"بيان ضعف و نكارة قصة سجود معاذ ـ رضي الله عنه ـ للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ "
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي ـ حفظه الله ـ
عن عبد الله بن أب أوفى قال : قدم معاذ اليمن ـ أو قال:الشام ـ, فرأى النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها , فروٌأ في نفسه أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم أحق أن يعظم.
فلما قدم قال : يا رسول الله ! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها فروٌأت في نفسي أنك أحق أن تعظم.
فقال : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
حديث معاذ ـ رضي الله عنه ـ في سجوده للنبي صلى الله عليه و سلم لم يصح إسناده و لا يصح معناه.
أما من جهة معناه ; فإنه لم يثبت أنه ذهب إلى الشام في حياة النبي صلى الله عليه و سلم , و إنما الثابت ذهابه إلى الشام في عهد عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و مات بالطاعون هناك , و في الحديث :"حين رجوعه من اليمن " و هو لم يذهب إلى اليمن إلا في آخر حياة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ , و مات النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو في اليمن , حيث لم يعد إلا في خلافة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ .
ثم هو من كبار الصحابة و فقهائهم الكبار بعيد جدا أن يكون بهذه الدرجة من الجهل.
و من جهة المتن , ففيه اختلاف سيأتي بيانه.
و أما من جهة الإسناد; ففيه نكارة , و مداره على القاسم ابن عوف الشيباني , ضعفه يحيى بن سعيد القطان و شعبة , كما أشار إلى ذلك القطان , و قال أبو حاتم : "مضطرب الحديث , و محله عندي الصدق", و قال النسائي:"ضعيف", و ذكره ابن حبان في "الثقات", و قال الذهبي في "الكاشف":"مختلف في حاله", و قال الحافظ:"صدوق يغرب".
انظر ترجمته في :"تهذيب التهذيب"(8/326-327) و "الكامل" لإبن عدي (6/37) , و "الميزان" للذهبي (3/376) و"الكاشف" للذهبي و "التقريب"للحافظ ابن حجر.
و قد روى هذا الحديث أحمد(4/381) من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب عن القاسم بن عوف الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قدم معاذ اليمن أو قال الشام , فرأى النصارى تسجد لبطارقتها و أسا قفتها , فروٌأ في نفسه أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أحق أن يعظم , فلما قدم قال :يارسول الله ! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها فروٌأت في نفسي أنك أحق أن تعظم فقال: " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
و رواه أحمد عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ ابن جبل أنه لما رجع من اليمن قال :يا رسول الله! رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك ؟ قال:" لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
و رواه من طريق ابن نمير, سمعت أبا ظبيان يحدث عن رجل من الأنصار عن معاذ بمعناه.["المسند"(4/277)].
فالحديث من طريق القاسم و أبي ظبيان ليس فيه أن معاذا سجد للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و إنما فيه عرض السجود للرسول ثم رد الرسول ذلك.
هذا مضمون هذا الحديث من هذين الوجهين , و مع ذلك فالحديث من طريق القاسم قد أعله أبو حاتم بالإضطراب, انظر" العلل " لإبنه (2/253), و كذلك أعله الدارقطني في "علله"(6/37,3.
و أعل حديث أبي ظبيان بالإختلاف في إسناده ثم بلإنقطاع , لأن أبا ظبيان لم يسمع من معاذ , انظر" العلل"(6/93,04).
و أما التصريح بأن معاذا سجد للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ , فرواه ابن ماجة حديث(1853) , و ابن حبان في "صحيحه" حديث (4171) , و البيهقي (7/292) من طرق عن حماد بن زيد عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى به , و فيه سجد معاذ للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ الحديث, فمدار هذه الطرق على القاسم الشيباني.
و ذكر الدارقطني في" علله" (6/37,39) له طرقا أخرى منها ما سبق.
و منها عنه عن زيد بن أرقم عن معاذ.
و منها عنه عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن معاذ.
و منها عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب عن معاذ.
ثم قال :"و الإضطراب فيه من القاسم بن عوف".
فهذا حال هذا الحديث المنسوب إلى معاذ فيه عدة علل:
الأولى: ضعف القاسم بن عوف الشيباني.
الثانية: اضطرابه في الأسانيد.
الثالثة: الإختلاف في المتن.
الرابعة: الإنقطاع في إسناد أبي ظبيان بينه و بين معاذ.
الخامسة : الإختلاف عليه , و نحن نستبعد وقوع مثل هذا من هذا الصحابي الفقيه الجليل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ . و ما كان كذلك لا يبنى عليه حكم شرعي فضلا عن عقيدة.
أما حديث :"لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد..."إلخ, فهو حديث ثابت ـ إن شاء الله ـ بمجموع طرقه عن أبي هريرة و أنس و عائشة. راجع "الإرواء" للعلامة الألباني(7/54,55).
المصدر: [مجلة الإصلاح الجزائرية (العدد العشرون) ص:10]
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي ـ حفظه الله ـ
عن عبد الله بن أب أوفى قال : قدم معاذ اليمن ـ أو قال:الشام ـ, فرأى النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها , فروٌأ في نفسه أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم أحق أن يعظم.
فلما قدم قال : يا رسول الله ! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها فروٌأت في نفسي أنك أحق أن تعظم.
فقال : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
حديث معاذ ـ رضي الله عنه ـ في سجوده للنبي صلى الله عليه و سلم لم يصح إسناده و لا يصح معناه.
أما من جهة معناه ; فإنه لم يثبت أنه ذهب إلى الشام في حياة النبي صلى الله عليه و سلم , و إنما الثابت ذهابه إلى الشام في عهد عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و مات بالطاعون هناك , و في الحديث :"حين رجوعه من اليمن " و هو لم يذهب إلى اليمن إلا في آخر حياة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ , و مات النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو في اليمن , حيث لم يعد إلا في خلافة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ .
ثم هو من كبار الصحابة و فقهائهم الكبار بعيد جدا أن يكون بهذه الدرجة من الجهل.
و من جهة المتن , ففيه اختلاف سيأتي بيانه.
و أما من جهة الإسناد; ففيه نكارة , و مداره على القاسم ابن عوف الشيباني , ضعفه يحيى بن سعيد القطان و شعبة , كما أشار إلى ذلك القطان , و قال أبو حاتم : "مضطرب الحديث , و محله عندي الصدق", و قال النسائي:"ضعيف", و ذكره ابن حبان في "الثقات", و قال الذهبي في "الكاشف":"مختلف في حاله", و قال الحافظ:"صدوق يغرب".
انظر ترجمته في :"تهذيب التهذيب"(8/326-327) و "الكامل" لإبن عدي (6/37) , و "الميزان" للذهبي (3/376) و"الكاشف" للذهبي و "التقريب"للحافظ ابن حجر.
و قد روى هذا الحديث أحمد(4/381) من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب عن القاسم بن عوف الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قدم معاذ اليمن أو قال الشام , فرأى النصارى تسجد لبطارقتها و أسا قفتها , فروٌأ في نفسه أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أحق أن يعظم , فلما قدم قال :يارسول الله ! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها و أساقفتها فروٌأت في نفسي أنك أحق أن تعظم فقال: " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
و رواه أحمد عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ ابن جبل أنه لما رجع من اليمن قال :يا رسول الله! رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك ؟ قال:" لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
و رواه من طريق ابن نمير, سمعت أبا ظبيان يحدث عن رجل من الأنصار عن معاذ بمعناه.["المسند"(4/277)].
فالحديث من طريق القاسم و أبي ظبيان ليس فيه أن معاذا سجد للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و إنما فيه عرض السجود للرسول ثم رد الرسول ذلك.
هذا مضمون هذا الحديث من هذين الوجهين , و مع ذلك فالحديث من طريق القاسم قد أعله أبو حاتم بالإضطراب, انظر" العلل " لإبنه (2/253), و كذلك أعله الدارقطني في "علله"(6/37,3.
و أعل حديث أبي ظبيان بالإختلاف في إسناده ثم بلإنقطاع , لأن أبا ظبيان لم يسمع من معاذ , انظر" العلل"(6/93,04).
و أما التصريح بأن معاذا سجد للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ , فرواه ابن ماجة حديث(1853) , و ابن حبان في "صحيحه" حديث (4171) , و البيهقي (7/292) من طرق عن حماد بن زيد عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى به , و فيه سجد معاذ للنبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ الحديث, فمدار هذه الطرق على القاسم الشيباني.
و ذكر الدارقطني في" علله" (6/37,39) له طرقا أخرى منها ما سبق.
و منها عنه عن زيد بن أرقم عن معاذ.
و منها عنه عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن معاذ.
و منها عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب عن معاذ.
ثم قال :"و الإضطراب فيه من القاسم بن عوف".
فهذا حال هذا الحديث المنسوب إلى معاذ فيه عدة علل:
الأولى: ضعف القاسم بن عوف الشيباني.
الثانية: اضطرابه في الأسانيد.
الثالثة: الإختلاف في المتن.
الرابعة: الإنقطاع في إسناد أبي ظبيان بينه و بين معاذ.
الخامسة : الإختلاف عليه , و نحن نستبعد وقوع مثل هذا من هذا الصحابي الفقيه الجليل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ . و ما كان كذلك لا يبنى عليه حكم شرعي فضلا عن عقيدة.
أما حديث :"لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد..."إلخ, فهو حديث ثابت ـ إن شاء الله ـ بمجموع طرقه عن أبي هريرة و أنس و عائشة. راجع "الإرواء" للعلامة الألباني(7/54,55).
المصدر: [مجلة الإصلاح الجزائرية (العدد العشرون) ص:10]
تعليق