الـزواج المبكر
<b>في ميزان الشريعة
وفيه زيادات كثيرة على ما في "شبهات حول الإسلام".
كتبه:
أبو عمار علي الحذيفي
المقدمــــة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله صحبه أجمعين، وبعد:
الهدف الثالث: تقليل عدد المسلمين والحد من تكاثرهم، لأن الزواج المبكر وتعدد الزوجات فيه مصلحة تكاثر المسلمين، وهذا السبب من أعظم أسباب عزة المسلمين وقوتهم، وقد كان الزواج المبكر معروفا في المجتمع الجاهلي لأنهم كانوا يرغبون في التكاثر ولاسيما من البنين لأن كثرة عدد أفراد القبيلة علامة على قوتها بين القبائل.
ولقد فطن الرحالة الألماني "بول أشميد" إلى الخصوبة في النسل لدى المسلمين، واعتبر ذلك عنصرا من عناصر قوتهم فقال في كتاب "الإسلام قوة الغد" الذي ظهر سنة 1936م ما خلاصته: (إن مقومات القوى في الشرق الإسلامي، تنحصر في عوامل ثلاثة: الأول: في قوة الإسلام كدين"، وفي تآخيه بين مختلفي الجنس واللون والثقافة، والثاني: في مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الإسلامي، والثالث: خصوبة النسل البشري لدى المسلمين، مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة، ثم قال: "فإذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتآخى المسلمون على وحدة العقيدة وتوحيد الله، وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزايد عددهم، كان الخطر الإسلامي خطراً منذرا بفناء أوربا، وبسيادة عالمية في منطقة هي مركز العالم كله).
والزواج المبكر أحد أعظم أسباب تكاثر الأفراد وهذا ما يعرفه أهل الكفر والضلال.
ففي اجتماع البابا شنودة في 5/3/1973م مع القساوسة والأثرياء في "الكنيسة المرقصية" بالإسكندرية طرحوا بعض المقررات وقد كان منها منع تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار من النسل بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية مع تشجيع الزواج المبكر بين النصارى، وفي المقابل تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة علماً بأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض القائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة.
انظر: "الموسوعة الميسرة" نقلاً عن كتاب: "قذائف الحق" لمحمد الغزالي.
ومن ذلك ما يفعله الرافضة في "المملكة العربية السعودية" وغيرها من دول الخليج وغير دول الخليج، فعندهم في "السعودية" دعوة جادة لتكثير التناسل بينهم, بواسطة الزواج المبكر, وتعدد الزوجات, ولذلك فإن من الملفت للنظر لمن دخل القطيف وتجول فيها أن يرى تلك اللوحات الكثيرة التي تحمل التهاني والتبريكات بمناسبة زوجات فلان.
ففي مدينة القطيف أقيم المهرجان الثاني للزواج الجماعي حيث كان عدد المتزوجين الذين تم زفافهم (26) عريساً !!, وفي سيهات أقيمت ثلاثة مهرجانات للزواج الجماعي, كان عدد المتزوجين في الأول (21) شاباً , وفي الثاني (27) شاباً, وفي الثالث (44) شاباً وفي المهرجان الرابع (مائة عريس وعروس)!
الهدف الرابع: الدعوة إلى الانحراف الأخلاقي، لأن الزواج المبكر يحفظ المجتمع من الانحراف الأخلاقي، فالزواج المبكر له منافع عظيمة، ومصالح كبيرة تفطن لها أعداء الإسلام.
ولك أن تتصور مع وجود القنوات الفضائية ومواقع الانترنت وغيرها من الأسباب المثيرة للغرائز والشهوات، فلا شك أن الفتاة والشاب سيعيشان مرحلة المراهقة في صراع مع الشهوة، ولاسيما مع الاختلاط الحاصل في كل مكان في الشوارع والأسواق والكليات، ولا شك أن هذا الحال سيؤتي ثماراً مريرة، ولاسيما مع أوضاع الشباب المتردية في الانحلال الخلقي، فما هي النتيجة بعد هذا كله إذا كان الزواج ممنوعاً حتى تبلغ الفتاة سبع عشرة سنة، فما هي الأضرار التي ستنشأ من هذا التأخير ؟!
ولا يمنع أن يكون هناك أهداف أخرى مثل الخوف من الانفجار السكاني وغيره، والله أعلم.
والذين يدعون إلى المنع من الزواج المبكر على الإطلاق لا نعرفهم إلا بالدعوة إلى تدمير المرأة باسم: (تحرير المرأة) و (نبذ العنف ضد المرأة) ونحو هذه الشعارات إلا القليل من هؤلاء ممن يصيح بمحاربة الزواج المبكر وهو لا يدري ما وراء الأكمة.
الهدف الخامس: تشويه الزواج الشرعي والتنفير منه، لأنهم يرون الزواج عائقا يعوق المرأة ولا يرونه رابطا شرعيا بين الرجل والمرأة، وبالتالي فلابد من تأخير هذا الزواج ورفع سنه وتحريم الزواج المبكر كما دعت إليه المؤتمرات الغربية وآخرها المؤتمر الذي حصل في بكين وتمخض عن "وثيقة بكين".
ولا يشك عاقل من أن هذه الأهداف دخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية خصوصا والعربية عموما، ولذلك فالأبواق التي تنادي بها يتسللون بها تسللا على المسلمين، ولا ندري أين الديمقراطية التي يتبجحون بها مع مثل هذه الظاهرة والتي هي هجوم بعض الأفكار الدخيلة على غالبية مجتمعاتنا الإسلامية ؟!!
إن فتح الصحف اليوم لهذا الباب لمناقشة مثل هذه الأحاديث وفي هذا الوقت العصيب الذي نعاني فيه من هجوم حاقد على الاسلام على جميع المستويات، وبمثل هذه الأساليب الساخرة، والمتطاولة على أهل العلم، لهو دليل على أن القوم يمكرون المكر السيئ بالشريعة، فأسأل الله أن يحفظ دينه ويعلي كلمته.
وفيه زيادات كثيرة على ما في "شبهات حول الإسلام".
كتبه:
أبو عمار علي الحذيفي
المقدمــــة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله صحبه أجمعين، وبعد:
فإن الله تعالى جعل الزواج بين الجنسين الذكر والأنثى من آياته الدالة على ربوبيته سبحانه كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وقال تعالى: (هن لباس لكم وأنت لباس لهن).
وهذه رسالة مختصرة تكلمت فيها عن (الزواج المبكر) أقدمها بين يدي القراء المنصفين ليعلموا أن القول بمحاربة الزواج المبكر على الإطلاق مذهب فاسد شرعاً وعرفاً.
ولهذا البحث قصة، فإنني رأيت الصحف تكثر الكلام على الزواج المبكر عموما وعليه في اليمن خصوصا، فعلمت أنها مكيدة مدبرة، وعلمت أن هذا تمهيد لقانون جديد سينزل في الأسواق لا يخدم سوى "المنظمات" وأن هذا بمنزلة الاختبار لشعور الناس واختبار ردة أفعالهم، فخطبت فيه خطبة جمعة أو أكثر بهذا الموضوع، مع اشتمال بعض الخطب على شيء من تفاصيله، وبعد مدة يسيرة فاجأنا "مجلس النواب" بقرار منع الزواج قبل سن السابعة عشر، وهو قرار لا وزن له ولا قيمة كما سيأتي بيانه.
ولقد كان السبب الرئيسي في الحرب على الزواج المبكر هو دعوة "المنظمات" العالمية التابعة لـ"هيئة الأمم المتحدة" وعلى رأسها "منظمة اليونيسيف"، وما تدعو إليه باسم مفهوم "الصحة الإنجابية"، وبالمناسبة أحب هنا أن أبين "مفهوم الصحة الإنجابية"، لأنه يخفى على كثير من الناس، فالصحة الإنجابية تشتمل على حق وباطل، فمن الحق الذي اشتملت عليه "الصحة الإنجابية" الأمومة الآمنة، والعناية بصحة المرأة من حيث التغذية الصحيحة للحامل والولادة والنفاس، وكذلك الرضاع الطبيعي، وصحة المرضع .. إلخ، فهذه الأمور حق لا جدال فيها، والإسلام يدعو إلى ما فيه صحة وسلامة الإنسان وبدنه.
أما الأمور الباطلة التي يشتمل عليها فهي التنفير من الزواج المبكر، والحد من الإنجاب، وتناول حبوب منع الحمل للمراهقات، وإباحة الإجهاض.. إلخ.
وهذه القضايا دعت إليها مؤتمرات "الأمم المتحدة" حول المرأة والسكان والتنمية الاجتماعية، وتعتبرها الوسيلة الرئيسة للنهوض بالمرأة !!.
وهذه رسالة مختصرة تكلمت فيها عن (الزواج المبكر) أقدمها بين يدي القراء المنصفين ليعلموا أن القول بمحاربة الزواج المبكر على الإطلاق مذهب فاسد شرعاً وعرفاً.
ولهذا البحث قصة، فإنني رأيت الصحف تكثر الكلام على الزواج المبكر عموما وعليه في اليمن خصوصا، فعلمت أنها مكيدة مدبرة، وعلمت أن هذا تمهيد لقانون جديد سينزل في الأسواق لا يخدم سوى "المنظمات" وأن هذا بمنزلة الاختبار لشعور الناس واختبار ردة أفعالهم، فخطبت فيه خطبة جمعة أو أكثر بهذا الموضوع، مع اشتمال بعض الخطب على شيء من تفاصيله، وبعد مدة يسيرة فاجأنا "مجلس النواب" بقرار منع الزواج قبل سن السابعة عشر، وهو قرار لا وزن له ولا قيمة كما سيأتي بيانه.
ولقد كان السبب الرئيسي في الحرب على الزواج المبكر هو دعوة "المنظمات" العالمية التابعة لـ"هيئة الأمم المتحدة" وعلى رأسها "منظمة اليونيسيف"، وما تدعو إليه باسم مفهوم "الصحة الإنجابية"، وبالمناسبة أحب هنا أن أبين "مفهوم الصحة الإنجابية"، لأنه يخفى على كثير من الناس، فالصحة الإنجابية تشتمل على حق وباطل، فمن الحق الذي اشتملت عليه "الصحة الإنجابية" الأمومة الآمنة، والعناية بصحة المرأة من حيث التغذية الصحيحة للحامل والولادة والنفاس، وكذلك الرضاع الطبيعي، وصحة المرضع .. إلخ، فهذه الأمور حق لا جدال فيها، والإسلام يدعو إلى ما فيه صحة وسلامة الإنسان وبدنه.
أما الأمور الباطلة التي يشتمل عليها فهي التنفير من الزواج المبكر، والحد من الإنجاب، وتناول حبوب منع الحمل للمراهقات، وإباحة الإجهاض.. إلخ.
وهذه القضايا دعت إليها مؤتمرات "الأمم المتحدة" حول المرأة والسكان والتنمية الاجتماعية، وتعتبرها الوسيلة الرئيسة للنهوض بالمرأة !!.
وهذا البحث يتكون من عدة فصول:
الفصل الأول: لماذا الحرب على الزواج المبكر ؟!
الفصل الثاني: حقيقة الزواج المبكر، وحكمه.
الفصل الثالث: محاسن تعجيل الزواج، ومفاسد تأخيره.
الفصل الرابع: قيود الزواج المبكر.
الفصل الخامس: شبهات الداعين إلى تأخيره.
الفصل السادس: مناقشة قانون تحديد سن الزواج.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وسبباً لمرضاته، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.الفصل الثاني: حقيقة الزواج المبكر، وحكمه.
الفصل الثالث: محاسن تعجيل الزواج، ومفاسد تأخيره.
الفصل الرابع: قيود الزواج المبكر.
الفصل الخامس: شبهات الداعين إلى تأخيره.
الفصل السادس: مناقشة قانون تحديد سن الزواج.
الفصل الأول: لماذا الكلام على الزواج المبكر ؟!
المبحث الأول: أهداف القوم:
المبحث الأول: أهداف القوم:
إن صاحب الباطل إذا أراد أن يدعو إلى باطله، فإنه لا يصرح به لأنه لن يجد قبولا بذلك، وإنما يأتي له بكلام مقبول يقبله السامع، وهذا الذي فعله إبليس لعنه الله حيث قال الله عنه: (وقاسمهما إني لكما من الناصحين)، فلم يقل لهم: كلوا واعصوا الله، كلوا لتخرجوا من الجنة !!، وإنما قال: (إني لكما من الناصحين)، وهكذا كل من له غرض فاسد فإنه لا يصرح به، وإنما يتحجج بأعذار تكون مقبولة عند الآخرين، فالشيوعية الملحدة جاءت باسم حقوق العمال وإزالة الطبقات والاشتراك في ثروات المجتمع.
وهكذا جاء تهجم بعض الدول العظمى على بعض الدول الغنية بالبترول ولكنها لا تقول: هدفي من هذه الحروب هو البترول، وإنما تقول: العالم مهدد بأسلحة نووية يمكن أن تطلقها الدولة الفلانية في أي وقت !!
ومن هذا الباب موضوعنا الذي نحن فيه، موضوع: (الزواج المبكر) ذلك الموضوع الذي كثفت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الكلام عليه، وكأنه من أصول الإيمان بالله واليوم الآخر، مع أننا كنا بحاجة إلى الكلام على مواضيع أخرى هي أهم من هذا بكثير.
وإن تعجب فعجيبة هي حججهم: فتارة يقولون: الزواج المبكر سبب في كثير من الوفيات، أقول: ومن متى أنتم تهتمون بالآدميين حتى تهتموا بالوفيات ؟؟
وكم من شخص مات بسبب حوادث سببها الإهمال في الطرق وغيرها، ثم تأتون وتتحدثون عن الزواج المبكر !!.
إن حرب هذه المنظمات للزواج المبكر وكذلك الختان، ودعوتهم إلى الإباحية عبر القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت وتحريضهم على الاختلاط بين الجنسين وعلى الرياضة النسوية ونحو ذلك ودعواها إلى خروج الفتيات، في الوقت الذي لا نرى منها أي بادرة إصلاح فلا نرى من يعالج انتشار الرذيلة بين الشباب والفتيات، وانتشار الجنس الثالث في الدول العربية، لهي قرائن واضحة على أنهم يريدون سوء بالمرأة المسلمة بل وبالمجتمع الإسلامي، ودليل على أنهم يسعون من وراء هذا إلى أهداف خطيرة، فكل من أمرك بشيء ما يصادم شريعة الإسلام فهو مبطل يريد بك سوءا وإن كانت الشعارات جميلة، فنحن لا ننظر إلى الشعارات بقد ما ننظر إلى حقائق الأمور.
ويمكن ذكر بعض الأهداف هنا، فنقول وبالله التوفيق:
الهدف الأول: تشكيكهم في دواوين السنة ومراجعها العظيمة، فإنهم إذا أقنعوا الناس بأن الزواج المبكر ممنوع طبا وضار أساء الناس بكتب السنة ودواوين الإسلام، وهذا ما صرح به صحفي حيث شوشر على حديث من أحاديث "صحيح البخاري" ثم قال بعد أن ظن أنه أسقط الحديث:
(لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب الحديث والفقه والسيرة والتفسير، وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء فيها من أوهام وخرافات لا تنتهي، فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية أبداً، فنحن وأهل التراث في البشرية على درجة سواء، لا يفضل أحدنا الآخر، فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا).
أقول: هذه هي مقاصد القوم إذاً، فقلوبهم حاقدة على الأحاديث النبوية العظيمة التي اشتملت عليها كتب السنة، لأنها لا ترضي أسيادهم في أوروبا وأمريكا !!
ثم يقول: (فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية) !!
وأقول له ولأمثاله: وهل رضيتم عن كتاب الله أصلاً حتى ترضوا عن السنة ؟! فقد شرقتم بإقامة الحدود وحجاب المرأة وتنصيف ميراثها وابتعادها عن الاختلاط بالرجال، وتحريم الغناء وغيرها وكلها في كتاب الله.
الهدف الثاني: يريدون أن يشككوا المسلمين في نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم إذا استطاعوا أن يقنعوا غيرهم بأن هذا من العنف مع المرأة، إذن فالرسولصلى الله عليه وسلم قد مارس العنف ضد المرأة بزواجه من عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين وأقر غيره على هذا العنف حيث زوج فاطمة من علي بن أبي طالب وهي بنت ثلاثة عشرة سنة، وكذلك أبو بكر الصديق لأنه رضي لابنته بذلك، وكذلك على بن أبي طالب في تزويجه أم كلثوم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي بنت ثلاثة عشرة سنة، هذا ما يريدونه عليهم من الله ما يستحقون.وهكذا جاء تهجم بعض الدول العظمى على بعض الدول الغنية بالبترول ولكنها لا تقول: هدفي من هذه الحروب هو البترول، وإنما تقول: العالم مهدد بأسلحة نووية يمكن أن تطلقها الدولة الفلانية في أي وقت !!
ومن هذا الباب موضوعنا الذي نحن فيه، موضوع: (الزواج المبكر) ذلك الموضوع الذي كثفت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الكلام عليه، وكأنه من أصول الإيمان بالله واليوم الآخر، مع أننا كنا بحاجة إلى الكلام على مواضيع أخرى هي أهم من هذا بكثير.
وإن تعجب فعجيبة هي حججهم: فتارة يقولون: الزواج المبكر سبب في كثير من الوفيات، أقول: ومن متى أنتم تهتمون بالآدميين حتى تهتموا بالوفيات ؟؟
1- كم من شخص مات بسبب الإهمال الطبي، والذي منه حوادث موت النساء في الولادة، لقد حدثني طالب في "كلية الطب" عندنا في عدن أن أحد الأطباء يقول: (إن كثيرا من النساء يلدن ويمتن بدون سبب وإنما بسبب الإهمال الموجود).
2- وعندنا أماكن للإجهاض موجودة في بعض الأماكن والمستوصفات، بل والمراقص الليلية !!فكم نسبة الكلام على هذه المواضيع في الصحف.وكم من شخص مات بسبب حوادث سببها الإهمال في الطرق وغيرها، ثم تأتون وتتحدثون عن الزواج المبكر !!.
إن حرب هذه المنظمات للزواج المبكر وكذلك الختان، ودعوتهم إلى الإباحية عبر القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت وتحريضهم على الاختلاط بين الجنسين وعلى الرياضة النسوية ونحو ذلك ودعواها إلى خروج الفتيات، في الوقت الذي لا نرى منها أي بادرة إصلاح فلا نرى من يعالج انتشار الرذيلة بين الشباب والفتيات، وانتشار الجنس الثالث في الدول العربية، لهي قرائن واضحة على أنهم يريدون سوء بالمرأة المسلمة بل وبالمجتمع الإسلامي، ودليل على أنهم يسعون من وراء هذا إلى أهداف خطيرة، فكل من أمرك بشيء ما يصادم شريعة الإسلام فهو مبطل يريد بك سوءا وإن كانت الشعارات جميلة، فنحن لا ننظر إلى الشعارات بقد ما ننظر إلى حقائق الأمور.
ويمكن ذكر بعض الأهداف هنا، فنقول وبالله التوفيق:
الهدف الأول: تشكيكهم في دواوين السنة ومراجعها العظيمة، فإنهم إذا أقنعوا الناس بأن الزواج المبكر ممنوع طبا وضار أساء الناس بكتب السنة ودواوين الإسلام، وهذا ما صرح به صحفي حيث شوشر على حديث من أحاديث "صحيح البخاري" ثم قال بعد أن ظن أنه أسقط الحديث:
(لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب الحديث والفقه والسيرة والتفسير، وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء فيها من أوهام وخرافات لا تنتهي، فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية أبداً، فنحن وأهل التراث في البشرية على درجة سواء، لا يفضل أحدنا الآخر، فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا).
أقول: هذه هي مقاصد القوم إذاً، فقلوبهم حاقدة على الأحاديث النبوية العظيمة التي اشتملت عليها كتب السنة، لأنها لا ترضي أسيادهم في أوروبا وأمريكا !!
ثم يقول: (فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية) !!
وأقول له ولأمثاله: وهل رضيتم عن كتاب الله أصلاً حتى ترضوا عن السنة ؟! فقد شرقتم بإقامة الحدود وحجاب المرأة وتنصيف ميراثها وابتعادها عن الاختلاط بالرجال، وتحريم الغناء وغيرها وكلها في كتاب الله.
الهدف الثالث: تقليل عدد المسلمين والحد من تكاثرهم، لأن الزواج المبكر وتعدد الزوجات فيه مصلحة تكاثر المسلمين، وهذا السبب من أعظم أسباب عزة المسلمين وقوتهم، وقد كان الزواج المبكر معروفا في المجتمع الجاهلي لأنهم كانوا يرغبون في التكاثر ولاسيما من البنين لأن كثرة عدد أفراد القبيلة علامة على قوتها بين القبائل.
ولقد فطن الرحالة الألماني "بول أشميد" إلى الخصوبة في النسل لدى المسلمين، واعتبر ذلك عنصرا من عناصر قوتهم فقال في كتاب "الإسلام قوة الغد" الذي ظهر سنة 1936م ما خلاصته: (إن مقومات القوى في الشرق الإسلامي، تنحصر في عوامل ثلاثة: الأول: في قوة الإسلام كدين"، وفي تآخيه بين مختلفي الجنس واللون والثقافة، والثاني: في مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الإسلامي، والثالث: خصوبة النسل البشري لدى المسلمين، مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة، ثم قال: "فإذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتآخى المسلمون على وحدة العقيدة وتوحيد الله، وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزايد عددهم، كان الخطر الإسلامي خطراً منذرا بفناء أوربا، وبسيادة عالمية في منطقة هي مركز العالم كله).
والزواج المبكر أحد أعظم أسباب تكاثر الأفراد وهذا ما يعرفه أهل الكفر والضلال.
ففي اجتماع البابا شنودة في 5/3/1973م مع القساوسة والأثرياء في "الكنيسة المرقصية" بالإسكندرية طرحوا بعض المقررات وقد كان منها منع تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار من النسل بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية مع تشجيع الزواج المبكر بين النصارى، وفي المقابل تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة علماً بأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض القائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة.
انظر: "الموسوعة الميسرة" نقلاً عن كتاب: "قذائف الحق" لمحمد الغزالي.
ومن ذلك ما يفعله الرافضة في "المملكة العربية السعودية" وغيرها من دول الخليج وغير دول الخليج، فعندهم في "السعودية" دعوة جادة لتكثير التناسل بينهم, بواسطة الزواج المبكر, وتعدد الزوجات, ولذلك فإن من الملفت للنظر لمن دخل القطيف وتجول فيها أن يرى تلك اللوحات الكثيرة التي تحمل التهاني والتبريكات بمناسبة زوجات فلان.
ففي مدينة القطيف أقيم المهرجان الثاني للزواج الجماعي حيث كان عدد المتزوجين الذين تم زفافهم (26) عريساً !!, وفي سيهات أقيمت ثلاثة مهرجانات للزواج الجماعي, كان عدد المتزوجين في الأول (21) شاباً , وفي الثاني (27) شاباً, وفي الثالث (44) شاباً وفي المهرجان الرابع (مائة عريس وعروس)!
الهدف الرابع: الدعوة إلى الانحراف الأخلاقي، لأن الزواج المبكر يحفظ المجتمع من الانحراف الأخلاقي، فالزواج المبكر له منافع عظيمة، ومصالح كبيرة تفطن لها أعداء الإسلام.
ولك أن تتصور مع وجود القنوات الفضائية ومواقع الانترنت وغيرها من الأسباب المثيرة للغرائز والشهوات، فلا شك أن الفتاة والشاب سيعيشان مرحلة المراهقة في صراع مع الشهوة، ولاسيما مع الاختلاط الحاصل في كل مكان في الشوارع والأسواق والكليات، ولا شك أن هذا الحال سيؤتي ثماراً مريرة، ولاسيما مع أوضاع الشباب المتردية في الانحلال الخلقي، فما هي النتيجة بعد هذا كله إذا كان الزواج ممنوعاً حتى تبلغ الفتاة سبع عشرة سنة، فما هي الأضرار التي ستنشأ من هذا التأخير ؟!
ولا يمنع أن يكون هناك أهداف أخرى مثل الخوف من الانفجار السكاني وغيره، والله أعلم.
والذين يدعون إلى المنع من الزواج المبكر على الإطلاق لا نعرفهم إلا بالدعوة إلى تدمير المرأة باسم: (تحرير المرأة) و (نبذ العنف ضد المرأة) ونحو هذه الشعارات إلا القليل من هؤلاء ممن يصيح بمحاربة الزواج المبكر وهو لا يدري ما وراء الأكمة.
الهدف الخامس: تشويه الزواج الشرعي والتنفير منه، لأنهم يرون الزواج عائقا يعوق المرأة ولا يرونه رابطا شرعيا بين الرجل والمرأة، وبالتالي فلابد من تأخير هذا الزواج ورفع سنه وتحريم الزواج المبكر كما دعت إليه المؤتمرات الغربية وآخرها المؤتمر الذي حصل في بكين وتمخض عن "وثيقة بكين".
ولا يشك عاقل من أن هذه الأهداف دخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية خصوصا والعربية عموما، ولذلك فالأبواق التي تنادي بها يتسللون بها تسللا على المسلمين، ولا ندري أين الديمقراطية التي يتبجحون بها مع مثل هذه الظاهرة والتي هي هجوم بعض الأفكار الدخيلة على غالبية مجتمعاتنا الإسلامية ؟!!
إن فتح الصحف اليوم لهذا الباب لمناقشة مثل هذه الأحاديث وفي هذا الوقت العصيب الذي نعاني فيه من هجوم حاقد على الاسلام على جميع المستويات، وبمثل هذه الأساليب الساخرة، والمتطاولة على أهل العلم، لهو دليل على أن القوم يمكرون المكر السيئ بالشريعة، فأسأل الله أن يحفظ دينه ويعلي كلمته.
المصدر
منقول من سحاب
منقول من سحاب
تعليق