الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بتسمية المولود لعلّ الله أن ينفع بها ويكتب لنا المثوبة من عنده إنه جواد كريم.
اختيار الاسم الحسن للمولود:
الأولاد هبات من الله تعالى أنعم بها على الوالدين وأوجب تجاههم حقوقا كثيرة عظيمة ، تبدأ باختيار الاسم الحسن.
قال الماوردي ـ رحمه الله ـ: فإذا ولد المولود ، فإن من أول كراماته له وبره به أن يحليه باسم حسن ، فإن للاسم الحسن موقعا في النفوس مع أول سماعه .[1]
وقد جاءت السنة باستحباب بعض الأسماء مثل:
1- عبدالله وعبدالرحمن وحارث وهمام فعن أبي وهب الجشمي ـ رضي الله عنه ـ وكانت له صحبة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام ,أقبحها حرب ومرة .[2]
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبدالله وعبدالرحمن.[3]
وعن جابرـ رضي الله عنه ـ قال: ولد لرجل منا غلام، فسماه القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن".[4]
و كل ما أضيف إليه اسم من أسماء الله فحسن، كعبد العزيز، وعبد الرحيم ونحو ذلك .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وأما أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه، وأسماء رسوله، فلما كانت نعوتًا دالة على المدح والثناء، لم تكن من هذا الباب، بل من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى وعظمته وفضله؛ قال تعالى: { ولله الأسماء الحسنى }.[5]
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :أن الهروي ـ رحمه الله ـ قد سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى، قال : وكذلك أهل بيتنا.
2- فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تسموا باسمي، ولا تكنّوا بكنيتي[6].[7]
وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي.[8]
قال مالك ـ رحمه الله ـ:سمعت أهل المدينة يقولون :ما من أهل بيت فيهم اسم محمد، إلا رزقوا رزق خير.[9]
3- التسمية بأسماء الصالحين وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين والصحابة ومن تبعهم بإحسان، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم : ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .[10]
وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسمّاه إبراهيم فحنّكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي وكان أكبر ولد أبي موسى .[11]
وعن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ قال: لما قدمت نجران سألوني: إنكم تقرؤون :"يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا. فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال: إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم.[12]
وعن يوسف بن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال: سماني النبي صلى الله عليه وسلم يوسف وأقعدني على حجره، ومسح على رأسي.[13]
وقد ورد أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه -الصحابي الجليل المبشّر بالجنة- كان له عشرة من الولد كل واحد منهم اسمه اسم نبي.
والزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ أنه سمى ولده - وهم تسعة - بأسماء بعض شهداء بدر رضي الله عنهم، وهم : عبدالله ، المنذر، عروة، حمزة، جعفر، مصعب، عبيدة، خالد، عمر .
الأسماء المحرمة التي يحرم التسمية بها:
دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية :
أولا :
يحرم على المسلم أن يسمي فلذة كبده كل اسم معبد لغير الله تعالى، من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك ، مثل : عبد الرسول، عبد النبي ، عبد علي، عبد الحسين.
ثانيا :
يحرم التسمية بما لا يليق إلا بالله فلا تجوز التسمية باسم يختص به سبحانه، كالقدوس، والله ، والبر، وخالق، والرحمن، ونحو ذلك. لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى
فعن أبي شريح ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يكني أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت فرضي كلا الفريقين، فقال: ما أحسن هذا، فمال من الولد؟ قلت: شريح ومسلم وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح.[14]
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى، فلا يجوز التسمية بالأحد، والصمد، ولا بالخالق، ولا بالرازق، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى، ولا تجوز تسمية الملوك القاهر، والظاهر، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب.[15]
ومن هذا الغلط في التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى وهي ليست كذلك مثل : عبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود، وعبد المعبود، وعبد المرسل، وعبد الوحيد، وعبد الطالب ونحو ذلك.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، وعبد المسيح.[16]
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطلب"، فليس فيه جواز التسمي بذلك بل هو من باب الإخبار بذلك ،لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء كما هو معلوم.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وقوله صلى الله عليه وسلم : أنا ابن عبد المطلب، فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء.[17]
وقال -رحمه الله-: وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير، والرؤوف، والرحيم، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق، ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى.[18]
ثالثا :
التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله ومنها : اللات، والعزى، وإساف، ونائلة، وهبل ونحو ذلك.
رابعا :
التسمية بملك الأملاك، وملك الإنسانية ، وملك القلوب ،وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام وشاهنشاه وسيد الكل وسيد السادات، ونحو ذلك.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك.[19]
وفي رواية: "أغيظ رجل عند الله يوم القيامة، وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله.[20]
وقال ابن القيم -رحمه الله-: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاء وحاكم الحكام فان حاكم الحكام في الحقيقة هو الله وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك وهذا محض القياس.[21]
خامسا :
التسمية بالأسماء الكفرة الفجرة الخاصة بهم من اليهود والنصارى وغيرهم; مثل: لين ،وجورج، وديانا، وسوزان ،وجاكلين، وغيرها ،لأن هذا من التشبه بهم ولأن هذا يجرّ ولو على المدى البعيد إلى موالاتهم ،فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تشبه بقوم فهو منه.[22]
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا[23]
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: وكذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم , إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن , فهو معصية كبيرة وإثم , وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين فهذا على خطر عظيم، يزلزل أصل الإيمان , وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها، وتغيرها شرط في التوبة منها.[24]
الأسماء التي يكره التسمية بها :
أولا :
يكره من الأسماء حرب، ومرة، وحزب، وجثامة ،ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ودافع، ورياح، والعاصي، وشهاب، والمضطجع، ونحوها؛ وكذا ما فيه تزكية كالنقي، والتقي، والمتقي، والمطيع، والطائع، والراضي، والمحسن، والمخلص، وبرة وإيمان ونحو ذلك.
عن سمرة بن جندب ــ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثم هو، فلا يكون.[25]
وعن محمد بن عمرو بن عطاء قال سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله نهى عن هذا الاسم وسميت برة فقال صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها ؟ قال : سموها زينب .[26]
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب.[27]
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كانت جويرية اسمها برة فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند برة.[28]
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة.[29]
وعن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ما اسمك ؟ قال ! حزن ، قال : أنت سهل. قال : لا ، السهل يوطأ و يمتهن.[30]
وفي رواية :" قال : لا أغير اسما سمانيه أبي .
قال ابن المسيب : فما زالت الحزونة فينا بعد.[31]
وعن أسامة بن أخدري ـ رضي الله عنه ـ : أن رجلاً كان يقال له أسرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ما اسمك؟ قال: أصرم، قال: بل أنت زرعة.[32]
عن عائشة رضي الله عنها قالت:جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية، فقال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟
فقال: " إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان[33].
قال أبو داود: وغيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم العاص، وعزيز، وعقلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب، فسماه هاشمًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا يقال له عفرة: خضرة، وشعب الضلالة: سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة، وسمى بنو غوية: بني رشدة.
قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار.[34]
ثانيا :
ومن الأسماء المكروهة التي تشتهر في بعض بلاد المسلمين ، التي تضاف إلى لفظ ( الدين ) أو ( الإسلام ) ، مثل : ناصر الدين ، ونور الدين ، أو عماد الدين ، أو نور الإسلام ، ونحو ذلك فقد كرهها أهل العلم للذكور والإناث ، لما فيها من تزكية صاحبها تزكية عظيمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ولا ريب أن هذه المحدثات التي أحدثها الأعاجم وصاروا يزيدون فيها فيقولون : عز الملة والدين وعز الملة والحق والدين وأكثر ما يدخل في ذلك من الكذب المبين بحيث يكون المنعوت بذلك أحق بضد ذلك الوصف.[35]
كان النووي ـ رحمه الله ـ يكره تلقيبه بمحيي الدين، كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كان يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول " لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر.
وقال ابن عابدين رحمه الله : المنع عن نحو : " محيي الدين "، و " شمس الدين " مع ما فيه من الكذب ، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفا ، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى
ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين ، ويقول : لا أجعل من دعاني به في حل .
ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه " تبيين المحارم "، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك ، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن ، ومن الكذب.[36]
قال الألباني رحمه الله : لا يجوز التسمية بعز الدين ومحي الدين وناصر الدين، ونحو ذلك.[37]
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: وتكره التسمية بكل اسم أو مصدر ، أو صفة مشبّهة مضافةٍ إلى لفظ الدين ، أو لفظ الإسلام ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ؛ ولهذا نص بعض العلماء على التحريم.[38]
ثالثا :
ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية، مثل ( ظالم بن سراق ) فقد ورد أن عثمان بن أبي العاص ـ رضي الله عنه ـ امتنع عن تولية صاحب هذا الاسم لما علم أن اسمه هكذا ، كما في" المعرفة والتاريخ "( 3/201) للفسوي.
قال الطبري ـ رحمه الله ـ: لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا.[39]
رابعا :
وتكره التسمية بأسماء الشياطين، كخنزب ، والولهان، والأعور ونحو ذلك.
كذلك التسمية بأسماء الفراعنة ومن كان على شاكلتهم : ومنها : فرعون ، قارون ، هامان ،ونحو ذلك.
خامسا :
ويكره التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام مثل : جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.[40]
أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، كملاك، ملكة. فظاهر الحرمة[41] ، لما في ذلك من مضاهاة المشركين الذين وصفوا الملائكة بأنهم إناث.
قال الله تعالى : }وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون [42]{
سادسا :
ويكره التسمي بأسماء فيها معاني رخوة شهوانية ,كفاتن ، وناهد ، وسهام ونحو ذلك.
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ : ومن أقبح الأسماء التي راجت في هذا العصر ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم مثل (وصال) و(سهام) و (نهاد) و (غادة) و (فتنة) ونحو ذلك. والله المستعان.[43]
سابعا :
ويكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من الممثلين والمطربين ، واللاعبين كرة القدم من الكفار والفساق ونحو ذلك.
ثامنا :
ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة مثل كلب وحمار وتيس ونحو ذلك .
قال ابن القيم رحمه الله : ومن تأمل السنة وجد معاني في الأسماء مرتبطة بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله.
وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح سهل أمركم وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه فقال بريدة قال يا أبا بكر برد أمرنا ثم قال ممن أنت قال من أسلم فقال لأبي بكر سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك.[44]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
[1] ـ "نصيحة الملوك" (ص167)
[2] ـ أخرجه أبو داود (4950)،وأبو يعلى في "مسنده"( 7169)،والطبراني في "الكبير"( 949)،والبيهقي في "السنن"( 19307)،وصححه الألباني في "الصحيحة"( 1040)
[3] ـ أخرجه مسلم (2132)
[4] ـ أخرجه البخاري (6186)
[5] ــ "تحفة المودود "(ص :144)
[6] ـ فائدة : اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب ذكرها الحافظ في "الفتح" ( 12/212) بعد أجماعهم على جواز التسمي به، والتكنى بأبى القاسم كان ممنوعا منه فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وهو جائز بعد وفاته،وسبب النهى إنما كان مختصا بحياته ، لأنه إذا نودي أبا القاسم قد يشتبه على الناس المدعو النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصحابة ممن كنيته مثل ذلك .، وذلك لما يلي :
ـ عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال نادى رجل رجلا بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أعنك إنما دعوت فلانا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.أخرجه البخاري (2120)،ومسلم (2131)
ـ و عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنْ ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم). فهذه رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. أخرجه أحمد (730)، وأبو داود(4967) والترمذي (2843) قال عنها ابن حجر: (وسندها قوي)،والحاكم في "المستدرك"( 7737)،والبيهقي في "السنن"( 19330)،وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد"(1/314)
ـ وورد ما يدل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعضهم -رضي الله عنهم- سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد الله-رضي الله عنه-، وكذا يقال لكنية كل من المحمَدِين ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وأن آباءهم كنوهم بذلك.
قال القاضي عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار.
وكان محمد بن الأشعث يكنى بها ويدخل على عائشة رضي الله عنها ـ فلا تنكر ذلك .
وسئل الإمام مالك ـ رحمه الله ـ عمن اسمه محمد ويكنى بأبي القاسم فلم ير به بأسا فقيل له أكنيت ابنك أبا القاسم واسمه محمد فقال ما كنيته بها ولكن أهله يكنونه بها ولم أسمع في ذلك نهيا ولا أرى بذلك بأسا .
قال الشيخ ابن باز ـ غفر الله له ـ : الصواب جواز التكني والتسمي به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لزوال المحذور من الاستخفاف بالرسول صلى الله عليه وسلم والإيذاء له كما في حديث أنس وأدلة الجواز حديث علي رضي الله عند الترمذي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى بعض أبناء الصحابة محمدا فالتسمي باسمه جائز مطلقا حياته وبعد مماته وأما التكني بكنيته فجائزة بعد وفاته.
[7] ـ أخرجه البخاري (2120)،ومسلم (2131)
[8] ـ أخرجه البخاري (3532) ومسلم (2354)
[9] ـ " البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة" (17/541).
[10] ـ تقدم تخريجه ص :
[11] ـ أخرجه البخاري (5467).
[12] ـ أخرجه مسلم (2135)
[13] ـ رواه البخاري في "الأدب المفرد"( 83 وقال ابن حجر في "الفتح"(10/57سنده صحيح ،وصححه الألباني في "الأدب المفرد"(83
[14] ـ أخرجه النسائي(5387), وأبو داود (4955). وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"(5387)
[15] ـ"تحفة الودود"(ص :125)
[16] ـ "مراتب الإجماع" (ص 154) .
[17] ـ "تحفة الودود"(ص :114)
[18] ـ"تحفة الودود"(ص :127)
[19] ـ أخرجه البخاري(6205 )،ومسلم (2143)
[20] ـ أخرجه مسلم (2143)
[21] ـ "تحفة المودود"( :115)
[22] ـ أخرجه أبو داود (4031)،وأحمد (5114)،وابن أبى شيبة (33016) ، والبيهقي في "شعب الإيمان "( 1199) ،والبزار في "البحر الزخار"( 2966)،والطبراني في "الأوسط"( 8327)،والقضاعي في "مسنده"( 390)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 6149)
[23] ـ أخرجه الترمذي (2695)،والطبراني في "الأوسط"( 7380)،والقضاعي في "مسنده"( 1191)،
وحسنه الألباني في "الصحيحة"(2194)
[24] ـ ينظر:" تسمية المولود" (ص :31), و"هدية للأم الجديدة" (ص: 35).
[25] ـ أخرجه مسلم (2136)
[26] ـ أخرجه مسلم ( 2142 )
[27] ـ أخرجه البخاري (6192)، ومسلم (2141)
[28] ـ أخرجه مسلم ( 2140 )
[29] ـ أخرجه مسلم ( 2139 )
[30] ـ أخرجه أبو داود(4956 ) وصححه الألباني في "الصحيحة"( 214)
[31] ـ أخرجه البخاري (6190)
[32] ـ أخرجه أبو داود (4954)،والرويانيى في "مسنده"( 1490)،والطبراني في "الكبير"( 523)،وصححه الألباني في "تخريج الكلم الطيب"( 219).
[33] ـ أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8701)،وابن الأعرابي في "معجمه"(774)، وصححه الألباني في "الصحيحة"(216).
[34] ـ "سنن أبي داود" ( 4956 ).
[35] ـ "مجموع الفتاوى"(26/312)
[36] ـ " رد المحتار " (6/41
[37] ـ "الصحيحة"(1/427).
[38] ـ
[39] ـ"الفتح" (10/577)
[40] ـ انظر : "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (3/67) .
[41] ـ قال الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ :أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ؛ فظاهر الحرمة ؛ لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم. وقريب من هذا تسمية البنت: ملاك، ملكة، وملك" انتهى . "معجم المناهي اللفظية " (ص 565) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن التسمي بملاك، فمنع من ذلك . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (3/67) .
[42] ـ سورة الزخرف الآية : 19
[43] ـ "الصحيحة"(1/427).
[44] ـ "تحفة المودود" (120ـ 121).
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بتسمية المولود لعلّ الله أن ينفع بها ويكتب لنا المثوبة من عنده إنه جواد كريم.
اختيار الاسم الحسن للمولود:
الأولاد هبات من الله تعالى أنعم بها على الوالدين وأوجب تجاههم حقوقا كثيرة عظيمة ، تبدأ باختيار الاسم الحسن.
قال الماوردي ـ رحمه الله ـ: فإذا ولد المولود ، فإن من أول كراماته له وبره به أن يحليه باسم حسن ، فإن للاسم الحسن موقعا في النفوس مع أول سماعه .[1]
وقد جاءت السنة باستحباب بعض الأسماء مثل:
1- عبدالله وعبدالرحمن وحارث وهمام فعن أبي وهب الجشمي ـ رضي الله عنه ـ وكانت له صحبة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام ,أقبحها حرب ومرة .[2]
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبدالله وعبدالرحمن.[3]
وعن جابرـ رضي الله عنه ـ قال: ولد لرجل منا غلام، فسماه القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال: "سم ابنك عبد الرحمن".[4]
و كل ما أضيف إليه اسم من أسماء الله فحسن، كعبد العزيز، وعبد الرحيم ونحو ذلك .
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وأما أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه، وأسماء رسوله، فلما كانت نعوتًا دالة على المدح والثناء، لم تكن من هذا الباب، بل من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى وعظمته وفضله؛ قال تعالى: { ولله الأسماء الحسنى }.[5]
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :أن الهروي ـ رحمه الله ـ قد سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى، قال : وكذلك أهل بيتنا.
2- فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تسموا باسمي، ولا تكنّوا بكنيتي[6].[7]
وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي.[8]
قال مالك ـ رحمه الله ـ:سمعت أهل المدينة يقولون :ما من أهل بيت فيهم اسم محمد، إلا رزقوا رزق خير.[9]
3- التسمية بأسماء الصالحين وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين والصحابة ومن تبعهم بإحسان، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم : ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .[10]
وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسمّاه إبراهيم فحنّكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي وكان أكبر ولد أبي موسى .[11]
وعن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ قال: لما قدمت نجران سألوني: إنكم تقرؤون :"يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا. فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال: إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم.[12]
وعن يوسف بن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال: سماني النبي صلى الله عليه وسلم يوسف وأقعدني على حجره، ومسح على رأسي.[13]
وقد ورد أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه -الصحابي الجليل المبشّر بالجنة- كان له عشرة من الولد كل واحد منهم اسمه اسم نبي.
والزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ أنه سمى ولده - وهم تسعة - بأسماء بعض شهداء بدر رضي الله عنهم، وهم : عبدالله ، المنذر، عروة، حمزة، جعفر، مصعب، عبيدة، خالد، عمر .
الأسماء المحرمة التي يحرم التسمية بها:
دلت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية :
أولا :
يحرم على المسلم أن يسمي فلذة كبده كل اسم معبد لغير الله تعالى، من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك ، مثل : عبد الرسول، عبد النبي ، عبد علي، عبد الحسين.
ثانيا :
يحرم التسمية بما لا يليق إلا بالله فلا تجوز التسمية باسم يختص به سبحانه، كالقدوس، والله ، والبر، وخالق، والرحمن، ونحو ذلك. لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى
فعن أبي شريح ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يكني أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت فرضي كلا الفريقين، فقال: ما أحسن هذا، فمال من الولد؟ قلت: شريح ومسلم وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح.[14]
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى، فلا يجوز التسمية بالأحد، والصمد، ولا بالخالق، ولا بالرازق، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى، ولا تجوز تسمية الملوك القاهر، والظاهر، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب.[15]
ومن هذا الغلط في التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى وهي ليست كذلك مثل : عبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود، وعبد المعبود، وعبد المرسل، وعبد الوحيد، وعبد الطالب ونحو ذلك.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، وعبد المسيح.[16]
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطلب"، فليس فيه جواز التسمي بذلك بل هو من باب الإخبار بذلك ،لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء كما هو معلوم.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وقوله صلى الله عليه وسلم : أنا ابن عبد المطلب، فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء.[17]
وقال -رحمه الله-: وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير، والرؤوف، والرحيم، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق، ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى.[18]
ثالثا :
التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله ومنها : اللات، والعزى، وإساف، ونائلة، وهبل ونحو ذلك.
رابعا :
التسمية بملك الأملاك، وملك الإنسانية ، وملك القلوب ،وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام وشاهنشاه وسيد الكل وسيد السادات، ونحو ذلك.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك.[19]
وفي رواية: "أغيظ رجل عند الله يوم القيامة، وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله.[20]
وقال ابن القيم -رحمه الله-: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاء وحاكم الحكام فان حاكم الحكام في الحقيقة هو الله وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك وهذا محض القياس.[21]
خامسا :
التسمية بالأسماء الكفرة الفجرة الخاصة بهم من اليهود والنصارى وغيرهم; مثل: لين ،وجورج، وديانا، وسوزان ،وجاكلين، وغيرها ،لأن هذا من التشبه بهم ولأن هذا يجرّ ولو على المدى البعيد إلى موالاتهم ،فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تشبه بقوم فهو منه.[22]
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا[23]
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: وكذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم , إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن , فهو معصية كبيرة وإثم , وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين فهذا على خطر عظيم، يزلزل أصل الإيمان , وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها، وتغيرها شرط في التوبة منها.[24]
الأسماء التي يكره التسمية بها :
أولا :
يكره من الأسماء حرب، ومرة، وحزب، وجثامة ،ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ودافع، ورياح، والعاصي، وشهاب، والمضطجع، ونحوها؛ وكذا ما فيه تزكية كالنقي، والتقي، والمتقي، والمطيع، والطائع، والراضي، والمحسن، والمخلص، وبرة وإيمان ونحو ذلك.
عن سمرة بن جندب ــ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثم هو، فلا يكون.[25]
وعن محمد بن عمرو بن عطاء قال سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله نهى عن هذا الاسم وسميت برة فقال صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها ؟ قال : سموها زينب .[26]
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب.[27]
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كانت جويرية اسمها برة فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند برة.[28]
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة.[29]
وعن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ما اسمك ؟ قال ! حزن ، قال : أنت سهل. قال : لا ، السهل يوطأ و يمتهن.[30]
وفي رواية :" قال : لا أغير اسما سمانيه أبي .
قال ابن المسيب : فما زالت الحزونة فينا بعد.[31]
وعن أسامة بن أخدري ـ رضي الله عنه ـ : أن رجلاً كان يقال له أسرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ما اسمك؟ قال: أصرم، قال: بل أنت زرعة.[32]
عن عائشة رضي الله عنها قالت:جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية، فقال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم، كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟
فقال: " إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان[33].
قال أبو داود: وغيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم العاص، وعزيز، وعقلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب، فسماه هاشمًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا يقال له عفرة: خضرة، وشعب الضلالة: سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة، وسمى بنو غوية: بني رشدة.
قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار.[34]
ثانيا :
ومن الأسماء المكروهة التي تشتهر في بعض بلاد المسلمين ، التي تضاف إلى لفظ ( الدين ) أو ( الإسلام ) ، مثل : ناصر الدين ، ونور الدين ، أو عماد الدين ، أو نور الإسلام ، ونحو ذلك فقد كرهها أهل العلم للذكور والإناث ، لما فيها من تزكية صاحبها تزكية عظيمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ولا ريب أن هذه المحدثات التي أحدثها الأعاجم وصاروا يزيدون فيها فيقولون : عز الملة والدين وعز الملة والحق والدين وأكثر ما يدخل في ذلك من الكذب المبين بحيث يكون المنعوت بذلك أحق بضد ذلك الوصف.[35]
كان النووي ـ رحمه الله ـ يكره تلقيبه بمحيي الدين، كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كان يكره تلقيبه بتقي الدين، ويقول " لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر.
وقال ابن عابدين رحمه الله : المنع عن نحو : " محيي الدين "، و " شمس الدين " مع ما فيه من الكذب ، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفا ، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى
ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين ، ويقول : لا أجعل من دعاني به في حل .
ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه " تبيين المحارم "، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك ، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن ، ومن الكذب.[36]
قال الألباني رحمه الله : لا يجوز التسمية بعز الدين ومحي الدين وناصر الدين، ونحو ذلك.[37]
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: وتكره التسمية بكل اسم أو مصدر ، أو صفة مشبّهة مضافةٍ إلى لفظ الدين ، أو لفظ الإسلام ، فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجة تطل على الكذب ؛ ولهذا نص بعض العلماء على التحريم.[38]
ثالثا :
ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية، مثل ( ظالم بن سراق ) فقد ورد أن عثمان بن أبي العاص ـ رضي الله عنه ـ امتنع عن تولية صاحب هذا الاسم لما علم أن اسمه هكذا ، كما في" المعرفة والتاريخ "( 3/201) للفسوي.
قال الطبري ـ رحمه الله ـ: لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص ، ولا يقصد بها حقيقة الصفة ، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم ، فيظن أنه صفة للمسمى ، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا.[39]
رابعا :
وتكره التسمية بأسماء الشياطين، كخنزب ، والولهان، والأعور ونحو ذلك.
كذلك التسمية بأسماء الفراعنة ومن كان على شاكلتهم : ومنها : فرعون ، قارون ، هامان ،ونحو ذلك.
خامسا :
ويكره التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام مثل : جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.[40]
أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ، كملاك، ملكة. فظاهر الحرمة[41] ، لما في ذلك من مضاهاة المشركين الذين وصفوا الملائكة بأنهم إناث.
قال الله تعالى : }وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون [42]{
سادسا :
ويكره التسمي بأسماء فيها معاني رخوة شهوانية ,كفاتن ، وناهد ، وسهام ونحو ذلك.
قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ : ومن أقبح الأسماء التي راجت في هذا العصر ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم مثل (وصال) و(سهام) و (نهاد) و (غادة) و (فتنة) ونحو ذلك. والله المستعان.[43]
سابعا :
ويكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من الممثلين والمطربين ، واللاعبين كرة القدم من الكفار والفساق ونحو ذلك.
ثامنا :
ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة مثل كلب وحمار وتيس ونحو ذلك .
قال ابن القيم رحمه الله : ومن تأمل السنة وجد معاني في الأسماء مرتبطة بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله.
وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح سهل أمركم وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه فقال بريدة قال يا أبا بكر برد أمرنا ثم قال ممن أنت قال من أسلم فقال لأبي بكر سلمنا ثم قال ممن قال من سهم قال خرج سهمك.[44]
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
[1] ـ "نصيحة الملوك" (ص167)
[2] ـ أخرجه أبو داود (4950)،وأبو يعلى في "مسنده"( 7169)،والطبراني في "الكبير"( 949)،والبيهقي في "السنن"( 19307)،وصححه الألباني في "الصحيحة"( 1040)
[3] ـ أخرجه مسلم (2132)
[4] ـ أخرجه البخاري (6186)
[5] ــ "تحفة المودود "(ص :144)
[6] ـ فائدة : اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب ذكرها الحافظ في "الفتح" ( 12/212) بعد أجماعهم على جواز التسمي به، والتكنى بأبى القاسم كان ممنوعا منه فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وهو جائز بعد وفاته،وسبب النهى إنما كان مختصا بحياته ، لأنه إذا نودي أبا القاسم قد يشتبه على الناس المدعو النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصحابة ممن كنيته مثل ذلك .، وذلك لما يلي :
ـ عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال نادى رجل رجلا بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أعنك إنما دعوت فلانا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي.أخرجه البخاري (2120)،ومسلم (2131)
ـ و عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنْ ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم). فهذه رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. أخرجه أحمد (730)، وأبو داود(4967) والترمذي (2843) قال عنها ابن حجر: (وسندها قوي)،والحاكم في "المستدرك"( 7737)،والبيهقي في "السنن"( 19330)،وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد"(1/314)
ـ وورد ما يدل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعضهم -رضي الله عنهم- سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد الله-رضي الله عنه-، وكذا يقال لكنية كل من المحمَدِين ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وأن آباءهم كنوهم بذلك.
قال القاضي عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار.
وكان محمد بن الأشعث يكنى بها ويدخل على عائشة رضي الله عنها ـ فلا تنكر ذلك .
وسئل الإمام مالك ـ رحمه الله ـ عمن اسمه محمد ويكنى بأبي القاسم فلم ير به بأسا فقيل له أكنيت ابنك أبا القاسم واسمه محمد فقال ما كنيته بها ولكن أهله يكنونه بها ولم أسمع في ذلك نهيا ولا أرى بذلك بأسا .
قال الشيخ ابن باز ـ غفر الله له ـ : الصواب جواز التكني والتسمي به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لزوال المحذور من الاستخفاف بالرسول صلى الله عليه وسلم والإيذاء له كما في حديث أنس وأدلة الجواز حديث علي رضي الله عند الترمذي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى بعض أبناء الصحابة محمدا فالتسمي باسمه جائز مطلقا حياته وبعد مماته وأما التكني بكنيته فجائزة بعد وفاته.
[7] ـ أخرجه البخاري (2120)،ومسلم (2131)
[8] ـ أخرجه البخاري (3532) ومسلم (2354)
[9] ـ " البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة" (17/541).
[10] ـ تقدم تخريجه ص :
[11] ـ أخرجه البخاري (5467).
[12] ـ أخرجه مسلم (2135)
[13] ـ رواه البخاري في "الأدب المفرد"( 83 وقال ابن حجر في "الفتح"(10/57سنده صحيح ،وصححه الألباني في "الأدب المفرد"(83
[14] ـ أخرجه النسائي(5387), وأبو داود (4955). وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي"(5387)
[15] ـ"تحفة الودود"(ص :125)
[16] ـ "مراتب الإجماع" (ص 154) .
[17] ـ "تحفة الودود"(ص :114)
[18] ـ"تحفة الودود"(ص :127)
[19] ـ أخرجه البخاري(6205 )،ومسلم (2143)
[20] ـ أخرجه مسلم (2143)
[21] ـ "تحفة المودود"( :115)
[22] ـ أخرجه أبو داود (4031)،وأحمد (5114)،وابن أبى شيبة (33016) ، والبيهقي في "شعب الإيمان "( 1199) ،والبزار في "البحر الزخار"( 2966)،والطبراني في "الأوسط"( 8327)،والقضاعي في "مسنده"( 390)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 6149)
[23] ـ أخرجه الترمذي (2695)،والطبراني في "الأوسط"( 7380)،والقضاعي في "مسنده"( 1191)،
وحسنه الألباني في "الصحيحة"(2194)
[24] ـ ينظر:" تسمية المولود" (ص :31), و"هدية للأم الجديدة" (ص: 35).
[25] ـ أخرجه مسلم (2136)
[26] ـ أخرجه مسلم ( 2142 )
[27] ـ أخرجه البخاري (6192)، ومسلم (2141)
[28] ـ أخرجه مسلم ( 2140 )
[29] ـ أخرجه مسلم ( 2139 )
[30] ـ أخرجه أبو داود(4956 ) وصححه الألباني في "الصحيحة"( 214)
[31] ـ أخرجه البخاري (6190)
[32] ـ أخرجه أبو داود (4954)،والرويانيى في "مسنده"( 1490)،والطبراني في "الكبير"( 523)،وصححه الألباني في "تخريج الكلم الطيب"( 219).
[33] ـ أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(8701)،وابن الأعرابي في "معجمه"(774)، وصححه الألباني في "الصحيحة"(216).
[34] ـ "سنن أبي داود" ( 4956 ).
[35] ـ "مجموع الفتاوى"(26/312)
[36] ـ " رد المحتار " (6/41
[37] ـ "الصحيحة"(1/427).
[38] ـ
[39] ـ"الفتح" (10/577)
[40] ـ انظر : "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (3/67) .
[41] ـ قال الشيخ بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ :أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ؛ فظاهر الحرمة ؛ لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم. وقريب من هذا تسمية البنت: ملاك، ملكة، وملك" انتهى . "معجم المناهي اللفظية " (ص 565) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن التسمي بملاك، فمنع من ذلك . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (3/67) .
[42] ـ سورة الزخرف الآية : 19
[43] ـ "الصحيحة"(1/427).
[44] ـ "تحفة المودود" (120ـ 121).