند ابن حبان ،وقال
الجورقاني في الأباطيل (1/222) ( صالح الحديث) فالسند لذاته حسن .
تنبيه [ ذهب الشيخ ناصر في تخريج السنة لابن أبي عاصم رقم 459
إلى أن وكيع بن حدس مجهول وحكم على الحديث بالحسن لأن وكيع
متابع مع شواهد أخرى للحديث . والصحيح أن وكيع معروف والسند
لذاته حسن والله أعلم].
هذا ما تيسر لي النظر فيه ، وبقيت جملة طيبة من الأحاديث الصحيحة
والحسنة ضعفها عمرو سليم لم أتعقبها لأن مرادي من خلال هذا المقال
ومقالات ( وقفات مع طارق عوض الله..) ( وقفات مع عبد الله السعد..)
(وقفات مع من يفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين) هو فتح الطريق
أمام إخواني ليقدروا حجم هذا الفكر المليباري الفاسد .
لذا أنوه لكل من كان قادرا على الكتابة في هذا المجال أن يصلح نيته ويجدد
عزيمته ويتوكل على الله إنه هو السميع العليم وحسبنا الله ، وليعلم القارئ
الحبيب اللبيب أني ما كتبت هذه المقالات إلا غيرة على هذا العلم الشريف
ميراث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لا حبا في النقد والرد، ولا تعصبا
لشيخي ناصر الدين ، ولا لعداوة شخصية .ولكن للشباب الناشئ الذي يسأل
دائما ( ما السبيل لدراسة هذا العلم وكيف يبدأ طالب العلم ؟) لأجلهم، ولأجل
الوفاء لمنهج خادم السنة، ناصر الدين ، الذي تطاول عليه إخواننا وفقهم الله
للخير .فليس لي أن أقول الآن إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .
صدقوني إخواني لما رأيت الغرفة المخصصة للشيخ ناصر في المكتبة
الظاهرية بدمشق والتي تناظر فيها مع شيخي أحمد بن الصديق الغماري
بعدها سمعت الألباني بأذني يقول (ما رأيت مثله) وكان الألباني يسأل
وأحمد يجيب كالسيل المنهمر . للأسف للأسف كنت أتمنى لو أن شيخي
أحمد بن الصديق سخر علمه في الحديث للدفاع عن العقيدة السلفية
النقية بل فقط سخره لخدمة البدعة والشركيات ( قبورية ،تصوف، تشيع
طرقية..) ولله في خلقه شؤون . ولو فعل لكان شيخ الإسلام في الحديث
دون مبالغة . فالحمد لله الذي من علي بالسلفية والتبرؤ بدع أستاذي
فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يلاقون في ساحة المعركة آباءهم
وإخوانهم وأعمامهم ولم يحجمهم ذلك عن الدفاع عن عقيدتهم ودينهم
فلله ذرهم قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخدوا أباءكم وإخوانكم أولياء
إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون)
وليس معنى هذا أني أكفر شيخي حاشا وكلا لكني أكتفي بما قاله الشيخ
بكر أبو زيد ( تعرف منه وتنكر).
الشاهد إخواني عند رؤيتي لغرفة الشيخ ناصر في الظاهرية عرفت أن
الله سبحانه به حفيا فهو في غربة مع غربة ، ساعات متواصلة من القراءة
والنسخ ، الخلاصة الرجل يعيش مع ميراث النبي صلى الله عليه وسلم .
فيا طالب العلم اعرف قدر نفسك وقدرأئمة العلم فمن عرف قدر نفسه
عرف قدر غيره ، واصلح نيتك ولا تتشبع بما لم تعط واخفظ جناحك
لإخوانك ، ولا تبخل بمساعدتهم وعونهم (فالله في عون العبد ما كان
العبد في عون أخيه) ولا تشتغل بالجدل وكثرة كلام بما لايفيدك في دينك
واعلم أن الوقت هو رأس مالك فاحرص عليه واستثمره بما يعود عليك
بالتجارة الرابحة ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)
ولا تكن أبا شبر قرأ أجزاءا من العلم فأصبح يناطح ابن حزم والشوكاني
ويفرق السقطات والمزالق كما تفرق الدراهم والدنانير .
وتذكر يا طالب العلم يامن تقرأ هذا الكلام أن العلم لاينال إلا بستة (ذكاء
وحرص وافتقار وغربة وتلقين أستاذ وطول زمان) . فقد خالطنا من إذا
وزن علمه لبلغ أحمالا ثقيلة لكنه خانه التوفيق والسداد وظن أنه أوحد زمانه
وما علم المسكين أنه في الشبر الأول من العلم . لأنه – أي العلم- ثلاثة
أشبار ، الأول من دخله تكبر ، الثاني من دخله تواضع ، الثالث من دخله
علم أنه لايعلم شيئا كما قال سفيان الثوري.
وليكن شعارك يا طالب العلم دوما وأبدا ( اللهم يا مثبث القلوب ثبث قلبي
على دينك ) ( اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي لطاعتك). ولا يكن همك
حب ظهورك وانتشار صيتك وجمع التزكيات وكثرة المحامد فحب الظهور
يقصم الظهور والعلم فضاح .
وختاما من باب ( من لا يشكر الناس لايشكر الله ) أتقد بالشكر الجزيل إلى كل من نصحني ووجهني ودعا لي وانتقدني . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبت هذا فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي وأسغفرالله .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الكَلامِ كَلامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكَلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هذاه.
الفتنة نوعان فتنة شهوات وهي مرض العصرالحاضر, وفتنة شبهات
اشربتها قلوب ظمأى من علم النبوة كما في الحديث الصحيح ( تعرض
الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت في
قلبه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب
على قلبين , قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا لايعرف معروفا ولا ينكر
معروفا إلا ما أشرب من هواه , وقلب أبيض. فلا تضره فتنة مادامت
السماوات والأرض ) مسلم .
ومحلهما القلب ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)
متفق عليه . ولا يستقيم للأعضاء شئ من أعمالها حتى تصدر عن قصده
ونيته فهو المسؤول عنها , والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب
مرضها. فتن البدع والمعاصي, فتن الظلم والجهل , فالأولى ينتج عنها فساد
القصد, والثانية توجب فساد العلم والاعتقاد , وعليه فالقلوب ثلاثة أقسام
قلب صحيح سليم , وقلب ميت لاحياة به واقف مع شهواته وشبهاته ينادى
إلى الله والدار الآخرة من مكان بعيد , والقلب الثالث يتجادبه بحران بحر
الصحة وبحر السقم يمده هذا مرة والآخر مرة.
وللأسف ظهر في وقتنا المتأخر[زمن العجائب] أصحاب آراء مظلمة
متهافتة ,متناقضة ,تقدف الشبهات في قلوبهم المتحيرة قذفا التي تعدل الحق
بالباطل والخطأ بالصواب فبضاعتهم القيل والقال وكثرة الجدال ,فارقوا
الدليل واتبعوا أهواء قوم ضلوا وأضلوا , لامعتقد مطابق للحق يرجع إليه
ولا حاصل من العلم واليقين. نبدوا الدليل وراء ظهورهم كأنهم لايعلمون
ظلمات بعضها فوق بعض .
قبل كتابة هذا المقال بسنة تقريبا كنت أتجول في المكتبة بحثا عن تحقيق
جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر للأخ القادم بدر بدر ,فوقع بصري
على كتاب صون الشرع الحنيف ببيان الموضوع والضعيف لعمرو عبد
المنعم سليم ولم تكن عندي خلفية مسبقة عنه إلا ما يتبادر للذهن عند سماع
رنة الاسم أنه مصري. فاقتنيت الكتاب، وعند القراءة بدأت تمر بي أمور
أستنكرها كثيرا لأني نشأت على كتب شيخنا ناصر الدين في الحديث ,
وأستغلها فرصة لنصيحة إخواني المشتغلين بهذا الفن أن تقييد الفوائد التي
تمر على القارئ ضروري جدا في علم الحديث خاصة .
فيا طالب علم الحديث قيد ما يمر عليك من نفائس تساعد عليك المراجعة
فاللهم يسر.
قلت بعد قراءتي الجزء الأول وجدت أنه يؤصل ويفسر ويقعد كلام العلماء
بما لايستساغ مع مرادهم وتطبيقاتهم العملية ,فظهر لي بون شاسع بين
تخريجاته وتخريجات الألباني مثلا .فعلا بحثت عن مؤلفات أخرى له
مثلا براءة الذمة , الأجوبة الوافرة , هدم المنارة, دراسة الأسانيد..
فاستنتجت أنه مر بمرحلتين فكتبه القديمة كانت جيدة ثم تحول وأصبح ينافح
عن مذهب التفريق الذي أخد به مثلا في ( الحسن بمجموع الطرق في
ميزان الاحتجاج بين المتقدمين والمتأخرين) . وعصاميته في البحث وفهم
كلام العلماء ظاهرة وإن ادعى أنه تتلمذ على محمود الطحان وعبد الله
الجديع وهذا يحتاج لاثباث . فلعل إخواننا الأفاضل في مصر يفيدوننا .
وأنا شخصيا لا أنكر العصامية في الطلب عند انعدام الشيخ وإن كانت آخر
درجات الطلب فهي وإن كانت تفيد, لكن بالمقابل لها آفات منها الاستبداد
بالرأي ، والتسلط على العلماء بالقدح والذم وسوء الأدب. وكمثال أستاذي
أحمد بن الصديق. قال عن الإمام الأبي أحد الأئمة المالكية وشارح صحيح
مسلم بعدما قرر جواز الصلاة في النعال والأفضل عدم الفعل ( وهو كلام
فاسد ينبئ على جهله التام بالسنة المحمدية وبعده الشاسع عن معرفة الدلائل
) وقال عنه أيضا( وهذا اعتراض من هذا الجاهل السخيف على النبي صلى
الله عليه وسلم وتقديم الهوى والأنفة والكبر .. لابارك الله فيه ولا فيمن عده
من علماء المسلمين) تحسين الفعال ص16 وعندما اختار ابن حزم عدم
وجوب خطبة الجمعة قال الغماري( النص القاطع الدال على جرأة أبي
محمد وكذبه على الله في هذه الآية ) وقال عن الشوكاني ( وهو استظهار
فاسد مبني على غير برهان بل على ترهات وتمويهات وتلاعب وتقلبات
.. فهذا من التمويه والتلاعب بأدلة الشريعة وفق الهوى كما هو شأن هذا
الرجل) الحسبة ص 108 .
ولولا فضل الله ورحمته ثم تقييضه للأمة المغربية تقي الدين الهلالي لكن
شمال المغرب غارق في أوحال التصوف والقبورية والتشيع ، فهو الذي
تصدى له ومن أبدع اللقاءات التي سمعت مجلس مناظرة جمع الهلالي
والألباني مع محمد الزمزمي أخ أحمدبن الصديق عند زيارة الشيخ ناصر
للمغرب . وللاشارة نذكر أن الشيخ عبد الوهاب البنا المصري كان حاضر
المجلس .
والآن مع الوقفات
**حديث [ إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته ،تسعها،ثمنها،
سبعها،سدسها،خمسها..] رقم 168.
أخرجه أبو داود (796) وأحمد ج 5ص 420 ( 18539) وأبو يعلى
(1615) وابن حبان ج 2 ( 1509) من طريق محمد بن عجلان عن سعيد
المقبري عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عنمة المزني عن عمار بن
ياسر به .
فحصرعمرو تضعيف الحديث في مخالفة عبيد الله بن عمر لابن عجلان في
المقبري , فقد رواه عبيد الله عن المقبري عن عمر بن أبي بكر بن الحارث
عن أبيه عن عماربه . ثم بعدما رجح رواية عبيد الله على رواية ابن عجلان
ثم ضعفها بجهالة عمر بن أبي بكر.
وجوابي أن سبب ترجيحه رواية عبيد الله أن ابن عجلان يخطئ في أحاديث
المقبري وهذا لايضر لأنه متابع من صفوان بن عيسى عند أحمد ثم إن
المقبري واسع الرواية فاحتمال كبير أن له فيه شيخين وعليه يكون عبيد الله
متابع لابن عجلان غير مخالف وعمر بن أبي بكر روى عنه جماعة ووثقه
ابن حبان ومتابع من عمر بن الحكم فالحديث صحيح من الوجهين والله أعلم.
***حديث [ عليكن بالتسبيح والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات
مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة ] حديث برقم 42.
قلت (أشرف) أخرجه ابن راهويه ( 1/199) وأحمد (6/370) وابن أبي
شيبة (2/160-6/53-7/16 وابن سعد في الطبقات (8/310) والدوري
في تاريخ يحي بن معين (3/51) وأبو داود(1501) والترمذي(3583)
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني(6/73) وابن حبان (2333)
والطبراني في الكبير (25) والأوسط ( 5/183) من طريق هانئ بن
عثمان عن أمه حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة من المهاجرات قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عليكن بالتسبيح والتقديس واعقدن
بالأنامل..] الحديث .
صححه الحاكم والذهبي والنووي وابن حجر وفي السند حميضة بنت ياسر
مجهولة من الرابعة وبهذه العلة ضعفه عمرو سليم .
على أني أنبه الاخوة القراء إلى شئ مهم هو أن الجهالة إذا كانت في
الطبقات العليا من السند فلها حكم خاص عما إذ كانت في الطبقات الدنيا
وأقصد بالطبقة العليا القرون المفضلة بالخيرية ( خير الناس قرني ثم الذين
يلونهم ثم الذين يلونهم) قال الذهبي في ديوان الضعفاء ص( 374)
( أما المجهولون من الرواة فإن كان الرجل من كبارالتابعين أو أوساطهم
احتمل حديثه وتلقى بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة
الألفاظ ) فخذ هذه الفائدة أخي القارئ وادعوا لأخيك بل أزيد إن كان
مجهول العين والحال ( وهو المستور) في القرون الثلاثة فيعتبر به وما
دون ذلك ففيه نظر. ( يراجع التأصيل لأصول التخريج) لبكر أبو زيد
ص 180 وللحديث شاهد من روايةعبد الله بن عمرو قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده وفي رواية بيمينه. أخرجه أبو داود
والترمذي والنسائي في الكبرى والحاكم وحسنه ابن حجر والألباني .
ورأيت الشيح بكر أبو زيد في التأصيل ص 202 حكم على لفظة بيمينه
بالشذوذ . تفرد بها محمد بن قدامة وقال أن المحفوظ في الحديث لفظة بيده.
وعلى أي فحديث حميضة حسن إن شاء الله .
**حديث[ المرأة عورة فإذ خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ماتكون من
ربها وهي في قعر بيتها].
حديث صحيح أخرجه الترمذي (1169) ج4ص267 وابن خزيمة في
صحيحه ج3ص93 ( 1681) ( 1683) وابن حبان ج5ص333 (5502)
من طريق همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ( المرأة عورة..الحديث) .
خالف سليمان التيمي همام فرواه عن قتادة عن أبي الأحوص باسقاط مورق
العجلي ، أخرجه ابن خزيمة (1682) وابن حبان(5501) من طريق أحمد
بن المقدام حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي به ، والحفاظ في شك
من سماع قتادة من عوف بن مالك (أبو الأحوص) فالراجح والله أعلم رواية
همام عن قتادة به ، فهو متابع من سعيد بن بشير عند ابن خزيمة (1683)
من طريق محمد بن عثمان ثنا سعيد بن بشير عن قتادة به , وسعيد حسن
الحديث إذا توبع ، ضعفه ابن حجر والنسائي وابن حبان ومحمد بن نمير
وقال شعبة صدوق وقال دحيم ثقة وقال البخاري يتكلم في حفظه وهو
يحتمل , وقال أبو بكر البزار عندنا صالح الحديث ليس به بأس , وقال ابن
عدي الغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق, والمتابعة الثانية
لهمام من سويد أبو حاتم أخرجها الطبراني في الكبير( 10/132) وسويد
ضعيف . فاشتراك ثقة وضعيفين في رواية هذا الحديث عن قتادة عن
مورق العجلي به، ذل على أن المحفوظ هو ذكر مورق في السند والله أعلم
وإذ نظرنا في حال قتادة المتهم بالتدليس نجد أنه متابع من شعبة عند البيهقي
في شعب الإيمان (7819) من طريق بهز بن أسد عن شعبة عن أبي
إسحاق عن أبو الأحوص عن عبد الله مرفوعا , ورواية شعبة عن أبو
إسحاق مزيلة لعلة تدليسه فقد صح عنه قوله كفيتكم تدليس ثلاثة ومنهم أبو
إسحاق .
من جهة أخرى اختلف في هذا الحديث بين الوقف والرفع . فمورق
والسبيعي رووه عن أبو الأحوص عن عبد الله مرفوعا واختلف على أبي
إسحاق فرواه أبو الأحوص عند ابن أبي شيبة في المصنف ( 270) عنه
عن أبي الأحوص عن عبد الله موقوفا , وخالفه شعبة عند البيهقي كما مر
عن أبي إسحاق مرفوعا . واختلف على شعبة فبهز بن أسد أورده بالاسناد
المتقدم وخالفه عمرو بن مرزوق فرواه عن شعبة عن أبي إسحاق به
موقوفا أخرجه الطبراني في الكبير ( 9/241) , وتابع حميد بن هلال
رواية من روى عن الأحوص الوقف أخرجه ابن أبي شيبة 2/219) من
طريق وكيع ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي الأحوص
قال عبد الله موقوفا . الخلاصة اختلف على أبو الأحوص فرواه عنه أبو
إسحاق ( في رواية) ومورق عن عبد الله مرفوعا , وخالفهم حميد بن هلال
فرواه بالوقف على ابن مسعود .
ولعل القارئ يتسائل لماذا لم أرجح في الاختلاف على السبيعي فالجواب
غالب ظني والله أعلم أن الرفع هو الراجح ولعل ابن مسعود جاء عنه
الوجهين الوقف والرفع ومرة حدث بهذا , وأخرى بتلك . وكل أخبر بما
سمع , يرجح ذلك أن ابن مسعود متابع من ابن عمر عند الطبراني في
الأوسط من طريق سليمان التيمي عن قتادة عن سالم عن ابن عمر مرفوعا
فلتنظر الصحيحة 2698 والارواء273 .
والحقيقة أني توقفت كثيرا في هذا الحديث ( من رواية ابن عمر) خشية أن
يكون هناك اختلاف على معتمر بن سليمان فبدل أن يرويه بعض من لم
يضبط هذا الحديث جيدا عن معمر عن أبيه عن قتادة عن أبي الأحوص به
كما سبق ,فيرويه عن معمر عن أبيع عن قتادة عن سالم به .
لكن جودة إسناده وصنيع شيخنا ناصر الدين في الصحيحة يوحي أن مخرج
الحديث مختلف ولا يوجد وهم ممن دون معمربن سليمان والسلامة البقاء
في غرز العلماء والله أعلم .
***** حديث [أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك]
حديث صحيح أخرجه أبوداود(3535) والترمذي ( 1263) والحاكم (2/46) و
الدارمي ( 2/17 والبخاري في التاريخ الكبير (2/360) والطحاوي في مشكل
الآثار( 2/337) والبيهقي(10/271) والدارقطني ( 3/35) من طريق طلق بن غنام
عن شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قوله.
قال الحاكم ( حديث شريك عن أبي حصين صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي
وقال أبو حاتم في العلل لابنه( 1/375) عن طلق بن غانم ( روى حديثا منكرا عن
شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولاتخن من خانك) قال أبي ولم يرو هذا الحديث
غيره.
أما قول الحاكم فغير مسلم وشريك لم يحتج به مسلم إلا متابعة,والحاكم لايخفى عليه مثل هذا
وهو يقصد شئ آخر ليس هنا مجال بيانه.
وبالنسبة لأبي حاتم فالجواب أن طلق وثقه الدارقطني ويعقوب بن شيبة وابن سعد و
روى له البخاري فمثله يحتمل تفرده ولا يقدح في حديثه وشريك النخعي وقيس بن
الربيع سيئا الحفظ وقد تابع أحدهما الآخر من باب سنشد عضدك بأخيك والله أعلم.
وللحديث شواهد منها حديث أنس أخرجه الطبراني في الصغير (1/171) والحاكم
(2/46) من طريق أيوب بن سويد ثنا ابن شوذب عن أبي التياح عن أنس مرفوعا
وفيه أيوب بن سويد وهو ضعيف ,لكنه متابع من طرف ضمرة بن ربيعة حدثنا ابن
شوذب عن أبي التياح به .
وشاهد ثاني أخرجه أبو داود ( 3534) من طريق يوسف بن ماهك قال كنت أكتب
لفلان نفقة أيتام كان وليهم فغالطوه بألف درهم فأداها إليهم فأدركت لهم مالهم مثليها
قال قلت أقبض الألف الذي ذهبوا منك؟ قال لا حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول .. الحديث والراوي عن أبي بن كعب لم يعرف فهو مجهول .
وينبغي التنبه إلى أن الجهالة في الطبقات العليا من الإسناد ( طبقة التابعين) ليس
كالجهالة في الطبقة الوسطى أو مادونها لخيرية تلك الطبقات فالمعاملة لا تكون
بالمثل وينظر حفظكم الله ( التأصيل لأصول التخريج 186وما قبله) لفضيلة الشيخ
بكر أبو زيد .
أما الأستاذ عمرو عبد المنعم سليم فحكم عليه بالنكارة اتباعا لأبي حاتم . في كتابه
صون الشرع الحنيف ج2ص168 (323) والجواب أن طلق ممن يحتمل تفرده بهذا
الحديث بسبب كثرة الموثقين له ولا نكتفي بوصفه بصدوق في نفسه كما ذكره الأستاذ
عمرو سليم . وغالب ظني أنه سار هنا مع قول الذهبي رحمه الله ( قد يعد تفرد الصدوق منكرا) وليس هنا محل بسط الكلام فأكتفي بالعزولأسئلة أبي العينين للشيخ ناصرفهناك الجواب. ثم لم يتنبه عند سرده لشاهد أنس بن مالك وتضعيفه إياه بأيوب
بن سويد , أنه متابع من قبل ضمرة بن ربيعة .
وقال في ختام بحثه في هذا الحديث مخالفة صريحة لحديث هند بنت عتبة إن أبي
سفيان رجل شحيح ..الحديث , فنصب التعارض بين قول النبي صلى الله عليه وسلم
أد الأمانة إلى من ائتمنك وبين قوله خدي من ماله بالمعرف مايكفيك ويكفي بنيك
ولا تعارض بإذن الله فالمسلم يؤذي الأمانات لأصحابها ولا يخن وفي حالات خاصة
يأخد حقه ويستوفيه من غير قدر حقه والله أعلم ولو نظر لمشكل الآثار لأراح نفسه
(2/373).
**** حديث [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمان و
أصدقها الحارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ].
قال صاحب الانشراح ص107 ( حديث حسن أخرجه أبو داود [4950] والنسائي [ 6/218
219] والدولابي في الكنى [1/59] والبخاري في الأدب المفرد 814 وفي الكنى
749 وأحمد [4/345] والبيهقي[9/306] من طريق عقيل بن شباب عن أبي وهب
الجشمي وكانت له صحبة ... فذكره .
قلت وعقيل بن شبيب مجهول .
وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/312/313] (سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن
حنبل ... وساقه) قال قال أبي سمعت هذا الحديث من فضل الأعرج وفاتني من أحمد
وأنكرته في نفسي وكان يقع في قلبي أنه أبو وهب الكلاعي صاحب مكحول ,وكان
أصحابنا يستغربون فلا يمكنني أن أقول شيئا لما رواه أحمد . ثم قدمت حمص فإذا قد
حدثنا ابن المصفى عن أبي المغيرة قال حدثني محمد ابن المهاجر قال حدثني عقيل
بن سعيد عن أبي وهب الكلاعي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن أبي حاتم وحدثنا به مرة قال حدثنا هشام عن عمار بن يحي بن حمزة عن ابن
وهب عن سليمان بن موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبي فعلمت
أن ذلك باطل , وعلمت أن إنكاري كان صحيحا . وأبو وهب الكلاعي هو صاحب
مكحول الذي يروي عن مكحول واسمه عبيد الله بن عبيد وهو دون التابعين يروي
عن التابعين وضربه مثل الأوزاعي ونحوه, فبقيت متعجبا من أحمد بن حنبل كيف
خفي عليه فإني أنكرته حين سمعت به قبل أن أقف عليه . قلت لأبي هو عقيل بن
سعيد أو عقيل بن شبيب قال مجهول لا أعرفه).
قلت قد شبه لأبي حاتم رحمه الله وقد نقل البغوي عن يحي بن معين قال أبو وهب
الجيشاني اثنان أحدهما صحابي والآخر يروي عنه ابن لهيعة ونظراؤه .
قال الحافظ ( خلط ابن أبي حاتم ترجمته بترجمة أبي وهب الكلاعي فوهم في ذلك
وهما واضحا قاله ابن القطان ثم وقفت على مسند ابن أبي حاتم من ذلك في أثناء
كتاب الأدب فحكى عن أبيه أنه تعب على هذا الحديث إلى أن ظهر له أنه عن أبي
وهب الكلاعي وأنه مرسل وأن أحد الرواة وهم في نسبه جشميا وفي قوله إن له
صحبة ) .
قلت واعتماد ابن حنبل والبخاري وابن معين وابن حبان والبغوي صحبة أبي وهب
مقدم على من أنكر , ومن عرف حجة على من لم يعرف .
وما اعتمده أبو حاتم من أسانيد فيه نظر , ومحمد بن مصفى له أوهام وفوق ذلك كان
يدلس التسوية كما قال أبو زرعة الدمشقي . وفي الاسناد الآخر عمار بن يحي بن
حمزة ولم أهتد إليه فلعله عمار عن يحي بن حمزة والله أعلم غير أن لفقرات الحديث
شواهد .
فللأولى حديث المغيرة بن شعبة قال ( لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرؤن يا
أخت هارون وموسى قيل عيسى كذا بكذا , فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم سألته عن ذلك فقال إنكم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم) أخرجه مسلم
[ 2135] ... وللفقرة الثانية حديث ابن عمر ( إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد
الرحمان) أخرجه مسلم [14/113] وأبوداود[4949]والترمذي[2/136]وابن ماجه
[3828]والدارمي[2/204]وأحمد[2/24]والحاكم[4/274]والبغوي[12/333]
والبيهقي[9/306] وغيرهم من حديث ابن عمر.
وللفقرة الثالثة والرابعة ما أخرجه ابن وهب في الجامع ص7 أخبرني داود بن قيس
عن عبد الوهاب بن بخت مرفوعا ( خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمان وأصدق
الأسماء همام والحارث وشر الأسماء حرب ومرة ) قال الالباني في الصحيحة
[3/33] (وهذا إسناد مرسل صحيح رجاله ثقات رجال مسلم ) قال وقد أخرجه ابن
وهب أيضا من رواية عبد الله بن عامر اليحصبي عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلا . وإسناده صحيح أيضا . ورواه ابن وهب 8 من مرسل اللخمي أيضا وهو الحسن بن جابر وتعدد مخارج هذه المراسيل مما يصلح لتقوية موصول ابن وهب
الجيشاني وله شاهد من حديث أنس مرفوعا ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد
الرحمان والحارث) أخرجه ابن عدي في الكامل ( [1/282] من طريق اسماعيل بن
مسلم المكي عن الحسن وقتادة عن أنس به .
قال ابن عدي( وأحاديثه-أي إسماعيل – غير محفوظة عن أهل الحجاز والبصرة
والكوفة إلا أنه ممن يكتب حديثه).
وشاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا (أحب الأسماء إلى الله ماسمي به له,
والحارث وهمام وأكذب الأسماء خالد ومالك وأبغض الأسماء إلى الله ماسمي به
لغيره ويقظة ومرة والحباب وذلك اسم الشيطان ) أخرجه ابن عدي [1/232]من
طريق إبراهيم بن الفضل عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ...فذكره
وهوضعيف وآفته إبراهيم هذا قال ابن عدي وهذا الحديث مع أحاديث سواها عن
إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي هريرة مما لم أذكره فكل ذلك غير محفوظ
ولم أر في أحاديثه أفحش منها .. ومع ضعفه يكتب حديثه وعندي أنه لايجوز
الاحتجاج بحديثه ).
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن جراد وله صحبة كما قال البخاري وابن حبان
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير [3/1/35] وقال في إسناده نظر وجملة القول
أن هذا الحديث مما يطمئن القلب لثبوثه.
أما عمرو عبد المنعم سليم فقد حكم عليه بالنكارة على عادته في اتباع أبو حاتم في
كثير من أحكامه ولعله لو نظر لهذه الشواهد حكم على الحديث بالحسن إن شاء الله
والعجيب أنه انتصر لقول أبي حاتم في أبي وهب الكلاعي ولم ينتبه إلا توهيم
الحافظ له , ثم راح يرجح رواية أبا المغيرة عبد القدوس على رواية هشام بن سعيد
وغاب عنه أن في سند المغيرة محمد ابن المصفى له أوهام وفوق ذلك كان يدلس
تدليس التسوية قاله أبو زرعة الدمشقي . وكلامه في صون الشرع حديث رقم [11]
*** [ حديث أعلنوا النكاح] حديث رقم 205
قال عمرو ضعيف أخرجه أحمد (4/5) وأبو نعيم في الحلية(8/32وابن
حبان (موارد 1285) والحاكم ( 2/183) من طريق ابن وهب عن عبد
الله بن الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه مرفوعا به .
أعله بتفرد عبد الله بن الأسود فهو في حيز الجهالة.
قلت عرفه الدارقطني كما في سؤالات البرقاني له ص250 قال الدارقطني
( مصري لابأس به).
*** حديث [ ضحك ربنا من قنوت عباده وقرب غيره]
حكم عليه بالنكارة لتفرد وكيع بن عدس أو حدس به ( لم يوثقه معتبر) فهو
مجهول وباقي السند صحيح . لكن خفي على عمرو عبد المنعم أن ابن حبان
قال في مشاهير علماء الأمصار ص 134 ( من الأثباث) وذكر المعلمي
في التنكيل أن هذه العبارة من أرفع درجات التوثيق عند ابن حبان ،وقال
الجورقاني في الأباطيل (1/222) ( صالح الحديث) فالسند لذاته حسن .
تنبيه [ ذهب الشيخ ناصر في تخريج السنة لابن أبي عاصم رقم 459
إلى أن وكيع بن حدس مجهول وحكم على الحديث بالحسن لأن وكيع
متابع مع شواهد أخرى للحديث . والصحيح أن وكيع معروف والسند
لذاته حسن والله أعلم].
هذا ما تيسر لي النظر فيه ، وبقيت جملة طيبة من الأحاديث الصحيحة
والحسنة ضعفها عمرو سليم لم أتعقبها لأن مرادي من خلال هذا المقال
ومقالات ( وقفات مع طارق عوض الله..) ( وقفات مع عبد الله السعد..)
(وقفات مع من يفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين) هو فتح الطريق
أمام إخواني ليقدروا حجم هذا الفكر المليباري الفاسد .
لذا أنوه لكل من كان قادرا على الكتابة في هذا المجال أن يصلح نيته ويجدد
عزيمته ويتوكل على الله إنه هو السميع العليم وحسبنا الله ، وليعلم القارئ
الحبيب اللبيب أني ما كتبت هذه المقالات إلا غيرة على هذا العلم الشريف
ميراث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لا حبا في النقد والرد، ولا تعصبا
لشيخي ناصر الدين ، ولا لعداوة شخصية .ولكن للشباب الناشئ الذي يسأل
دائما ( ما السبيل لدراسة هذا العلم وكيف يبدأ طالب العلم ؟) لأجلهم، ولأجل
الوفاء لمنهج خادم السنة، ناصر الدين ، الذي تطاول عليه إخواننا وفقهم الله
للخير .فليس لي أن أقول الآن إلا حسبنا الله ونعم الوكيل .
صدقوني إخواني لما رأيت الغرفة المخصصة للشيخ ناصر في المكتبة
الظاهرية بدمشق والتي تناظر فيها مع شيخي أحمد بن الصديق الغماري
بعدها سمعت الألباني بأذني يقول (ما رأيت مثله) وكان الألباني يسأل
وأحمد يجيب كالسيل المنهمر . للأسف للأسف كنت أتمنى لو أن شيخي
أحمد بن الصديق سخر علمه في الحديث للدفاع عن العقيدة السلفية
النقية بل فقط سخره لخدمة البدعة والشركيات ( قبورية ،تصوف، تشيع
طرقية..) ولله في خلقه شؤون . ولو فعل لكان شيخ الإسلام في الحديث
دون مبالغة . فالحمد لله الذي من علي بالسلفية والتبرؤ بدع أستاذي
فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يلاقون في ساحة المعركة آباءهم
وإخوانهم وأعمامهم ولم يحجمهم ذلك عن الدفاع عن عقيدتهم ودينهم
فلله ذرهم قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخدوا أباءكم وإخوانكم أولياء
إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون)
وليس معنى هذا أني أكفر شيخي حاشا وكلا لكني أكتفي بما قاله الشيخ
بكر أبو زيد ( تعرف منه وتنكر).
الشاهد إخواني عند رؤيتي لغرفة الشيخ ناصر في الظاهرية عرفت أن
الله سبحانه به حفيا فهو في غربة مع غربة ، ساعات متواصلة من القراءة
والنسخ ، الخلاصة الرجل يعيش مع ميراث النبي صلى الله عليه وسلم .
فيا طالب العلم اعرف قدر نفسك وقدرأئمة العلم فمن عرف قدر نفسه
عرف قدر غيره ، واصلح نيتك ولا تتشبع بما لم تعط واخفظ جناحك
لإخوانك ، ولا تبخل بمساعدتهم وعونهم (فالله في عون العبد ما كان
العبد في عون أخيه) ولا تشتغل بالجدل وكثرة كلام بما لايفيدك في دينك
واعلم أن الوقت هو رأس مالك فاحرص عليه واستثمره بما يعود عليك
بالتجارة الرابحة ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)
ولا تكن أبا شبر قرأ أجزاءا من العلم فأصبح يناطح ابن حزم والشوكاني
ويفرق السقطات والمزالق كما تفرق الدراهم والدنانير .
وتذكر يا طالب العلم يامن تقرأ هذا الكلام أن العلم لاينال إلا بستة (ذكاء
وحرص وافتقار وغربة وتلقين أستاذ وطول زمان) . فقد خالطنا من إذا
وزن علمه لبلغ أحمالا ثقيلة لكنه خانه التوفيق والسداد وظن أنه أوحد زمانه
وما علم المسكين أنه في الشبر الأول من العلم . لأنه – أي العلم- ثلاثة
أشبار ، الأول من دخله تكبر ، الثاني من دخله تواضع ، الثالث من دخله
علم أنه لايعلم شيئا كما قال سفيان الثوري.
وليكن شعارك يا طالب العلم دوما وأبدا ( اللهم يا مثبث القلوب ثبث قلبي
على دينك ) ( اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي لطاعتك). ولا يكن همك
حب ظهورك وانتشار صيتك وجمع التزكيات وكثرة المحامد فحب الظهور
يقصم الظهور والعلم فضاح .
وختاما من باب ( من لا يشكر الناس لايشكر الله ) أتقد بالشكر الجزيل إلى كل من نصحني ووجهني ودعا لي وانتقدني . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبت هذا فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي وأسغفرالله .
تعليق