فيه أحد الإخوة مريض بمرض خبيث وهذا المرض أصاب أهله ووجب عليهم أن يأخذوا الدواء ثلاث مرات في اليوم فهل يفطروا (الطبيب قال يجب أن يفطروا) وهم فقراء جدا فهل عنهم كفارة والحالة هذه؟ عاجل جازاكم الله خيرا ونفع بكم تقبل الله منا ومنكم
إعـــــــلان
تقليص
1 من 3
<
>
تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري
الصفحة الرسمية للتطبيق:
تحميل التطبيق من متجر قوقل بلاي
تحميل التطبيق من متجر قوقل بلاي
2 من 3
<
>
الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى
تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3
<
>
فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :
فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .
من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .
من هـــــــــــنا
فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .
من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .
من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل
أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
تقليص
X
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
شفاهم اللهُ.
وردت هذه اللفظة "مرض خبيث " و المؤمن لا يصير في نفسه خبيثًا أي: لا يداخله ما يُخبِثه ، بل هو مُطَهِرٌ له إنْ شاءَ اللهُ .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي)
وجاء في صحيح مسلم (371):حدثني زهير بن حرب. حدثنا يحيى (يعني ابن سعيد) قال: حميد حدثنا. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (واللفظ له) حدثنا إسماعيل بن علية عن حميد الطويل، عن أبي رافععن أبي هريرة ((أنّه لقيه النبي -صلى الله عليه - في طريق من طرق المدينة وهو جنب. فانسل فذهب واغتسل، فتفقده النبي-صلى الله عليه -فلما جاءه قال: " أين كنت؟ يا أبا هريرة قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى اغتسل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم-: "سبحان الله- إن المؤمن لا ينجس")).
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
في حكم إطلاق الأطباء لفظ الخبيث على المرض أو الورم
السؤال: ما حكم ما يتداول على ألسنة الأطباء من قولهم: "مرض خبيث" أو "ورم خبيث"؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالخبيث هو ما يكره رداءة وخسة، محسوسًا كان أو معقولاً، وذلك يتناول الباطل في الاعتقاد، والكذب في المقال، والقبح في الفعال، وإطلاق صفة الخبث على المرض فمن جهة استعصاء علاجه وشدة ضرره وآلامه وسرعة فتكه بالمريض غالبًا، ولا مانع- في اعتقادي- من استعمال هذه الكلمة على المرض، وإنما يكره استعمالها بإضافتها إلى النفس، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي . وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نفسي"(1) فكَرِه ذلك لبشاعة الاسم، لأنَّ لفظ لَقِسَت نفسي وخَبُثت معناهما واحد -كما قال النووي والبغوي- فعَلَّمَهم صلى الله عليه وآله وسلم الأدب في المنطق، وأرشدهم إلى استعمال الحَسَن وهجران القبيح منه(2).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: 06 ربيع الأول 1427ه
المــــوافق لـ: 5 أفريل 2006م
1- أخرجه البخاري في الأدب (6179)، ومسلم في الألفاظ من الأدب (6015)، وأبو داود في الأدب (4981)، وأحمد (24976)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
2- شرح السنة للبغوي: 12/359، صحيح مسلم: 15/8.
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الكريم
وشفا الله عز وجل مريضكم عاجلا غير آجل
المسألة أخي الكريم متعلقة بمبحث:
- المريض إذا كان يتضرر بالصوم
- المرض الذي يرجى الشفاء منه أو لا
- العجز عن أداء الكفارة
أنصحك أن تبحث في محركي البحث أعلاه [الخاص بالموقع وبالمواقع السلفية] عن هذين المبحثين وإن شاء الله تجد الجواب.التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسين عبد الحميد الصفراوي; الساعة 09-Jul-2014, 08:23 PM.
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
المشاركة الأصلية بواسطة أم أمامة بنت عمر مشاهدة المشاركةأظن والله أعلم إن عفاه الله يقضي وأهله ما فاتهم فهم ممن يرجئ برأهم. أما الكفارة فإن كانوا عاجزين عنها هناك أناس طلبوا مني أن أقول لكم تضعوا المبلغ ويكفر عنهم بإذن الله .
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
وفقك الله
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
قال ابن عثيمين رحمه الله(الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد السادس): إذا أعسر المريض الذي لا يرجى برؤه أو الكبير، فإنها تسقط عنهما الكفارة؛ لأنه لا واجب مع العجز، والإطعام هنا ليس له بدل.اهـ
http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18076.shtml
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
هذا قول العلامة العثيمين "فإذا لم يقدر عليه بقي عديله وهو الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله، يجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً".والذي لا بدل له فاقد الأهلية المخرف والمعتوه والمجنون
نص كلام العلامة العثيمين رحمه الله "
لكن غور فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل يدل على عمق فقهه ـ رضي الله عنه ـ؛ لأن وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر على الصوم، إن شاء صام وإن شاء أطعم، ثم نسخ التخيير إلى وجوب الصوم عينا، فإذا لم يقدر عليه بقي عديله وهو الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله، يجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً. أما كيفية الإطعام، فله كيفيتان: الأولى: أن يصنع طعاماً فيدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يفعله لما كبر. الثانية: أن يطعمهم طعاماً غير مطبوخ، قالوا: يطعمهم مد برٍ أو نصف صاع من غيره، أي: من غير البر، ومد البر هو ربع الصاع النبوي، فالصاع النبوي أربعة أمداد، والصاع النبوي أربعة أخماس صاعنا، وعلى هذا يكون صاعنا خمسة أمداد، فيجزئ من البر عن خمسة أيام خمسة مساكين، لكن ينبغي في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم أو نحوه، حتى يتم قوله تعالى: {{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}}. وأما وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه"
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
أختي انظري هذا الحديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ: لَا. قَالَ:فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا, ثُمَّ جَلَسَ, فَأُتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا , فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا, فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.)) رَوَاهُ السَّبْعَةُ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
السلام عليكم
لقد مرضت العام الماضي بمرض عطلني عن صيام شهر رمضان، وقد عزمت أن أقضي الصوم في أيام أخرى، ولكن لا زلت مريضاً حتى الآن، فماذا يجب علي، هل أكفر؟ أم ماذا أفعل؟ وإذا كانت كفارة فما مقدارها في أيامنا هذه بالنسبة للريالات؟ جزاكم الله خيراً
المريض قد يسر الله أمره، ورخص له في التأخير، قال تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، فإذا كان مريضاً يشق عليه الصيام فالمشروع له أن يؤخر الصيام حتى يشفيه الله، ثم يقضي وليس عليه كفارة، لا نقود ولا غيرها؛ لأن الله -جل وعلا- قال: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، يعني فأفطر فعليه عدةٌ من أيام أخر، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان لمكان رسول الله -عليه الصلاة والسلام-) فالخلاصة أن المريض وهكذا الحائض والنفساء كلٌ منهم يقضي بعد ذلك، الحائض تفطر أيام الحيض، والنفساء تفطر أيام النفاس في رمضان ثم تقضيان جميعاً، وهكذا المريض وهكذا المسافر يشرع له الفطر في السفر، والمريض يفطر من أجل المرض ثم كلٌ منهم يقضي بعد ذلك، المريض إذا شفاه الله قضى، والمسافر إذا رجع من سفره قضى في طيلة أيام السنة، لكن من عجز عن القضاء لمرضٍ لا يرجى برئه، قرر الأطباء أنه لا يرجى برئه وأنه يستمر معه فهذا ليس عليه قضاء، ولكن يطعم عن كل يوم مسكيناً، يطعم نصف صاع ومقداره كيلوا ونصف تقريباً بالوزن، كيلوا ونصف تقريباً، من قوت البلد من تمر أو بر أو شعيرٍ أو أرزٍ يدفع للمساكين، ولو مسكيناً واحداً، يجمع الأيام التي عليها ويدفع كفارتها إلى مسكين، أو أكثر في رمضان أو بعد رمضان، والأفضل تعجيلها في رمضان، وهكذا العجوز الكبيرة والشيخ الكبير اللذان يعجزان عن الصيام كلٌ منهم ليس عليه صيام، ولكن يطعم عن كل يوم مسكينا، نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلوا ونصف تقريباً بالوزن، كالمريض الذي لا يرجى برئه سواء، وليس عليه قضاء لعجزهم عن الصيام، ويكفيهم الإطعام. وإذا أخر المسلم الصيام بلا عذر حتى جاء رمضان الآخر وهو لم يصم بدون عذر فإن عليه القضاء مع الكفارة جميعاً، يجمع بينهما، يصوم ما عليه، ويكفر إذا كان قادرً عن كل يوم مسكيناً، يجمع بين القضاء وبين الكفارة، لكونه فرض بالتأخير بدون عذرٍ شرعي، فإن عجز لكونه فقيراً كفاه الصيام، وسقطت عنه الكفارة لفقره، هكذا أفتى جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حق من أخر الصيام بدون عذر، وفق الله الجميع. المذيع/ جزاكم الله خيراً، ذكر الريالات سماحة الشيخ ككفارة لا أدري؟ لا، الكفارة بالإطعام لا بالدراهم، الكفارة بالإطعام فقط كما تقدم. جزاكم الله خيراً
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المهيمن سمير البليدي; الساعة 10-Jul-2014, 02:44 AM.
تعليق
-
رد: أطلب من الإخوة من عنده علم أو نقل فليجيبنا
-
شرح كتاب الصيام كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام
bayenahsalaf.com réunit des informations et annonces. Nous espérons que vous y trouverez les informations que vous recherchez !
الحديث السَّابِعُ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكْتُ . قَالَ : مَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي ، وَأَنَا صَائِمٌ - وَفِي رِوَايَةٍ : أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ : الْمِكْتَلُ - قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : خُذْ هَذَا ، فَتَصَدَّقَ بِهِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي . فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ . ثُمَّ قَالَ : أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ } .
" الْحَرَّةُ " أَرْضٌ تَرْكَبُهَا حِجَارَةٌ سُودٌ . يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ مَسَائِلُ . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا . وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا : أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ ، مَعَ اعْتِرَافِهِ بِالْمَعْصِيَةِ . وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى : أَنَّ مَجِيئَهُ مُسْتَفْتِيًا يَقْتَضِي النَّدَمَ وَالتَّوْبَةَ ، وَالتَّعْزِيرُ اسْتِصْلَاحٌ . وَلَا اسْتِصْلَاحَ مَعَ الصَّلَاحِ ، وَلِأَنَّ مُعَاقَبَةَ الْمُسْتَفْتِي تَكُونُ سَبَبًا لِتَرْكِ الِاسْتِفْتَاءِ مِنْ النَّاسِ عِنْدَ وُقُوعِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ يَجِبُ دَفْعُهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : جُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى إيجَابِ الْكَفَّارَةِ بِإِفْطَارِ الْمُجَامِعِ عَامِدًا ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ : أَنَّهَا لَا تَجِبُ ، وَهُوَ شَاذٌّ جِدًّا . وَتَقْرِيرُهُ - عَلَى شُذُوذِهِ - أَنْ يُقَالَ : لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ ، لِمَا سَقَطَتْ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْإِعْسَارِ لَهُ ، لَكِنْ سَقَطَتْ . فَلَا تَجِبُ . أَمَّا بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ : فَلِأَنَّ الْقِيَاسَ وَالْأَصْلَ : أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْمَالِ إذَا وُجِدَ لَمْ يَسْقُطْ بِالْإِعْسَارِ . فَإِنَّ الْأَسْبَابَ تَعْمَلُ إلَّا مَعَ مَا يُعَارِضُهَا مِمَّا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا . وَالْإِعْسَارُ إنَّمَا يُعَارِضُ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ ؛ لِاسْتِحَالَتِهِ ، أَوْ مَشَقَّتِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى السَّبَبِ فِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ . أَمَّا تَرَتُّبُهُ فِي الذِّمَّةِ إلَى وَقْتِ الْقُدْرَةِ : فَلَا يُعَارِضُهُ الْإِعْسَارُ فِي وَقْتِ السَّبَبِ . فَالْقَوْلُ بِرَفْعِ مُقْتَضَى السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ : غَيْرُ سَائِغٍ . وَأَمَّا أَنَّهَا سَقَطَتْ بِمُقَارَنَةِ الْإِعْسَارِ : فَلِأَنَّهَا لَمْ تُؤَدَّ ، وَلَا أَعْلَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ . وَلَوْ تَرَتَّبَتْ لَأَعْلَمَهُ . وَجَوَابُ هَذَا : إمَّا بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُقَارَنَةِ الْإِعْسَارِ . وَيُجِيبُ عَنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ ، وَإِمَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ بِالْمُلَازَمَةِ ، وَيَمْنَعَ كَوْنَ الْكَفَّارَةِ لَمْ تُؤَدَّ وَيُعْتَذَرُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ : بِأَنَّهَا لَمْ تُؤَدَّ ، وَيُعْتَذَرَ عَنْ السُّكُوتِ عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ . وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الِاعْتِذَارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اخْتَلَفُوا فِي جِمَاعِ النَّاسِي ، هَلْ يَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ ؟ وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ قَوْلَانِ . وَيَحْتَجُّ مَنْ يُوجِبُهَا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَهَا عِنْدَ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ بَيْنَ كَوْنِ الْجِمَاعِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ أَوْ النِّسْيَانِ ، وَالْحُكْمُ مِنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَرَدَ عَقِيبَ ذِكْرِ وَاقِعَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لِأَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةِ الْحُكْمِ ، مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ : يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ . وَجَوَابُهُ : أَنَّ حَالَةَ النِّسْيَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِمَاعِ ، وَمُحَاوَلَةِ مُقَدِّمَاتِهِ ، وَطُولِ زَمَانِهِ ، وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ : مِمَّا يَبْعُدُ جَرَيَانُهُ فِي حَالَةِ النِّسْيَانِ ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِفْصَالِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ " هَلَكْتُ " فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِتَعَمُّدِهِ ظَاهِرًا ، وَمَعْرِفَتِهِ بِالتَّحْرِيمِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَرَيَانِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ . أَعْنِي : الْعِتْقَ ، وَالصَّوْمَ ، وَالْإِطْعَامَ . وَقَدْ وَقَعَ فِي كِتَابِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ " وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ غَيْرَ الْإِطْعَامِ " فَإِنْ أُخِذَ عَلَى ظَاهِرِهِ - مِنْ عَدَمِ جَرَيَانِ الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْمُفْطِرِ - فَهِيَ مُعْضِلَةٌ زَبَّاءُ ذَاتُ وَبَرٍ . لَا يُهْتَدَى إلَى تَوْجِيهِهَا ، مَعَ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَمَلَ هَذَا اللَّفْظَ . وَتَأَوَّلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فِي تَقْدِيمِ الْإِطْعَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْخِصَالِ وَذَكَرُوا وُجُوهًا فِي تَرْجِيحِ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ : مِنْهَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْقُرْآنِ رُخْصَةً لِلْقَادِرِ . وَنَسْخُ هَذَا الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ الْفَضِيلَةِ بِالذِّكْرِ وَالتَّعْيِينِ لِلْإِطْعَامِ ؛ لِاخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ : وَمِنْهَا : بَقَاءُ حُكْمِهِ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ لِلْعُذْرِ ، كَالْكِبَرِ وَالْحَمْلِ وَالْإِرْضَاعِ : وَمِنْهَا : جَرَيَانُ حُكْمِهِ فِي حَقِّ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ ، حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ ثَانٍ . وَمِنْهَا : مُنَاسَبَةُ إيجَابِ الْإِطْعَامِ لِجَبْرِ فَوَاتِ الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ إمْسَاكٌ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . وَهَذِهِ الْوُجُوهُ لَا تُقَاوِمُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْعِتْقِ ، ثُمَّ بِالصَّوْمِ ، ثُمَّ بِالْإِطْعَامِ . فَإِنَّ هَذِهِ الْبُدَاءَةَ إنْ لَمْ تَقْتَضِ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَهُ . وَقَدْ وَافَقَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ . وَبَعْضُهُمْ قَالَ : إنَّ الْكَفَّارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ . فَفِي وَقْتِ الشَّدَائِدِ تَكُونُ بِالْإِطْعَامِ . وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِفْطَارِ بِالْجِمَاعِ ، وَالْإِفْطَارِ بِغَيْرِهِ . وَجَعَلَ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِهِ : يُكَفَّرُ بِالْإِطْعَامِ لَا غَيْرُ . وَهَذَا أَقْرَبُ فِي مُخَالَفَةِ النَّصِّ مِنْ الْأَوَّلِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : إذَا ثَبَتَ جَرَيَانُ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ - أَعْنِي الْعِتْقَ وَالصِّيَامَ وَالْإِطْعَامَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ - فَهَلْ هِيَ عَلَى التَّرْتِيبِ ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ : أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ . وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ : أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ . وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ . وَاسْتُدِلَّ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْوُجُوبِ بِالتَّرْتِيبِ فِي السُّؤَالِ ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ " ثُمَّ رَتَّبَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْعِتْقِ ، ثُمَّ الْإِطْعَامَ بَعْدَ الصَّوْمِ ، وَنَازَعَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي ظُهُورِ دَلَالَةِ التَّرْتِيبِ فِي السُّؤَالِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ : إنَّ مِثْلَ هَذَا السُّؤَالِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ وَجَعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ التَّخْيِيرِ . وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي : مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَتَجِدُ شَاةً ؟ فَقَالَ : لَا . قَالَ : فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ } وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الشَّاةِ وَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ ، وَالتَّخْيِيرُ فِي الْفِدْيَةِ ثَابِتٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ " يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ إعْتَاقَ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فِي الْكَفَّارَةِ ، لِأَجْلِ الْإِطْلَاقِ . وَمَنْ يَشْتَرِطُ الْإِيمَانَ : يُقَيِّدُ الْإِطْلَاقَ هَهُنَا بِالتَّقْيِيدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَهُوَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ السَّبَبَ إذَا اخْتَلَفَ وَاتَّحَدَ الْحُكْمُ ، هَلْ يُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا قُيِّدَ ، فَهَلْ هُوَ بِالْقِيَاسِ أَمْ لَا ؟ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ . وَالْأَقْرَبُ : أَنَّهُ إنْ قُيِّدَ فَبِالْقِيَاسِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لَا " لَا إشْكَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ ؛ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ نَفَى الِاسْتِطَاعَةَ . وَعِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ يُنْتَقَلُ إلَى الصَّوْمِ . لَكِنْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ " وَهَلْ أَتَيْتُ إلَّا مِنْ الصَّوْمِ ؟ " فَاقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِ ، بِسَبَبِ شِدَّةِ الشَّبَقِ وَعَدَمِ الصَّبْرِ فِي الصَّوْمِ عَنْ الْوِقَاعِ : فَنَشَأَ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ نَظَرٌ فِي أَنَّ هَذَا : هَلْ يَكُونُ عُذْرًا مُرَخِّصًا فِي الِانْتِقَالِ إلَى الْإِطْعَامِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ ، أَعْنِي شَدِيدَ الشَّبَقِ ؟ قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْلُهُ " فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ " يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إطْعَامِ هَذَا الْعَدَدِ . وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَضَافَ " الْإِطْعَامَ " الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ " أَطْعَمَ " إلَى سِتِّينَ . وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي حَقِّ مَنْ أَطْعَمَ عِشْرِينَ مِسْكِينًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . الثَّانِي : أَنَّ الْقَوْلَ بِإِجْزَاءِ ذَلِكَ عَمَلٌ بِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ تَعُودُ عَلَى ظَاهِرِ النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ وَقَدْ عُرِفَ مَا فِي ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : " الْعَرَقُ " بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ مَعًا : الْمِكْتَلُ مِنْ الْخُوصِ . وَاحِدُهُ " عَرَقَةٌ " وَهِيَ ضَفِيرَةٌ تُجْمَعُ إلَى غَيْرِهَا . فَيَكُونُ مِكْتَلًا . وَقَدْ رُوِيَ " عَرْقٌ " بِإِسْكَانِ الرَّاءِ . وَقَدْ قِيلَ : إنَّ الْعَرَقَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ :أَنَّ إطْعَامَ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ . وَقَدْ صُرِفَتْ هَذِهِ الْخَمْسَةُ عَشَرَ صَاعًا إلَى سِتِّينَ مُدًّا . وَقِسْمَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى سِتِّينَ بِرُبْعٍ . فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ رُبْعُ صَاعٍ . وَهُوَ مُدٌّ .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : " اللَّابَةُ " الْحَرَّةُ . وَالْمَدِينَةُ تَكْتَنِفُهَا حَرَّتَانِ . وَالْحَرَّةُ حِجَارَةٌ سُودٌ . وَقِيلَ فِي ضَحِكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِتَبَايُنِ حَالِ الْأَعْرَابِيِّ ، حَيْثُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ مُتَحَرِّقًا مُتَلَهِّفًا حَاكِمًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْهَلَاكِ . ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى طَلَبِ الطَّعَامِ لِنَفْسِهِ . وَقِيلَ : وَقَدْ يَكُونُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَتَوْسِعَتِهِ عَلَيْهِ ، وَإِطْعَامِهِ لَهُ هَذَا الطَّعَامَ ، وَإِحْلَالِهِ لَهُ بَعْدَ أَنْ كُلِّفَ إخْرَاجَهُ . .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " تَبَايَنَتْ الْمَذَاهِبُ فِيهِ . فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ : هُوَ دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْرِفَ كَفَّارَتَهُ إلَى أَهْلِهِ وَنَفْسِهِ . وَإِذَا تَعَذَّرَ أَنْ تَقَعَ كَفَّارَةٌ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارَ الْكَفَّارَةِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ الْيَسَارِ : لَزِمَ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِالْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ لِسَبَبِ وُجُوبِهَا وَرُبَّمَا قُرِّرَ ذَلِكَ بِالِاسْتِشْهَادِ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ ، حَيْثُ تَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ لِاسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ . وَهَذَا قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ، أَعْنِي سُقُوطَ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ بِهَذَا الْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ . وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ : لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ . وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ . وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا . وَبَعْدَ الْقَوْلِ بِهَذَا الْمَذْهَبِ فَهَهُنَا طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا : مَنْعُ أَنْ لَا تَكُونَ الْكَفَّارَةُ أُخْرِجَتْ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " فَفِيهِ وُجُوهٌ : مِنْهَا : ادِّعَاءُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهَذَا الرَّجُلِ ، أَيْ يُجْزِئُهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ صَدَقَةِ نَفْسِهِ لِفَقْرِهِ . فَسَوَّغَهَا لَهُ النَّبِيُّ . وَمِنْهَا : ادِّعَاءُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ . وَهَذَانِ ضَعِيفَانِ . إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى التَّخْصِيصِ وَلَا عَلَى النَّسْخِ . وَمِنْهَا : أَنْ تَكُونَ صُرِفَتْ إلَى أَهْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ عَاجِزٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِعُسْرِهِ . وَهُمْ فُقَرَاءُ أَيْضًا . فَجَازَ إعْطَاءُ الْكَفَّارَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَهُمْ . وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْفَقْرِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ . وَهَذَا لَا يَتِمُّ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى " كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " . وَمِنْهَا : مَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَنَّهُ قِيلَ : لَمَّا مَلَّكَهُ إيَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ جَازَ لَهُ أَكْلُهَا وَإِطْعَامُهَا أَهْلَهُ لِلْحَاجَةِ . وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ ؛ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ عَامًّا فَلَيْسَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ . وَإِنْ جُعِلَ خَاصًّا فَهُوَ الْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ أَوَّلًا . الطَّرِيقُ الثَّانِي : وَهُوَ - الْأَقْرَبُ - أَنْ يُجْعَلَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا لَا عَنْ جِهَةِ الْكَفَّارَةِ . وَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً فِي الذِّمَّةِ لِمَا ثَبَتَ وُجُوبُهَا فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ . وَالسُّكُوتُ لِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ . فَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ مَعَ اسْتِقْرَارِ أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ يَتَأَخَّرُ لِلْإِعْسَارِ ، وَلَا يَسْقُطُ ، لِلْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ وَالنَّظَائِرِ ، أَوْ يُؤْخَذُ الِاسْتِقْرَارُ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ السُّكُوتِ . .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَ : جُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مُفْسِدِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ . وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ ، لِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذِكْرِهِ . وَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إنْ كَفَّرَ بِالصِّيَامِ أَجْزَأَهُ الشَّهْرَانِ . وَإِنْ كَفَّرَ بِغَيْرِهِ قَضَى يَوْمًا . وَالصَّحِيحُ : وُجُوبُ الْقَضَاءِ . وَالسُّكُوتُ عَنْهُ لِتَقَرُّرِهِ وَظُهُورِهِ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ . وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - أَعْنِي الْقَضَاءَ - وَالْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَوْجُودٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ . وَلِأَصْحَابِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ . وَهِيَ الْمَذَاهِبُ الَّتِي حَكَيْنَاهَا . وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الرَّجُلِ . فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَهُمْ ، إذْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَكَّنَتْ طَائِعَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ : هَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا ؟ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : الْوُجُوبُ . وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ . وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ . الثَّانِي : عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا . وَاخْتِصَاصُ الزَّوْجِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ . وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلَيْهِ . ثُمَّ اخْتَلَفُوا : هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ لَا تُلَاقِي الْمَرْأَةَ ، أَوْ هِيَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تَقُومُ عَنْهُمَا جَمِيعًا ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ . وَاحْتَجَّ الَّذِينَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ بِأُمُورٍ : مِنْهَا : مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ . فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى ذِكْرِهِ . وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ مِنْ اسْتِدْلَالِهِمْ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْلِمْ الْمَرْأَةَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا ، مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِعْلَامِ . وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ . { وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِ الْعَسِيفِ . فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا } . فَلَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ بِذَلِكَ ، كَمَا فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ . وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ أَجَابُوا بِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّا لَا نُسَلِّمُ الْحَاجَةَ إلَى إعْلَامِهَا . فَإِنَّهَا لَمْ تَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْكَفَّارَةِ . وَإِقْرَارُ الرَّجُلِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا حُكْمًا . وَإِنَّمَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى إعْلَامِهَا إذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ . وَثَانِيهَا : أَنَّهَا قَضِيَّةُ حَالٍ . يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ . وَلَا عُمُومَ لَهَا . وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ يَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ بِهَذَا الْوَطْءِ : إمَّا لِصِغَرِهَا ، أَوْ جُنُونِهَا ، أَوْ كُفْرِهَا ، أَوْ حَيْضِهَا ، أَوْ طَهَارَتِهَا مِنْ الْحَيْضِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ . وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ عِلْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَيْضِ امْرَأَةِ أَعْرَابِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ عُسْرَهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ مُسْتَحِيلٌ . وَأَمَّا الْعُذْرُ بِالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالْكُفْرِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَيْضِ : فَكُلُّهَا أَعْذَارٌ تُنَافِي التَّحْرِيمَ عَلَى الْمَرْأَةِ . وَيُنَافِيهَا قَوْلُهُ فِيمَا رَوَوْهُ " هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ " وَجَوْدَةُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ . وَثَالِثُهَا : لَا نُسَلِّمُ بِعَدَمِ بَيَانِ الْحُكْمِ . فَإِنَّ بَيَانَهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ بَيَانٌ لَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ . لِاسْتِوَائِهِمَا فِي تَحْرِيمِ الْفِطْرِ ، وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الصَّوْمِ ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ سَبَبَ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ هُوَ ذَاكَ . وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ : كَافٍ عَنْ ذِكْرِهِ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ . وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَذْكُرْ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ غَيْرَ الْأَعْرَابِيِّ ، لِعِلْمِهِمْ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ . وَهَذَا وَجْهٌ قَوِيٌّ . وَإِنَّمَا حَاوَلُوا التَّعْلِيلَ عَلَيْهِ بِأَنْ بَيَّنُوا فِي الْمَرْأَةِ مَعْنًى يُمْكِنُ أَنْ يُظَنَّ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافُ حُكْمِهَا مَعَ حُكْمِ الرَّجُلِ ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ النَّاسِ . فَإِنَّهُ لَا مَعْنًى يُوجِبُ اخْتِلَافَ حُكْمِهِمْ مَعَ حُكْمِهِ . وَذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَبْدُوهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ : هُوَ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ ، كَالْمَهْرِ وَثَمَنِ مَاءِ الْغُسْلِ عَنْ جِمَاعِهِ . فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ . وَأَيْضًا : فَجَعَلُوا الزَّوْجَ فِي الْوَطْءِ هُوَ الْفَاعِلُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ الْفِعْلُ . وَالْمَرْأَةُ مَحِلٌّ . فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : الْحُكْمُ مُضَافٌ إلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْفِعْلُ . فَيُقَالُ وَاطِئٌ وَمُوَاقِعٌ . وَلَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ هَذَانِ بِقَوِيَّيْنِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ ، وَتَأْثَمُ بِهِ إثْمَ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ ، كَمَا فِي الرَّجُلِ . وَقَدْ أُضِيفَ اسْمُ الزِّنَا إلَيْهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . وَمَدَارُ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : دَلَّ الْحَدِيثُ بِنَصِّهِ عَلَى إيجَابِ التَّتَابُعِ فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ . وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ : أَنَّهُ خَالَفَ فِيهِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِغَيْرِ هَذِهِ الْخِصَالِ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ . وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ : أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَدَنَةَ فِيهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ . وَقِيلَ : إنَّ سَعِيدًا أَنْكَرَ رِوَايَتَهُ عَنْهُ . بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ .
185 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ : إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ } .
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ . وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَوْمُ رَمَضَانَ . وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ صَوْمَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَمَنَعُوا الدَّلَالَةَ مِنْ حَيْثُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، مِنْ عَدَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِهِ صَوْمَ رَمَضَانَ .
___________
تعليق
تعليق