أربعة أخطاء في تربية الأبناء
أربعة أخطاء في تربية الأبناء
يقول أبو عمر يوسف بن عبد البر القرطبي في كتابه جامع بيان العلم وفضله :
" تبقى حال الطفل ماثلة أمام المربي حين تربيته ، كما تتجلى حال المريض أمام الطبيب
حين معالجته ، يراعي حالته ومقدرته ومزاجه فيكون أثر التربية أتم وأعظم ثمرة " هذا
القول لابن عبد البر هو أساس معاملة الكبار مع الصغار ..
ويختلف أسلوب التعامل مع الطفل من شخص لآخر ومن طفل لطفل ...
ومن وقت لآخر ... وسنستعرض بعض الأساليب الخاطئة في التعامل مع الطفل لنتجنبها
قدر المستطاع ... وهذه الأساليب نوجزها في النقاط التالية :
أولاً : الصرامة والشدة :
يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم
بكثرة ... فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك ، .. أما العنف والصرامة فيزيدان
تعقيد المشكلة وتفاقمها ؛ حيث ينفعل المربي فيفقد صوابه وينسى الحِلْم وسعة الصدر
فينهال على الطفل معنفا وشاتما له بأقبح وأقسى الألفاظ ، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا قرن
العنف والصرامة بالضرب ...
وهذا ما يحدث في حالة العقاب الانفعالي للطفل الذي يُفْقِدُ الطفل الشعور بالأمان والثقة
بالنفس كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت حدوث
المشكلة فقط ~ خوف مؤقت ~ ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلا .
وقد يعلل الكبار قسوتهم على أطفالهم بأنهم يحاولون دفعهم إلى المثالية في السلوك
والمعاملة والدراسة .. ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعل عكسي فيكره الطفل الدراسة أو
يمتنع عن تحمل المسؤوليات أو يصاب بنوع من البلادة ، كما أنه سيمتص قسوة انفعالات
عصبية الكبار فيختزنها ثم تبدأ آثارها تظهر عليه مستقبلاً من خلال أعراض ~ العصاب
~ الذي ينتج عن صراع انفعالي داخل الطفل ..
وقد يؤدي هذا الصراع إلى الكبت والتصرف المخل ~ السيئ ~ والعدوانية تجاه الآخرين
أو انفجارات الغضب الحادة التي قد تحدث لأسباب ظاهرها تافه .
ثانيا : الدلال الزائد والتسامح :
هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة .. فالمغالاة في الرعاية
والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين ، أو
تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة ... لأنه لم يمر بتجارب كافية ليتعلم منها كيف يواجه
الأحداث التي قد يتعرض لها ... ولا نقصد أن يفقد الأبوان التعاطف مع الطفل ورحمته ،
وهذا لا يمكن أن يحدث لأن قلبيهما مفطوران على محبة أولادهما ، ومتأصلان بالعواطف
الأبوية الفطرية لحمايته، والرحمة به والشفقة عليه والاهتمام بأمره ... ولكن هذه العاطفة
تصبح أحيانا سببا في تدمير الأبناء ، حيث يتعامل الوالدان مع الطفل بدلال زائد وتساهل
بحجة رقة قلبيهما وحبهما لطفلهما مما يجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح ولا يوجد
شيء ممنوع ، لأن هذا ما يجده في بيئته الصغيرة ~ البيت ~ ولكن إذا ما كبر وخرج إلى
بيئته الكبيرة ~ المجتمع ~ وواجه القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض
التصرفات ، ثار في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة ... ضاربا بالنتائج السلبية المخالفته
عرض الحائط .
إننا لا نطالب بأن ينزع الوالدان من قلبيهما الرحمة بل على العكس فالرحمة مطلوبة ،
ولكن بتوازن وحذر. قال صلى الله عليه وسلم : { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف
حق كبيرنا } أفلا يكون لنا برسول الله صلى عليه وسلم أسوة ؟
ثالثا: عدم الثبات في المعاملة :
فالطفل يحتاج أن يعرف ما هو متوقع منه ، لذلك على الكبار أن يضعوا الأنظمة البسيطة
واللوائح المنطقية ويشرحوها للطفل ، و عندما يقتنع فإنه سيصبح من السهل عليه
اتباعها ... ويجب مراجعة الأنظمة مع الطفل كل فترة ومناقشتها ، فلا ينبغي أن نتساهل
يوما في تطبيق قانون ما ونتجاهله ثم نعود اليوم التالي للتأكيد على ضرورة تطبيق نفس
القانون لأن هذا التصرف قد يسبب الإرباك للطفل ويجعله غير قادر على تحديد ما هو
مقبول منه وما هو مرفوض وفي بعض الحالات تكون الأم ثابتة في جميع الأوقات بينما
يكون الأب عكس ذلك ، وهذا التذبذب والاختلاف بين الأبوين يجعل الطفل يقع تحت
ضغط نفسي شديد يدفعه لارتكاب الخطأ .
رابعا : عدم العدل بين الإخوة :
يتعامل الكبار أحيانا مع الإخوة بدون عدل فيفضلون طفلا على طفل ، لذكائه أو جماله أو
حسن خلقه الفطري ، أو لأنه ذكر ، مما يزرع في نفس الطفل الإحساس بالغيرة تجاه
إخوته ، ويعبر عن هذه الغيرة بالسلوك الخاطئ والعدوانية تجاه الأخ المدلل بهدف الانتقام
من الكبار، وهذا الأمر حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : عليه الصلاة
السلام { اتقوا الله واعدلوا في أولادكم}.
---------------------------------------
منقول
--------------------------------------------------------
تربية الأبناء علي منهج السلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين … وبعد
إن الأبناء هبة ونعمة من الله سبحانه وتعالى، يسر الفؤاد برؤيتهم، وتقر العين بمشاهدتهم
وتسعد الروح بفرحهم، وكان من دعاء زكريا عليه السلام {رب لا تذرني فرداً وأنت خير
الوارثين} . والبنون زينة الحياة الدنيا ولا يعرف عظم هذه النعمة إلا من حُرمها، فتراه
ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاج لما أصابه . وأنت كأم مسؤولة عن هذه الأمانة
التي حملك الله إياها . إنها أمانة تربية أبنائك،والتي تسألين عنها يوم القيامة، أحفظت أم
ضيعت؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخلق، وإلا كانت وبالاً
على الوالدين في الدنيا والآخرة. وقد اشتد حرص السلف على مباشرة هذه المهمة - مهمة
تربية الأبناء -، كما ذكر أن الخليفة العباسي المنصور بعث إلى من في السجن من بني
أمية يقول لهم :ما أشد ما مر بكم في هذا السجن ؟ قالوا: ما فقدنا من تربية أولادنا . إذاً
يلزمني وإياك أمور مما يخص سن فوق سبع سنوات، وذلك في الجانب الإيماني
والاجتماعي أما التربوي فكثير ،ولكن مجالنا لا يتسع لذكره فأهم تلك الأمور:-
1. احرصي على سلامة عقيدتهم مما يشوبها ، فجنبيهم لبس الحروز
والتمائم وقراءة الكف
وغير ذلك من أمور الكهانة، وعظمي في قلوبهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم . وما أظن تفشي شوائب العقيدة تلك كقراءة الكف بين الطالبات في المدارس إلا
بسبب جهل الوالدين أو تساهلهم في توجيه أبنائهم وتوعيتهم .
2. احرصي على غرس الإيمان في قلوبهم ورقابة الله عليهم .
وتأملي وصايا لقمان لابنه
{يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض
يأت بها الله } وذكريهم أن الله يراقبهم ومطلع على أعمالهم ، فعن ثابت بن قيس رضي الله
عنه قال : أتى علي رسول الله وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا ، فبعثني في حاجة
فأبطأت على أمي فلما جئت قالت: ما حبسك ؟ فقلت : بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم لحاجة ، فقالت: وما حاجته؟ قلت: إنها سر . قالت: لا تخبرن بسر رسول الله صلى
الله عليه وسلم أحداً . قال أنس: والله لو حدثت به أحداً لحدثتك به يا ثابت [رواه مسلم] .
فانظري يا رعاك الله إليها لم تعاقبه حين أخفى عنها كما يفعل بعضهن، بل إن بعضهن
تكثر السؤال عليه حول خاصة البيوت التي يدخلها وما يحدث عندهم ، فتغرس في نفسه
الفضول وإفشاء الأسرار وهي لا تعلم .
3. ذكريهم دوماً بأنه عزيز ذو انتقام لمن عصاه، وأنه غفور
رحيم لمن تاب وأناب ..
وذكريهم بالموت وشدته ، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها ، حثيهم على الطاعات
وخصوصاً الصلاة، وراقبيهم فيها وأيقظيهم من النوم لها، وعظمي شأنها في قلوبهم ،
واحذري من الرحمة التي تحول دون إيقاظهم والتي توردك وإياهم النار والعياذ بالله .
وهنيئاً لتلك الأم الكبيرة في السن التي تمسك بيد ولدها ذي التسع سنوات خوفاً عليه
وتذهب به إلى المسجد لأداء صلاة الفجر مع الجماعة ، وتجلس عند باب المسجد إلى أن
تقضى الصلاة ثم تعود به معها . عوديهم الصيام في صغرهم ليسهل عليهم إذا بلغوا ،
وأشعريهم بمراقبة الله لهم ، فالصيام أعظم مُربٍّ لهم لاستشعار مراقبة الله .
4. راقبي أبناءك فلا تدعيهم يتساهلون بالمنكرات وأنت تعلمين ،
فلا تسكتي وأنت تعلمين
أن ابنتك تسمع الغناء وتضع المناكير وتتوضأ دون أن تزيله، أو أنها تنتف شعر حاجبها أو
تقص شعرها القصات المحرمة، أو تخل بشيء من الحجاب الشرعي أو تتساهل فيه فتزين
عباءتها أو تضعها على كتفها، أو تتعطر عند خروجها، أو تظهر شيئاً من بدنها، أو تذهب
إلى السوق أو الأماكن العامة بمفردها، أو تركب مع السائق بمفردها، أو تتساهل بلبس
العاري والقصير والمفتوح ولو أمام النساء، أو تقتني المجلات الهدامة ، وحذاري أن
تجعلي الهاتف في غرفتها الخاصة وراقبيها عن بعد ، وإياك والثقة المفرطة ومن
الوساوس التي ربما تؤثر على البنت فتفقدها الثقة بنفسها .
ثم احذري أيتها الأم الفاضلة من احتجاجك بعدم قدرتك عليها أو أنك كارهة لهذا المنكر
والكره كافٍ .. بل كوني قوية في الحق لا ترضين بباطل، لينة هشة فيما عدا ذلك .
وتذكري دوماً قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (ومن كانت له ابنتان فأحسن إليهما
كن له ستراً من النار ) .
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : والإحسان إلى البنات يكون بتربيتهن التربية
الإسلامية وتعليمهن وتنشئتهن على الحق والحرص على عفتهن . وبعدهن عما حرم الله
من التبرج وغيره ، وهكذا تربية الأخوات والأولاد الذكور ، إلى غير ذلك من وجوه
الإحسان حتى يتربى الجميع على طاعة الله ورسوله والبعد عما حرم الله والقيام بحق الله
سبحانه وتعالى ، وبذلك يعلم أنه ليس المقصود مجرد الإحسان بالأكل والشرب والكسوة
فقط . بل المراد ما هو أكبر من ذلك من الإحسان إليهم في عمل الدين والدنيا . وقال
رحمه الله : إن الحديث عام للأب والأم .(من مجموع فتاوى ومقالات متعددة 4/377).
ولله در تلك المرأة العربية التي لم ترض الاختلاط لابنتها مع الرجال الأجانب في
المدرسة من طلاب ومعلمين ، بل إن عموم طابع الاختلاط في بلدها لم يثنِها عن موقفها
حتى فصلتها عن المدرسة خشية إلفتها الاختلاط، وبدأت تعطيها العلم الشرعي في البيت
فنرجو لها أن تكون قد أحسنت إلى ابنتها فكانت لها ستراً من النار .
5. حذري أبناءك من قرناء السوء ووضحي لهم مخاطر صحبتهم
، ولقد وجه سؤال إلى
نزلاء دار الملاحظة في إحدى مدن المملكة حول السبب الذي ساقهم إلى هذا المكان ،
فكانت إجابة 75% منهم أن السبب والدافع وراء ذلك قرناء السوء . فاحفظيهم منهم ومن
الشارع ومخاطره، واجعليهم يستغلون أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع كحفظ القرآن في
المسجد والالتحاق بالمراكز الصيفية في الإجازة .. ثم إياك وإياك من إدخال اللصوص
إلى بيتك نعم لصوص العقيدة والفضيلة تلك الآلات المحرمة وخاصة (الدش) ولو كان
قصدك إسعادهم .
يقول أحد الدعاة :إن الأب الذي أهدى الدش لأبنائه إنما هو في الحقيقة أهدى أبناءه
للدش .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :من ترك شيئاً لله تهواه نفسه عوضه الله خيراً منه في
الدنيا والآخرة ، فمن ترك المعاصي لله ونفسه تشتهيها عوضه الله إيماناً في قلبه وسعة
وانشراحاً وبركة في رزقه وصحة في بدنه ، مع ما له من ثواب الله الذي لا يقدر على
وصفه .أ.هـ من تفسيره.
ثم احذري - أختي القارئة - من الدعاء عليهم ولو كنت غاضبة ،
حتى لا توافقي ساعة
استجابة فيستجاب لك، بل أكثري من الدعاء لهم .. قال القرطبي : لا شيء أقر لعين
المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله عز وجل .
نسأل الله عز وجل أن يصلح نياتنا وذرياتنا وأن يجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة ،
وأن يعيننا على تحمل هذه الأمانة .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم
------------------
منقول
تعليق