الصنف: فتاوى الزواج
السؤال للفتوى رقم 129:
امرأة فقد زوجها منذ أكثر من (06) أشهر وهي تسأل: هل يجوز أن تخرج لتزور بيت والدها وتصل أرحامها، مع الإشارة إلى مسألة ما إذا منعت أمّ الزوج الزوجة من الخروج، وهذا موجود في عرفهم؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا، وزادكم لله علماً وعملاً بما علّمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أمّا بعد:
فمن حق الزوج إمساك زوجته في المسكن الشرعي اللائق بها، ولا يحلّ لها أن تخرج إلا بإذنه وإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة(١)، غير أنّه لا ينبغي له أن يمنعها من زيارة أبويها أو عيادتهما، ولها أن تُمرِّض المريض منهما إذا تعذر وجود من يقوم بذلك، وإن لم يرض الزوج ولم يأذن، إذ لا يحق له أن يمنعها من واجب لزمها، قال ابن قدامة: "... ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما، لأنّ في ذلك قطيعة لها وحملا لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف"(٢).
كما لا ينبغي أن يمنعها من الخروج إلى طلب العلم الشرعي لتتعلم الضروري من أحكام دينها ولو من غير إذنه إذا لم تكن الزوجة عالمة بما فرضه الله عليها من أحكام، وإذا لم يكن الزوج قادرا على تعليمها أو كان قادرا ولم يفعل، لأنّ طلب العلم فريضة عليها كشقيقها الرجل، ولأنّ حاجتها لأصلاح دينها وتزكية روحها ليست أقلّ من حاجتها إلى الطعام والشراب الواجب بذلهما، لقوله تعالى يَا أَيُّهَا اّلذِينَ آمَنُوْا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَاراً( [التحريم: 6]. والمرأة من الأهل ووقايتها من النار بالإيمان والعمل الصالح، ولا يخفى أنّ العمل الصالح يلزمه العلم النافع حتى يمكن القيام به على الوجه المطلوب شرعا فلا يحق للزوج أن يمنعها كما لا يحق له أن يمنعها إذا استأذنت للخروج إلى المسجد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه " إذا استأذنت المرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها"(٣).
وهذا إنّما يكون بحضرة الزوج، والمرأة مأمورة بالاستئذان منه لأنّه إذا كان الخروج إلى المسجد يقتضي الاستئذان فالخروج إلى غيره ممّا ليس بفرض أولى، أمّا إذا كان الزوج غائبا وكان في منزلها من يقوم مقامه كوالده مثلاً فالحكم السابق بالنسبة للزوج يساق إلى حكم نائبه لكونه يمثِّل الأصيل، وله أن يرافقها إلى محلِّ الحاجة والضرورة.
أمّا إن خشيت على نفسها حالة الخروج مع منع أمّ الزوج لها سوءَ العاقبة والإخلال بالحياة الزوجية الراغبة في انتظامها، فالأولى أن تصبر حتى يفتح الله تعالى وهو خير الفاتحين عملاً بأخفّ الضررين وأهون المفسدتين.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلّم تسليما.
-------------------
١- مجموع الفتاوى لابن تيـمية (32/281).
٢- المغني (7/20-21).
٣- أخرجه البخاري كتاب النكاح باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره، ومسلم كتاب الصلاة باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنّها لا تخرج مطيبة، من حديث ابن عمر رضي الله عنها.
الرابط: http://www.ferkous.com/rep/Bk4.php
السؤال للفتوى رقم 129:
امرأة فقد زوجها منذ أكثر من (06) أشهر وهي تسأل: هل يجوز أن تخرج لتزور بيت والدها وتصل أرحامها، مع الإشارة إلى مسألة ما إذا منعت أمّ الزوج الزوجة من الخروج، وهذا موجود في عرفهم؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا، وزادكم لله علماً وعملاً بما علّمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أمّا بعد:
فمن حق الزوج إمساك زوجته في المسكن الشرعي اللائق بها، ولا يحلّ لها أن تخرج إلا بإذنه وإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة(١)، غير أنّه لا ينبغي له أن يمنعها من زيارة أبويها أو عيادتهما، ولها أن تُمرِّض المريض منهما إذا تعذر وجود من يقوم بذلك، وإن لم يرض الزوج ولم يأذن، إذ لا يحق له أن يمنعها من واجب لزمها، قال ابن قدامة: "... ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما، لأنّ في ذلك قطيعة لها وحملا لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف"(٢).
كما لا ينبغي أن يمنعها من الخروج إلى طلب العلم الشرعي لتتعلم الضروري من أحكام دينها ولو من غير إذنه إذا لم تكن الزوجة عالمة بما فرضه الله عليها من أحكام، وإذا لم يكن الزوج قادرا على تعليمها أو كان قادرا ولم يفعل، لأنّ طلب العلم فريضة عليها كشقيقها الرجل، ولأنّ حاجتها لأصلاح دينها وتزكية روحها ليست أقلّ من حاجتها إلى الطعام والشراب الواجب بذلهما، لقوله تعالى يَا أَيُّهَا اّلذِينَ آمَنُوْا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَاراً( [التحريم: 6]. والمرأة من الأهل ووقايتها من النار بالإيمان والعمل الصالح، ولا يخفى أنّ العمل الصالح يلزمه العلم النافع حتى يمكن القيام به على الوجه المطلوب شرعا فلا يحق للزوج أن يمنعها كما لا يحق له أن يمنعها إذا استأذنت للخروج إلى المسجد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه " إذا استأذنت المرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها"(٣).
وهذا إنّما يكون بحضرة الزوج، والمرأة مأمورة بالاستئذان منه لأنّه إذا كان الخروج إلى المسجد يقتضي الاستئذان فالخروج إلى غيره ممّا ليس بفرض أولى، أمّا إذا كان الزوج غائبا وكان في منزلها من يقوم مقامه كوالده مثلاً فالحكم السابق بالنسبة للزوج يساق إلى حكم نائبه لكونه يمثِّل الأصيل، وله أن يرافقها إلى محلِّ الحاجة والضرورة.
أمّا إن خشيت على نفسها حالة الخروج مع منع أمّ الزوج لها سوءَ العاقبة والإخلال بالحياة الزوجية الراغبة في انتظامها، فالأولى أن تصبر حتى يفتح الله تعالى وهو خير الفاتحين عملاً بأخفّ الضررين وأهون المفسدتين.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلّم تسليما.
-------------------
١- مجموع الفتاوى لابن تيـمية (32/281).
٢- المغني (7/20-21).
٣- أخرجه البخاري كتاب النكاح باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره، ومسلم كتاب الصلاة باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنّها لا تخرج مطيبة، من حديث ابن عمر رضي الله عنها.
الرابط: http://www.ferkous.com/rep/Bk4.php