السلام عليكم و رحمة الله...
أصل هذا الموضوع كان أن وضع أخ بعض الإشكالات حول التفسير الذي انتصر له شيخ الإسلام و كثير من المعاصرين من أهل العلم للإسترقاء بطلب الرقية و لا أخفيكم أن أكثرها واهية و بعضها عقلية لا ترتقي أن تكون عقلية شرعية كما هو ديدن أهل السنة عند إيراد الأدلة و الإشكالات العقلية, فأحببت أن ألخصه بصورة موضوع مستقل فيها الكلام و الرد و تركته بصورة النقاش مع من أورد تلك الإشكالات الواهية.
و قد تعمدت عدم الإطالة و نقل كلام أهل العلم و آثرت أن يكون قصيراً و لكن إن شاء الله لا يخلو من أهم الأدلة و الأقوال, و أعتذر إن كان فيه قليل من الشدة لكن أظن أنها في محلها إن شاء الله...
أصل هذا الموضوع كان أن وضع أخ بعض الإشكالات حول التفسير الذي انتصر له شيخ الإسلام و كثير من المعاصرين من أهل العلم للإسترقاء بطلب الرقية و لا أخفيكم أن أكثرها واهية و بعضها عقلية لا ترتقي أن تكون عقلية شرعية كما هو ديدن أهل السنة عند إيراد الأدلة و الإشكالات العقلية, فأحببت أن ألخصه بصورة موضوع مستقل فيها الكلام و الرد و تركته بصورة النقاش مع من أورد تلك الإشكالات الواهية.
و قد تعمدت عدم الإطالة و نقل كلام أهل العلم و آثرت أن يكون قصيراً و لكن إن شاء الله لا يخلو من أهم الأدلة و الأقوال, و أعتذر إن كان فيه قليل من الشدة لكن أظن أنها في محلها إن شاء الله...
((الإسترقاء و معناه الصحيح و مناقشة حجج من أعترض بغير تريث ))
بسم الله أقولاختلف السلف اختلافاً قد يقال شديداً في فهم هذا الحديث فمنهم من حمله على أنالتداوي عموماً مكروه و تركه أولى, و منهم من حمله على أن التداوي بالرقى مكروه ومنافياً للتوكل و منهم من فصل كشيخ الإسلام و غيره و هناك من قال أن المقصود به منأعتقد بالرقى نفسها نفعاً و لكن رد هذا القول كثير من أهل العلم, و هذا نقل جزء منكلام النووي و فيه ذكر هذه الأقوال المشهورة كلها و بإختصار, ثم أذكر قول شيخالإسلام و ما يرجحه من الدلائل و الرد على ما أوردته و تبيين بعده عن محلالنزاع...
1- قال النووي بعد ذكر الحديث:
((اختلف العلماء في معنى هذا الحديثفقال الإمام أبو عبد الله المازرى احتج بعض الناس بهذا الحديث علىأن التداوي مكروه ومعظم العلماء على خلاف ذلكواحتجوا بما وقعفي أحاديث كثيرة من ذكره صلى الله عليه وسلم لمنافع الأدوية والأطعمة كالحبةالسوداء والقسط والصبر وغير ذلك وبأنه صلى الله عليه وسلم تداوى وبأخبار عائشة رضيالله عنها بكثرة تداويه وبما علم من الاستشفاء برقاه وبالحديث الذي فيه أن بعضالصحابة أخذوا على الرقية أجراً فإذا ثبت هذاحمل ما في الحديثعلى قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطبعها ولا يفوضون الأمر إلى الله تعالىقال القاضي عياض قد ذهب إلى هذا التأويل غير واحد ممن تكلم على الحديثولا يستقيم هذا التأويل و إنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لهممزية وفضيلةيدخلون الجنة بغير حساب وبان وجوههم تضئ اضاءة القمر ليلة البدرولو كان كما تأوله هؤلاءلما اختص هؤلاء بهذه الفضيلة لأن تلكهي عقيدة جميع المؤمنين ومن اعتقد خلاف ذلك كفروقد تكلم العلماء وأصحابالمعاني على هذا فذهب أبو سليمان الخطابي وغيره إلىأن المرادمن تركها توكلا على الله تعالى ورضاء بقضائه وبلائهقال الخطابي وهذه منأرفع درجات المحققين بالإيمان قال والى هذا ذهب جماعة سماهم قال القاضي وهذا ظاهرالحديث ومقتضاه أنه لا فرق بين ما ذكر من الكي والرقى وسائر أنواع الطب وقالالداوديالمراد بالحديث الذي يفعلونه في الصحة فانه يكره لمنليست به عله أن يتخذ التمائم ويستعمل الرقى وأما من يستعمل ذلك ممن به مرض فهو جائزوذهب بعضهم إلىتخصيص الرقى والكي من بين أنواعالطبلمعنى وأن الطب غير قادح في التوكل إذ تطبب رسول الله صلى الله عليهوسلم والفضلاء من السلف)) ... إلى أن قال((والظاهر من معنى الحديث ما اختارهالخطابي ومن وافقه كما تقدم وحاصله أن هؤلاء كمل تفويضهم إلىالله عز وجل فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم ولا شك في فضيلة هذه الحالة ورجحانصاحبهاوأما تطبب النبي صلى الله عليه وسلم ففعله ليبين لنا الجواز واللهأعلم)). اهـ من شرح مسلم
2- قال ابن عبدالبر: ((قد يحتملأن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لايسترقون ولا يكتوون أن يكون قصد إلىنوع من الكي مكروه منهيعنه أو يكون قصد إلى الرقى بما ليس في كتاب الله)) ا.هــ من التمهيد.
أقول لعل هذه أكثر الأقوال و أهمها:
1- و الرد على القول الذي نقله ابن عبدالبر هو نفس كلام القاضي عياض في رده على من جعله فيمن أعتقد في الأدوية نفع بنفسها حيث قال ((ولا يستقيم هذا التأويل و إنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لهممزية وفضيلةيدخلون الجنة بغير حساب وبان وجوههم تضئ اضاءة القمر ليلة البدرولو كان كما تأوله هؤلاءلما اختص هؤلاء بهذه الفضيلة لأن تلكهي عقيدة جميع المؤمنين ومن اعتقد خلاف ذلك كفر))ا.هــ كلامه
لكن أستثني من كلامه أن من اعتقد خلاف ذلك كفر حيث أن الكلام الذي نقله ابن عبدالبر إما في الكي المكروه المنهي عنه و هذا ليس بكفر لكن محرم و فاعله إن آثم إن صح التعريف بهذا أو بالرقى التي ليست في كتاب الله فينظر في تلك الرقية هل فيها شرك فيحكم على حسب حالها, لكن عموم كلام القاضي عياض يقع هنا و هو أن هذا يشاركهم في عموم المسلمين و ليست مزية لهم أو على الأقل عموم المؤمنين.
2- أما قول أن التداوي مكروه فقد تكلم عليه النووي و ذكر الرد عليه في الكلام أعلاه.
3- أما ما ذهب إليه الإمام النووي فيرده فعل النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه فكانوا يتداوون بل قال عليه الصلاة و السلام ((تداووا عباد الله فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم)) صححه الشيخ الألباني في سنن بن ماجه, و هم أشد الناس توكلاً بلا ريب و لاشك.
4- أما كلام الداودي الذي نقله النووي و هو أنه في قوم يفعلونه في الصحة فما أدري لعله من أضعف الأقوال فإن هذا لا يفعله غالب الناس فضلاً عن المسلمين فضلاً عن المؤمنين و المقربين...الخ.
*أذكر الآن ما يرجح تفصيل شيخ الإسلام رحمه الله مفصلاً و فيه نقل لكلام الشيخين بن تيمية و بن القيم رحمه الله ثم مجملاً ثم أذكر بعض الاعتراضات التي ذكرت:
1- إذا رجعنا إلى نص الحديث و قوله عليه الصلاة و السلام((لايسترقون))ففيه تحديد من النبي عليه الصلاة و السلام و تنبيه إلى أنالمراد به هنا هو فقط طلب الرقيةو لو أراد الرقية عموماًسواء بما حرم الله كما تقول أو حسب قول من قال أن التداوي بالرقى مطلقاً ينافي كمالالتوكل لقال(لا يرتقون)لأن (استـ) إذا دخلت على أولالفعل الثلاثي دلت على الطلب غالباً مثل قولنا (استغفر الله) أي أطلب المغفرة منالله و غيرها من الأفعال فدل ذلك على أن المقصود به هنا طلب الرقية من الغير فقطلأن الرقية المحرمة منهي عنها سواء رقى بها نفسه أو طلب ذلك منغيره.
2- أن النبي عليه الصلاة و السلام قرن طلب الرقية في الحديث بـ (لا يكتوون) مع أن الكي حلال بل قال بن عبدالبرلا أعلم فيجوازه عن الحاجة خلاف, بل قال النبي صلى الله عليه و سلم كما في البخاري((الشفاء في ثلاثة: ......و كية نار, و أنا أنهي أمتي عنالكي))و في رواية((و ما أحب أن أكتوي)), فكماقال ابن القيم كما نقله الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله (( فإن فعله يدل علىجوازه, و عدم محبته له لا يدل على المنع منه, و أما الثناء على تاركه فيدل على أنتركه أولى و أفضل, وأما النهي عنه فعلى سبيل الإختيار والكراهة))اهـ
فهؤلاء عندما ارتفعت همتهم و علا شأنهم بل هم السبعون ألفاًالذين يدخلون الجنة بغير حساباختاروا ما اختاره رسول الله رغمحاجتهم له لما قد يعرض لهم من مرض و نحوه و توكلوا على الله عز و جل فكملشأنهم.
3- أما التطير فهو محمول على التشاؤم من دون الاعتقاد بأن لهانفعاً أو ضراً الذي هو الشرك حيث قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في شرحهلكتاب التوحيد:
((قال ابن حمدان: تكره الطيرة, و كذا قال غيره من أصحابأحمد.
قال ابن مفلح: و الأولى القطع بتحريمها لأنها شرك, و كيف يكون الشركمكرهاً الكراهية الإصطلاحية ؟
قال في شرح السنن: وإنماجعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهمضراً إذا عملوا بموجبها, فكأنهم أشركوا مع الله تعالى))فإذا قرأنا حديثابن مسعود مرفوعاً أوله موقوفاً آخره ظهر لنا الفرق((الطيرةشرك, الطيرة شرك))ثم قال وما منا إلا, و لكن الله يذهبه بالتوكل.
فلايمكن أن يقول ابن مسعود أنهما منا إلا يقع في الشرك الذي هوإعتقاد أنها تنفع و تضر و لكن التشاؤم من دون الإعتقاد بنفعها و ضرهاالذيهو دون الشرك ثم يزيله الله عنهم بكمال التوكل.
و ما يؤيد هذا, قال الشيخ السحيمي حفظه الله في جوابه أحد الأسئلة ((محاضرة السلفية ليست بدعة)) قال ما نصه:
((وهي التشاؤم فهو محرم وإن وصل إلى درجة اعتقادالنفع أو الضر في المتطير به فهي شركًٌ باللهسبحانه وتعالى)).
4- كلام شيخ الإسلام و بن القيم رحمهم الله :
قول شيخ الإسلام ((وفى صحيح مسلم عن عوف بن مالك أن النبي بايع طائفة من أصحابهوأسر إليهم كلمة خفية أن لا تسألوا الناس شيئا قال عوففقدرأيت بعض أولئك النفر يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياهوفىالصحيحين عن النبي أنه قال يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب وقال هم الذينلا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فمدح هؤلاء بأنهملا يسترقون أى لا يطلبون من أحد أن يرقيهم والرقية من جنس الدعاء فلايطلبون من أحد ذلك وقد روى فيه ولا يرقون وهو غلظ فإنرقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنةوكان النبي يرقى نفسه وغيره ولميكن يسترقي فإن رقيته نفسه وغيره من جنس الدعاء لنفسه ولغيره وهذا مأمور به فإنالأنبياء كلهم سألوا الله ودعوه كما ذكر الله ذلك في قصة آدم و إبراهيم وموسىوغيرهم))
و يقول: ((ولم يأمر الله قط مخلوقا أن يسأل مخلوقا وإن كان قد أباح ذلكفي بعض المواضع لكنه لم يأمر به بل الأفضل للعبد أن لا يسأل قط إلا الله كما ثبت فيالصحيح في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولايتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فجعل من صفاتهم أنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من غيرهمأن يرقيهم ولم يقل لا يرقون وإن كان ذلك قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط فإن النبيصلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره لكنه لم يسترق فالمسترقي طالب الدعاء من غيرهبخلاف الراقي لغيره فإنه داع له))ا.هــ كلامه رحمه الله.
--و يقول ابن القيم كما في الزاد ((سمعت شيخالإسلام ابن تيمية يقول ذلك قال : وإنما الحديث((هم الذين لايسترقون))قلت : وذلك لأن هؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب لكمال توحيدهم ولهذانفى عنهم الإسترقاء وهو سؤال الناس أن يرقوهم ولهذا قال :((وعلى ربهم يتوكلون))فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه وثقتهم به ورضاهمعنه وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئا لا رقية ولا غيرها ولا يحصل لهم طيرةتصدهم عما يقصدونه فإن الطيرة تنقص التوحيد وتضعفه قال : والراقي متصدق محسن والمسترقي سائل والنبي صلى الله عليه وسلم رقى ولم يسترق وقال((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه)) .ا.هــ كلامه رحمه الله
قلت: لو تأملت حال من إذا كان يسقط السوط من يده فلا يسأل أحد أن يناوله أياه لعلمت عمنيتكلم الرسول عليه الصلاة و السلام عن أعلى الناس منزلة بعد الرسل فحق أن يفسر بما فسره شيخ الإسلام رحمه الله.
مجمل المرجحات:
أ- أن به يصح أن يقال أنها صفة السبعون ألفاً لكمال توكلهم في ترك طلب الرقيةالشرعية من الغير و الاكتفاء برقية أنفسهم كم هو حال النبي صلى الله عليه و سلم واقتداءً بالصحابة الذين بايعهم النبي عليه الصلاة و السلام على عدم سؤال الناسشيئاً و التخلص من أدنى درجات التطير كما هو حال الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه وترك التداوي بالكي لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يحبه فلله درهم.
ب- أنهما يقتضيه لفظ(لا يسترقون)فهو طلب الرقية من الغير والرقية المحرمةلا يجوز لا طلبها و لا رقية الشخص لنفسهبها.
ج- يزول به الإشكال بين من قال أن الرقية مكروهة عموماً لهذا الحديثو الأحاديث الأخرى من فعل النبي صلى الله عليه و سلم و قوله في استحباب الرقى .
بعض الاعتراضات:
والله لولا أن تَرد مثل هذه لما ذكرتها لما فيها من الخطأ و الجهل و منها ما يعتبر لكن أذكرها للفائدة:
1- قال صاحبنا المعترض ((فعلى قد علمنا القاصر وبحكم تجربتنا الميدانية ونحن الأقزام أمام مشايخنا الأحياءمنهم والأموات عليهم رحمة الله نصرح انه من الخطأ حمل الكلمة على هذا المفهوم ( أىلا يطلبون الرقية) فأنى لهم فهم هذا المعنى في سياق الجملة
ولنا تعليل واللهالمستعان على قصر فهمنا وعلى قصر اطلاعنا ما أخرجه ابن حبان في صحيحه (13-6090) عنيحيى بن الجزار قال: دخل عبد الله على امرأته وفي عنقها شيء معوذ فجذبه فقطعه ثمقال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا، ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك". قالوا: يا أبا عبد الرحمن هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال: شيءيصنعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن. (التولة بكسر التاء ) الشاهد هنا ..الرقى... (كل شيء ليس عليه أمر النبي الكريم فهو رد أي (شرك) فكلمة رقى هنا جاءت في سياقالمعنى بالشرك...
و ذكر الحديث في مسلم الذي قال فيه صلى الله عليه و سلم ((اعرضوا عليه رقاكم لا بأس بالرقية ما لم تكن شركاً)) ا.هــ كلامه ,و غيرها من الأحاديث المشابهة التي فيها ذكر جواز الرقى الشرعية.
قلت: لو تفكر أحدنا في هذه الأحاديث ليصل إلى محل الإشكال و الاعتراض و الشاهد على حسب زعمه لما وصل إلى نتيجة و إنما أوتي من قوله ((تجربتنا الميدانية ))و قوله(( أنى لهم هذا المعني في هذا السياق)) فأي سياق تتكلم عنه وأي تجربة يا أخي حسبك أن تقرأ كلام أهل العلم و تقول قال النووي و كفيت فلا تستدل فتتعب الناس معك.
فأقول: كما يعلم الجميع إن شاء الله ممن يقرأ هذا أن كل ما سبق في الرقية الشرعية و ليس في طلب الرقية الشرعية كما سبق بيانه فكيف يورد هذا الإشكال و قد بين أهل العلم أو بعضهم أنها مسألتين و الأدلة بجانبهم فما أدري كيف يقال هذا بعد أن قرأ ما كتبه أهل العلم و الذي يظهر من كلامه أنه قد قرأه قبل أن يذكر كلامه بل أنه أصر عليه بعد أن كتبت ما كتبت أعلاه.
2- ذكر حديث النبي عليه الصلاة و السلام ((وعــن جابر رضي الله عنه قال : كان لي خال يرقي من العقرب (فنهى رسول الله صلى اللهعليه وسلم ، عن الرقى ، قال فأتاه فقال : يا رسول الله انك نهيت عن الرقى وأنا أرقيمن العقرب فقال:(( من استطاع منكم أن ينفع أخــاه فليفعـل))
فجمعا بما عللنا أنمعنى كلمة لا يسترقون أي لا يشركون بالله في طلب الشفاء و التداوي وليس لا يطلبونالرقية كما قرأنا وسمعنا من مشايخنا فأنى لهم فهم هذا المعنى اللغوي من سياقالحديث...))ا.هــ كلامه
قلت: ما أعجب له قوله ((عللنا)) وقد بينت أنه أبعد ما تكون عن علة, مع التغاضي عن نون الجماعة فقد يذكره كأنه يتكلم عن من ذهب هذا المذهب فأحمله على المحمل الحسن, و العجب أيضاً قوله ((فأنى لهم فهم هذا المعنى اللغوي من سياق الحديث)) والله إني كنت أظن أن مثل هذا الكلام لا يقوله إلى من بلغ في العلم طولا و من يقرأه يظن الكاتب من العلماء فيعترض على كل من سمعهم وقرأ لهم ثم يتهكم أن المعنى اللغوي معارض لما فهموه ثم يذكر سياق الكلام فأعوذ بالله من التصدر و التعالم.
أما الرد على استدلاله بالحديث فأقول كما يقول من قرأت لهم من المشايخ و قرأ لهم حسب زعمه أن الإستدلال ليس في موطن النزاع فمن قال بهذا القول لا يقول أن من المكروه أن تعرض على أخيك الرقية و ليس من المكروه إن كنت مريضاً أن تقبل أن ترقى دون أن تطلبها و هذا نص كلام الشيخ صالح آل الشيخ حيث قال:
((هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون.وعلى ربهم يتوكلون». فقوله هنا (لايسترقون) يدل على أنَّ الأكمل أن لا يكون من عادة الإنسان أن يطلب الرقية من غيرهبل إما أن يرقي نفسه،وإما أن ينتظر حتى يأتيه أحد فيرقيهفيقول له أرقيك فهنا لا يدخل في طلب الرقية،هذا من جهة الكمال؛ يعنيالسبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه صفتهم)).
3- قال صاحبنا المعترض ((بالله عليكم إخوة الإيمان هل الذهاب إلى الطبيب المعالج بالكيميائيات وأطباء النفسوما أدراك ما أطباء النفس .....الذين يضربون عرض الحائط كل فهم للدين والعقيدة, يعتبر توكلا وأخذا بالأسباب ولا يخرج من دائرة السبعين ألف ... وطرق أبواب الرحمانبالذهاب إلى الراقي و طلب الشفاء من الله اعتقادا ويقينا إيمانيا بان الله وحده هوالشافي ليس القران وليس الراقي نعتبره إخلالا ونقصا للتوكل ويخرج من دائرة السبعينألف ..(مالهم كيف يحكمون))ا.هــ كلامه
قلت: ما أحزنني من كلامه قوله ((مالهم كيف يحكمون)) سبحان الله سبحان الله.. أما الرد على ما قال فها هو:
فأقول نعم فأنت حينما تذهب للطبيبلست من أهل الطب و تستطيع أنتعالج نفسكبخلاف حالك هنا فأنتتستطيع أن تقول هذهالأذكار و الأدعية و تقرأ القرآن و الحمدلله فما حاجتك لغيرك, و أزيدك قاعدةمفيدة في الأصول و هي ما دام الله و رسولهفرق بين هذه و تلكفهناك فرق و إن جهلناه.
ثم بعد هذا عاد صاحبنا و أورد اعتراض فقال:
4- وأطرح لك سؤال أخي ابو صهيب ماذا يفعل أي مريض لوجع الضرس (عافى الله الجميع ) هذاأولا
_ثانيا, ما مدى تفهمكم لقول الله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلىالتهلكة)
_ثالثا ما فقهكم في إقرار النبي لسعد ابن أبى وقاص أن يذهب إلى الحارثابن كلدة
الذى مات في أول الإسلام ولم يصح إسلامه والحارث من أهل الكفر ليستشارفي الطب
_ حديث النبي (تداووا عبدا الله ما انزل الله من داء إلا انزل معه دواء)أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وقوله تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاءورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)
وقوله (يا أيها الناس قد جاءتكمموعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين).
قلت: يظهر للجميع أن صاحبنا لم يقرأ كلمة مما قلت أو أنه قرأ لكن لم يرزق الفهم فأعاد الاستفسارات لكن بصيغة أخرى فذكر المريض بوجع الضرس و قد ذكرت الجواب سابقاً ذكر أثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه و أقول: هل ذهب ليرقيه أم ذهب ليستشار بالطب و قد ذكرت الفارق سابقاً فما أدري هل القصد هو الجدال أم الوصول إلى الحق, ذكر آية أن القرآن شفاء و كأن من يقول هذا كشيخ الإسلام و غيره ينكر هذا و والله أن الذي أعرفه و يعرفه غيري من سيرتهم غير هذا بل كلام ابن القيم حول التداوي بسورة الفاتحة عندما كان في مكة مشهور معلوم عند الصغار ممن هداهم الله للعلم فسبحان الله فأسأل الله أن يعلمنا جميعاً ما ينفعنا و ينفعنا بما علمنا و أن يرينا الحق حقاً و يرزقانا اتباعه و أن يرينا الباطل باطل و يرزقنا اجنتابه إنه ولي ذلك و القادر عليه..
قلت: و على هذا الذي رجحه شيخ الإسلام الشيخ الألباني رحمه الله و الشيخ العثيمين و الشيخ ربيع رحمه الله حيهم و ميتهم و غيرهم من أهل العلم.
كتبه أبوصهيب عاصم بن علي الأغبري.
تعليق