من جوانب التربية عند العلامة مبارك الميلي ـ صاحب كتاب الشرك ومظاهره :
قال محمّد الميلي (ابن الشّيخ ـ رحمه الله ) في كتابه : "الشّيخ مبارك الميليّ حياته العلميّة ونضاله الوطنيّ" :
(( ... وعلى ذكر جانب المربّي لدى الشّيخ مبارك ، أذكر أنّي قرأت في جملة ما قرأت من رسائله التي يحرص على أن يحتفظ بنسخة منها لديه ، رسالة وجّهها إلى الشّيخ العربي تبسّي الذي كان قد طلب منه أن يطلعه على الأسلوب الذي كان يعامل به التّلاميذ في الأغواط . (فقد كان أبي قد شرع في التّدريس بالمدرسة التي أسّسها في "الأغواط" ، قبل أن يلتحق الشّيخ العربي ببلدة "سيق" التي كانت أوّل بلدة تولّى التّدريس فيها خارج مدينة تبسّة ) . فكتب له والدي رسالة حفظت منها هذا المقطع :
[ إذا وعدت فأنجز ؛ وإذا أوعدت فتغافل ؛ وإن ذكرك أحد التّلاميذ بالوعيد فنفذّه مع إظهار كراهيتك لمنكر ] .
أمّا تربيّته لنا فكانت تعتمد غلبا على الموعظة وشرح مضارّ المنهي عنه ومنافع المأمور به ، لم يكن يستعمل معي الضرب إلاّ في حالة واحدة وهي ترك الصّلاة .
كان الضّرب الذي يبدو لي آنذاك مبرّحا ، عبارة عن خمس جلدات بالعصا على باطن قدمي ، لكنّها ضربات خمس موجعة .
وكان يحرص إثر كلّ عقاب على أن يطلب منّي إحضار كرّاسة صغيرة اشتراها خصّيصا لأسجل فيها أصناف العقوبات التي يوقعها بي ، بداية أكتب اليوم ، والتاريخ ، ثمّ أكتب تحت إملائه سبب العقاب ، ونوع العقاب ، إلّا أنّ العقوبة لم تكن تتمثّل دوما في الضرب على باطن القدمين ...)) ا.هـ