بسم الله الرحمن الرحيم
معنى قوله عليه الصلاة والسلام عن أبو جهم
"فلا يضع عصاه عن عاتقه"
"فلا يضع عصاه عن عاتقه"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد، عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي جهم بأنه "لا يضع عصاه عن عاتقه"، فمنهم من قال بمعنى أنه يضرب النساء ومنهم من قال بأنه كثير السفر، ولكن من خلال تنقيبنا المتواضع نعرض لكم تفاصيل الموضوع ثم نبين الراجح:
نص الحديث:
عن فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بن حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وهو غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فقال والله ما لَكِ عَلَيْنَا من شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذلك له فقال ليس لَكِ عليه نَفَقَةٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ في بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قال تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعتدى عِنْدَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ فإنه رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فإذا حَلَلْتِ فآذنينى قالت فلما حَلَلْتُ ذَكَرْتُ له أَنَّ مُعَاوِيَةَ بن أبي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّا أبو جَهْمٍ فلا يَضَعُ عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ له أنكحي أُسَامَةَ بن زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قال انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ الله فيه خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ[1].
الحديث بروايات أخرى فُسّر فيها معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يضع عصاه عن عاتقه":
- عن فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فلم يَجْعَلْ لها رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُكْنَى ولا نَفَقَةً قالت قال لي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا حَلَلْتِ فآذنينى فَآذَنْتُهُ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وأبو جَهْمٍ وَأُسَامَةُ بن زَيْدٍ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ له وَأَمَّا أبو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ وَلَكِنْ أُسَامَةُ بن زَيْدٍ فقالت بِيَدِهَا هَكَذَا أُسَامَةُ أُسَامَةُ فقال لها رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ قالت فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ[2].
- سمعت فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ تَقُولُ أَرْسَلَ إلى زَوْجِي أبو عَمْرِو بن حَفْصِ بن الْمُغِيرَةِ عَيَّاشَ بن أبي رَبِيعَةَ بِطَلَاقِي وَأَرْسَلَ معه بِخَمْسَةِ آصُعِ تَمْرٍ وَخَمْسَةِ آصُعِ شَعِيرٍ فقلت أَمَا لي نَفَقَةٌ إلا هذا ولا أَعْتَدُّ في مَنْزِلِكُمْ قال لَا قالت فَشَدَدْتُ على ثِيَابِي وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال كَمْ طَلَّقَكِ قلت ثَلَاثًا قال صَدَقَ ليس لَكِ نَفَقَةٌ اعتدى في بَيْتِ بن عَمِّكِ بن أُمِّ مَكْتُومٍ فإنه ضَرِيرُ الْبَصَرِ تلقى ثَوْبَكِ عِنْدَهُ فإذا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فآذنينى قالت فَخَطَبَنِي خُطَّابٌ منهم مُعَاوِيَةُ وأبو الْجَهْمِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَرِبٌ خَفِيفُ الْحَالِ وأبو الْجَهْمِ منه شِدَّةٌ على النِّسَاءِ أو يَضْرِبُ النِّسَاءَ أو نحو هذا وَلَكِنْ عَلَيْكِ بِأُسَامَةَ بن زَيْدٍ[3].
ترجمة أبو جهم بن حذيفة القرشي
قال الذهبي: "هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس إذ خطبها أما أبو جهم فإنه ضراب للنساء وأما معاوية فصعلوك"[4].
من خلال ما قد سبق تبين لنا أن أبو جهم ضراب للنساء، فلذلك قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة أن لا تتزوجه، لما فيه من الذم والإضرار في نفس المرأة بما لا تستحقه، أما كثرة السفر للتجارة فلا يذم على ذلك لخلوه من الإضرار، والله تعالى أعلم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمدلله رب العالمين.
__________________________
[1]- صحيح مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها ،ج 2/ ص 1114، رقم الحديث:1480.
[2]- صحيح مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها ، ج 2/ ص1119، رقم الحديث:1480.
[3]- صحيح مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها ، ج 2/ ص1119، رقم الحديث: 1480.
[4]- سير أعلام النبلاء ، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله - الوفاة: 748 ، مؤسسة الرسالة - بيروت - 1413 ، الطبعة التاسعة ، تحقيق : شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي،ج 2/ ص 557.