الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه الحلقة السابعة في بيان بعض الأحكام والفوائد المتعلقة بالمولود لعلّ الله أن ينفع بها :
هل يكره كسر عظام العقيقة :
اختلف أهل العلم في جواز كسر عظام العقيقة من عدمه ،والراجح منها جواز كسر عظامها كغيرها من الذبائح ،وذلك أن الأصل في ذلك الإباحة ولم يصح شيء يعتمد عليه ويجب المصير إليه في المنع من ذلك.
ولمخالفة أهل الجاهلية الذين كانوا لا يكسرون عظم الذبيحة التي تذبح عن المولود ،ولأن العادة جرت بكسر العظام وفي ذلك مصلحة لتمام الانتفاع بها ولا مصلحة تمنع من ذلك ، ،وبه قال الزهري والمالكية وابن حزم وغيرهم.
قال ابن حزم ـ رحمه الله: ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء.[1]
وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـ: واستحب كسر عظامها لما كانوا في الجاهلية يقطعونها من المفاصل.[2]
وقال الباجي ـ رحمه الله ـ: إنما قاله مالك –أي: كسر عظامها- لأن أهل الجاهلية كانوا إذا عقوا عن المولود لم يكسروا العظام وإنما كانت العقيقة تفصل من ذلك ما وافقهم ، وفي الجملة كسر عظامها ليس بلازم وإنما لا يجوز تحري الامتناع عنه ، والعقيقة في ذلك كسائر الذبائح وربما كان لها مزية المخالفة لفعل أهل الجاهلية .[3]
قال الإمام محمد صديق حسن خان ـ رحمه الله ـ: ليس على شيء مما ذكروه من عدم الكسر والفصل من المفاصل وجمع العظام ودفنها وغير ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا من عقل، بل هذه الأمور خيالات شبيهة بما يقع من النساء ونحوهن من العوام مما لا يعود على فاعله بنفع دنيوي ولا ديني.[4]
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: هناك قيلٌ بأنها لا تكسر وأنه يُقدم إلى القابلة كذا وكذا، هذا كلام لا قيمة له ولا وزن له شرعاً؛ لأنه لم يأت في ذلك ولا حديث ضعيف.[5]
وقال شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ: أما قضية أنها تُنـزع جدولا وكذا فهذا غير ثابت؛ ما ثبت في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها تنـزع أعضاء وتوزع، وإنما يُعمل بها كما يعمل بغيرها.[6]
أدلة من قال بعدم كسر عظام العقيقة ومناقشتها :
ذهب بعض أهل العلم إلى عدم كسر عظام العقيقة واستدلوا ببعض الأحاديث الضعيفة فمن ذلك :
1 ـ ما رواه الحاكم في "المستدرك" (4/266) رقم (7595) قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني ثنا إبراهيم بن عبد الله أنبأ يزيد بن هارون أنبأ عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورا فقالت عائشة ـ رضى الله عنها ـ: "لا بل السنة أفضل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع فان لم يكن ففي أربعة عشر فان لم يكن ففي إحدى وعشرين.
روى البيهقي في السنن الكبرى (9/50 (19287) "باب من قال لا تكسر عظام العقيقة ويأكل أهلها منها ويتصدقون ويهدون" قال:
أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا عثمان بن عمر ثنا مسدد ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن عطاء عن أم كرز رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة "قال: وكان عطاء يقول: تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم، أظنه قال: ويطبخ، قال: وقال عطاء: إذا ذبحت فقل بسم الله والله أكبر هذه عقيقة فلان.
وفى رواية ابن جريج عن عطاء أنه قال في العقيقة: يقطع آرابا آرابا ويطبخ بماء وملح ويهدى في الجيران . وروى في ذلك عن جابر ابن عبد الله من قوله .
ـ حديث عائشة رضي الله فيه انقطاع كما قاله الألباني، فإن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من أم كرز رضي الله عنها شيئا كما ذكر ذلك ابن المديني وأحمد بن حنبل.[7]
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ -معلقا على هذا الحديث-:
رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير إبراهيم بن عبد الله وهو السعدي النيسابوري وهو صدوق كما قال الذهبي في ( الميزان )، وغير أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني وهو حافظ كبير مصنف ويعرف بابن الاحزم توفي سنة ( 344 ) له ترجمة في ( التذكرة ) ( 3 / 76 - 77 ).
قال: وعلى هذا فظاهر الإسناد الصحة ، ولكن له عندي علتان : الأولى : الانقطاع بين عطاء وأم كرز ، لما ذكرته فيما تقدم من الكلام على طرق حديث أم كرز هذه عند حديث عائشة ، رقم ( 1166 ). والأخرى : الشذوذ والادراج ، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين كما سبق هناك ، وليس فيهما قوله : ( تقطع جدولا . . . ) فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء ، ويؤيده أن عامر الأحول رواه عن عطاء عن أم كرز قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة " . قال : وكان عطاء يقول : تقطع جدولا . . . ) دون قوله ( ولكن ذاك يوم السابع . . . ) . أخرجه البيهقي ( 9 / 302 ). فقد بين عامر أن هذا القول ليس مرفوعا في الحديث وإنما هو من كلام عطاء موقوفا عليه ، فدل أنه مدرج في الحديث .[8]
2 ـ جاء في مصنف ابن أبي شيبة(5/115ـ116) باب "من قال لا يكسر للعقيقة عظم"
24265 حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن النهاس بن قهم قال سمعت عطاء يقول: كانوا يستحبون أن لا يكسر للعقيقة عظم .
قال ابن أبى عدى: لا يساوى شيئا، وقال: وأحاديثه مما يتفرد به عن الثقات و لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: ليس بشيء، وقال ابن معين : ضعيف، وقال أبو داود: ليس بذاك، و قال ابن حبان : كان يروى المناكير عن المشاهير و يخالف الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، و قال الدارقطني : مضطرب الحديث ، تركه يحيى القطان، روى له البخاري في " الأدب " وأبو داود والترمذي وابن ماجه .[9]
3 ـ روى أبو داود في المراسيل (ص27 (379)
قال حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص حدثنا جعفر عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: أن تبعثوا إلى القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظما.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ : ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء . فإن قيل : قد رويتم عن عائشة أم المؤمنين وقد قيل لها في العقيقة بجزور , فقالت : لا , بل السنة أفضل , عن الغلام شاتان مكافأتان , وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق , وليكن ذلك يوم السابع , فإن لم يكن ففي أربعة عشر , فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين . قلنا : هذا لا يصح ; لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، ثم لو كان صحيحا لما كانت فيه حجة ; لأنه عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن عطاء كانوا يستحبون أن لا يكسر لها عظم , فإن قيل : فقد رويتم عن ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث من عقيقة الحسن والحسين إلى القابلة برجلها , وقال : لا تكسروا منها عظما "قلنا : هذا مرسل ولا حجة في مرسل , ويلزم من قال بالمرسل أن يقول بهذا لا سيما مع قول أم المؤمنين , وعطاء , وغيرهما بذلك . روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري في العقيقة قال : تكسر عظامها ورأسها ولا يمس الصبي بشيء من دمها.[10]
4 ـ وقالوا إن كراهة كسر عظامها إنما هو من باب التفاؤل بالسلامة للمولود وطيب العيش[11]
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: ولكن ليس هناك دليل صحيح يطمئن إليه القلب في هذا البحث-أي: كسر عظام العقيقة- . .. ومسألة التفاؤل لا ينبغي أن نتوسّع فيها هذا التوسّع.[12] .
طبخ العقيقة والأكل منها والإهداء والتصدق :
يجوز أن يتصرف في النسيكة كيفما شاء صاحبها من طبخها والتصدق بلحمها ونحو ذلك ، وهو القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وبه قال الحسن و بن سيرين وعطاء وغيرهم .
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ:وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها ـ يعني سبيل العقيقة كسبيل الأضحية .. وبهذا قال الشافعي.
وقال ابن سيرين : اصنع بلحمها كيف شئت.
وقال ابن جريج : تطبخ بماء وملح وتهدى الجيران والصديق ولا يتصّدق منها بشيء.
وسئل أحمد عنها فحكى قول ابن سيرين ، وهذا يدل على أنه ذهب إليه.
وسئل هل يأكلها قال : لم أقل يأكلها كلها ولا يتصدق منها بشيء.[13]
وقال عطاء ـ رحمه الله ـ:يقطع آرابا آرابا ، و يطبخ بماء وملح ، و يهدى في الجيران.[14]
الدعوة للعقيقة :
إذا ذبحت العقيقة وطبخت ودعي إليها الأصدقاء والفقراء وغيرهم جاز ذلك وهو من الشكر لله عز وجل على نعمة الولد.
قال ابن تيمية رحمه الله: وأما وليمة الختان فهي جائزة من شاء فعلها ومن شاء تركها وكذلك وليمة الولادة.[15]
وقال ـ رحمه الله ـ: وهذا لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ وهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة ، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة فإن من أهدي إليه لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء يحتاج إلى كلفة وتعب.[16]
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: الذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى
وشرع بوصف الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور.[17]
وقد ورد عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه عق عن ولد له وأنه دعا إليه الإخوان والجيران قال رحمه الله: عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم ، وهيأت طعامهم ، ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران ، وأكل منها أهل البيت ، وكسروا ما بقي من عظامها فطبخت ، فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ، قال مالك : فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها.[18]
قال البغوي ـ رحمه الله ـ:ويستحب للمرء إذا أحدث الله له نعمة أن يحدث له شكراً ، ومثله العقيقة ، والدعوة على الختان ، وعند القدوم من الغيبة ، كلها سنن مستحبة شكراً لله تعالى على ما أحدث له من النعمة وآكدها استحباباً، وليمة العرس والإعذار والخُرس ، الإعذار دعوة الختان ، والخرس دعوة السلامة من الطلق.[19]
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة - أي وليمة الزواج - أنها مستحبة لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه .... ، وإجابة كل داعٍ مستحبة لهذا الخبر ، ولأن فيه جبر قلب الداعي ، وتطييب قلبه.[20]
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" مانصه : هل يصح لمن ولد له مولود من المسلمين أن يطبخ طعاماً ويدعو إخوانه المسلمين إليه؟
فأجابت : شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيقة عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، كما شرع الأكل والإهداء والتصدق منها، فإذا صنع من ولد له المولود طعاماً ودعا بعض إخوانه المسلمين إليه وجعل مع هذا الطعام شيئاً من لحمها فليس في ذلك شيء، بل هو من باب الإحسان، وأما ما يفعله بعض الناس من طبخ الطعام يوم ولادة المولود، ويسمونه عيد الميلاد، ويتكرر هذا على حسب رغبة من ولد له المولود أو رغبة غيره أو رغبة المولود إذا كبر فهذا ليس من الشرع، بل هو بدعة، قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، وقال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.[21]
وسئلت أيضا عن حكم احتفال الناس في العقيقة والوليمة ؟
فأجابت بما يلي:
العقيقة ما تذبح عن المولود سابع يوم ولادته ، والوليمة ما يقدم من الطعام في العرس ذبيحة أو نحوها ، وكلاهما سنة والاجتماع في ذلك لتناول الطعام والمشاركة في السرور ، وإعلان النكاح خير .[22]
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ: وصاحبها مخير إن شاء وزعها لحما بين الأقارب والأصحاب والفقراء، وإن شاء طبخها ودعا إليها من شاء من الأقارب والجيران والفقراء.[23]
وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ:إن شئت أن تأكل أنت وأهلك كلها على مضي الأسبوع والأسبوعين أو ثلاثة ،وإن شئت تصدقت بها كلها ،وإن شئت جمعت بين الأكل والصدقة ،وإن شئت دعوت الناس أغنياء وفقراء ،وخير الدعوة التي يدعى إليها الفقراء.[24]
وسئل شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ مانصه: عندنا من يرى أن الوليمة في العقيقة ودعوة الناس إليها من البدع؟
فأجاب بقوله : لا يوجد شيء يدل على أن هذا مبتدع، فكون الإنسان يعق ويدعو الناس ويطعمهم ويتصدق جائز، سواء أطعمهم أو جمعهم وأكلوا، والقول أنه من البدع ليس بصحيح، بل هذا سائغ، سواء طبخ اللحم ودعي له من يستحقه من الفقراء والمساكين ومن الأقارب، أو وزع على الأقارب والفقراء والمساكين ولم يطبخ منه شيء، فكل ذلك سائغ ،ولم يثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تنزع أعضاء العقيقة وتوزع وإنما يعمل بها كما يعمل بغيرها، ويمكن أن تطبخ ويأتي الناس ويأكلون اللحم، ويمكن أن توزع، فهي مثل الأضحية للإنسان أن يطبخ اللحم ويدعو الفقراء والمساكين ويطعمهم، ويمكن أن يعطيهم لحماً نيئاً يطبخونه في بيوتهم، كل ذلك سائغ ولا بدعة لا في هذا ولا في هذا.[25]
فائدة :
ومما يحسن التنبيه عليه أن يقصد من ذبحه للعقيقة والدعوة إليها وجه الله تبارك وتعالى، قال الألباني ـ رحمه الله ـ:يجب أن يكون قصد الداعي خالصا لوجه الله عز وجل ،لا يبتغي من وراء ذلك شهرة ،ولا ظهورا ،ولا سمعة ،وقديما قال بعضهم :"حب الظهور يقصم الظهور"، وإنما يكون ذلك لله عز وجل.
ـ أن يقصد بذلك إطعام الفقراء.
ـ أن يقصد بذلك إطعام الأصدقاء.
ـ أن يقصد بذلك عقد مجلس علم .[26]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه : عبد الحميد الهضابي.
[1] ـ "المحلى" (6/240)
[2] ـ "بداية المجتهد" (1/377) .
[3] ـ" المنتقى" (4/204-205) .
[4] ـ "الروضة الندية"(2/220)
[5] ـ"سلسلة الهدى واالنور"(20
[6] ـ"شرح سنن أبو داود" شريط رقم:(209)
[7] ـ "تهذيب التهذيب" (3/103).
[8] ـ "الإرواء" (4/395)
[9] ـ "تهذيب التهذيب" (4/243) .
[10] ـ "المحلى" (7/523)
[11] ـ "الحاوي" (15/129).
[12] ـ "الشرح الممتع" (7/499)
[13] ـ " المغني " ( 9 / 366 ) .
[14] ـ رواه البيهقي في "السنن" (19287) .وابن حزم في "المحلى"(6/237)
[15] ـ مجموع الفتاوى (32/206، 207)
[16] ـ "تحفة المودود"( ص76) ، وانظر "الإنصاف" (4/113)
[17] ـ"تحفة المودود"( ص : 71)
[18] ــ "المنتقى"(4/205)
[19] ـ"شرح السنة" (9/137 - 138 ).
[20] ـ "المغني" (7/286) .
[21] ـ " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 436)
[22] ـ " فتاوى اللجنة الدائمة "(11/443)
[23] ـ"مجموع فتاوى ابن باز"(4 / 262)
[24] ـ"سلسلة الهدى والنور"(شريط رقم :20
[25] ـ شرح سنن أبي داود(334)
[26] ـ "سلسلة الهدى والنور"(شريط رقم :20
فهذه الحلقة السابعة في بيان بعض الأحكام والفوائد المتعلقة بالمولود لعلّ الله أن ينفع بها :
هل يكره كسر عظام العقيقة :
اختلف أهل العلم في جواز كسر عظام العقيقة من عدمه ،والراجح منها جواز كسر عظامها كغيرها من الذبائح ،وذلك أن الأصل في ذلك الإباحة ولم يصح شيء يعتمد عليه ويجب المصير إليه في المنع من ذلك.
ولمخالفة أهل الجاهلية الذين كانوا لا يكسرون عظم الذبيحة التي تذبح عن المولود ،ولأن العادة جرت بكسر العظام وفي ذلك مصلحة لتمام الانتفاع بها ولا مصلحة تمنع من ذلك ، ،وبه قال الزهري والمالكية وابن حزم وغيرهم.
قال ابن حزم ـ رحمه الله: ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء.[1]
وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـ: واستحب كسر عظامها لما كانوا في الجاهلية يقطعونها من المفاصل.[2]
وقال الباجي ـ رحمه الله ـ: إنما قاله مالك –أي: كسر عظامها- لأن أهل الجاهلية كانوا إذا عقوا عن المولود لم يكسروا العظام وإنما كانت العقيقة تفصل من ذلك ما وافقهم ، وفي الجملة كسر عظامها ليس بلازم وإنما لا يجوز تحري الامتناع عنه ، والعقيقة في ذلك كسائر الذبائح وربما كان لها مزية المخالفة لفعل أهل الجاهلية .[3]
قال الإمام محمد صديق حسن خان ـ رحمه الله ـ: ليس على شيء مما ذكروه من عدم الكسر والفصل من المفاصل وجمع العظام ودفنها وغير ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا من عقل، بل هذه الأمور خيالات شبيهة بما يقع من النساء ونحوهن من العوام مما لا يعود على فاعله بنفع دنيوي ولا ديني.[4]
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: هناك قيلٌ بأنها لا تكسر وأنه يُقدم إلى القابلة كذا وكذا، هذا كلام لا قيمة له ولا وزن له شرعاً؛ لأنه لم يأت في ذلك ولا حديث ضعيف.[5]
وقال شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ: أما قضية أنها تُنـزع جدولا وكذا فهذا غير ثابت؛ ما ثبت في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها تنـزع أعضاء وتوزع، وإنما يُعمل بها كما يعمل بغيرها.[6]
أدلة من قال بعدم كسر عظام العقيقة ومناقشتها :
ذهب بعض أهل العلم إلى عدم كسر عظام العقيقة واستدلوا ببعض الأحاديث الضعيفة فمن ذلك :
1 ـ ما رواه الحاكم في "المستدرك" (4/266) رقم (7595) قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني ثنا إبراهيم بن عبد الله أنبأ يزيد بن هارون أنبأ عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورا فقالت عائشة ـ رضى الله عنها ـ: "لا بل السنة أفضل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع فان لم يكن ففي أربعة عشر فان لم يكن ففي إحدى وعشرين.
روى البيهقي في السنن الكبرى (9/50 (19287) "باب من قال لا تكسر عظام العقيقة ويأكل أهلها منها ويتصدقون ويهدون" قال:
أخبرنا على بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا عثمان بن عمر ثنا مسدد ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن عطاء عن أم كرز رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة "قال: وكان عطاء يقول: تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم، أظنه قال: ويطبخ، قال: وقال عطاء: إذا ذبحت فقل بسم الله والله أكبر هذه عقيقة فلان.
وفى رواية ابن جريج عن عطاء أنه قال في العقيقة: يقطع آرابا آرابا ويطبخ بماء وملح ويهدى في الجيران . وروى في ذلك عن جابر ابن عبد الله من قوله .
ـ حديث عائشة رضي الله فيه انقطاع كما قاله الألباني، فإن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من أم كرز رضي الله عنها شيئا كما ذكر ذلك ابن المديني وأحمد بن حنبل.[7]
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ -معلقا على هذا الحديث-:
رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير إبراهيم بن عبد الله وهو السعدي النيسابوري وهو صدوق كما قال الذهبي في ( الميزان )، وغير أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني وهو حافظ كبير مصنف ويعرف بابن الاحزم توفي سنة ( 344 ) له ترجمة في ( التذكرة ) ( 3 / 76 - 77 ).
قال: وعلى هذا فظاهر الإسناد الصحة ، ولكن له عندي علتان : الأولى : الانقطاع بين عطاء وأم كرز ، لما ذكرته فيما تقدم من الكلام على طرق حديث أم كرز هذه عند حديث عائشة ، رقم ( 1166 ). والأخرى : الشذوذ والادراج ، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين كما سبق هناك ، وليس فيهما قوله : ( تقطع جدولا . . . ) فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء ، ويؤيده أن عامر الأحول رواه عن عطاء عن أم كرز قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة " . قال : وكان عطاء يقول : تقطع جدولا . . . ) دون قوله ( ولكن ذاك يوم السابع . . . ) . أخرجه البيهقي ( 9 / 302 ). فقد بين عامر أن هذا القول ليس مرفوعا في الحديث وإنما هو من كلام عطاء موقوفا عليه ، فدل أنه مدرج في الحديث .[8]
2 ـ جاء في مصنف ابن أبي شيبة(5/115ـ116) باب "من قال لا يكسر للعقيقة عظم"
24265 حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن النهاس بن قهم قال سمعت عطاء يقول: كانوا يستحبون أن لا يكسر للعقيقة عظم .
قال ابن أبى عدى: لا يساوى شيئا، وقال: وأحاديثه مما يتفرد به عن الثقات و لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: ليس بشيء، وقال ابن معين : ضعيف، وقال أبو داود: ليس بذاك، و قال ابن حبان : كان يروى المناكير عن المشاهير و يخالف الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، و قال الدارقطني : مضطرب الحديث ، تركه يحيى القطان، روى له البخاري في " الأدب " وأبو داود والترمذي وابن ماجه .[9]
3 ـ روى أبو داود في المراسيل (ص27 (379)
قال حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص حدثنا جعفر عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: أن تبعثوا إلى القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظما.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ : ولم يصح في المنع من كسر عظامها شيء . فإن قيل : قد رويتم عن عائشة أم المؤمنين وقد قيل لها في العقيقة بجزور , فقالت : لا , بل السنة أفضل , عن الغلام شاتان مكافأتان , وعن الجارية شاة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق , وليكن ذلك يوم السابع , فإن لم يكن ففي أربعة عشر , فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين . قلنا : هذا لا يصح ; لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، ثم لو كان صحيحا لما كانت فيه حجة ; لأنه عمن دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن عطاء كانوا يستحبون أن لا يكسر لها عظم , فإن قيل : فقد رويتم عن ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث من عقيقة الحسن والحسين إلى القابلة برجلها , وقال : لا تكسروا منها عظما "قلنا : هذا مرسل ولا حجة في مرسل , ويلزم من قال بالمرسل أن يقول بهذا لا سيما مع قول أم المؤمنين , وعطاء , وغيرهما بذلك . روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري في العقيقة قال : تكسر عظامها ورأسها ولا يمس الصبي بشيء من دمها.[10]
4 ـ وقالوا إن كراهة كسر عظامها إنما هو من باب التفاؤل بالسلامة للمولود وطيب العيش[11]
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: ولكن ليس هناك دليل صحيح يطمئن إليه القلب في هذا البحث-أي: كسر عظام العقيقة- . .. ومسألة التفاؤل لا ينبغي أن نتوسّع فيها هذا التوسّع.[12] .
طبخ العقيقة والأكل منها والإهداء والتصدق :
يجوز أن يتصرف في النسيكة كيفما شاء صاحبها من طبخها والتصدق بلحمها ونحو ذلك ، وهو القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وبه قال الحسن و بن سيرين وعطاء وغيرهم .
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ:وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها ـ يعني سبيل العقيقة كسبيل الأضحية .. وبهذا قال الشافعي.
وقال ابن سيرين : اصنع بلحمها كيف شئت.
وقال ابن جريج : تطبخ بماء وملح وتهدى الجيران والصديق ولا يتصّدق منها بشيء.
وسئل أحمد عنها فحكى قول ابن سيرين ، وهذا يدل على أنه ذهب إليه.
وسئل هل يأكلها قال : لم أقل يأكلها كلها ولا يتصدق منها بشيء.[13]
وقال عطاء ـ رحمه الله ـ:يقطع آرابا آرابا ، و يطبخ بماء وملح ، و يهدى في الجيران.[14]
الدعوة للعقيقة :
إذا ذبحت العقيقة وطبخت ودعي إليها الأصدقاء والفقراء وغيرهم جاز ذلك وهو من الشكر لله عز وجل على نعمة الولد.
قال ابن تيمية رحمه الله: وأما وليمة الختان فهي جائزة من شاء فعلها ومن شاء تركها وكذلك وليمة الولادة.[15]
وقال ـ رحمه الله ـ: وهذا لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ وهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة ، ويتمتع الجيران والأولاد والمساكين بها هنيئة مكفية المؤنة فإن من أهدي إليه لحم مطبوخ مهيأ للأكل مطيب كان فرحه وسروره به أتم من فرحه بلحم نيء يحتاج إلى كلفة وتعب.[16]
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: الذبيحة عن الولد فيها معنى القربان والشكران والفداء والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام شكرا لله وإظهار لنعمته التي هي غاية المقصود من النكاح فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة إلى حصول هذه النعمة فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة أولى وأحرى
وشرع بوصف الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم فلا أحسن ولا أحلى في القلوب من مثل هذه الشريعة في المولود وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح وغيرها فإنها إظهار للفرح والسرور.[17]
وقد ورد عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه عق عن ولد له وأنه دعا إليه الإخوان والجيران قال رحمه الله: عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم ، وهيأت طعامهم ، ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران ، وأكل منها أهل البيت ، وكسروا ما بقي من عظامها فطبخت ، فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا ، قال مالك : فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها.[18]
قال البغوي ـ رحمه الله ـ:ويستحب للمرء إذا أحدث الله له نعمة أن يحدث له شكراً ، ومثله العقيقة ، والدعوة على الختان ، وعند القدوم من الغيبة ، كلها سنن مستحبة شكراً لله تعالى على ما أحدث له من النعمة وآكدها استحباباً، وليمة العرس والإعذار والخُرس ، الإعذار دعوة الختان ، والخرس دعوة السلامة من الطلق.[19]
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة - أي وليمة الزواج - أنها مستحبة لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه .... ، وإجابة كل داعٍ مستحبة لهذا الخبر ، ولأن فيه جبر قلب الداعي ، وتطييب قلبه.[20]
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" مانصه : هل يصح لمن ولد له مولود من المسلمين أن يطبخ طعاماً ويدعو إخوانه المسلمين إليه؟
فأجابت : شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيقة عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، كما شرع الأكل والإهداء والتصدق منها، فإذا صنع من ولد له المولود طعاماً ودعا بعض إخوانه المسلمين إليه وجعل مع هذا الطعام شيئاً من لحمها فليس في ذلك شيء، بل هو من باب الإحسان، وأما ما يفعله بعض الناس من طبخ الطعام يوم ولادة المولود، ويسمونه عيد الميلاد، ويتكرر هذا على حسب رغبة من ولد له المولود أو رغبة غيره أو رغبة المولود إذا كبر فهذا ليس من الشرع، بل هو بدعة، قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، وقال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.[21]
وسئلت أيضا عن حكم احتفال الناس في العقيقة والوليمة ؟
فأجابت بما يلي:
العقيقة ما تذبح عن المولود سابع يوم ولادته ، والوليمة ما يقدم من الطعام في العرس ذبيحة أو نحوها ، وكلاهما سنة والاجتماع في ذلك لتناول الطعام والمشاركة في السرور ، وإعلان النكاح خير .[22]
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ: وصاحبها مخير إن شاء وزعها لحما بين الأقارب والأصحاب والفقراء، وإن شاء طبخها ودعا إليها من شاء من الأقارب والجيران والفقراء.[23]
وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ:إن شئت أن تأكل أنت وأهلك كلها على مضي الأسبوع والأسبوعين أو ثلاثة ،وإن شئت تصدقت بها كلها ،وإن شئت جمعت بين الأكل والصدقة ،وإن شئت دعوت الناس أغنياء وفقراء ،وخير الدعوة التي يدعى إليها الفقراء.[24]
وسئل شيخنا عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ مانصه: عندنا من يرى أن الوليمة في العقيقة ودعوة الناس إليها من البدع؟
فأجاب بقوله : لا يوجد شيء يدل على أن هذا مبتدع، فكون الإنسان يعق ويدعو الناس ويطعمهم ويتصدق جائز، سواء أطعمهم أو جمعهم وأكلوا، والقول أنه من البدع ليس بصحيح، بل هذا سائغ، سواء طبخ اللحم ودعي له من يستحقه من الفقراء والمساكين ومن الأقارب، أو وزع على الأقارب والفقراء والمساكين ولم يطبخ منه شيء، فكل ذلك سائغ ،ولم يثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تنزع أعضاء العقيقة وتوزع وإنما يعمل بها كما يعمل بغيرها، ويمكن أن تطبخ ويأتي الناس ويأكلون اللحم، ويمكن أن توزع، فهي مثل الأضحية للإنسان أن يطبخ اللحم ويدعو الفقراء والمساكين ويطعمهم، ويمكن أن يعطيهم لحماً نيئاً يطبخونه في بيوتهم، كل ذلك سائغ ولا بدعة لا في هذا ولا في هذا.[25]
فائدة :
ومما يحسن التنبيه عليه أن يقصد من ذبحه للعقيقة والدعوة إليها وجه الله تبارك وتعالى، قال الألباني ـ رحمه الله ـ:يجب أن يكون قصد الداعي خالصا لوجه الله عز وجل ،لا يبتغي من وراء ذلك شهرة ،ولا ظهورا ،ولا سمعة ،وقديما قال بعضهم :"حب الظهور يقصم الظهور"، وإنما يكون ذلك لله عز وجل.
ـ أن يقصد بذلك إطعام الفقراء.
ـ أن يقصد بذلك إطعام الأصدقاء.
ـ أن يقصد بذلك عقد مجلس علم .[26]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه : عبد الحميد الهضابي.
[1] ـ "المحلى" (6/240)
[2] ـ "بداية المجتهد" (1/377) .
[3] ـ" المنتقى" (4/204-205) .
[4] ـ "الروضة الندية"(2/220)
[5] ـ"سلسلة الهدى واالنور"(20
[6] ـ"شرح سنن أبو داود" شريط رقم:(209)
[7] ـ "تهذيب التهذيب" (3/103).
[8] ـ "الإرواء" (4/395)
[9] ـ "تهذيب التهذيب" (4/243) .
[10] ـ "المحلى" (7/523)
[11] ـ "الحاوي" (15/129).
[12] ـ "الشرح الممتع" (7/499)
[13] ـ " المغني " ( 9 / 366 ) .
[14] ـ رواه البيهقي في "السنن" (19287) .وابن حزم في "المحلى"(6/237)
[15] ـ مجموع الفتاوى (32/206، 207)
[16] ـ "تحفة المودود"( ص76) ، وانظر "الإنصاف" (4/113)
[17] ـ"تحفة المودود"( ص : 71)
[18] ــ "المنتقى"(4/205)
[19] ـ"شرح السنة" (9/137 - 138 ).
[20] ـ "المغني" (7/286) .
[21] ـ " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 436)
[22] ـ " فتاوى اللجنة الدائمة "(11/443)
[23] ـ"مجموع فتاوى ابن باز"(4 / 262)
[24] ـ"سلسلة الهدى والنور"(شريط رقم :20
[25] ـ شرح سنن أبي داود(334)
[26] ـ "سلسلة الهدى والنور"(شريط رقم :20