الفتوى رقم: 762
الصنف: فتاوى الزواج
أنا امرأةٌ متزوِّجة من رجلٍ فرنسيِّ الأصل والجنسية، أسلم قُبَيْلَ زواجنا حيث آمن بجميع مقتضيات الدِّين الإسلامي من الأقوال والأعمال، وبعد مضي ثلاث سنوات من زواجنا لم يطبق شيئًا ممّا آمن به فهل يُعدّ هذا مسلمًا؟ وهل يجوز لي طلب الانفصال عنه علمًا أنّ لي منه بنتًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام، على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فإنَّ أَوَّلَ واجبٍ يجب على المكلَّف شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمَّدًا رسولُ الله، فالفاعل لذلك ظاهره الإسلام، وهو مأمور بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والمنهيات، ويُعلم صِدقُه إلى الله بالمبادرة إلى الامتثال والطاعة، والكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل، والاختتان، و لو كان كبيرَ السنِّ، فقد روى البخاري، أنّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمٰنِ بَعْدَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمانونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بالقَدُومِ»(١- أخرجه البخاري كتاب «الأنبياء»، باب قول الله واتخذ الله إبراهيم خليلا:(317، ومسلم في «الفضائل»، باب من فضائل إبراهيم الخليل : (6141)، وأحمد في «مسنده»: (8082) واللفظ له، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (18062)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، كما يجب عليه أن يأتي سائر الفرائض الواجبة على المسلم من عقائد الإيمان وقواعد الإسلام، وطرائق الإحسان، فإن كان جاهلاً بها وجب عليه أن يتعلَّم ما يصحِّح به عقيدته وعبادتَه ومعاملاتِه، ليعمل بها على وجهها الصحيح فإن فعل ذلك فقد أتى بحقّ الشهادة التي نطق بها، وخاصّة ظهور أعمال الباطن بأعمال الجوارح من صلاة وصيام وزكاة وحجّ، وغيرها من شعب الإيمان التي هي تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها، فالتارك لبعض أفراد العمل المعلومة فرضيتها عليه مؤمن بإيمانه، فاسقٌ بمعصيته عند أهل السُّنَّة، فلا يُعدّ من أهل الإسلام تارك جنس العمل، إذ ليس في الشريعة إيمان لا يقابله عمل، ولا يصدر هذا إلاّ مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح، لأنّ الإيمان إذا كان قولاً بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولاً وعملاً بلا نية فهو نفاق.
وعليه، إن بقي ممتنعًا عن أداء الفرائض الواجبات وعن الإتيان بالطاعات الصالحات –بعد حصول العلم- ثبت في حقّه حكم الارتداد عن الإسلام -والعياذ بالله- وتنفسخ العلاقة الزوجية، وتنقطع آثارها من ميراث وولاية ونحوهما، ولا يجوز -والحال هذه- أن تبقى المرأة معه إذا لم يمكن تقويمه؛ لأنّ المرتد لا دين له، والرِّدَّة توجب الفرقة بينهما، وهي تُعَدُّ فَسْخًا لا طلاقًا، وللمرتد أحكام أخرى، وقد ذكر القرطبي إجماعَ الأُمَّةِ على أنّ المشرك لا يطأ المؤمنةَ بوجهٍ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام(٢- تفسير القرطبي: (3/72))، لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ﴾ [البقرة: 221]، وقوله تعالى: ﴿لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10] أي: لم يحلّ الله مؤمنة لكافر، ولا نكاح مؤمن لمشركة.
هذا، ويجدر التنبيه أنّ الكافر إذا أسلم ينبغي -قبل التعامل معه في مسائل النكاح وغيرها- أخذ شيء من الحذر والمراقبة ليَتَبَيَّنَ حُسْنُ نيّته وقصده، ويظهرَ صدقُ إيمانه بإقامة شعائر الإسلام وفي طليعتها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وغيرهما مع تعقبه بالنصح والإرشاد والتوجيه.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
١- أخرجه البخاري كتاب «الأنبياء»، باب قول الله واتخذ الله إبراهيم خليلا:(317، ومسلم في «الفضائل»، باب من فضائل إبراهيم الخليل : (6141)، وأحمد في «مسنده»: (8082) واللفظ له، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (18062)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢-تفسير القرطبي: (3/72).
الصنف: فتاوى الزواج
في حكم زواج امرأة من كافر أسلم بالقول دون عمل للشيخ محمد علي فركوس
السـؤال:أنا امرأةٌ متزوِّجة من رجلٍ فرنسيِّ الأصل والجنسية، أسلم قُبَيْلَ زواجنا حيث آمن بجميع مقتضيات الدِّين الإسلامي من الأقوال والأعمال، وبعد مضي ثلاث سنوات من زواجنا لم يطبق شيئًا ممّا آمن به فهل يُعدّ هذا مسلمًا؟ وهل يجوز لي طلب الانفصال عنه علمًا أنّ لي منه بنتًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام، على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فإنَّ أَوَّلَ واجبٍ يجب على المكلَّف شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمَّدًا رسولُ الله، فالفاعل لذلك ظاهره الإسلام، وهو مأمور بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والمنهيات، ويُعلم صِدقُه إلى الله بالمبادرة إلى الامتثال والطاعة، والكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل، والاختتان، و لو كان كبيرَ السنِّ، فقد روى البخاري، أنّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمٰنِ بَعْدَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمانونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بالقَدُومِ»(١- أخرجه البخاري كتاب «الأنبياء»، باب قول الله واتخذ الله إبراهيم خليلا:(317، ومسلم في «الفضائل»، باب من فضائل إبراهيم الخليل : (6141)، وأحمد في «مسنده»: (8082) واللفظ له، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (18062)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، كما يجب عليه أن يأتي سائر الفرائض الواجبة على المسلم من عقائد الإيمان وقواعد الإسلام، وطرائق الإحسان، فإن كان جاهلاً بها وجب عليه أن يتعلَّم ما يصحِّح به عقيدته وعبادتَه ومعاملاتِه، ليعمل بها على وجهها الصحيح فإن فعل ذلك فقد أتى بحقّ الشهادة التي نطق بها، وخاصّة ظهور أعمال الباطن بأعمال الجوارح من صلاة وصيام وزكاة وحجّ، وغيرها من شعب الإيمان التي هي تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها، فالتارك لبعض أفراد العمل المعلومة فرضيتها عليه مؤمن بإيمانه، فاسقٌ بمعصيته عند أهل السُّنَّة، فلا يُعدّ من أهل الإسلام تارك جنس العمل، إذ ليس في الشريعة إيمان لا يقابله عمل، ولا يصدر هذا إلاّ مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح، لأنّ الإيمان إذا كان قولاً بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولاً وعملاً بلا نية فهو نفاق.
وعليه، إن بقي ممتنعًا عن أداء الفرائض الواجبات وعن الإتيان بالطاعات الصالحات –بعد حصول العلم- ثبت في حقّه حكم الارتداد عن الإسلام -والعياذ بالله- وتنفسخ العلاقة الزوجية، وتنقطع آثارها من ميراث وولاية ونحوهما، ولا يجوز -والحال هذه- أن تبقى المرأة معه إذا لم يمكن تقويمه؛ لأنّ المرتد لا دين له، والرِّدَّة توجب الفرقة بينهما، وهي تُعَدُّ فَسْخًا لا طلاقًا، وللمرتد أحكام أخرى، وقد ذكر القرطبي إجماعَ الأُمَّةِ على أنّ المشرك لا يطأ المؤمنةَ بوجهٍ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام(٢- تفسير القرطبي: (3/72))، لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ﴾ [البقرة: 221]، وقوله تعالى: ﴿لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10] أي: لم يحلّ الله مؤمنة لكافر، ولا نكاح مؤمن لمشركة.
هذا، ويجدر التنبيه أنّ الكافر إذا أسلم ينبغي -قبل التعامل معه في مسائل النكاح وغيرها- أخذ شيء من الحذر والمراقبة ليَتَبَيَّنَ حُسْنُ نيّته وقصده، ويظهرَ صدقُ إيمانه بإقامة شعائر الإسلام وفي طليعتها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وغيرهما مع تعقبه بالنصح والإرشاد والتوجيه.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في 26 جمادى الأولى 1421ﻫ
الموافق ﻟ: 26 أوت 2000م
الموافق ﻟ: 26 أوت 2000م
٢-تفسير القرطبي: (3/72).