تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فلقد رغب الإسلام في تعلُّمِ وتعليم العلم الشرعي عامةً, وجعل ذلك من أفضل العبادات وأجل الطاعات التي يتقرب بها العبد إلى الله ربه.
وإن أشرف العلوم وأجلها كتاب الله - تبارك وتعالى -، بل لقد عدّ العلماء تدبر القرآن, وتفهم علومه والدعاء إليه من النصح لكتاب الله – تعالى - الوارد في حديث تميم الداري - رضي الله عنه - في صحيح مسلمٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال: لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم ".
قال ابن رجب - رحمه الله تعالى -: " أما النصح لكتاب الله: فشدةُ حبه, وتعظيم قدره؛ إذ هو كلام الخالق, وشدة الرغبة في فهمه, وشدة العناية لتدبره, والوقوف عند تلاوته؛ لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه, ويقوم به له بعد ما فهمه, وكذلك الناصح من العباد يفهم وصية من ينصحه, فكذلك الناصحُ لكتاب ربه, يُعنى بفهمه؛ ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى, ثم ينشر ما فهم في العباد, ويديم مدارسته بالمحبة له, والتخلق بأخلاقه, والتأدب بآدابه ".
ولقد أحب السلف الصالح القرآن الكريم وعملوا به، وتربوا عليه, فأعزهم الله بالقرآن, وأعلى شأنهم وحولهم إلى أحسن حال, وأرفع مكانة.
قال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى -: " فكانت حالهم - يعني رسول الله وأصحابهُ رضي الله عنهم - عند المواعظ: الفهمُ عن الله, والبكاء خوفاً من الله, ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكر الله وتلاوة كتابه فقال: (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين)
ولأهل العلم - رحمهم الله – كلام كثير في أهمية التدبر والتفكر في معاني القرآن الكريم وأسراره؛ فمن ذلك قول الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في كتابه [التبيان في آداب حملة القرآن]: " فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة, والدلائل عليه أكثر من أن تحصر, وأشهر وأظهر من أن تذكر, فهو المقصود والمطلوب, وبه تنشرح الصدور, وتستنير القلوب, قال الله – عز وجل -: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)، وقال – تعالى -: (أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ). والأحاديث في ذلك كثيرة, وأقوال السلف مشهورة.
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: " فليس أنفع للعبد في معاشه ومعاده, وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن, وإطالة التأمل, وجَمْعُ فيه الفكر على معاني آياته, فإنها تُطْلعُ العبد على معالم الخير والشر.. وتُثبِّتُ قواعد الإيمان في قلبه, وتُشِيدُ بنيانه, وتوطد أركانه.. وتعطيه قوةً في قلبه, وحياةً وسعةً, وانشراحاً, وبهجةً وسروراً, فيصيرُ في شأنٍ, والناس في شانٍ آخر.. فلا تزال معانيه تنهض بالعبد إلى ربه, وتُثِّبتُ قلبه عن الزيغ والميل عن الحق, وتناديه كلَّما فترت عزماته.. وفي تأمل القرآن وتدبره أضعاف أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد ".
ومن هذا المنطلق أقدم لكِ أيتها الأم المباركة وأيها الأب المبارك هذه السلسلة في تفسير كتاب الله الكريم، في صورة أسئلة وأجوبة، لتعينوا أبناءكم على فهم كتاب الله والعمل به فتصلح قلوبهم وأعمالهم بإذن الله، وتقر أعينكما بهم في الدنيا والآخرة بفضل الله.
فنبتدىء أولا بتفسير أم الكتاب وفاتحته؛ أعظم سورة في القرآن: سورة الحمد
ملتزمين في ذلك كتاب (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ) للعلامة السعدي –رحمه الله-
وقد قام بإعدادها لكم أحد الإخوة جزاه الله عنا وعن المسلمين خيرا.
*****
تفسير سورة الفاتحة
1- ما معنى" بسم الله الرحمن الرحيم" ؟
1- أي : أبتدىء بكل اسم لله تعالى.
2- على ما يدل لفظ "اسم" ولماذا ؟
2- يدل لفظ "اسم" على جميع الأسماء الحسنى؛ لأنه مفرد مضاف.
3- ما معنى لفظ الجلالة " الله "؟
3- " الله " هو المألوه المعبود المستحق لإفراده بالعبادة؛ لما اتصف به من صفات الألوهية ،وهي صفات الكمال.
4- الله عز وجل هو المستحق لإفراده بالعبادة , لماذا؟
4- لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
5- على ما يدل اسم الله عز وجل " الرحمن " و اسم الله عز وجل " الرحيم "؟
"5- الرحمن الرحيم " : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي.
6- لمن كتب الله عز وجل رحمته المطلقة ؟ وهل هي مقصورة عليهم ؟
6- كتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه و رسله فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة و من عداهم فلهم نصيب منها .
7- ما القاعدة التي اتفق عليها سلف الأمة وأئمتها بخصوص الأسماء والصفات؟
7- من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة و أئمتها : الإيمان بأسماء الله و صفاته وأحكام الصفات
8- أذكر مثالا توضح فيه كيف تطبق هذه القاعدة على اسم من الأسماء الحسنى لله عز وجل .
8- مثلا : اسما الله عز وجل " الرحمن الرحيم" يؤمنون بأنه رحمن رحيم , ذو الرحمة التي اتصف بها, المتعلقة بالمرحوم , فالنعم كلها من آثار رحمته.
9- هل هذه القاعدة تخص بعض الأسماء دون بعض؟
9- هي هكذا في سائر الأسماء.
10- كيف تطبق هذه القاعدة على اسم الله عز وجل "العليم" واسم الله عز وجل " القدير" ؟
10-يقال في "العليم" : أنه عليم , ذو علم , يعلم به كل شيء , و يقال في "القدير" : قدير , ذو قدرة , يقدر على كل شيء.
11- ما معنى " الحمد لله"؟
11- هو الثناء على الله عز وجل بصفات الكمال و أفعاله الدائرة بين الفضل و العدل .
12- بِمَ يكون الثناء على الله عز وجل ؟
12- يكون: بصفات الكمال, و أفعاله الدائرة بين الفضل والعدل .
13- على ما تدور أفعال الله عز وجل ؟
13- دائرة بين الفضل و العدل .
14- ما معنى " الرب "؟
14- الرب هو المُربّى .
15- ما معنى "العالمين"؟
15- هم كل من سوى الله عز وجل .
16- ما هي ملامح تربية الله عز وجل لخلقه ؟
16- هو المربى لجميع العالمين بـ:
أ-خلقه لهم
ب-إعداده لهم الآلات
ج-إنعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء فما بهم من نعمة فمنه تعالى
17- ما هو مقدار حاجة الخلق إلى نعم الله عز و جل و افتقارهم إليها ؟
17- لو فَقَدَ الخلق نعم الله عز وجل لم يمكن لهم البقاء .
18- ما هي أنواع تربيته تعالى لخلقه ؟
18- تربيته تعالى لخلقه نوعان :
أ- عامة
ب- وخاصة.
19- ما هي التربية العامة؟
19- التربية العامة هي:
أ- خلقه تعالى للمخلوقين
ب- رزقهم
ج- هدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا .
20- ما هي التربية الخاصة, ولمن تكون ؟
20- التربية الخاصة هي : ( تربيته لأوليائه(
و هي :أ- تربيتهم بالإيمان
ب- توفيقهم له
ج- تكميله لهم
ء- دفع الصوارف و العوائق الحائلة بينهم وبينه.
21- ما هي حقيقة التربية الخاصة ؟
21- حقيقتها : تربية التوفيق لكل خير و العصمة من كل شر.
22- ما السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ "الرب"؟
22- لأن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
23-على ما يدل قوله "رب العالمين"؟
23- دل قوله "رب العالمين" على انفراده بالخلق والتدبير و النعم و كمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه و اعتبار.
24- ما معنى المالك ؟
24- المالك هو : من اتصف بصفة الملك
25- ما آثار اتصاف الله عز وجل بصفة الملك ؟
25- من آثارها :
أ- أنه يأمر وينهى
ب- و يثيب و يعاقب
ج- و يتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات.
26- لماذا أضاف الله عز وجل الملك ليوم الدين وخصه بالذكر دون غيره من الأيام ؟
26- الله عز وجل هو المالك ليوم الدين و لغيره من الأيام و لكن خصه بالذكر لأن : في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله و انقطاع أملاك الخلائق.
27- ما هو يوم الدين ؟
27- هو يوم القيامة .
28- لماذا سُمِّيَ يوم القيامة بيوم الدين ؟
28- لأنه يوم يُدَانُ الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها.
29- ما هو حال الخلائق فى ذلك اليوم الذي لا ملك فيه لأحد إلا الله عز وجل ؟
29- يستوي في ذلك اليوم الملوك و الرعايا و العبيد و الأحرار كلهم مذعنون لعظمته خاضعون لعزته منتظرون لمجازاته راجون ثوابه خائفون من عقابه .
30- فى ذلك اليوم الذي يستوي فيه الملوك والرعايا و العبيد و الأحرار كلهم مذعنون لعظمته تعالى خاضعون لعزته منتظرون لمجازاته راجون ثوابه خائفون من عقابه ما هي الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور؟
30- القيام بعبادة الله تعالى والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية و النجاة من جميع الشرور
- وإنما يكون ذلك في الدنيا- .
31- فى قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين "ماذا أفاد تقديم المعمول " إياك " ؟
31- أفاد تقديم المعمول { الحصر } , و هو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه .
32- في ضوء هذه القاعدة اللغوية , ما معنى " إياك نعبد وإياك نستعين " ؟
32- أي : نخصك وحدك بالعبادة و الاستعانة ..... فكأنه يقول : نعبدك ولا نعبد غيرك و نستعين بك ولا نستعين بغيرك .
33- لماذا قدم العبادة على الاستعانة ؟
33- أ- هذا من تقديم العام على الخاص
ب- و اهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
34- ما هو تعريف العبادة ؟
34- العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال و الأقوال الظاهرة و الباطنة .
35- ما هو تعريف الاستعانة ؟
35- الاستعانة هي : الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع و دفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك .
36- ما أهمية كل من : عبادة الله عز وجل و الاستعانة به ؟
36- أهمية ذلك أن :القيام بعبادة الله و الاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية و النجاة من جميع الشرور فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما.
37- ما الشروط الواجب توافرها في العبادة حتى تكون حقا عبادة ؟
37- إنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله فبهذين الأمرين تكون عبادة .
38- لماذا ذكرت (الاستعانة) خاصة بعد (العبادة) مع دخولها فيها ؟
38- لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي .
39- ما معنى قوله تعالى " اهدنا الصراط المستقيم " ؟
39- أي : دلنا ووفقنا و أرشدنا إلى الصراط المستقيم , فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط.
40- ما هو الصراط المستقيم ؟
40- هو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلى جنته و هو معرفة الحق و العمل به .
41- ما هي الهداية إلى الصراط ؟
41- هي لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان .
42- ما هي الهداية في الصراط ؟
42- تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا .
43- ما قيمة هذا الدعاء ؟ وما مقتضى أهميته ؟
43- هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد , و لهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته؛ لضرورته إلى ذلك.
44- من هم أصحاب الصراط المستقيم ؟
44- هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين و الشهداء و الصالحين .
45- من هم الحائدون عن الصراط المستقيم ؟
45- هم المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم , والضالين الذين تركوا الحق على جهل و ضلال كالنصارى و نحوهم .
46- ما هو توحيد الألوهية وما هو توحيد الأسماء و الصفات ؟
46- أ- توحيد الألوهية :هو إفراد الله بالعبادة
ب- توحيد الأسماء و الصفات : هو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه و أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل و لا تمثيل و لا تشبيه .
47- كيف احتوت هذه السورة على إيجازها على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن ؟
47- هذه السورة على إيجازها قد احتوت على ما لم تحتوِ عليه سورة من سور القرآن :
أ- فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة :
1- توحيد الربوبية يؤخذ من قوله " رب العالمين "
2- و توحيد الإلهية و هو إفراد الله بالعبادة يؤخذ من لفظ " الله " و من قوله " إياك نعبد "
3- و توحيد الأسماء و الصفات و هو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه و أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل و لا تمثيل ولا تشبيه , وقد دل على ذلك لفظ " الحمد " كما تقدم .
ب- و تضمنت إثبات النبوة في قوله : " اهدنا الصراط المستقيم " لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
ج- و إثبات الجزاء على الأعمال في قوله " مالك يوم الدين " و أن الجزاء يكون بالعدل , لأن الدين معناه الجزاء بالعدل .
ء-و تضمنت إثبات القدر و أن العبد فاعل حقيقة خلافا للقدرية و الجبرية .
ه- بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله " اهدنا الصراط المستقيم " لأنه معرفة الحق و العمل به , و كل مبتدع و ضال فهو مخالف لذلك .
و- و تضمنت إخلاص الدين لله –تعالى- عبادة واستعانة في قوله "إياك نعبد وإياك نستعين".
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
تعليق