يقول ابن الجوزي في كتابه الأذكياء :
( حَدثنِي رجل من بني نَوْفَل بن عبد منَاف قَالَ : لما أصَاب "نصيب" من المَال مَا أصَاب ، أي أصبح غنيًا ؛
وَكَانَ عِنْده أم محجن زوجته ، وَكَانَت سَوْدَاء ، فاشتاق إِلَى الْبيَاض ، فَتزَوج امْرَأَة سَرِيَّة بَيْضَاء ، فَغضِبت أم محجن وَغَارَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهَا :
وَالله يَا أم محجن مَا مثلي يغار عَلَيْهِ ، إنِّي شيخ كَبِير ، وَمَا مثلك يغار ، إنَّك لعجوز كَبِيرَة ، وَمَا أحد أكْرم عَليّ مِنْك ، وَلَا أوجب حَقًا ؛ فجوزي هَذَا الْأَمر وَلَا تكدريه علي ؛ فرضيت بذلك ..
ثمَّ قَالَ لَهَا بعد ذَلِك : هَل لَك أَن أجمع إِلَيْك زَوْجَتي الجديدة ؛ فَهُوَ أصلح لذات الْبَين ، وألَمُّ للشعث ، وَأبْعد للشماتة ؛ فَقَالَت : نعم ، وَأَعْطَاهَا دِينَار وَقَالَ لَهَا : إنِّي أكره أَن ترى بك فقرًا فتفضُل عَلَيْكِ ؛ فاعملي لَهَا إِذا أَصبَحتْ عنْدك غَداءً بِهَذَا الدِّينَار ..
ثمَّ أَتَى زَوجته الجديدة فَقَالَ لَهَا : إِنِّي أردْتُ أَن أجمعكِ إِلَى أم محجن غَدًا ، وَهِي مُكرمتُك ، وأكره أَن تفضل عَلَيْك أم محجن ؛ فَخذي هَذَا الدِّينَار فأهدي لَهَا بِهِ إِذا أَصبَحتِ عِنْدهَا غَدًا ؛ لِئَلَّا ترى بك فقرًا ، وَلَا تذكري لَهَا الدِّينَار ..
ثمَّ أَتَى صاحبًا لَهُ يستنصحه فَقَالَ : إِنِّي أُرِيد أَن أجمع زَوْجَتي الجديدة إِلَى أم محجن غَدًا ، فأتني مُسلمًا فَإِنِّي سأستجلسك للغداء ، فَإِذا تغذيت فسلني عَن أحبهما إِلَيّ ، فَإِنِّي سأنفُرُ وأُعظم ذَلِك ، فَإِذا أَبيتُ عَلَيْك أَن لَا أخْبر ؛ فاحلف عَليّ ..
فَلَمَّا كَانَ الْغَد ، زارت زَوجته الجديدة أم محجن ، وَمرَّ بِهِ صديقه فاستجلسه ، فَلَمَّا تغذيا ، أقبل الرجل عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا أَبَا محجن أحِبُّ أَن تُخبرنِي عَن أحَب زوجتيك إِلَيْك ، فَقَالَ :
سُبْحَانَ الله أتسألني عَن هَذَا وهما يسمعان ؟! مَا سَأَلَ عَن مثل هَذَا أحد ، قَالَ : فَإِنِّي أقسم عَلَيْك لتخبرني ، فوَاللَّه لا عَذرتُك وَلَا أَقبَل إِلَّا ذَاك ، قَالَ :
أمَا إِذْ فعلت ؛ أحبّهما إِلَيَّ صَاحِبَة الدِّينَار ، وَالله لَا أُزيدك على هَذَا شيئًا ، فَأَعْرَضت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تضحك ونفسها مسرورة ، وَهِي تظن أَنه عناها بذلك القَوْل ) .
الأذكياء لابن الجوزي
( حَدثنِي رجل من بني نَوْفَل بن عبد منَاف قَالَ : لما أصَاب "نصيب" من المَال مَا أصَاب ، أي أصبح غنيًا ؛
وَكَانَ عِنْده أم محجن زوجته ، وَكَانَت سَوْدَاء ، فاشتاق إِلَى الْبيَاض ، فَتزَوج امْرَأَة سَرِيَّة بَيْضَاء ، فَغضِبت أم محجن وَغَارَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهَا :
وَالله يَا أم محجن مَا مثلي يغار عَلَيْهِ ، إنِّي شيخ كَبِير ، وَمَا مثلك يغار ، إنَّك لعجوز كَبِيرَة ، وَمَا أحد أكْرم عَليّ مِنْك ، وَلَا أوجب حَقًا ؛ فجوزي هَذَا الْأَمر وَلَا تكدريه علي ؛ فرضيت بذلك ..
ثمَّ قَالَ لَهَا بعد ذَلِك : هَل لَك أَن أجمع إِلَيْك زَوْجَتي الجديدة ؛ فَهُوَ أصلح لذات الْبَين ، وألَمُّ للشعث ، وَأبْعد للشماتة ؛ فَقَالَت : نعم ، وَأَعْطَاهَا دِينَار وَقَالَ لَهَا : إنِّي أكره أَن ترى بك فقرًا فتفضُل عَلَيْكِ ؛ فاعملي لَهَا إِذا أَصبَحتْ عنْدك غَداءً بِهَذَا الدِّينَار ..
ثمَّ أَتَى زَوجته الجديدة فَقَالَ لَهَا : إِنِّي أردْتُ أَن أجمعكِ إِلَى أم محجن غَدًا ، وَهِي مُكرمتُك ، وأكره أَن تفضل عَلَيْك أم محجن ؛ فَخذي هَذَا الدِّينَار فأهدي لَهَا بِهِ إِذا أَصبَحتِ عِنْدهَا غَدًا ؛ لِئَلَّا ترى بك فقرًا ، وَلَا تذكري لَهَا الدِّينَار ..
ثمَّ أَتَى صاحبًا لَهُ يستنصحه فَقَالَ : إِنِّي أُرِيد أَن أجمع زَوْجَتي الجديدة إِلَى أم محجن غَدًا ، فأتني مُسلمًا فَإِنِّي سأستجلسك للغداء ، فَإِذا تغذيت فسلني عَن أحبهما إِلَيّ ، فَإِنِّي سأنفُرُ وأُعظم ذَلِك ، فَإِذا أَبيتُ عَلَيْك أَن لَا أخْبر ؛ فاحلف عَليّ ..
فَلَمَّا كَانَ الْغَد ، زارت زَوجته الجديدة أم محجن ، وَمرَّ بِهِ صديقه فاستجلسه ، فَلَمَّا تغذيا ، أقبل الرجل عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا أَبَا محجن أحِبُّ أَن تُخبرنِي عَن أحَب زوجتيك إِلَيْك ، فَقَالَ :
سُبْحَانَ الله أتسألني عَن هَذَا وهما يسمعان ؟! مَا سَأَلَ عَن مثل هَذَا أحد ، قَالَ : فَإِنِّي أقسم عَلَيْك لتخبرني ، فوَاللَّه لا عَذرتُك وَلَا أَقبَل إِلَّا ذَاك ، قَالَ :
أمَا إِذْ فعلت ؛ أحبّهما إِلَيَّ صَاحِبَة الدِّينَار ، وَالله لَا أُزيدك على هَذَا شيئًا ، فَأَعْرَضت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تضحك ونفسها مسرورة ، وَهِي تظن أَنه عناها بذلك القَوْل ) .
الأذكياء لابن الجوزي