حمل الصبيان في الصلاة
وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: -كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها -متفق عليه، ولمسلم - وهو يؤم الناس في المسجد -.
**********************************
وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: -كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها -متفق عليه، ولمسلم - وهو يؤم الناس في المسجد -.
**********************************
هذا الحديث في الصحيحين، كما ذكر المصنف -رحمه الله- وفي مسلم قال: -وهو يؤم الناس في المسجد -وفيه عطفه -عليه الصلاة والسلام- ورفقه بالصغار خاصة بالجواري، بالبنات الصغار، ورحمته لهن، خلافًا لما كان عليه أهل الجاهلية، فصلى وهو يحمل أمامة، حملها في صلاته وهو يؤم الناس.
كيف لو فعل هذا إنسان احتاج إلى طفلة، أو طفل صبي، أو صبية لم يكن له من يحفظه فأراد حمله، لا شك أن كثيرا من الناس يستنكرون لخفاء السنة عليهم؛ فلهذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا بالناس وهو يصلي بهم فيه دلالة على عظيم خلقه -عليه الصلاة والسلام- ورأفته وعطفه.
وفيه أنه كان يحملها ويضعها في لفظ آخر عند مسلم -أنه يردها - دلالة على أنه هو الذي كان يحملها بنفسه ويضعها، خلافا لقول من قال: "إنها تعودت التعلق به، فلم يكن منه فعل؛ بل هي التي تعلقت به، وإذا سجد أو ركع نزلت، وإذا أراد أن يرفع تعلقت به، ولم يكن منه حرج".
هذا قول ضعيف؛ بل باطل يخالف ظاهر الخبر، ويخالف لصريح في بعض الأوقات ظاهره يدل على خلافه؛ بل وصريحة نص في أنه هو الذي كان يحملها -عليه الصلاة والسلام- ويضعها.
وفيه دلالة على أن مثل هذا الفعل لا بأس به، وهو في الحقيقة عند الحاجة لا بأس به، ولو كثر ولا يؤثر على الصلاة، ولا يخل بها؛ بل ربما كان مطلوبًا عند الحاجة، والمصلي ربما تقدم وربما تأخر للحاجة.
وسيأتي في حديث أبي هريرة -أنه أمر بقتل الأسودين في الصلاة -فالحركة في الصلاة للحاجة ربما كانت مطلوبة ومتأكدة، فأمر بقتل الأسودين في الصلاة بأن يتحرك ويتقدم، ويأخذ مثلًا عصا، أو حذاء فيضرب بلا تحديد بضربة، أو ضربتين.
وما جاء في صلاة الجماعة، في صلاة الخوف، والأفعال الكثيرة مع أنه يمكن أن يصلوا جماعات كثيرة أو فرادى بلا وجود هذه الحركات، ومع هذا لم يحصل شيء من هذا، ولم يأمرهم بخلاف ذلك؛ بل أقرهم على ذلك، وأمهم في صلاة الخوف -عليه الصلاة والسلام- لأجل تحقيق صلاة الجماعة، وفعل فيها أفعالا لو فعلت في حال الاستقلال لبطلت الصلاة فهذا لا بأس به، ولله الحمد.
وأمامة بنت زينب ابنة النبي -عليه الصلاة والسلام- بنت بنته، وهي زوج زينب زوج أبي العاص بن الربيع، أسر يوم بدر، وأسلم بعد ذلك -رضي الله عنه-.
-----------------------------------
شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام _ الجزء الثاني - شرح الشيخ عبد المحسن الزامل
تعليق