بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى رَسُولِ الله ، وعلَى آلِه وأصْحابِه ومَنْ والاهُ ، أمَّـا بَـعْدُ :
فقدْ اخْتَرْتُ لموضُوعي هذَا ـ وليسَ بِجَديدٍ لمْ يُسْبَقْ ، أوسبيلٍ لم تُطْرَقْ ، أو شأوٍ لمْ يُلْحَقْ ـ ( منبرَ البيْتِ السَّلَفِيِّ ) تَنْبِيهًا على أنَّ ( المكتبةَ ) جُزْءٌ مُهمٌّ منْ مُكوِّناتِ البيتِ السَّلفيِّ أهْلُه .
ولنْ أتحدَّثَ عنِ المكتبةِ نفسِها ، وما يجبُ أنْ تضُمَّه في جنباتها ، وتحويَه رُفُوفُها ، فضلًا عنْ تَصْميمها ، وتصنيفها ، وترتيبِها ، وكلُّ هذا جديرٌ أن يعتني به السَّلفيُّ طالبَ علْمٍ كانَ أوْ مِنْ عامَّةِ النَّاسِ ؛ فلهذَا موضِعٌ آخرُ .
ثمَّ تذْكيرًا كذَلِكَ بما عُلِمَ مِنْ أهمِّيَّـةِ تدوينِ الفوائِـدِ ، وتَقْيِيدِ الشَّوارِدِ ، وفائِدةِ ذلكَ وعائدتِه على المعتني به .
وترغيبًا في اقتِناءِ الكُتُبِ ، وتَشْويقًا إليها ، وتعريفًا بِبَعْضِها .
فلندخُلْ إلى الموضُوعِ مُراعينَ أنِّي :
أوَّلًا : آتي بالفَوائِدِ كيفَما اتَّفَقَ ، ومِنْ أيِّ كتابٍ تَطالُه يَدِي ، منْ غيرِ اعْتِبارٍ بنوْعِ الكِتابِ وأهمِّيَّـتِه وما يَنبَغي أنْ يُقَدَّمَ وما حقُّه أنْ يُؤَخَّرَ .
ثانِـيًا : وكذَا الحالُ بِالنِّسْبَـةِ لِلْفَوائِـدِ .
ثالِـثًا : أنَّه لَيْسَ منْ شَرْطي الْتِزامُ ما لا اعْتِراضَ علَيْه منَ الكُتُبِ والمؤَلِّفينَ ، فقَدْ يَكونُ في الكتابِ أوْ في مؤَلِّفِه بَعْضُ شَيْءٍ ، ولَيْسَ إعلامي بِوُجُودِه في مكتبتي أوِ اسْتِلالي الفائِدةَ مِنهُ دعوةً إلى اقْتِنائِه ؛ فهذَا أَمْرٌ يُفْصَلُ فيه بالنَّظرِ إلى :
ـ الكِتابِ .
ـ و المؤَلِّفِ .
ـ والمقْـتَنِي .
* فمنَ الكُتُبِ ما لا يَسْتحِقُّ إلَّا أنْ يُطعَمَ النَّارَ ! ولَولا ما فيه من ذكر الله وآياته والحديث ... الخ لما كانَ مكانه إلَّا الـ ( ... ) ، ولا كرامةَ ولا نُعْمَى عَيْنٍ ، نسألُ اللهَ العَفْوَ والعافيةَ .
* ومنْها : ما يَسْتفيدُ منه الإنسانُ علَى حذَرٍ وتَخوُّفٍ وانتِباهٍ ، أخْذًا بعينِ الاعْتِبارِ في ذلكَ حالَ المسْتَفيدِ ومسْتواهُ العلميَّ .
* ومِنها : ما يَقْتَنيه المتخصِّصُ وحسْبُ ؛ لِلبَحْثِ والتَّوثيقِ والاحْتِجاجِ على المخالِفِ ، وسَمِعْتُ في ذلِكَ عنِ العلَّامةِ شَمْسِ الحقِّ الأفغانيِّ السَّلفيِّ رحمهُ اللهُ أنَّه كانَ إذَا ابْتُلِيَ بالحاجةَ إلى اقْتِناءِ كتابٍ منْ هذَا الصِّنْفِ يُسَجِّلُ على صَفْحتِه الأُولى تنبيهًا علَى ما فيه ، وخطرِه ، وسببَ اقتِنائِه له ، ونحوِ ذلِكَ .
نعمْ ، سأُحاوِلُ قدرَ الإمكانَ تقديمَ المرضِيِّ منَ الكتبِ والمؤلِّفينَ ، والتنبيهَ على ما لم يكنْ كذلِكَ أو تُكلِّمَ فيه ـ ولينبه القُرَّاءُ على ما يعلَمونَ ـ فتُصْبِحُ الفائِدةُ بِذَا فائِدتَيْنِ : المعلُومةُ ، وحالُ المصَنَّفِ والمصنِّفِ .
رابعًا : وكذَا الحالُ بِالنِّسبةِ لِلفَوائِدِ ، فقدْ تكُونُ محلَّ بحْثٍ ، ويكونُ فيها تَفْصِيلٌ يضِيقُ الموضُوعُ عنِ الخوْضِ فيه .
خامِسًا : ولَيْسَ كذلِكَ منْ شَرْطي أنْ تكونَ الفائِدةُ ممَّا يُسْتَغْرَبُ أوْ يَقِلُّ أوْ يَنْدُرُ ، فـ ( فائِدتي ) علَى عُمُومِ اللُّغةِ ، لا علَى اصْطِلاحِ أهلِ الأثَرِ .
سادسًا : ولا أتعهَّدُ بِعدمِ التَّـكْرارِ ، تَـكْرارِ الكِتابِ ، فقدْ آخُذُ مِن كتابٍ أكثرَ مِنْ فائدةٍ ، أو تكرارِ المؤلِّفِ بِكتابٍ آخرَ ، أو موضُوعِ الفائِدةِ ، فقدْ يَـتكرَّرُ بِتناوُلٍ مختلِفٍ .
سابِعًا : أنِّي إمَّا أنْ أنقلَ كلامَ المؤلِّفِ بلفظِه ، أوْ ألـخِّصُه وأعرِضُه بلفظي ، وأكتفي ، و رُبَّما أَضَفْتُ بيْنَ [ ] ؛ توضِيحًا أوْ إضافةَ فائدةٍ تناسبُ المقامَ ، أوْ استدْراكًا وتنبيهًا على خطإٍ ؛ تأسِّيًا بأهلِ العِلْمِ ، كابْنِ حمدانَ رحمَه اللهُ في كتابِه ( ملاحظاتي حالَ مطالعاتي ) .
وقَدْ وقعتْ يَدِي للفائدةِ الأُولى على كتابِ :
أجوِبَـةُ ابْنِ القَيِّمِ رحمَه اللهُ عنِ الأحاديثِ الَّتي ظاهِرُها التَّعارُضُ في : العقيدةِ ، والطَّهارةِ ، والصَّلاةِ .
وأصْلُه رسالةُ دكتوراة ، تقدَّمَ بِها الشَّيخُ الدُّكتورُ ( محمَّدُ بْنُ بخيت الحجيليُّ ) حفظهُ اللهُ ، إلى قسْمِ ( فقهِ السُّنَّةِ ومَصَادرِها ) بِكُلِّيَّـةِ الحديثِ الشَّريفِ وعلُومِه بِالجامعةِ الإِسْلاميَّـةِ بِالمدينةِ النَّبوِيَّـةِ ، عامَ 1427 ، بِإشْرافِ الدُّكتور ( عبد الله مُراد ) ، وأُجيزَتْ بِتَقْديرِ ( امتياز ، مع مرتبةِ الشَّرفِ الأُولى ) .
وطبعتْها الجمعيَّةُ العِلْميَّةُ السُّعُودِيَّـةُ لِلسُّنَّـةِ وعُلُومِها في ( 1727 ) صَفحةً .
ولننتظِرِ الفائِدةَ في المشاركةِ القادمةِ إن شاء اللهُ ، راجيًا أن لا تَخْلُو هذه التَّقدمةُ منْ فائِدةٍ .
تعليق