بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبادئ المفيدة
تأليف
يحيى بن علي الحجوري
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: 133].
وصح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوما فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
فهذه الآية والحديث ونظائرهما، أصل في تلقين الأولاد كلمات جامعات في توحيد الله عز وجل، وتعليم عبادته، وحفظ حدوده، والتوكل عليه، ومراقبته، والإيمان بالقدر خيره وشره. فهذه هي التربية الشرعية الصحيحة، التي يرجى لمن نشأ عليها أن يكون من خير عباد الله الصالحين؛ مما حملني ذلك على أن أكتب لأبنائي الصغار ?أسأل الله أن يصلحهم ويصلح بهم? هذه الكلمات الميسرة في مبادئ التوحيد والعقيدة والفقه، مؤيد بأدلة القرآن والسنة، راجيا من الله عز وجل أن ينفعهم بها، وسائر أبناء المسلمين، وبالله التوفيق.
كتبه أبوعبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري
في شهر رجب عام خمس وعشرين وأربعمائة وألف
للهجرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام
مبادئ في التوحيد
1) إذا قيل لك: من خلقك؟ فقل: خلقني الله، وخلق جميع المخلوقات, والدليل قول الله تعالى: { )اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: 62].
2) إذا قيل لك: من ربك؟ فقل: الله ربي ورب كل شيء, والدليل قول الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}[الفاتحة: 2].
3) إذا قيل لك: لماذا خلقك الله؟ فقل: خلقنا لعبادته، والدليل قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56].
4) إذا قيل لك: ما دينك؟ فقل: ديني هو دين الإسلام الحق, والدليل قول الله تعالى: ?إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ?[آل عمران: 19]. وقوله تعالى: ?هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ?[التوبة: 33]. وقوله تعالى: ?وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ?[آل عمران: 85][1].
5) فإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: نبيي ونبي هذه الأمة جميعا هو محمد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والدليل قول الله تعالى: ?مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ?[الأحزاب: 40]، وقوله تعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ? [الجمعة:2]، وقوله تعالى: ?فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ? [الأعراف:185] وانظر (.
6) فإذا قيل لك: ما أول واجب على العبد؟ فقل: تعلم توحيد الله عز وجل، والدليل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما بعث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: ((إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب, فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى)). متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
7) فإذا قيل لك: ما معنى لا إله إلا الله؟ فقل: معناها: لا معبود بحق إلا الله، والدليل قول الله تعالى: ?فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ?[محمد: 19]. وقوله: ?ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ?[الحج: 62].
فإذا قيل لك: ما معنى محمد رسول الله؟ فقل: معناها أنه رسول الله إلى الناس كافة، من الجن والإنس، والدليل قول الله تعالى: ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ?[سبأ: 28]. ويجب علينا جميعا طاعته وتصديقه واجتناب ما نهى عنه، والدليل قول الله تعالى ? )قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ?[النور: 54]. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) متفق عليه. وقوله تعالى: ?هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ?[يس: 52].
9) فإذا قيل: ما حق الله على عباده؟ فقل: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، والدليل حديث معاذ بن جبل أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا)). متفق عليه.
10) فإذا قيل لك: ما هو الشرك؟ فقل: هو عبادة غير الله عز وجل، فكل ما كان عبادة لله عز وجل فصرفه لغير الله شرك، والدليل قول الله تعالى: ?وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً?[النساء: 36].
11) فإذا قيل لك: فما حكم تصوير ذوات الأرواح؟ فقل: تصوير ذوات الأرواح من كبائر الذنوب، والدليل حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون)). متفق عليه.
وفي حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن ثمن الكلب، وثمن الدم... ولعن المصور. أخرجه البخاري.
فإذا قيل لك: فما تعلق تصوير ذوات الأرواح بالشرك؟ فقل: إن التصوير خلق يكون به المصور مضاهيا ومشاركا لله عز وجل في ذلك، والدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)). متفق عليه.
وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: قال الله تعالى ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي...)). متفق عليه.
12) فإذا قيل: ما تعريف العبادة؟ فقل: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، والدليل قوله تعالى: ?إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ?[الزمر: 7].
13) فإذا قيل لك: أين الله؟ فقل: الله في السماء، مستو على عرشه، والدليل قول الله تعالى: ?أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ?[الملك: 16]. وقوله تعالى: ?الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى?[طه: 5].
وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر, يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)). متفق عليه.
والنزول يكون من أعلى.
14) فإذا قيل لك: هل الله معنا؟ فقل: الله عز وجل معنا بعلمه، والدليل قول الله تعالى: ?وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ?[الحديد: 4]. وقوله: ?وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ?[الأنعام: 3]. قال ابن كثير: المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض، من سر وجهر.
15) فإذا قيل لك: ما تعريف الإسلام؟ فقل: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك. والدليل قول الله تعالى: ?فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ?[الحج: 34]. وقوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ?[آل عمران: 102].
16) فإذا قيل لك: كم أركان الإسلام؟ فقل: خمسة أركان، والدليل حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)). متفق عليه.
17) فإذا قيل لك: هل دين الإسلام كامل، أم يحتاج إلى تكميل؟ فقل: هو دين كامل، والدليل قول الله تعالى: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً?[المائدة: 3].
1 فإذا قيل لك: من أين يأخذ المسلم دينه؟ فقل: يأخذ المسلم دينه من القرآن والسنة على فهم السلف الصالح، والدليل قول الله تعالى: ?أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ?[العنكبوت: 51]. وقوله تعالى: ?فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ?[النساء: 59]. وقوله تعالى: ?صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ?[الفاتحة: 7]، وقوله تعالى: ?وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً?[النساء: 115]. وانظر الحديث الذي بعد هذا.
19) فإذا قيل لك: ما عقيدتك؟ فقل: أنا سني سلفي، والدليل حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)). أخرجه أبوداود وغيره، وهو حديث حسن.
المصدر
http://www.sh-yahia.net/books,item,17.html
تعليق