صوم الصبيان عادة ام عبادة؟؟؟!!!
الطفولة ليست مرحلة تكليف وإنما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد للوصول إلى التكليف عند البلوغ ليسهل عليه
أداء الواجبات .
قال ابن بطال-رحمه الله- ( أجمع العلماء أنه لا تلزم العبادة و الفرائض إلا عند البلوغ ولكن أكثر العلماء استحسنوا تدريب الصبيان على العبادات رجاء البركة ,
وأن من فعل ذلك منهم مأجور ولأنهم باعتيادهم عليها تسهل عليهم إذا لزمتهم ).
إذاً صوم الصبي ذكراً أم أنثى دون البلوغ غير واجب لحديث رسول اللَه
(صلى اللَه عليه وسلم)
{رفع القلم عن ثلاثة وفيه .. عن الصبي حتى يحتلم }
( رواه أبو داود ) ,
بل هو مستحب يعود عليه الصبي لحديث الربيع بنت
معوذ ( رضي اللَه عنها ) قالت (أرسل النبي (صلى اللَه عليه وسلم )غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار { من أصبح مفطرا فليتم يومه ومن أصبح صائما فليصم }.
قالت : فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام
أعطيناه ذلك حتى يكون الإفطار )
( رواه البخاري )
وهذا التعويد يكون في حدود الطاقة حتى ينشأ الصبي على حب الدين والعطف على الفقراء والمعوزين من غير مبالغة ولا تنطع .
فلا
يفهم من تصويم الصحابة أبناءهم أن هذا واجب في حق الصبيان فقد قال: القرطبي في قول الربيع (ونصوم صبياننا ) قال:
(وضع اللعب من العهن
ـ وهو الصوف الأحمر ـ
بصوم رمضان ولعل النبي (صلى اللَه عليه وسلم )لم يعلم ذلك )ثم قال:
(وبعيد أن يكون امر به لإنه تعذيب للصغير بعبادة شاقة ) .
وكذلك لا يفهم منه الوجوب توبيخ عمر (رضي اللَه عنه ) لذلك الرجل الذي افطر في رمضان فضربه وقال له ويلك مفطر وصبياننا صيام .
فهذا توبيخ
وتقريع له وهو البالغ , الواجب في حقه الصوم وتهاون فيه , والصبية غير البالغين , غير واجب في حقهم الصوم .
أما قول عروة (رضي اللَه عنه )
ـ إذا أطاق الصبيان الصوم وجب عليهم ـ
قال عياض (رحمه اللَه ) عن هذا القول (وهذا غلط يرده قول الرسول ( صلى اللَه عليه وسلم ) : " رفع القلم
عن ثلاثة .. عن الصبي حتى يحتلم " وفي رواية " حتى يبلغ " .
وأما قول ابن الماجشون (رحمه اللَه )وقد اغرب فيه (إذا اطاقوا الصيام الزموه فإذا افطروا بغير عذر ولا علة فعليهم القضاء ) وهذا القول اشد من قول عروة وألا فما الفرق بين الصبي والبالغ .
إما قول الهادي في الأحكام (انه يجب على الصبي الصوم بالاطاقة لصيام ثلاثة أيام)فقد حمله المرتضى على التأديب وحمله غيره على انه يؤمر بذلك تعويدا او تمرينا0والا فالمشهور عند المالكية أن الصوم لا يشرع في حق الصبيان ،أما الجمهور فقد ذهبوا إلى أن الصوم لايجب على من دون البلوغ0
وقد استحب جماعة من السلف امر الصبيان بالصوم للتمرين عليه اذا اطاقوه منهم الحسن البصري وابن سيرين والزهري وعطاء وقتادة والشافعي (رحمهم الله).
ألا أن أصحاب الشافعي اختلفوا في تحديد السن الذي يؤمر عندها الصبي فقيل بالسبع والعشر كالصلاة أما إسحاق ابن راهويه قال (عشرة).وقال الغزالي اذا بلغ الصبي سن التمييز فينبغي ألا يسامح في ترك الصلاة والطهارة بالصوم في بعض أيام رمضان.
اذاً لا يشدد على الصبيان في الصوم .
فأنه إذا أكرهوا على الصوم ربما يعود بالضرر على صحتهم ودينهم!!
أما ضرره في صحتهم فقد اثبت الطب أن صيام الأطفال دون البلوغ ضار بهم لان أجسامهم في هذه المرحلة المهمة من مراحل النمو بحاجة الى التغذية المستمرة فان صام توقف نموها أو تعطل وفي هذا من غير شك إضرار بالصحة الجسمانية للطفل.
أما ضرره على دينه فهو أكراه الصبية على فعل امر ديني يشق عليهم لان ذلك يبغضهم في العبادة ويعمي قلوبهم ويضعف عزائمهم.
يجب أن يأمر الصبي على الصيام باللطف واللين وحسن التأني فان اعتياد الشيىء يذلل صعبه ويرقق قسوته ويمهد سبيله وقد جاء في الحديث الشريف (تعودوا الخير فإن الخير عادة والشر لجاجة) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 3 ، ص84.
ويقول الحكماء العادة طبيعة ثانية0
وأخيرا هل يؤجر الصبي على هذه العبادة التي يفعلها عادة ام تهدر حسناته لحديث
(رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ)
الصحيح انه يؤجر وتكتب له حسنات هذه العبادة فرفع القلم هو عن المؤاخذة على السيئات ودليل هذا ما رواه ابن البر في التمهيد بسنده أن عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه)قال:
(تكتب للصبي حسناته ولا تكتب عليه سيئاته).
الحديدي