بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علم بالقلم، والصلاة والسلام على خير من عَلَمَ وتعلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وتعلم.
أما بعد:
فقد يشتكي بعض طلاب العلم من زوجاتهم بتثبيطهم وإزعاجهم بسوء الكلام وقبيح الفعال وتخذيلهم عن طلبهم للعلم.
أختي المسلمة: زوجك عند طلبه للعلم في عبادة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)).
أخرجه ابن ماجه وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
بل طلب العلم خير من نوافل العبادات، يقول الثوري رحمه الله: (ما من عملٍ أفضل من طلب العلم إذا صحت النية).
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء)): ((ومما يدل على تفضيل العِلْم على العبادة: قصة آدم عليه السلام فإن الله تعالى إنما أظهر فضله على الملائكة بالعلم، حيث علمه أسماء كل شيء واعترفت الملائكة بالعجز عن معرفة ذلك، فلما أنبأهم آدم بالأسماء ظهر حينئذ فضله عليهم)) اهـ.
فيا أيتها المسلمة يا أمة الله كيف تنهي زوجك عن عبادة الله عز وجل، أما تخشين أن تدخلي في قول الله تعالى: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى } [العلق : 9-10].
وقال الله تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }، قال الحافظ المفسر ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((أي: أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء)) اهـ.
والأقبح أنها تشتكي أهلها وأهل زوجها وأصدقائها وجيرانها من إنكبابه على الكتب، وتغيبه وقت الدرس وهو في بيت من بيوت الله عز وجل، وفي حلقة من حلقات العلم تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة.
الله عز وجل أراد بزوجك خيرا، وفي الحديث الذي أخرجه الشيخان ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وأنتِ لا تريدين له هذا الخير، والملائكة ترضى عن زوجك بطلبه العلم لقوله عليه الصلاة والسلام: ((وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىاً بما يصنع)) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه وابن حبان والبيهقى في ((شعب الإيمان)) عن أبى الدرداء رضي الله عنه، وأنتِ غير راضية.
أتقي الله أختي المسلمة، وكوني خير عون لزوجك في طلبه، وهيئي له الأجواء التي تعينه على الطلب، وتيسير له سبل الراحة، وشاركيه في الطلب، تكوني من الفائزين.
جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبل أهل الجنة وهو الأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتص آثارهم ويقتدي بفعالهم وينتهي إلى رأيهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ويستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الأبصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة التفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام به توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام وهو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء).
أخرجه ابن عبد البر النمري في ((جامع بيان العلم)) مرفوعا ولا يصح أودعه الإمام الألباني في ((الضعيفة)) وحسنه بعض المحدثين موقوفا وممن أخرجه موقفا أبو نعيم في ((الحلية)) والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)).
وأختم بقول الناظم:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 21 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 18 أبريل سنة 2017 ف
الحمد لله الذي علم بالقلم، والصلاة والسلام على خير من عَلَمَ وتعلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وتعلم.
أما بعد:
فقد يشتكي بعض طلاب العلم من زوجاتهم بتثبيطهم وإزعاجهم بسوء الكلام وقبيح الفعال وتخذيلهم عن طلبهم للعلم.
أختي المسلمة: زوجك عند طلبه للعلم في عبادة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)).
أخرجه ابن ماجه وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
بل طلب العلم خير من نوافل العبادات، يقول الثوري رحمه الله: (ما من عملٍ أفضل من طلب العلم إذا صحت النية).
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله في ((ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء)): ((ومما يدل على تفضيل العِلْم على العبادة: قصة آدم عليه السلام فإن الله تعالى إنما أظهر فضله على الملائكة بالعلم، حيث علمه أسماء كل شيء واعترفت الملائكة بالعجز عن معرفة ذلك، فلما أنبأهم آدم بالأسماء ظهر حينئذ فضله عليهم)) اهـ.
فيا أيتها المسلمة يا أمة الله كيف تنهي زوجك عن عبادة الله عز وجل، أما تخشين أن تدخلي في قول الله تعالى: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى } [العلق : 9-10].
وقال الله تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }، قال الحافظ المفسر ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((أي: أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء)) اهـ.
والأقبح أنها تشتكي أهلها وأهل زوجها وأصدقائها وجيرانها من إنكبابه على الكتب، وتغيبه وقت الدرس وهو في بيت من بيوت الله عز وجل، وفي حلقة من حلقات العلم تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة.
الله عز وجل أراد بزوجك خيرا، وفي الحديث الذي أخرجه الشيخان ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وأنتِ لا تريدين له هذا الخير، والملائكة ترضى عن زوجك بطلبه العلم لقوله عليه الصلاة والسلام: ((وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىاً بما يصنع)) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه وابن حبان والبيهقى في ((شعب الإيمان)) عن أبى الدرداء رضي الله عنه، وأنتِ غير راضية.
أتقي الله أختي المسلمة، وكوني خير عون لزوجك في طلبه، وهيئي له الأجواء التي تعينه على الطلب، وتيسير له سبل الراحة، وشاركيه في الطلب، تكوني من الفائزين.
جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبل أهل الجنة وهو الأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتص آثارهم ويقتدي بفعالهم وينتهي إلى رأيهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ويستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الأبصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة التفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام به توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام وهو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء).
أخرجه ابن عبد البر النمري في ((جامع بيان العلم)) مرفوعا ولا يصح أودعه الإمام الألباني في ((الضعيفة)) وحسنه بعض المحدثين موقوفا وممن أخرجه موقفا أبو نعيم في ((الحلية)) والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)).
وأختم بقول الناظم:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 21 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 18 أبريل سنة 2017 ف