:: السلام عليكم ورحمة الله وبركـاته ::
إن الحمد لله؛ نحمدُه، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا،
من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلِلْ فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عِمْرَان:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب:70-71].
وبعد:
فهذا كتاب مواقف الصحابة -رضي الله عنهم-، روي عن قصة زواج أبي طلحة من أم سُلَيْم -رضي اله عنهما-،
وقد لاحظت منه ثِقلاً، وما في القصة من عبر وفوائد وعظات.
وقد حاولتُ -قدر استطاعتي- أن أربطهاته القصة بحالنا وواقعنا، عسى أن تكون حافزة للرجال والنساء على العمل الصالح والسلوكِ الطيب.
وأسأل الله تعالى أن أكون إمام المنتفعين.
وأسأله سبحانه أن ينفع بها وأن يبارك فيها وأن يتقبلها مني؛ إنه على كل شيء قدير.
***********
قصة زواج أم سُليم رضي الله عنها
************
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال مالك أبو أنس لامرأته أم سُليم -وهي أم أنس-:
إن هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم يحَرم الخمر، فانطلق حتى أتى الشام، فهَلَك هناك.
فجاء أبو طلحة، فخطب أم سُليم، فكلمها في ذلك، فقالت: يـا أبا طلحة ! ما مثلُك يُرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك! فقال: ما ذاك دهرك.
قالت: وما دهري ؟ (أي: همتي وإرادتي)
قال: الصفراء والبيضاء! (أي: الذهب والفضة.)
قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، إني أريد منك الإسلام، [فإن تسلم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره].
قال: فمن لي بذلك ؟
قالت: لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في أصحابه، فلما رآه قال: (( جاءكم أبو طلحة غُرة الإسلام بين عينيه))، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالت له أم سُليم، فتزوجها على ذلك.
قال ثابت -وهو البُناني-، أحد رواة القصة عن أنس: فما بلغنا أن مَهراً كان أعظم منه، أنها رضيت الإسلام مَهراً.
فتزوجها وكانت امرأة مليحة العينين، فيها صغرٌ، فكانت معه حتى ولد له بُني، وكان يحبه حباً شديداً، ومرض الصبي مرضا شديداً، وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له.
فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي معه، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار، ويجيء يقيل ويأكل، فإذا صلى الظهر؛ تهيأ وذهب، فلم يجء إلى صلاة العتمة.
فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- (وفي رواية: إل المسجد) ومات الصبي، فقالت أم سُليم: لا ينعين إلى أبي طلحة أحد ابْنَهُ، حتى أكون أنا الذي أنْعَاه له.
فهيأت الصبي، فسجت عليه أي: مدت عليه ثوباً، ووضعته في جانب البيت، وجاء أبو طلحة عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حتى دخل عليها ومعه ناسٌ من أهل المسجد من أصحابه، فقال: كيف ابني ؟
فقالت: يا أبا طلحة ! ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة، وأرجوا أن يكون قد استراح!
فأتته بعشائه، فقربته إليهم، فتعشوا، وخرج القوم.
قال: فقام إلى فراشه، فوضع رأسه، ثم قامت، فتطيب، وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، ثم جاءت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب؛ كان منه ما يكون من الرجل إلى أهل.
فلما كان آخر الليل؛ قالت: يا أبا طلحة! أرأيت أن قوما أعاروا قوماً عارية لهم، فسألوهم إياها، أكان لهم أن يمنعوهم ؟
فقال: لا.
قالت: فإن الله -عزوجل- كان أعارك ابنك عارية، ثم قبضه أليه، فاحْتَسِبْ واصْبِرْ !
غضب، ثم قال: تركتِني حتى إذا وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني!
فاسترجع، وحَمِدَ الله، فلما أصبخ اغتسلَ، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى معه، فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لكما في غابر ليلتكما )) أي: في ليلتكما الماضية، فَثَقُلت من ذلك الحمل.
وكانت أم سُليم تسافر مع النبي صلى الله غليه وسلم، تخرج إذا خرج وتدخل معه إذا دخلـ وقال رسول الله صلى الله علية وسلم: ((إذا ولدت فأتونـي بالصبي)).
قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من يفر لا يطرقها طروقا أي: لا يأتيها ليلاً، فدنوا من المدينة فضربها المخاض واحتبس عليها أبـو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طلحة: يـا رب ! إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله إذا خرج، وأدخل معه أذا دخل، وقد أحتبست بما ترى.
قال: تقول أم سٌليْم : يـا أبا طلحة ! ما أجد الذي كنت أجد، فانطلقا.
قال: وضربها المخاض حتى قدموا، فولدت غلاماً، وقالت لإبنها أنس: يا أنس لا يطعم شيئا حتى تغدو به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثت معه بتمرات.
قال: فبـات يبكي، وبُت مجنحاً عليه أُكَالِئُهُ أي: مائلا يراقبه، حتى أصبحت، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُردة وهو يَسِمُ إبلاً أو غنماً، قدمت عليه، فلما نظر إليه؛ قال لأنس: ((أَوَلَدَت بنت ملحان ؟)). قال : نعم. قال : ((رويدك أفرغ لك)).قال : فألقى ما في يده، فتناول الصبي، وقال صلى الله عليه وسلم : ((أمعه شيء ؟))قالوا : نعم، تمرات.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر، فمضغهن ثم جمع بزاقه، ثم فَغَرَ فَـاه، وأوجره إياه أي: جعله في حلقه، فجعل يحنك الصبي، وجعل الصبي يَتَلَمظُ؛ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان أول ما فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال : ((أنظروا إلى حب الأنصار التمر)).
قال : قلت: يا رسول الله ! سمه.
قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه.
قال : فخرج من رجل كثير، واستشهد عبد الله بفــارس.
*******
فقالت: يـا أبا طلحة ! ما مثلُك يُرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك! فقال: ما ذاك دهرك.قالت: وما دهري ؟ قال: الصفراء والبيضاء! قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، إني أريد منك الإسلام، [فإن تسلم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره]. إن الحمد لله؛ نحمدُه، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللهِ من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا،
من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلِلْ فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عِمْرَان:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب:70-71].
وبعد:
فهذا كتاب مواقف الصحابة -رضي الله عنهم-، روي عن قصة زواج أبي طلحة من أم سُلَيْم -رضي اله عنهما-،
وقد لاحظت منه ثِقلاً، وما في القصة من عبر وفوائد وعظات.
وقد حاولتُ -قدر استطاعتي- أن أربطهاته القصة بحالنا وواقعنا، عسى أن تكون حافزة للرجال والنساء على العمل الصالح والسلوكِ الطيب.
وأسأل الله تعالى أن أكون إمام المنتفعين.
وأسأله سبحانه أن ينفع بها وأن يبارك فيها وأن يتقبلها مني؛ إنه على كل شيء قدير.
***********
قصة زواج أم سُليم رضي الله عنها
************
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال مالك أبو أنس لامرأته أم سُليم -وهي أم أنس-:
إن هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم يحَرم الخمر، فانطلق حتى أتى الشام، فهَلَك هناك.
فجاء أبو طلحة، فخطب أم سُليم، فكلمها في ذلك، فقالت: يـا أبا طلحة ! ما مثلُك يُرد، ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك! فقال: ما ذاك دهرك.
قالت: وما دهري ؟ (أي: همتي وإرادتي)
قال: الصفراء والبيضاء! (أي: الذهب والفضة.)
قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، إني أريد منك الإسلام، [فإن تسلم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره].
قال: فمن لي بذلك ؟
قالت: لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في أصحابه، فلما رآه قال: (( جاءكم أبو طلحة غُرة الإسلام بين عينيه))، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالت له أم سُليم، فتزوجها على ذلك.
قال ثابت -وهو البُناني-، أحد رواة القصة عن أنس: فما بلغنا أن مَهراً كان أعظم منه، أنها رضيت الإسلام مَهراً.
فتزوجها وكانت امرأة مليحة العينين، فيها صغرٌ، فكانت معه حتى ولد له بُني، وكان يحبه حباً شديداً، ومرض الصبي مرضا شديداً، وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له.
فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي معه، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار، ويجيء يقيل ويأكل، فإذا صلى الظهر؛ تهيأ وذهب، فلم يجء إلى صلاة العتمة.
فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- (وفي رواية: إل المسجد) ومات الصبي، فقالت أم سُليم: لا ينعين إلى أبي طلحة أحد ابْنَهُ، حتى أكون أنا الذي أنْعَاه له.
فهيأت الصبي، فسجت عليه أي: مدت عليه ثوباً، ووضعته في جانب البيت، وجاء أبو طلحة عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حتى دخل عليها ومعه ناسٌ من أهل المسجد من أصحابه، فقال: كيف ابني ؟
فقالت: يا أبا طلحة ! ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة، وأرجوا أن يكون قد استراح!
فأتته بعشائه، فقربته إليهم، فتعشوا، وخرج القوم.
قال: فقام إلى فراشه، فوضع رأسه، ثم قامت، فتطيب، وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، ثم جاءت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب؛ كان منه ما يكون من الرجل إلى أهل.
فلما كان آخر الليل؛ قالت: يا أبا طلحة! أرأيت أن قوما أعاروا قوماً عارية لهم، فسألوهم إياها، أكان لهم أن يمنعوهم ؟
فقال: لا.
قالت: فإن الله -عزوجل- كان أعارك ابنك عارية، ثم قبضه أليه، فاحْتَسِبْ واصْبِرْ !
غضب، ثم قال: تركتِني حتى إذا وقعت بما وقعت به نعيت إلي ابني!
فاسترجع، وحَمِدَ الله، فلما أصبخ اغتسلَ، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى معه، فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لكما في غابر ليلتكما )) أي: في ليلتكما الماضية، فَثَقُلت من ذلك الحمل.
وكانت أم سُليم تسافر مع النبي صلى الله غليه وسلم، تخرج إذا خرج وتدخل معه إذا دخلـ وقال رسول الله صلى الله علية وسلم: ((إذا ولدت فأتونـي بالصبي)).
قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من يفر لا يطرقها طروقا أي: لا يأتيها ليلاً، فدنوا من المدينة فضربها المخاض واحتبس عليها أبـو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طلحة: يـا رب ! إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله إذا خرج، وأدخل معه أذا دخل، وقد أحتبست بما ترى.
قال: تقول أم سٌليْم : يـا أبا طلحة ! ما أجد الذي كنت أجد، فانطلقا.
قال: وضربها المخاض حتى قدموا، فولدت غلاماً، وقالت لإبنها أنس: يا أنس لا يطعم شيئا حتى تغدو به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثت معه بتمرات.
قال: فبـات يبكي، وبُت مجنحاً عليه أُكَالِئُهُ أي: مائلا يراقبه، حتى أصبحت، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُردة وهو يَسِمُ إبلاً أو غنماً، قدمت عليه، فلما نظر إليه؛ قال لأنس: ((أَوَلَدَت بنت ملحان ؟)). قال : نعم. قال : ((رويدك أفرغ لك)).قال : فألقى ما في يده، فتناول الصبي، وقال صلى الله عليه وسلم : ((أمعه شيء ؟))قالوا : نعم، تمرات.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر، فمضغهن ثم جمع بزاقه، ثم فَغَرَ فَـاه، وأوجره إياه أي: جعله في حلقه، فجعل يحنك الصبي، وجعل الصبي يَتَلَمظُ؛ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان أول ما فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال : ((أنظروا إلى حب الأنصار التمر)).
قال : قلت: يا رسول الله ! سمه.
قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه.
قال : فخرج من رجل كثير، واستشهد عبد الله بفــارس.
*******
"ما مثلُك يُرد، ولكنك امرؤ كافر".
كلمة جامعة تتحدث فيها عن حسن خلق أبي طلحة.
أدب في اللفظ، حتى مع المشرك، تتضمن الإعتذار.
إعطاؤه الأمل في طلبه بشرط إسلامه.
أسلوب دعوة فيها الحكمة والموعظة الحسنة، تعجز أن تخرج مثله اليوم مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا.
*******
وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك!وهكذا كان الإسلام عند الصحابة رضي الله عنهم أغلى من كل شيء.
يقدمون الدين عن شهواتهم ورغباتهم وأنفسهم وحياتهم.
انظر إلى ما نحن فيه من مصائب؛ كيف يقدم الناس شهواتهم وأهوائهم على الدين !
يُزوج الغَني وإن لم يرضى أولوا الألباب عن دينه.
وينكح ذو المنصب والجاه مهما كان فكره واتجاهه.
إن موقف أم سُلَيْم ليذكرني بما روته أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت:
((لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار؛ تزوجوا من نسائهم، وكان نساء المهاجرون يجبون (المراد بها هنا الإنكباب على الأرض عند الجماع، وهو وضع اليدين على الركبتين أو على الأرض، أو الإنكباب على الوجه) وكانت الأنصار لا تجبي، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك فأبت عليه حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
قالت:((فَأَتَتَهُ، فاسْتَحْيَت أن تسأله، فسألته أم سلمة، فنزلت : ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾، وقال: لا، إلا في صمام واحد (أي: في مسلك واحد والصمام ما تُسَد به الفُرجة، فسمي الفرج به). ويذكرنـي أيضا بحديث ابن عباسي رضي الله عنهما؛ قال: إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ - وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ - مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ - وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ - ، وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ ، فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ ، وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ ، فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا ، وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ ،فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ : إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ ، فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي . حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أَيْ : مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ)) .
***************
"فأبت عليه حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم".وهكذا لم يجرفها عنفوان شهوة إلى مشبوه تخافه أو حرام تخشاه.
فأبت عليه حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد كان الله تعالى أحب إليها من نفسها.
لقد قدمت حب الدين على شهوتها ورغبتها.
كم من الناس باعوا دينهم وأوطانهم وأموالهم من أجل متعة الجنس !
وليس بالحلال منه، بل بالحرام عيـاذاً بالله.
كانوا عبيداً للجمال والمتعة والفرج.
ولكن تلك الأنصارية الفاضلة رضي الله عنها قالت: ((إنما كنا نأتي على حُرُف، فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني)).
الدين عنهم أغلى من كل شيء.
الإسلام أحب إليهم من نفوسهم وجنوبهم.
لو م يكن لدينا من معرفة إلا هذا عن الأنصار؛ لكان كافيا لِيُفْهِمَنَـا السر الذي من أجله كان يحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وكانوا أحب الناس إليه؛كما في حديث أنس رضي الله عنه؛ قال: (( رأى النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين -قال: حسبت أنه قال: من عرس- فقام النبي صلى الله عليه وسلم ممثلا فقال: اللهم أنتم أحب الناس إلي، قالها ثلاثا مرارا)).
**********
"قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، إني أريد منك الإسلام، فإن تُسْلِم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره".
لا أريد صفراء ولا بيضاء !"قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، إني أريد منك الإسلام، فإن تُسْلِم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره".
لا أريد ذهبا ولا فضة !
لا أريد منك مالاً.
وها نجن نرى اللاهثين والراكضين والساعين في النهار والليل من أجل المال.
إنهم منهومون لا يشبعون، وليس مرادهم كفاية أنفسهم ومن يعولون، ولكنهم بطونهم لا تشبع، ونفوسهم لا تقنع.
"فإن تُسْلِم، فذاك مَهري، ولا أسألك غيره
قال ثابت البناني أحد رواة القصة عن أنس رضي الله عنه:(( فما بلغنـا أن مهراً كان أعظم منه؛ أنهـا رضيت الإسلام مهـراً)).
أجل ليس هناك مهر أعظم منه، لقد كان مهرها إسلام أبي طلحة.
وهل هناك شيء أعظم من الإسلام ؟
لا؛ ليس هناك شيء يساويه أو يدانيه؛ لا الذهب ولا الفضة، ولا المال ولا الدنيا كلها.
هذه موازين القلوب الحية التي تعمل لله سبحانه.
تحب لله، وتبغض لله، وتعطي لله، وتمنع لله.
وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنه لله، فقد استكمل الإيمان)) .وفي رواية ((وأنكح لله ))
وهل كان ردها أبـا طلحة إلا لله سبحانه ؟
وهل وافقت على الزواج منه إلا لله سبحانه وتعالى ؟
مـا أعـظـمه مـن مـهـر ... إسـلام رجـل كـافر !
************
(( حتى ولد له بُني، وكان يحبه حباً شديداً، ومرض الصبي مرضا شديداً، وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له...)).
(( ومات الصبي، فقالت أم سُليم: لا ينعين إلى أبي طلحة أحد ابْنَهُ، حتى أكون أنا الذي أنْعَاه له))
((...وجاء أبو طلحة عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حتى دخل عليها فقال: كيف ابني ؟ فقالت: يا أبا طلحة ! ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة، وأرجوا أن يكون قد استراح)).
كانت تبحث عن أسباب سعادته، وراحته، وإزالة النكد والحزن عنه.(( حتى ولد له بُني، وكان يحبه حباً شديداً، ومرض الصبي مرضا شديداً، وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له...)).
(( ومات الصبي، فقالت أم سُليم: لا ينعين إلى أبي طلحة أحد ابْنَهُ، حتى أكون أنا الذي أنْعَاه له))
((...وجاء أبو طلحة عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حتى دخل عليها فقال: كيف ابني ؟ فقالت: يا أبا طلحة ! ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة، وأرجوا أن يكون قد استراح)).
وكيف كان ذلك ؟
- استعملت المعاريض لتحقيق هذا الأمر: ((ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة)).
- حقا أنه بالموت أسكن.
- أتته بعشائه فقربته إليهم، فتعشى هو ومن معه.
- تطيبت وتصنعت له أحسن ما كانت تصنع من قبل ذلك، ثم جاءت حت دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب، كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله.
- تلطفت له في إخباره الأمر بتمهيد وتوطئة ودرس في الصبر؛ قائلة : يا أبا طلحة! أرأيت أن قوما أعاروا قوماً عارية لهم، فسألوهم إياها، أكان لهم أن يمنعوهم ؟ فقال: لا. قالت: فإن الله -عزوجل- كان أعارك ابنك عارية، ثم قبضه أليه، فاحْتَسِبْ واصْبِرْ !
£ أرأيت أن قوما أعاروا قوماً عارية لهم، فسألوهم إياها، أكان لهم أن يمنعوهم ؟
لقد أنعم الله تعالى علينا بهذه العارية، ومتَّعنا بها، ثم قبضها إليه، فاحْتَسِبْ واصْبِرْ.
وهذا كقول الشـــاعر:
ومَـــــــــــــــا المـَـــــــــــــــــــــــــــا ل والأَهلــــــــــــــــــونَ وَدَائِـــــــــــــــــــــــــــعُ
وَلا بُــــــــــــــــــدَّ يَـــــــــــوْمــــــــــــــــــاً أنْ تُـــــــــــــــــرَدَّ الْـــــــــــــــــودائِــــــــــــــــــــعُ
وهذا مستقى من قوله صلى الله عليه وسلم: (( إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولْتحتسب)).هؤلاء النسوة اللاتي انتصر بهن الإسلام.
هؤلاء النسوة اللاتي أنجبن الأبطال.
أهؤلاء النسوة اللاتي أنجبن الفاتحين والقادة والأبطال.
فهَلُمَّ يا أخواتنا فإتخذن من أم سُليم أسوة وقدوة في مواقفها المشرِّفة العظيمة؛ في أسلوبها وحكمتها وموعظتها.
ولا تضيعن الأوقات في قيل وقال... في الغيبة... في المعاصي.
يلتقي الرجال في مجال الدعوة لله تعالى وترى نسائهم قد اجتمعن عن المعاصي والحديث عن التعدد والإستهتار فيه والطعن في أفاضل الرجال.
ترى هذا وللأسف ممن ينبغي أن يكنَّ من الخِيَار؛ فكيف حال الشرار ؟
هيَّا يا أخواتنا إتخذن من أم سُليم قدوة، أما وزوجة، ومربيةً فاضلة.
تَعَلَّمْنَ منها حب الإسلام.
تَعَلَّمْنَ منها حب الدعوة إلى الله تعالى.
تَعَلَّمْنَ الحكمة في الدعوة.
تَعَلَّمْنَ من تُزَوِّجْن بناتكن ومن ترفضن
تَعَلَّمْنَ منها الصبر الجميل.
تَعَلَّمْنَ منها طاعة الزوج.
تَعَلَّمْنَ منها حسن تربية الأبناء.
وأنتم يـــا إخـــواننا الأفاضــل؛ ضعوا هذه القصة في قلوبكم، واجعلوها في سلوككم ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً.
تَعَلَّموا الدُّرُوس والعبر من أم سُلَيْم رضي الله عنها.
وتحدثوا بهذه القصة لأزواجكم ليتأثَّرن بها، وليسرن على طريقها.
"ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فصلى معه، فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
تخرج إذا خرج وتدخل معه إذا دخل".
((كانت أم سُليم تسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، تخرج إذا خرج وتدخل معه إذا دخل)).فصلى معه، فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
بارك الله لكما في غابر ليلتكما )) فَثَقُلت من ذلك الحمل.
وكانت أم سُليم تسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم،تخرج إذا خرج وتدخل معه إذا دخل".
الحرص على الخير.
الحرص على الرِّفقة.
الحرص على التعلم منه صلى الله عليه وسلم.
وفي ذلك الإستفادة من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلوكه.
الإستفادة من أحكام السفر والحضر.
السعي لزيادة الإيمان وكسب الثواب.
التأسِّي والإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
*************
وقال رسول الله صلى الله علية وسلم: ((إذا ولدت فأتونـي بالصبي)). قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من يفر لا يطرقها طروقا أي: لا يأتيها ليلاً، فدنوا من المدينة فضربها المخاض واحتبس عليها أبـو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طلحة: يـا رب ! إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله إذا خرج، وأدخل معه أذا دخل، وقد أحتبست بما ترى.فقال أبو طلحة: يـا رب ! إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله إذا خرج، وأدخل معه أذا دخل،
وقد أحتبست بما ترى.
لقد توسل أبو طلحة رضي الله عنه إلى الله تعالى بحبه للنبي صلى الله عليه وسلم، وخروجه ودخوله معه، أن يُفَرِّج عنه سبحانه ما هو فيه. وهذا من باب قوله تعالى:﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. وكقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾.وقد أحتبست بما ترى.
*************
قال: تقول أم سٌليْم : يـا أبا طلحة ! ما أجد الذي كنت أجد، فانطلقا.
أجاب الله تعالى الدعاء.
كيف لا؛ وهو يقول سبحانه:﴿ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾
وقال سبحانه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾
وضربها المخاض حتى قدموا، فولدت غلاماً، وقالت لإبنها أنس: يا أنس لا يطعم شيئا حتى تغدو به إلى
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر، فمضغهن ثم جمع بزاقه، ثم فَغَرَ فَـاه، وأوجره، فجعليحنك الصبي، وجعل الصبي يَتَلَمظُ؛ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا حرص أبواه أن يكسب البركة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان أول ما فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا ما كانوا ينشدونه وذلك ما كانوا يبتغونه.
إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان يفارقهم أبداً.
((قال : قلت: يا رسول الله ! سمه)).
حتى التسمية طلبوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
((قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه)).
لأن الله تعالى من عليه بأبوين يربيانه ويؤدبانه بأدب الإسلام ويتابعانه فيما يرضي الله تعالى.
((قال : فخرج من رجل كثير، واستشهد عبد الله بفــارس)).
واستشهد عبد الله بفــارسأجاب الله تعالى الدعاء.
كيف لا؛ وهو يقول سبحانه:﴿ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾
وقال سبحانه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾
وضربها المخاض حتى قدموا، فولدت غلاماً، وقالت لإبنها أنس: يا أنس لا يطعم شيئا حتى تغدو به إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر، فمضغهن ثم جمع بزاقه، ثم فَغَرَ فَـاه، وأوجره، فجعليحنك الصبي، وجعل الصبي يَتَلَمظُ؛ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا حرص أبواه أن يكسب البركة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان أول ما فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا ما كانوا ينشدونه وذلك ما كانوا يبتغونه.
إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان يفارقهم أبداً.
((قال : قلت: يا رسول الله ! سمه)).
حتى التسمية طلبوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
((قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه)).
لأن الله تعالى من عليه بأبوين يربيانه ويؤدبانه بأدب الإسلام ويتابعانه فيما يرضي الله تعالى.
((قال : فخرج من رجل كثير، واستشهد عبد الله بفــارس)).
ذلك لأنه رضع حب الجهاد وتربى عليه.
واستشهد بفــارس خارج أرض الجزيرة.
يا له من جيل كان يختار أرض المعركة ومكانها.
وهم المهاجمون لا المدافعون.
واستشهد بفــارس وهو يؤدي واجبه؛ لتكون كلمة الله هي العليا، فرضي الله عنه وعن أبويه وعن الصحابة أجمعين.
تمت والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وأسأل الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه
أن ينفعني بما قدمت
ويغفر لي ما أسررت وما أعلنت
أقولي قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
كتبته وأتمته أختكم:
:: أم لبابة السلفية ::
ليلة الإثنين 16 ربيع الأول 1343 من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_________
قال الحافظ في الفتح (171/3) بعد ذكر بعض الفوائد: (( وفي قصة أم سليم هذه من الفوائد أيضا: جواز الأخذ بالشدة، وترك الرخصة مع القدرة عليها، والتسلية عن المصائب، وتزيين المرأة لزوجها، وتعرُّضها لطلب الجماع منه، واجتهادها في عمل مصالحه، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها، وشرط جوازها أن لا تبطل حقا لمسلم، وكان الحامل لأم سليم على ذلك المبالغة في الصبر والتسليم لأوامر الله تعالى، ورجاء إخلافه عليها ما فات منها، إذ لو أحلمت أبا طلحة بالأمر في أول الحال؛ تنكر عليه وقته، ولم تبلغ الغرض الذي أرادته، فلما علم الله صدق نيتها؛ بلغها مناها، وأصلح لها ذريتها؛ وفيه إجابة دعوة التبي صلى الله عليه وسلم، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وبيان حال أم سليم من التجلُّد وجودة الرأي وقوة العزم)).
واستشهد بفــارس خارج أرض الجزيرة.
يا له من جيل كان يختار أرض المعركة ومكانها.
وهم المهاجمون لا المدافعون.
واستشهد بفــارس وهو يؤدي واجبه؛ لتكون كلمة الله هي العليا، فرضي الله عنه وعن أبويه وعن الصحابة أجمعين.
تمت والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وأسأل الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه
أن ينفعني بما قدمت
ويغفر لي ما أسررت وما أعلنت
أقولي قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
كتبته وأتمته أختكم:
:: أم لبابة السلفية ::
ليلة الإثنين 16 ربيع الأول 1343 من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_________
قال الحافظ في الفتح (171/3) بعد ذكر بعض الفوائد: (( وفي قصة أم سليم هذه من الفوائد أيضا: جواز الأخذ بالشدة، وترك الرخصة مع القدرة عليها، والتسلية عن المصائب، وتزيين المرأة لزوجها، وتعرُّضها لطلب الجماع منه، واجتهادها في عمل مصالحه، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها، وشرط جوازها أن لا تبطل حقا لمسلم، وكان الحامل لأم سليم على ذلك المبالغة في الصبر والتسليم لأوامر الله تعالى، ورجاء إخلافه عليها ما فات منها، إذ لو أحلمت أبا طلحة بالأمر في أول الحال؛ تنكر عليه وقته، ولم تبلغ الغرض الذي أرادته، فلما علم الله صدق نيتها؛ بلغها مناها، وأصلح لها ذريتها؛ وفيه إجابة دعوة التبي صلى الله عليه وسلم، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وبيان حال أم سليم من التجلُّد وجودة الرأي وقوة العزم)).
تعليق