هذا جمع لكلام أهل العلم من مصادر شتى وبعضها من تفريغي فيما يتعلق
بمسألة اختيار الزوجة الصالحة، أسأل الله أن ينفعنا وإياكم به.
بمسألة اختيار الزوجة الصالحة، أسأل الله أن ينفعنا وإياكم به.
1- فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
شرح لبعض الأحاديث المتعلقة باختيار الزوجة [من مفرغ من شرح «كتاب النكاح» من «بلوغ المرام»]
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة». رواه أحمد وصححه ابن حبان.
قال الشيخ -رحمه الله-:«الأمر هنا في صفة من يُطلب تزوجها من النساء. الودود يعني كثيرة المودة، التي تتودد للزوج، لأن من النساء من يتودد للزوج بلين الكلام، والتجمل، وغير ذلك من أسباب المودة، ومن النساء من تكون بالعكس. بعض النساء إذا دخل زوجها وصدره ضائق، فعلت ما يُوِّسع صدره حتى يُسَّر ويزول عنه ضيق الصدر. وبعض النساء إذا دخل زوجها وهو ضائق صدره، كتمت في وجه فزادته بلاءً وسوءً. الأولى نسميها ودودًا، والثانية بغوضاً. الثانية في الحقيقة تُوجب أن يبغضها زوجها.
فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر بأن نتزوج الودود؛ والحكمة من ذلك ليس هو الاقتصار على السعادة الزوجية فقط، بل الحكمة من ذلك بأن الإنسان إذا ود زوجته، أحب ملاقاتها، وبملاقاتها يكثر النسل. ولهذا قال بعدها الولود، يعني كثيرة الولادة. ومن المعلوم أن الناس يتزوجون أبكاراً وثيبات. الثيب معروف أنها كثيرة الولادة؛ لأنها سبق أن ولدت مثلًا. والبكر غير معروفة بكثرة الولادة في نفسها، ولكنها تعرف بكثرة الولادة بأقاربها؛ وذلك لأن الوراثة كما تكون في الخلق الظاهر، تكون كذلك في الخلق الباطن، وكذلك تكون في الخصائص الجسدية. فإذا كانت المرأة من أناس ما، تُعرف نسائهن بكثرة الولادة، فهي ولودٌ ولو كانت بكرًا.
ومن فوائد هذا الحديث أنه كلما كانت المرأة أقوى وُدًا للرجل، كان ذلك أسعد للحياة، ويؤيد هذا قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} لتُقوِّي هذا السكون وهو كذلك؛ ووجهه أن المودة محلها القلب، والقلب مدبر الأعضاء، إذا صلح صلحت، وإذا فسد فسدت، وإذا أحب أحبت، وإذا كره كرهت، فهو المدبر.فإذا ألقى الله الود بين المرأة وزوجها، حصل لهما من الألفة والسعادة ما لا يحصل لو كان الأمر بالعكس».
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:«تُنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه البخاري
«تُنكح» خبرٌ وليست أمراً، يعني أن أغراض الناس في النكاح تتنوع، والغالب أنها تكون لهذه الأغراض الأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها.
«لمالها»، مثل أن تكون المرأة عجوزًا ولكن عندها مليارات، يتزوجها لأيش ؟ لمالها؛ لأنه يترقب موتها بين عشية وضحاها. وإذا لم يكن لها أولاد، يأخذ النصف، وإن قيل بالرد على الأزواج، وهو قول ضعيف، أخذ جميع المال، ولكن الصحيح أنه لا يرد على الأزواج. هذه للمال.
تنكح المرأة للحسب («لحسبها»)، وهذه في القبائل، معروف عند القبائل بعضها يختلف عن بعض في الشرف والخسة، فيأتي إنسان وضيع من حيث الحسب، يعني قبيلته وضيعه عند الناس، فيتزوج من قبيلة رفيعة من أجل أن يرفع نفسه وذريته؛ لأنه إذا تحدث الناس وقالوا فلان تزوج من آل فلان ارتفع قدره، وأولاده أيضا ترتفع أقدارهم، لأنه يقال هولاء أخوالهم بنو فلان كما هو معروف.
الثالث «لجمالها»، يعني أن المرأة جميلة، ليست ذات مال، ولا ذات حسب، لكن جميلة، فيتزوجها لجمالها حتى لو لم تكن ذات حسب.
الرابع «لدينها»، امرأة ديِّنة، ولا سيما إن كانت ذات علم، يتزوجها لذلك؛ لأنه يحب أن يتزوج امرأة تعينه على طاعة الله. والمرأة الدينة تعين على طاعة الله، وتقوم بحق الزوج على الأكمل، وتسايره في أموره، حتى إن بعض الدينات إذا رأت من زوجها رغبة في نكاح امرأة أخرى، ذهبت هي تخطبها له، ولكن لو تأتي امرأة غير ديِّنة وحلمت في الليل أنك تتزوج، يمكن تقيم عليك الدنيا كلها كما هو الواقع إلا من شاء الله، ولكن حُدِّثت عن بعض الديِّنات أنهن يخطبن لأزواجهن؛ لأن صاحبة الدين لا تُغبن بها إطلاقًا؛ إن غبت حفظتك، وإن أسررت إليها لم تخُنك في سرك، ولا في مالك، ولا في ولدك، ولا في أهلك، ولهذا قال: «فاظفر بذات الدين» يعني اجعلها بمنزلة الغنيمة التي يظفر بها واجدها، وذات الدين: أي صاحبة الدين.
وثق أنك إذا لزمت هذه الوصية من أنصح الخلق لك، فإنه ربما تنقلب هذه المرأة الدينة وإن كانت قليلة الجمال، تنقلب فتكون في عينك أجمل النساء. و لاحظوا أن الجمال ليس كل شيء! أحيانًا تكون امرأة جميلة، ولكن يجعلها الله في عين زوجها غير جميلة، فتجد الناس يتحدثون بجمالها، ولكن هي عنده ليست بجميلة، لأن القلوب بيد الله عز وجل، فإذا أخذت بهذه الوصية فالعاقبة بلا شك حميدة؛ لأنك كأنك تستشير الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيشير عليك بأن تتزوج امرأة ذات دين.
وقوله «تربت يداك» يعني التصقت بالترات، أو امتلأت ترابًا، أو علق بها التراب، والمعاني كلها متلازمة. المعنى أنك افتقرت؛ لأن من لا تجد يده إلا ترابًا فهو فقير، ولكن هذه الكلمة تُطلق على الألسن ولا يراد بها معناها ومدلولها، ولكن إنما يراد بها الحث والترغيب على فعل الشيء. وقيل إنها على تقدير الشرط المحذوف تربت يداك إن لم تظفر بها. فعلى هذا الثاني، تكون جملة دعائية أي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعى على من لم يظفر بذات الدين، دعا عليه بهذا الدعاء، أما على الأول فليست جملة دعائية إنما جملة اغرائية، أي يراد بها إغراء المرء على هذا الأمر، ومثلها قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ بن جبل «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوهم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألستنهم» ثكلتك أمك: يعني فقدتك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يدعو على المرء بأن تفقده أمه ،ولكن هي جملة اغرائية، وقيل هي جملة دعائية على تقدير محذوف أي إن لم تفهم، على كل حال، قوله تربت يداك: أي التصقت بالتراب، أو امتلأت به، أو علق بها التراب، وهو كناية عن الفقر.
في هذا الحديث دليل على أن أغلب أغراض الرجال في الزواج هي هذه الأمور الأربعة: المال، والحسب، والجمال، والدين، ومن فوائده: أنه لا حرج على المرء إذا تزوج المرأة لمالها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرَّ هذا الغرض ولم ينكره، لكن رغَّب في ذات الدِّين. وكذلك أيضا من فوائده: أنه لا بأس أن يتزوج الإنسان المرأة لحسبها، ليرتفع بها حسبه، وليرتفع بها حسب أولاده أيضا.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المرأة قد يتزوجها الإنسان لجمالها، وأنه لو تزوجها لجمالها فلا حرج عليه. وربما يكون الإنسان من عشاق الجمال فلا يحصن فرجه، ولا يغض بصره، إلا ذات الجمال؛ لإن الرجال يختلفون اختلافا عظيما في هذا الباب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المرأة يجوز أن يتزوجها الإنسان من أجل دينها، من أجل الدين، حتى وإن لم يكن له غرض في النكاح إلا دين المرأة، فإنه يجوز أن يتزوجها من أجل الدين. ومن فوائد هذا الحديث: أن أعلى هذه الأغراض أن يتزوج المرأة لدينها؛ لقوله «فاظفر بذات الدين تربت يداك». ومن فوائده: أنه ينبغي للإنسان أن يحرص على قبول وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحرص على ذات الدين، وإن كان غالب الناس اليوم إنما يسألون عن الجمال، وإن كان بعضهم يتزوج لمالها أو لحسبها».
******************************************
2- فضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس -حفظه الله-:
فتاوى حول اختيار الزوجة [من الموقع الرسمي للشيخ].
السؤال: هل يجوز لي أن أتقدَّم إلى امرأةٍ تصلِّي لكنَّها متبرِّجةٌ، وأريد أن أفرض عليها الجلبابَ بعد الزواج؟ فما نصيحتُكم. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب: «الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فينبغي أن تكون الصلاةُ سببًا لاستقامة الإنسان، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ»(1)، والذي لا تنهاه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر فأعمالُه ناقصةٌ، ومِن الفحشاءِ: التبرُّجُ، واللهُ سبحانه وتعالى أَمَرَ الناسَ ألَّا يكشفوا عَوْرَاتِهم بقوله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }[الأعراف:31]، وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 26-28]، وكانوا في الجاهليةِ يطوفون عُرَاةً؛ فالعُرْيُ والتكشُّفُ يدخل في عمومِ الفاحشة.
وقد أَمَرَ اللهُ النساءَ بالتستُّر فقال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب:33]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }[الأحزاب:59]، فإذا كانَتْ هذه المرأةُ لا تتجاوبُ مع النصوص الشرعيةِ الآمرةِ بالتستُّر، ولا تنعكس صلاتُها عليها إيجابًا مِن حيث تركُ الفحشاء والمنكر؛ فلا ننصح بالإقدام على الزواج بها، ولا يساوِرُنا شكٌّ بأنَّ الرجل بعد تزوُّجه بها يصعب عليه أن يحوِّلها إلى الطريق الذي يراه، وقَدْ قرَّر العلماءُ ـ تأصيلًا ـ قاعدةَ: «الدَّفْعُ أَوْلَى مِنَ الرَّفْعِ»، ولَأَنْ يتخلَّى عنها اليومَ خيرٌ مِن أن يتزوَّجها ثمَّ يُحْدِث طلاقًا أو فَسْخًا لعدمِ ائتمارها بأَمْرِه، وشرٌّ مِن ذلك ما يُخشى عليه أن يُسايِرها في هواها فيقعَ في شراكها ويتأثَّرَ بفتنتها، ثمَّ يرضى بالمنكر بعد أن يصير عنده معروفًا، واللهُ المستعان.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا».
(ظ،) أخرجه بهذا اللفظ الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (1859)، والمقدسيُّ في «الأحاديث المختارة» (2579)، مِن حديث أنسٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (2573)، وفي «السلسلة الصحيحة» (135.
السؤال: يَجْنَحُ كثيرٌ مِن الإخوة المستقيمين عند إرادةِ الزواج إلى خِطْبة النساء العامِّيات؛ بحُجَّةِ دعوتهنَّ للمنهج السويِّ، غاضِّين الطَّرْفَ عن المستقيمات، فما هو توجيهُكم شيخَنا؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:«الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ الذي يَسَعُني أن أنصح به الزوجَ السُّنِّيَّ هو اختيارُ ما يُسْعِده في دنياه وأُخْراه، وهو اختيارُ الزوجةِ الصالحة التي تُحافِظ على الدِّين قولًا وعملًا، وتتمسَّكُ بفضائله وأخلاقه، وترعى حقَّ الزوجِ وتحمي أبناءَه؛ فهذا الذي عُنِي الإسلامُ به مِن معاني الفضل والصلاح والعِفَّة.
أمَّا السعيُ إلى مَن تجرَّدَتْ مِن هذه المعاني واغترَّ بحُسْنِها وجمالها وَجاهِها ونَسَبِها، فإنه تُخشى منه الفتنةُ في ضياعِ نَفْسِه وأبنائه؛ إذ مِنَ الصعب بمكانٍ تحويلُ مَن أُشْرِبَتْ فِي قلبها حُبَّ مَظاهِر الدنيا، ورَكَنَتْ إلى زخارفها، ومالَتْ إلى مَلَذَّاتها؛ إذِ الحكمةُ نطقَتْ بأنَّ: «مَنْ شَبَّ عَلَى شَيْءٍ شَابَ عَلَيْهِ»، وأنَّ «مَا ثَبَتَ عَلَى خُلُقٍ وَطَبْعٍ نَبَتَ عَلَيْهِ»، بل يُخشى أن يُجَرَّ إلى خُلُقها ويُطاوِع رغباتِها؛ فيبتعد بذلك عمَّا كان يصبو إليه مِن معاني الحياة الإسلامية الجامعةِ على حُبِّ الله وطاعته، ويندم على ما اغترَّ به، «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»(1).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا».
(ظ،) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب الأكفاء في الدين (5090)، ومسلمٌ في «الرضاع» (1/ 670) رقم: (1466)، وأبو داود في «النكاح» بابُ ما يؤمر به مِن تزويجِ ذات الدين (2047)، والنسائيُّ في «النكاح» باب كراهية تزويج الزُّناة (3230)، وابن ماجه في «النكاح» باب تزويجِ ذاتِ الدين (185، وأحمد (9521)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
السؤال: ما حكمُ تأخيرِ المدَّةِ بين الخِطبة والعقد الشرعيِّ؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب: «الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالواجبُ على مَن أَقْبَلَ على الزواج أن يختارَ مِن الزوجة ما يَدْعوهُ إلى نكاحِها، والأَوْلَى أن تكونَ ذاتَ دِينٍ للحديث: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»(1)، فإنِ اختار الجمالَ لِغَضِّ بَصَرِه وتحصينِ فَرْجِه مع الدِّين كان أَفْضَلَ لأنَّ «اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ»(2)، فإن رغِبَتِ المرأةُ وأهلُها في انتظاره إلى مُدَّةٍ جاز إذا اشترط ذلك وقُبِل شرطُهُ، ولا يستطيعُ غيرُه أن يَخْطُبَها على خِطْبته، وإن عَقَدَ عليها وتَرَك الدخولَ إلى مدَّةٍ فجائزٌ ـ أيضًا ـ لحديث عائشةَ رضي الله عنها: «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا ـ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ـ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ ـ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ ـ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا»(3).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا».
(1) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب الأكفاء في الدين (5090)، ومسلمٌ في «الرضاع» (1/ 670) رقم: (1466)، وأبو داود في «النكاح» بابُ ما يؤمر به مِن تزويجِ ذات الدين (2047)، والنسائيُّ في «النكاح» باب كراهية تزويج الزُّناة (3230)، وابن ماجه في «النكاح» باب تزويجِ ذاتِ الدين (185، وأحمد (9521)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه مسلمٌ في «الإيمان» (1/ 55) رقم: (91)، والترمذيُّ في «البرِّ والصلة» بابُ ما جاء في الكِبْر (1999)، وابن حبَّان (5466)، والحاكم (7365)، وأحمد (3789)، مِن حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه.
(3) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب إنكاحِ الرجلِ ولدَه الصغارَ (5133)، ومسلمٌ في «النكاح» (1/ 642) رقم: (1422)، والنسائيُّ في «النكاح» باب إنكاحِ الرجلِ ابنتَه الصغيرة (3255)، وابن حبَّان (171، والطبرانيُّ في «المعجم الكبير» (42) وفي «المعجم الصغير» (2042)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها.
******************************************
3- فضيلة الشيخ جمال بن فريحان الحارثي -حفظه الله-:
فتاوى حول اختيار الزوجة [ كتبها الشيخ وهي منشورة على الإنترنت]
السؤال: ما رأيكم في أن كثيراً من المتدينين أكثر ما يهمهم في المرأة هو الجمال؟
الجواب: لا شك أن الرجل في الأصل يقصد جمال المرأة للزواج منها وهذا أمر فطري وشرعي لذا قال -صلى الله عليه وسلم- لمن خطب الأنصارية: «انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِى أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئاً»[أحمد، ومسلم]. وقال عليه الصلاة السلام لرجل آخر: «اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»[أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه]. يَعْنِي يَكُونُ بَيْنَكُمَا الْأُلْفَةُ وَالْمَحَبَّةُ، وفي هذين الحديثين توجيه من النبي -عليه السلام- للصحابيين بالنظر إلى وجه المخطوبة؛ لأن الوجه هو موضع الجمال في المرأة، وفي ذلك إشارة واضحة أن من يقصد الزواج يقصد جمال المرأة في المرتبة الأولى.
وهنا ملاحظة هامة: وهي أن الصحابة أكثر تدينًا من رجال اليوم لا شك ولا ريب، ومع هذا وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينظر الخاطب إلى وجه من أراد خطبتها، ولم يبدأ في هذين الحديثين بالتفتيش عن ذات الدين ولم يُلزمهما، وإن كان ذلك مطلب عالي.
أما حديث «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» فهنا أَخْبَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ- وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ هَذِهِ الصِّفَاتُ. ومعنى: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ» أي: قدِّم ذات الدين عن الرغبات الأخرى وتنازل عن الجمال من باب الترغيب في صاحبة الدين. والله أعلم.
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الأربعاء 17/ 11/ 1433هـ
قال الشيخ: «قال بعض حكماء عرب:«لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنّانة، ولا منّانة، ولا حنّانة، ولا تنحكوا حدّاقة، ولا برّاقة، ولا شدّاقة».
أما الأنّانة: فهي التي تُكثر الأنين والتشكي ، وتعصب رأسها كل ساعة، فنكاح الممراضة، أو نكاح المتمارضة لا خير فيه.
والمنّانة: التي تمن على زوجها، فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا.
والحنّانة: التي تحن إلى زوج آخر أو ولدها من زوج آخر، وهذا أيضاً مما يجب اجتنابه.
والحدّاقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه، وتكلف الزوج شراءه.
والبرّاقة: تحتمل معنيين :أحدهما: أن تكون طول النهار في تصقيل وجهها، وتزيينه، ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع. والثاني : أن تغضب على الطعام؛ فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل نصيبها من كل شيء. وهذه لغة يمانية. يقولون : برقت المرأة ، وبرق الصبي الطعام؛ إذا غضب عنده.
والشداقة: المتشدقة: الكثيرة الكلام .
[«قوت القلوب في معاملة المحبوب» (2 / 421) لمحمد بن علي بن عطية الحارثي أبو طالب المكي (ت 386هـ)].
انتقاها / الشيخ أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
1 / 9 / 1427هـ
******************************************
4- فضيلة محمد بن عمر بازمول -حفظه الله-:
كلام قيّم ونصيحة حول اختيار الزوجة [مفرغ من شرح كتاب النكاح من الدرر البيهة - الشريط الأول - الدقيقة 00:21:29]
« ... أما قوله صلى الله عليه وسلم «ذات جمال» فالدليل فيه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا نظر إليها سرته»؛ فان سرور الرجل بالنظر الى المرأة يكون أول ما يكون بجمال وجهها وجمال هيئتها. فهذا دليل في عمومه على طلب ذات الجمال؛ ولأن المقصود من النكاح إعفاف النفس. فإذا أخذ المرء امرأة ليست جميلة جدًا، قد لا يكون فيها إحصان لنفسه.
والإمام أحمد ابن حنبل روي عنه أنه قال: «ينبغي للرجل اذا أراد أن يتزوج أن يسأل عن جمال المرأة، فإن أعجبه سأل عن دينها، فإن أعجبه قبِلها، وإن لم يعجبه ردها» فيكون قبوله ورده لماذا؟ للدين. والشباب اليوم يعكسها يسأل أول شيء عن الدين، فإذا قالوا له ذات دين، تصلي، وتصوم، وكذا، وكذا، سأل عن جمالها، قالوا له والله نص ونص تركها، فصار قبوله ورده على ايش؟ على الجمال. لا! الإمام أحمد كان يُعلِّم الناس أن المسألة ليست هكذا، اسأل عن الجمال، فان الجمال مطلوب، اسأل عن الجمال، فان أعجبك جمالها، اسأل عن دينها، فان أعجبك دينها أخذتها، وإن لم يعجبك دينها رددتها، فتكون قبلتها من أجل الدين، ورددتها من أجل الدين، واضح! وهذا يدل من الامام أحمد أن الجمال شيء مطلوب والفطرة تريده. لكن أنبه هنا تنبيهات:
التنبيه الاول:أن الجمال الزائد قد يكون معيقًا للفتى عن عبادته، وعن عمله، وعن حياته، يُشغله. وهذا هو محمل ما ورد عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – أنه أمر أحد ولده أن يُطلِّق زوجه، قالوا لأنها أشغلته بجمالها. الولد يبغي يجلس جنبها بس، ما يبغي يروح لا يمين ولا شمال، يظل جالسًا جنبها. فلما رأى الاب حال الولد أمر بطلاقها ليش؟ لأنه خشي على دين ولده منها، لأنها جميلة جمال أشغله. وهذا يفيد أنه ليس المطلوب بالجمال أنك يا أخي تبالغ، خاصة نحن اليوم يا شباب في هذا العصر الذي كثرت فيه القنوات التي تعرض الفتيات ذوات الصور المليحة، فان الشاب يضع في نفسه صورة من هذه الصور ويبحث عنها يريد امرأة مثلها، هذا خطأ! وهذا ما ينبغي!. الذي ينبغي للشاب أن يطلب إمرأة مليحة جيدة، يعني جميلة، ليست ذميمة، ولا قبيحة، لا عوراء، ولا شوهاء، و لا كذا. وهذه نقطة مهم للإنسان أن ينتبه لها، فليس مقصود العلماء عندما يذكرون الجمال أن يطلب المرء ذاك الجمال الذي يُشغل أو ذاك الجمال الذي يفتنن به الإنسان عن عبادته.
النقطة الثانية التي أنبه عليها في موضوع الجمال: الذين جربوا وعرفوا حال النساء يقول: والله بالعشرة وحُسن المعاملة كل شيء تغير، كيف؟ يقول: أنا تزوجت إمرأة ذات جمال شديد، لكن لمَّا عاشرتها ورأيتها مغرورة ومتكبرة، ولا تحسن عمل البيت، ولا تحسن التعامل معي، ولا أسمع منها من الكلام ما يعجبني، صِرت أكرهها ، صرت لما أراها بجمالها أكرهها، يقول: ما شعرت بلذة الزواج، وبلذة السعادة الزوجية، وبلذة أني زوج وهذه زوجة، إلا لما طلَّقتُها وتزوجت إمرأة ثانية أقل جمال منها، بل تكاد تكون في المستوى العادي، شعرت بالراحة والسكون الذي ذكره القرآن في العلاقة بين الرجل وزوجته.
إذًا النقطة الثالثة التي أريد أن انبه عليها: أن الجمال الحقيقي هو جمال المعاملة، جمال الأخلاق، جمال حُسن التبعل بين المرأة وبين زوجها، والإنسان إذا أخذ امرأة جمالها عادي، فان ذلك حري بإذن الله مع حُسن خلقها وحُسن تبعلها، أنه إذا نظر إليها سرته. هذا الرجل الذي كان عنده إمرأة جميلة، يقول بعد فترة صرت لمَّا أنظر إليها أشعر بقهر وبغيظ، ماترحيني، ماني مرتاح.
فالجمال الحقيقي الذي ينبغي للإنسان أن يبحث عنه هو جمال الاخلاق والدين، مع يعني الأمر العادي، لا يبالغ، ولا يغتر بالصور التي يراها، ويطلب من النساء على هذه الصورة، فان هذا خلاف الشرع. بل كان بعض السلف يأمر ولده أن يطلق المرأة، من أجل أنه رأى الولد إنشغل بجمالها، إذا انشغل بجمالها خلاص، ماعاد يبغي يروح يشتغل، ماعاد يروح يجاهد وقت الجهاد، إيش يبغى الأب من مثل المرأة لولده، فيأمره بطلاقها لأنها أشغلته، واضح!
فإذا نقول المقصود بالجمال :الجمال العادي، أي بمعنى أن المرأة لايكون فيها عيوب، وإذا كانت المرأة جميلة في جسدها أو في وجهها، فإنها بسوء معاملتها، تنفر الرجل منها. ثم تنبهوا للنقطة الثالثة أن الجمال الباقي في الإنسان ماهو؟ هل هو جمال التقاطيع وجمال الوجه وإلا جمال الأخلاق وحُسن التعامل؟ هذا هو الباقي جمال الأخلاق وحُسن التعامل فالمرأة ينبغي أن تكون منتبهة لهذه الأمور فيها.
******************************************