ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥٍ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ .
ﻭﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺢ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﻭﺗﻨﻔﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؟
ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺈﻥ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟﺒﺎﻥ : ﻭﺍﺟﺐ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻭﺍﺟﺐ ﻟﻐﻴﺮﻩ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺇﺭﺙ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺧﺎﺗﻤﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺑﻠﻮﺍ ﺑﻼﺀً ﺣﺴﻨﺎً ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺗﻘﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺧﺸﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺮﺑﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻔﻄﺮ ﻗﺪﻣﺎﻩ ﻭﺗﺘﻮﺭﻡ ﻣﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ، ﻓﻴُﺴﺄﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻏﻔﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻚ ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ، ﻓﻴﻘﻮﻝ : ( ﺃﻓﻼ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﺷﻜﻮﺭﺍً ) .
ﻭﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺩﻋﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻮﻣﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻓﺮﺃﻯ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﺫﻯ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳُﻠﻘﻮﻥ ﺳﻼ ﺍﻟﺠﺰﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﺗﻤﺎﻟﺌﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻭَﺇِﺫْ ﻳَﻤْﻜُﺮُ ﺑِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﻟِﻴُﺜْﺒِﺘُﻮﻙَ ﺃَﻭْ ﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻙَ ﺃَﻭْ ﻳُﺨْﺮِﺟُﻮﻙَ { [ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ 30: ] .
ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺒﺲ، ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ، ﻓﺄﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻭﻧﺼﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﺎﺗﺤﺎً ﻣﻨﺼﻮﺭﺍً ﻇﺎﻓﺮﺍً ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ .
ﻓﺄﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﺟﺒﻴﻦ : ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ .
ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﻫﻢ ﻭﻳﺮﺷﺪﻭﻫﻢ ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻬﻢ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺮﻃﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻤﻦ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻌﻠﻤﻪ .
ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺳﺒﺐٌ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻭ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻣُﻮﺟﻬﺔ ﻓﻴﺘﻔﺮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻓﻬﻤﻮﺍ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ، ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﺘﻄﺒﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻌﻠﻮﻡ .
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻌﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺠﺪ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺗﺘﻤﻴﻢ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺠﺪٍ ﻭﻧﺸﺎﻁ، ﻭﻟﻴُﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺻﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﻂ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺑﺚ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻳﺪﻧﺎً ﻟﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺤﺰﻥ ﻭﻳﻀﻴﻖ ﺻﺪﺭﻩ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ .
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ : ﻣﻦ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺡ للشيخ بن عثيمين رحمه الله
ﻭﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺢ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﻭﺗﻨﻔﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؟
ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺈﻥ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟﺒﺎﻥ : ﻭﺍﺟﺐ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻭﺍﺟﺐ ﻟﻐﻴﺮﻩ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺇﺭﺙ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺭﺛﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺧﺎﺗﻤﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺑﻠﻮﺍ ﺑﻼﺀً ﺣﺴﻨﺎً ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻓﻲ ﺩﻋﻮﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺗﻘﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺧﺸﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺮﺑﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻔﻄﺮ ﻗﺪﻣﺎﻩ ﻭﺗﺘﻮﺭﻡ ﻣﻦ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ، ﻓﻴُﺴﺄﻝ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻏﻔﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻧﺒﻚ ﻭﻣﺎ ﺗﺄﺧﺮ، ﻓﻴﻘﻮﻝ : ( ﺃﻓﻼ ﺃﻛﻮﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﺷﻜﻮﺭﺍً ) .
ﻭﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺩﻋﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻮﻣﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻓﺮﺃﻯ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﺫﻯ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳُﻠﻘﻮﻥ ﺳﻼ ﺍﻟﺠﺰﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﺗﻤﺎﻟﺌﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻭَﺇِﺫْ ﻳَﻤْﻜُﺮُ ﺑِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﻟِﻴُﺜْﺒِﺘُﻮﻙَ ﺃَﻭْ ﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻙَ ﺃَﻭْ ﻳُﺨْﺮِﺟُﻮﻙَ { [ ﺍﻷﻧﻔﺎﻝ 30: ] .
ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺒﺲ، ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻹﺧﺮﺍﺝ، ﻓﺄﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻭﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻭﻧﺼﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻓﺎﺗﺤﺎً ﻣﻨﺼﻮﺭﺍً ﻇﺎﻓﺮﺍً ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ .
ﻓﺄﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﺟﺒﻴﻦ : ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ .
ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﻫﻢ ﻭﻳﺮﺷﺪﻭﻫﻢ ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻬﻢ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﻭﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺮﻃﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻤﻦ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻌﻠﻤﻪ .
ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺳﺒﺐٌ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻭ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻣُﻮﺟﻬﺔ ﻓﻴﺘﻔﺮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻓﻬﻤﻮﺍ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ، ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﺘﻄﺒﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻌﻠﻮﻡ .
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﻌﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺠﺪ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺗﺘﻤﻴﻢ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﻮﺟﺎﺝ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺠﺪٍ ﻭﻧﺸﺎﻁ، ﻭﻟﻴُﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻜﺴﻞ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺻﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﻂ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺑﺚ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺳﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻳﺪﻧﺎً ﻟﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺤﺰﻥ ﻭﻳﻀﻴﻖ ﺻﺪﺭﻩ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ .
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ : ﻣﻦ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺡ للشيخ بن عثيمين رحمه الله