اصطفاف الصبيان مع الرجال في الصلاة
(تفريغ بتصرف يسير..)
(تفريغ بتصرف يسير..)
فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-.
استماع المباشر
السؤال: ما حكم اصطفاف الصبيان مع الرجال في الصلاة ؟
الإجابة: لا نجد في ذلك حرجًا، لأنّه لا يوجد نص ينهى عن ذلك، كل ما في الأمر أنه في سنن أبي داوود ومسند الإمام أحمد حديث من رواية أسماء بنت أبي بكر أن الصفوف كانت ترتب في عهد الرسول عليه السلام الرجال فالصبيان فالنساء، لكن هذا الحديث في إسناده رجل اسمه شهر ابن حوشب وهو ضعيف لسوء حفظه، ليس هو بالمُجزم بتولي هذا الترتيب الذي جاء به هذا الحديث، إلا أنّ هناك في الحديث الصحيح ما يُشير إلى شيء مما جاء فيه، ألا وهو قوله عليه السلام «لِيَلِينِي مِنْكُم أُولُو الأَحْلامِ والنُهَى»، وقد طُبّق هذا الحديث من بعض السلف، بحيث أن أُبي ابن كعب رضي الله عنه جاء يوما وقد أقيمت الصلاة فَأَخَّرَ رجلا من خلف الإمام؛ لعلّه كان شابَّا، طبعا انزعج الشاب لكن هو ما أذاع له في أوَّلِ الأمرِ إلّا بعد الصلاة، بعد الصلاة إلتفت إليه وقال له إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا: «لِيَلِينِي مِنْكُم أُولُو الأَحْلامِ والنُهَى»[1]، فتأخير غير أولي الأحلام والنهى عن الصف وراء الإمام؛ هذا أمر مقطوع به، لكن بالنسبة لتنظيم الصفوف ليس عندنا كما قلنا إلّا ذاك الحديث الضعيف.
لكن إذا كان يترتب وراء صف الأطفال في الصف الأول مثلا أو الصف الثاني شيء من الإخلال، وهذا نراه واقعا، في بعض الأحيان يأتي ولد طفل صغير فيقف في الصف فيحرم هذا المكان رجل بسرعة فتتسلط عليه دندنته فيدع الصلاة ،ويخرج ويعبث ويلعب، فمن أجل ضمان استقامة الصفوف وبقاءها هكذا ما في مانع من التنظيم بالتزام ما جاء في حديث شهر ابن حوشب ليس لأنّه حديث؛ فهو غير ثابت؛ وإنّما من باب تنظيم الصفوف وعدم الإخلال بها، لكن لا نستطيع تصوير هذا دائما، لأنه في بعض المساجد في صلاة الفجر مثلا لا يَتمُ، فإذا ملئ شيئا من هذا الفراغ أو الفراغ كله الصبيان فليس هناك مانع لأنهم لن يعطلوا أماكن الرجال في هذا الصف، فإذن الحقيقة فيما ينتهي إليه رأيي في هذه المسألة؛ تعود إلى الإمام الذي هو أعرف بالمصلين من خلفه كثر أم قلةٌ فهو يرتبهم، إذا وجد أطفال مثلا مصلين في أماكن يغلب على ظنه أنه يمكن للرجال أن يحتلوا هذه الأماكن؛ يُؤخرهم، أما إذا لم يكن شيء من ذلك فلسنا مكلفين بهذا التنظيم الذي جاء به شهر ابن حوشب بخلاف الصف الثالث الخاص بالنساء فذلك نظام مستمر لقوله عليه الصلاة السلام: «خَيْرُ صُفُوفِالرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»[2]، إذا النساء لا بد أن يتأخرن وإن كان وراء الإمام رجلان، فلا يجوز لهن أن يقفن يمينا ويسارا ملأً لهذا الفراغ، أما الصبيان فليس فيهم مثل هذا التحديد الذي جاء بخصوص النساء، فتبقى مسألتهم تعالج على حدود الواقع ولا يوضع لها ميزان نظام ثابت.
____________
[1]- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول : (974)، وأبو داود في «سننه» كتاب الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف: (675)، والترمذي في «سننه» كتاب الصلاة، باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى: (228)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[2]-أخرجه مسلم في «الصلاة»، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضلالأول فالأول (1013)، وأبو داود في «الصلاة»، باب صفالنساء وكراهية التأخر عن الصف الأول: (687)، والترمذي في«الصلاة»، باب ما جاء في فضل الصف الأول: (224)، والنسائيفي «الإمامة»، باب ذكر خير صفوف النساء وشر صفوف الرجال (228) ، وابن ماجه في «إقامة الصلاة»، باب صفوف النساء (1053)، وأحمد (7565)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تعليق