بسم الله الرحمن الرحيم
الصحة و الفراغ استغلالهما و الاستفادة منهما 1
قال صلي الله عليه وآله وسلم :نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة و الفراغ .) البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهم ) .
اللغة:
النعمة :
ما يفعل على وجه الإحسان ضد النقمة . وهي ما يفعل علي وجه العقوبة .
المغبون :
المنقوص في حقه ،أصلة من غبن في البيع إذا نقص من حقه ، ثم يستعمل في كل من نقص من حظه في كل شيء .
الصحة :
اعتدال المزاج و قوة البنية ضد المرض
الفراغ :
الخلاء ومصدر فرغ يفرغ إذا كان خاليا من الشغل ، و هذا هو المراد .
التراكيب :
مغبون خبر مقدم لكثير والجملة نعمتان . و الصحة و الفراغ خبر لهما مقدر و الجملة مستأنفة بيانيا .
المعني :
أن كثير من الناس يكونون في صحة من أبدانهم وفراغ من أشغالهم و لا يعمرون أوقاتهم الفارغة بطاعة الله، ولا يستعملون أبدانهم الصحيحة فيها ، فتضيع عليهم تلك الأوقات ، وتلك الصحة باطلا فيخسرونهما ، و لا يستفيدون مهما فيكون ما خسروه منهما نفصا في حظهم من حياتهم ، و إذا كانت من أغلي شيء عند الإنسان يحافظ علية ،و لا يبذل شيئا إلى بحقه ، فهؤلاء الذين نقصوا حظهم في حياتهم هم أعظم المغبونين .
فقه الحديث و مقصوده :
عمر الإنسان أنفس كنز يملكه ، و لحظاته محسوبة عليه و كل لحظه ثمرة معمورة بعمل مفيد ، فقد أخذ حظه منها وربحها ، و كل لحظه تمر فارغة ، فقد غبن حظه منها وخسرها .
ولما كان الإنسان مضطر إلى السعي في معاشه فيشغله ذلك عن وجوه الطاعات ، من العلم ونوافل الصلاة و الصوم والحج و غيرها . ومعرضا للأمراض فتمنعه منها ، ولكنه لا يخلو من حالة يكون فيها فارغا من الشغل لمعاشة، ومعافى من مرض في بدنه ، ذكره هذا الحديث الشريف بما عليه في هذه الحالة من المحافظة عليها وعمارتها بالطاعات حتى لا يخسرها و تنقص من عمره بلا فائدة فيكون مغبونا فيها .
تفريغ على الحديث :
فإذا عمّر الإنسان وقت فراغه من الكد لعيشه بطاعة من طاعات الله واستعمل بدنه مغتنما فرصة صحته فيها ، ثم عرض شغل من إشغال عيشه فقطعه فيها ، أو طرأ عليه مرض فمنعه منها و نيته المداومة على تلك الطاعة لوا الشاغل و المانع فإنه يكتب له في شغله وفي مرضه ثواب ما كان يعمله في صحته وفراغه ، ومن الدليل على ذلك حديث البخاري – رضي الله عنه – عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري – رضي اله عنهم – سمعت أبا موسي مرارا يقول - رسول الله صلى الله علية وآله وسلم – إذا مرضالعبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ن ، و السفر نوع شغل .
تفريغ آخر :
و إذا كان المؤمن عاملا في طاعة الله- تعالى - أيام صحة ، وفراغه ، ثم مرض فإن له أجرين أجرا على ما كان يعمل في صحته بدليل ما تقدم ، وأجرا على مرضه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ما يصب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم و لا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه . روه البخاري – رضي الله عنه – و كذلك إذا شغل بالسعي على نفسه أو على العيال ، و أدلة ثواب الساعي على عياله كثيرة منها حديث الجل الذي ٍأي الصحابة – رضي الله عنهم – من جلده و نشاطه فقالو: يا رسول الله ، لو كان في سبيل الله ، فقال رسول الله – صلى الله عليه و آله وسلم – إن خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله ، و إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو فى سبيل الله ، و إن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله . رواه الطبراني بسند صحيح . و مثله من شغل بطاعة عن طاعة كم شغل بالرباط عن نافلة الحج ، مثلا لأنه إذا كان المشغول بالسفر المأذون فيه يكتب له ما كان يعمله مقيما لأن نيته المداومة لولا عارض السفر – فالمشغول بالطاعة عن الطاعة كان ينوي فعلها لولا عروض الطاعة الأخرى – أحرى و أولى .
سلوك العاملين بهده الأحاديث :
يعمرون أوقاتهم كله بالأعمال ، أعمال القلب و أعمال اللسان و أعمال الجوارح فلا يشتغلون عن طاعة إلا بطاعة و لا يخرجون من عمل إلا إلى عمل فإذا مرضوا صبروا و إحتسبوا و أتوا بما يستطيعون فتتضاعف أجورهم بأعمالهم وبنياتهم و يربحون جميع حياتهم ، و أولئك هم الفائزون ، سلك الله بنا و بالمسلمين مسلكهم بمنه و كرمه آمين .
1 - آثار ابن باديس المجلد الأول الجزء الثاني ص ( 172 – 176 )
قال صلي الله عليه وآله وسلم :نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة و الفراغ .) البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهم ) .
اللغة:
النعمة :
ما يفعل على وجه الإحسان ضد النقمة . وهي ما يفعل علي وجه العقوبة .
المغبون :
المنقوص في حقه ،أصلة من غبن في البيع إذا نقص من حقه ، ثم يستعمل في كل من نقص من حظه في كل شيء .
الصحة :
اعتدال المزاج و قوة البنية ضد المرض
الفراغ :
الخلاء ومصدر فرغ يفرغ إذا كان خاليا من الشغل ، و هذا هو المراد .
التراكيب :
مغبون خبر مقدم لكثير والجملة نعمتان . و الصحة و الفراغ خبر لهما مقدر و الجملة مستأنفة بيانيا .
المعني :
أن كثير من الناس يكونون في صحة من أبدانهم وفراغ من أشغالهم و لا يعمرون أوقاتهم الفارغة بطاعة الله، ولا يستعملون أبدانهم الصحيحة فيها ، فتضيع عليهم تلك الأوقات ، وتلك الصحة باطلا فيخسرونهما ، و لا يستفيدون مهما فيكون ما خسروه منهما نفصا في حظهم من حياتهم ، و إذا كانت من أغلي شيء عند الإنسان يحافظ علية ،و لا يبذل شيئا إلى بحقه ، فهؤلاء الذين نقصوا حظهم في حياتهم هم أعظم المغبونين .
فقه الحديث و مقصوده :
عمر الإنسان أنفس كنز يملكه ، و لحظاته محسوبة عليه و كل لحظه ثمرة معمورة بعمل مفيد ، فقد أخذ حظه منها وربحها ، و كل لحظه تمر فارغة ، فقد غبن حظه منها وخسرها .
ولما كان الإنسان مضطر إلى السعي في معاشه فيشغله ذلك عن وجوه الطاعات ، من العلم ونوافل الصلاة و الصوم والحج و غيرها . ومعرضا للأمراض فتمنعه منها ، ولكنه لا يخلو من حالة يكون فيها فارغا من الشغل لمعاشة، ومعافى من مرض في بدنه ، ذكره هذا الحديث الشريف بما عليه في هذه الحالة من المحافظة عليها وعمارتها بالطاعات حتى لا يخسرها و تنقص من عمره بلا فائدة فيكون مغبونا فيها .
تفريغ على الحديث :
فإذا عمّر الإنسان وقت فراغه من الكد لعيشه بطاعة من طاعات الله واستعمل بدنه مغتنما فرصة صحته فيها ، ثم عرض شغل من إشغال عيشه فقطعه فيها ، أو طرأ عليه مرض فمنعه منها و نيته المداومة على تلك الطاعة لوا الشاغل و المانع فإنه يكتب له في شغله وفي مرضه ثواب ما كان يعمله في صحته وفراغه ، ومن الدليل على ذلك حديث البخاري – رضي الله عنه – عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري – رضي اله عنهم – سمعت أبا موسي مرارا يقول - رسول الله صلى الله علية وآله وسلم – إذا مرضالعبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ن ، و السفر نوع شغل .
تفريغ آخر :
و إذا كان المؤمن عاملا في طاعة الله- تعالى - أيام صحة ، وفراغه ، ثم مرض فإن له أجرين أجرا على ما كان يعمل في صحته بدليل ما تقدم ، وأجرا على مرضه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ما يصب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم و لا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه . روه البخاري – رضي الله عنه – و كذلك إذا شغل بالسعي على نفسه أو على العيال ، و أدلة ثواب الساعي على عياله كثيرة منها حديث الجل الذي ٍأي الصحابة – رضي الله عنهم – من جلده و نشاطه فقالو: يا رسول الله ، لو كان في سبيل الله ، فقال رسول الله – صلى الله عليه و آله وسلم – إن خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله ، و إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو فى سبيل الله ، و إن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله . رواه الطبراني بسند صحيح . و مثله من شغل بطاعة عن طاعة كم شغل بالرباط عن نافلة الحج ، مثلا لأنه إذا كان المشغول بالسفر المأذون فيه يكتب له ما كان يعمله مقيما لأن نيته المداومة لولا عارض السفر – فالمشغول بالطاعة عن الطاعة كان ينوي فعلها لولا عروض الطاعة الأخرى – أحرى و أولى .
سلوك العاملين بهده الأحاديث :
يعمرون أوقاتهم كله بالأعمال ، أعمال القلب و أعمال اللسان و أعمال الجوارح فلا يشتغلون عن طاعة إلا بطاعة و لا يخرجون من عمل إلا إلى عمل فإذا مرضوا صبروا و إحتسبوا و أتوا بما يستطيعون فتتضاعف أجورهم بأعمالهم وبنياتهم و يربحون جميع حياتهم ، و أولئك هم الفائزون ، سلك الله بنا و بالمسلمين مسلكهم بمنه و كرمه آمين .
1 - آثار ابن باديس المجلد الأول الجزء الثاني ص ( 172 – 176 )