بسم الله الرحمن الرحيم
دَفعُ بغي علي جمعة المصري على الإمام الألباني
بجواب الشيخ علي رضا المدني على سؤال الجزائري عبد الغني
بجواب الشيخ علي رضا المدني على سؤال الجزائري عبد الغني
الحمد لله ربّ العالمين؛ الملِكِ الحق، المستحِقّ للعبادةِ بحق، المُتفرّد بصفات الجلال والكمال، له الأسماء الحُسنَى، لا إله إلاّ هو، إليه المصير.
والصلاةُ والسّلامُ على نبيّنا الهُمام (محمّد بن عبد الله)، وعلى آلـه، وصحبه، ومن تَبِعَ هُداه واقتفى أثرهُ إلى يوم الدين.
أمّا بعدُ:
فكُنتُ سألتُ الشيخ الدكتور أبا البراء علي رضا المدني -حفظه الله- سؤالاً ( يتمثّلُ في طلَبٍ)، وكان نصُّ ما وجّهتُهُ له -كتابيّاً- التّالي:
___________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد، أما بعد:
فهذه مادة صوتية لمفتي الدّيار المصرية: (علي جمعة)؛ فيها يتهكّــمُ بالشيخ ناصر السنة الألباني -رحمه الله-؛ بل ويقول أن المنهج الذي تركه لمن بعده-(في رد الحديث الضعيف)- بدعــــة !!
وفي معرض كلامه يستعمل كلمات مقزّزة في حق الشيخ، مُصرّحا بها اتّجاهه أحيانا...
فأرجو من الشيخ علي رضــا، أن يدفع عنّــا بغي هذا الأخير؛ [حيثُ] تضمّنت [أي المادّة الصوتيّة] شبهة صريحة، بل شُبَهاً كثيرة... وذاك بمقال أو كلمة مسجّلة أو...، بُغيةَ بيان الحق لمن قد يشتبه عليهم هاهنا.
لتحميل المادة الصوتية: إضـــغط هنا
______________________________________________
فكان ردُّ الشّيخِ -بارك الله فيه- بـ:
هذا الرجل كذاب وجاهل !!
أما كذبه : فالأحاديث التي ذكرها : ( إن الله يحب إذا عمل أحكم عملاً أن يتقنه ) :
قال هذا الكذاب : هذا الحديث ضعيف !
وأقول : بل هو حديث صحيح بطرقه وشواهد قال شيخنا الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 106 :
1113 - " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " .
قال في " المجمع " ( 4 / 98 ) : " رواه أبو يعلى عن عائشة و فيه مصعب بن
ثابت ، وثقه ابن حبان و ضعفه جماعة " . و في " التقريب " : " لين الحديث " .
قلت : و صحح له الحاكم ( 2 / 301 ) حديثا في انتظار الصلاة ، و وافقه الذهبي
و هو من تساهلهما . و الحديث عزاه السيوطي للبيهقي فقط في " الشعب " و قال
المناوي : " و فيه بشر بن السري تكلم فيه من قبل تجهمه ، و كان ينبغي للمصنف
الإكثار من مخرجيه إذ منهم أبو يعلى و ابن عساكر و غيرهما " .
قلت : إن لم يكن في سند البيهقي من ينظر في حاله غير بشر هذا فالإسناد عندي قوي
لأن الكلام الذي أشار إليه المناوي في بشر لا يقدح فيه لأنه ثقة في نفسه بل هو
فوق ذلك ففي " التقريب " : " ثقة متقن طعن فيه برأي جهم ، ثم اعتذر و تاب " .
حتى و لو كان رأيه هذا يقدح في روايته فلا يجوز ذلك بعد أن تاب منه و اعتذر ،
و إن كان في سند البيهقي مصعب بن ثابت فيكون المناوي قد أبعد النجعة حيث لم يعل
الحديث به بل بالثقة المتقن ! و الظاهر الأول . و الله أعلم .
و للحديث شاهد يقويه بعض القوة و هو بلفظ : " إن الله يحب من العامل إذا عمل أن
يحسن " . أخرجه البيهقي . في " الشعب " من حديث قطبة بن العلاء بن المنهال عن
أبيه عن عاصم بن كليب عن كليب بن شهاب الجرمي مرفوعا . و سببه رواه العلاء قال
: قال لي محمد بن سوقة : اذهب بنا إلى رجل له فضل ، فانطلقا إلى عاصم بن كليب
فكان مما حدثنا أنه قال : حدثني أبي كليب أنه شهد مع أبيه جنازة شهدها مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم و أنا غلام أعقل و أفهم ، فانتهى بالجنازة إلى القبر
و لم يمكن لها ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سووا في لحد هذا .
حتى ظن الناس أنه سنة فالتفت إليهم فقال : أما إن هذا لا ينفع الميت و لا يضره
و لكن ، إن الله . الحديث . هكذا أورده المناوي في " الفيض " من طريق البيهقي
ثم قال : " و قطبة بن العلاء أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : ضعفه النسائي
و قال أبو حاتم لا يحتج به . قال أعني الذهبي : والده العلاء لا يعرف ، و عاصم
ابن كليب قال ابن المديني لا يحتج بما انفرد به . ا هـ . و كليب ذكره ابن عبد
البر في الصحابة و قال : له و لأبيه شهاب صحبة ، لكن قال في التقريب : و هم من
ذكره في الصحابة بل هو من الثالثة . و عليه فالحديث مرسل " . و الحديث رواه
الطبراني أيضا في " الكبير " كما في " المجمع " ( 4 / 98 ) و قال : " و فيه
قطبة بن العلاء و هو ضعيف ، و قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به و جماعة لم
أعرفهم " . و له شاهد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 8 / 155 ) : " أخبرنا
محمد بن عمر حدثنا أسامة بن زيد عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان ابن
ثابت عن أمه ، و كانت أخت مارية يقال لها : سيرين فوهبها النبي صلى الله عليه
وسلم لحسان فولدت له عبد الرحمن - قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لما
حضر إبراهيم و أنا أصيح و أختي ما ينهانا ، فلما مات نهانا عن الصياح و غسله
الفضل بن عباس ، و رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ثم رأيته على شفير
القبر و معه العباس إلى جنبه و نزل في حفرته الفضل و أسامة زيد و كسفت الشمس
يومئذ ، فقال الناس : لموت إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها
لا تخسف لموت أحد و لا لحياته ، و رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجة في
اللبن فأمر بها تسد فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أما إنها لا تضر
و لا تنفع و لكنها تقر عين الحي و إن العبد إذا عمل عملا أحب الله أن يتقنه " .
و إسناده رجال موثقون غير محمد بن عمر و هو الواقدي فإنه ضعيف جدا .
فهذا أول الكذبات وستأتي البقية. (1)
____________ ثمّ أتمَّ فقال:
الكذبة الثانية : قوله حديث : ( نظفوا أفنيتكم ) وأنه ضعيف !
والحق أنه حديث ثابت قطعاً كما قال الألباني في ( جلباب المرأة المسلمة ) ص 198 .
بلفظ : ( ظهروا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود ) . وهو حسن فقط بلفظ : ( نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود ) .
وانظر ( السلسلة الصحيحة ) فقد قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 418 :
- " طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهر أفنيتها " .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 11 / 2 من " الجمع بين زوائد المعجمين " ) :
حدثنا علي بن سعيد حدثنا زيد بن أخزم حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا إبراهيم
بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه مرفوعا ، و قال :
" لم يروه عن الزهري إلا إبراهيم و لا عنه إلا الطيالسي تفرد به زيد " .
قلت : و هو ثقة حافظ و بقية رجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن سعيد و هو الرازي
قال الذهبي : " حافظ رحال جوال " .
قال الدارقطني ليس بذاك ، تفرد بأشياء . قال ابن يونس : كان يفهم و يحفظ " و
زاد الحافظ في " اللسان " :
" و قال مسلمة بن قاسم : و كان ثقة عالما بالحديث " .
و قال المناوي : " قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني " .
قلت : كأن الهيثمي توقف فيه فسكت عنه ، و هو مختلف فيه . و مثله حسن الحديث إذا
لم يخالف ، لاسيما إذا لم يتفرد بما روى ، و هذا الحديث كذلك .
فقد أخرجه الترمذي ( 2 / 131 ) من طريق خالد بن إلياس - و يقال ابن إياس - عن
صالح بن أبي حسان قال : سمعت سعيد بن المسيب عن صالح بن أبي حسان قال : سمعت
سعيد بن المسيب يقول : إن الله طيب يحب الطيب ، نظيف يحب النظافة ، كريم يحب
الكرم ، جواد يحب الجود ، فنظفوا - أراه قال - أفنيتكم ، و لا تشبهوا باليهود ،
قال . فذكرت ذلك لمهاجر بن مسمار فقال : حدثنيه عامر ابن سعد عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : نظفوا أفنيتكم " .
و قال الترمذي : " هذا حديث غريب ، و خالد بن إلياس يضعف " .
قلت : و في التقريب : " متروك الحديث " .
و الحديث أورده ابن القيم في " زاد المعاد " ( 3 / 208 ) فقال :
" و في مسند البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله طيب ...
الحديث فنظفوا أفناءكم و ساحاتكم ، و لا تشبهوا باليهود ، يجمعون الأكباء في
دورهم " .
فلا أدري إذا كان عند البزار من طريق خالد هذا أم من طريق أخرى .
فقد وجدت له طريقا آخر ، و لكنه مما لا يفرح به ، أخرجه الدولابي في " الكنى "
( 2 / 16 ) عن أبي الطيب هارون بن محمد قال : حدثنا بكير بن مسمار عن عامر ابن
سعد به . و رجاله كلهم ثقات غير أبي الطيب هذا فليس بطيب ! قال ابن معين : كان
كذابا .
و وجدت للحديث شاهدا بلفظ " نظفوا أفنيتكم فإن اليهود أنتن الناس " .
رواه وكيع في " الزهد " ( 2 / 65 / 1 ) : حدثنا إبراهيم المكي عن عمرو ابن
دينار عن أبي جعفر مرفوعا .
و هذا سند ضعيف ، إبراهيم المكي هو ابن يزيد الخوزي متروك الحديث كما في
" التقريب " . و أبو جعفر لم أعرفه . و الظاهر أنه تابعي فهو مرسل .
و بالجملة ، فطرق هذا الحديث واهية ، إلا الأولى ، فهي حسنة ، فعليها العمدة ،
و يستثنى من ذلك طريق البزار لما سبق . و الله أعلم .
( الأفنية ) جمع ( فناء ) و هو الساحة أمام البيت. (2)
____________ وأنهى الشيخُ أخيراً بقولِه:
الكذبة الثالثة :
قوله عن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى أنه تراجع عن تصحيح 86 % !!!
قلت : هذا من الكذب السمج البارد !
وأما الكذبة الكبيرة جداً ؛ فهي ادعاؤه أنه تناقش مع شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في مسألة العمل بالضعيف وأنه احتج على شيخنا بأن البخاري روى الضعيف في الأدب المفرد !
قلت : ما أجهلك وما أكذبك !!
فإن المبتدئين في علم الحديث يعلمون أن البخاري ما اشترط الصحة في غير ( صحيحه ) فسقطت هذه الشبهة جملة وتفصيلاً .
ثم زعمه أن في ( المحلى ) - وقد احتج به على ما زعمه هذا الكذوب الجاهل على شيخنا الألباني أيضاً - أحاديث ضعيفة كثيرة جداً في أصل الديانة !
وقد كذب الجهول الظلوم !!
وقد اشتغلت بالمحلى فحققت أحاديثه كلها ؛ فلم نجد تلك الكثرة الكاثرة من أحاديث ضعيفة عند ابن حزم في أصل الديانة !!
وما ذكره الكذوب الجهول عن ابن العربي وأبي شامة كلها ترجع في الجواب عنها إلى ما ذكرناه في الجواب أولاً من أن هؤلاء لم يشترطوا الصحة فيما يوردونه - فضلاً عما قد يرونه بأسانيدهم - في تلك الكتب التي ألفوها .
وإنه لمن الأحاديث الصحيحة في أشراط الساعة أن يكون الأئمة المضلون من أمثال هذا الضال المضل !
وانظروا إلى خبثه وضلاله في افترائه على الدارقطني عندما اعترض على البخاري بجملة من الإلزامات والتتبع - التي اعتبرها هذا الجويهل الظلوم لعباً فعبر عنها باللهجة المصرية ( يعني في الصحيح ضعيف كمان يدي النيلة ! دا لعب والله يا اخوانا !!) .
وبمزيد من الاستخفاف بعقول الناس يزعم أن الألباني عندما استلم جائزة الملك فيصل العالمية فسألوه عن شهادته على العصر - كما يعبر هذا الضال المضل ويستخف !! - أنه تألم لأحكامه التي أطلقها في أول أمره بردوده على الترمذي والبيهقي والبخاري وووو ثم تبين له خطأ ما ذهب إليه !
ثم يستهزيء هذا الضال المضل بشيخنا فيقول عن تضعيف الألباني لرواية أبي الزبير عن جابر بأن هذا ( طحين وليس بعلم ) !! بل ثم تراجع الألباني - بزعمه - عن هذا التضعيف !
فهل وجدتم في الكذب والاستخفاف والاستهزاء بعقول الناس ما هو أكبر من هذا ؟!
ثم إن هذا الضال المضل حينما زعم أن ترك العمل بالضعيف بدعة ابتدعها الألباني ؛ رجم بالغيب قائلاً : بأن هذا لم يقله إمام من أئمة المسلمين ؛ ثم هو يكذّب نفسه بعد قليل حينما يعترف بأن الإمام مسلماً لم يعترف بالضعيف أصلاً في مقدمته !
والحقيقة هي ما قالها شيخنا الألباني بأن البخاري ومسلمأً وابن العربي وغيرهم قالوا بهذا ؛ قال الشيخ القاسمي رحمه الله في " قواعد التحديث " ( ص 94 ) :
" حكاه ابن سيد الناس في " عيون الأثر " عن يحيى بن معين ونسبه في " فتح المغيث " لأبي بكر بن العربي والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً . . وهو مذهب ابن حزم . . " .
بل قال شيخنا رحمه الله تعالى : ويبدو لي أن الحافظ رحمه الله يميل إلى عدم جواز العمل بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم : " . . ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل إذ الكل شرع " .
فكيف يرجم هذا المأفون بالغيب عندما يقول بأن ترك العمل بالضعيف بدعة ابتدعها الألباني !!
هذا ما رأيت أن أكتبه في هذه العجالة ذباً عن السنة النبوية أولاً ثم عن عرض شيخنا الألباني ثانياً ثم كشفاً لشبهات وضلالات هذا المفتي أخيراً. (3)
_______________
(1): قلتُ -عبد الغني-: هذا كلام الشيخ غير مَنقوصٍ، وحتّى اللّون الذي كتبَ به الشيخُ في البداية هو اللونُ الأحمر دون سواه فبالأسود؛ للأمانة والدِّقّة في النقل ليس أكثر.
(2): بهذا كان ردُّ الشيخِ -مباشرةً- ردّاً مستقلاًّ آخَراً أسفل من الأوّل.
(3): هنا تمَّ ردُ الشيخ -سلّمهُ الله-، وشُكراً لِما بذل الشيخ مِن ردٍّ على المدعو (علي جُمعة) فقد كتبتُ مخاطِباً الشيخ آنذاك بـ:
(الله يحفظك شيخنا الفاضل على ما قدّمت... نسأل الله أن يبصّرنا بمثل هكذا أشخاص فُتِنوا...نعوذ بالله.
ردُّك يثلج الصّدر، ويُغيظ الأعداء والمخالفين... فاللهم لك الحمد).
أخوكم ومُحِبُّكم في الله:
عبد الغني بن ميلود بن عيسى الجزائري
-عفا الله عنه-
عبد الغني بن ميلود بن عيسى الجزائري
-عفا الله عنه-