. . للنساء . . ๑ « ذات زوج » فـقـط
كَتَبَهُ أَبُوْ فَرَيْحَانَ جَمَالِ بْنِ فَرَيْحَانَ الْحَارِثِيُّ 10/4/1430هِـ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ
خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا
الْحَلَقَةُ .. الْأُوْلَىْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَالْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ عَلَىَ أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيِنَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ الْطَّيِّبِينَ الْطَّاهِرِيْنَ. أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ جَاءَ فِيْ "الْمَوْسُوْعَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْكُوَيْتِيَّةِ" (19/44): "لَا خَلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيْ أَنَّ الْزَّوْجَةَ يَجُوْزُ لَهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِيْ الْبَيْتِ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ نَفْسِهَا أَوْ مُمِنْ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا.
وَلَكِنَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيْ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا.
فَذَهَبَ الْجُمْهُوْرُ ( الْشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ): إِلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا، وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوَا:
لَكِنْ الْأَوْلَى لَهَا فِعْلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقِيَامِهَا بِهِ، لِأَنَّهُ الْعَادَةِ وَلَا تَنْتَظِمُ المَعِيْشَةِ مِنْ دُوْنِهِ وَلَا تَصْلُحُ الْحَالِ إِلَا بِهِ.
وَحَيْثُ أَنَّ حِجَّةً هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَتْ بِالْقوّيّةً ـ لِمَا سَيَأْتِيَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَوْلَ الْثَّانِيَ ـ أَعْرَضْنَا عَنْ الاسْتِطْرَادُ فِيْ ذَلِكَ وَنَكْتَفِيْ بِالْإِشَارَةِ وَالِاخْتِصَارُ وَالْإِجْمَالِ لَمَّا ذَهَبُوْا إِلَيْهِ، فَغَايَةُ اسْتِدْلَالُهُمْ أَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ:
أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، لَا الِاسْتِخْدَامِ وَبَذْلُ الْمَنَافِعِ ، لِأَنَّ عَقْدَ الْنِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعِ، فَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا.
وَقَالُوْا: وَالْأَحَادِيْثُ الْمَذْكُوْرَةُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ.
يَعْنُوْنَ حَدِيْثُ عَلِيٍّ وَقِصَّةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ الْلَّهُ عَهُمَا جَمِيْعَا عِنْدَمَا طَلَبَتْ مِنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمَا لِمَا تَلْقَىَ مِنْ تَعَبِ الْخِدْمَةِ، وَسَيَأْتِيَ مَعَنَا فِيْ أَدِلَّةِ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ الْثَّانِيَ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَىَ اسْتِدْلَالِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ فِيْهِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِهِمْ.
هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ أَصْحَابِ هَذَا الْمَذْهَبِ رَحِمَهُمْ الْلَّهُ تَعَالَىْ مِنْ حُجَجِ، وَسَيَأْتِيَ ـ ضِمْنَ إِيْرَادِنا أَدِلَّةُ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ مِنْ الْزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا ـ الْرَّدِّ عَلَىَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ، وَأَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ.
وَالْمَذْهَبُ الْثَّانِيَ: ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ـ كَالْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورُالْمَالْكِيّةً وَهُوَ قَوْلُ أَبِيْ ثَوْرٍ وَأَبِيَّ بَكْرِ بْنُ أَبِيْ شَيْبَةَ وَأَبِيَّ إِسْحَاقَ الْجُوْزَجَانِيُّ، وَهوَاخْتِيَارٍ شَيْخٌ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَتِلْمِيْذِهِ ابْنِ الْقَيِّمِ وَفِيْ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ إِشَارَةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَلْبَانِيُّ وَالْعُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُمَا الْلَّهُ جَمِيْعا ـ إِلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الْخِدْمَةِ الْبَاطِنِيَّةِ: كَالْعَجِيْنِ، وَالْطَّبْخِ، وَالْفَرْشُ، وَكَنْسُ الْبَيْتِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَعَمِلَ الْبَيْتِ كُلِّهِ.
وَهَذِهِ بَعْضُ أَدِلَّةُ هَذَا الْمَذْهَبُ:
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْقُرْآَنِ:
الْدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: قَالَ تَعَالَىْ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِيْ عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوْفِ وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). [الْبَقَرَةِ: 228].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ:"أَيُّ: وَلَهُنَ عَلَىَ الْرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا لِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ فَلْيُؤَدِّ كُلّ وَاحِدِ مِنْهُماإِلَىْ الْآَخَرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوْفِ". انْتَهَىَ.
فَعُمُومُ هَذِهِ الْآَيَةَ يَقْتَضِيَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْخِدْمَةِ دَاخِلَ الْبَيْتِ كَمَا أَنَّ عَلَىَ الْرَّجُلِ الْخِدْمَةِ خَارِجَهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، أَمَّا الِاسْتِمْتَاعِ فَهُوَ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: " أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ".
الْدَّلِيْلُ الْثَّانِيْ: قَالَ تَعَالَىْ: (الْرِّجَالُ قَوَّامُوَنَ عَلَىَ الْنِّسَاءِ). [الْنِّسَاءِ:34].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ أَيْ: الْرَّجُلُ قَيِّمٌ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ رَئِيْسَهَا وَكَبِيْرِهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا...، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُوْنَ قَيِّما عَلَيْهَا؛ كَمَا قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ: {وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} الْبَقَرَةِ: 288، أَيُّ: فِيْ الْفَضِيْلَةِ وَالْخَلْقُ، وَالْمَنْزِلَةَ، وَطَاعَةُ الْأَمْرَ، وَالْإِنْفَاقِ، وَالْقِيَامَ بِالْمَصَالِحِ".
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْسَّنَةِ:
وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْثَّالِثُ فِيْ الْبَابِ: مِنْ حَدِيْثِ عَلِيٌّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَتَتْ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُوَ إِلَيْهِ مَا تَلْقَىَ فِيْ يَدِهَا مِنْ الْرَّحَىَ وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيْقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُوْمُ، فَقَالَ: عَلَىَ مَكَانِكُمَا، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِيْ وَبَيْنَهَا حَتَّىَ وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَىَ بَطْنِيّ، فَقَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَىَ خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَىَ فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَاحْمَدَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَكَبِّرَا أَرْبَعا وَثَلَاثِيَنَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ. قِيَلَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ. احْمَدُ (1/144)، وَالْبُخَارِيُّ (5046، 5047)
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُشْتَكَىَ مَا تَلْقَىَ مِنَ الْخِدْمَةِ، وَتَأْثِيْرٌ الْرَّحَىَ فِيْ يَدِهَا، فَلَمْ يَقُلْ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكِ، وَهُوَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَابى فِيْ الْحُكْمِ أَحَدا.
وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: أَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ فِيْ الْخِدْمَةِ مِنْ قَبْلُ الْزَّوْجَةِ. فَلَوْ كَانَ الْحَدِيْثُ هَذَا يَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ لَأَفَادَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَلَمَا نَصَحَ فَاطِمَةَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَيْ تَكُوْنْ لَهَا عَوْنا وَنَشَاطَا عَلَىَ خِدْمَتِهَا بَيْتِهَا وَزَوْجُهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ عَلَيَّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ يَحْضُرُ لَهَا خَادِمٌ يُسَاعِدُهُا، أَوْ كَانَ بِإِمْكَانِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ الْرَّقِيْقِ الَّذِيْ جَاءَهُ؛ فَيَنْقَضِيَ الْأَمْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ لَا هَذِهِ وَلَا ذِيْكْ، وَإِنَّمَا وَجْهِهَا لِتَكُ الْكَلِمَاتّ؛ عُلِّمْ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ وَالْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ.
الْدَّلِيلِ الْرَّابِعُ: عَمْرِوٍ بْنِ الْأَحْوَصِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( .. أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالْنِّسَاءِ خَيْرا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ ..). الْتِّرْمِذِيُّ (1163، 3087)، وَالْنَّسَائِيُّ فِيْ "الْكُبْرَىَ"(9169) وَاصْلَهُ فِيْ مُسْلِمٍ.
فِيْ هَذَا أَخْبَرَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً عِنْدَ الْرَّجُلِ، وَالْعَانّىْ: الْأَسِيرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الْرَّقِّ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْنِّكَاحِ رَقٍّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيْمَتَهُ.
وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ أَسَيْرَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَالْأَسِيرُ حَقِّهِ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدِهِ. وَالْزَّوْجُ سَيِّدُ لِلْمَرْأَةِ، قَالَ تَعَالَىْ: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَىَّ الْبَابِ). [يُوَسُفَ: 25].
وَقَدْ أَبَاحَ الْلَّهُ لِلْرَّجُلِ بِنَصِّ الْقُرْآَنِ أَنَّ يَضْرِبُهَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُ غَيْرِهِ مِنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةِ فَإِذَا كَانَ الْزَّوْجِ مُؤْتَمَنَا عَلَيْهَا وَلَهُ عَلَيْهَا وَلَايَةُ وَجَازَ ضَرَبَهَا لِلْتَّأْدِيبِ، فَمَنْ بَابُ أْولَى أَنْ تَكُوْنَ لَهُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ فِيْ بَيْتِهِ وُشُؤُوَنِهِ.
الْدَّلِيلِ الْخَامِسُ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِيَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نَاوِلِيَنِّي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ). أَحْمَدُ (2/70)، وَمُسْلِمٌ (298).
وَعَنْهَا رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: (يَا عَائِشَةُ هَلُمِّيْ الْمُدْيَةَ) ثُمَّ قَالَ: (اشْحَذِيْهَا [استَحْدَيُّهَا] بِحَجَرٍ). أَحْمَدُ (6/78)، وَمُسْلِمٌ (1967).
هَذِهِ الْأَحَادِيْثِ بَيَّنْتُ أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُخْدِمَ نِسَاءَهُ لِشُؤُونِهِ وَخِدْمَتِهِ.
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْآَثَارِ:
وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْسَّادِسُ فِيْ الْبَابِ: عَنِ أُمَّ الْمُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كُنَّا نُعِدُّ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكَهُ وَطَهُوْرَهُ فَيَبْعَثُهُ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا شَاءَ انْ يَبْعَثَهُ مِنَ الْلَّيْلِ ..". احْمَدُ (5/53)، وَمُسْلِمٌ (746).
الْدَّلِيلِ الْسَّابِعِ: عَنْ أّمّ الْمُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "وَضَعْتُ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ [غُسْلا]. الْبُخَارِيُّ (262، 263)، وَاحْمَدِ (6/336)..
فَهَؤُلَاءِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِيْنَ كُنْ يُقِمْنَ عَلَىَ خِدْمَةِ بَيْتِ رَسُوْلِ الْلَّهِ-صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْشَّرَفِ وَالْسُّؤْدُدِ.
الْدَّلِيلِ الْثَّامِنُ: فِيْ الْأَثَرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِيْ بَكْرٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِيَ الْزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِيْ الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوْكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِيَ الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غُرْبَةَ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِيَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ الْنَّوَىَ مِنْ أَرْضِ الْزُّبَيْرِ الَّتِيْ أَقْطَعَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ وَهِيَ مِنِّيْ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْما وَالْنَّوَىَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ فَلَقِيْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِيْ ثُمَّ قَالَ أَخٌ أَخٌ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيْرَ مَعَ الْرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الْزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ الْنَّاسِ فَعَرَفَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّيْ قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَىْ فَجِئْتُ الْزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِيْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَىَ رَأْسِيٌّ الْنَّوَىَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَالْلَّهِ لَحَمْلُكِ الْنَّوَىَ كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوْبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّىَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي". الْبُخَارِيُّ (4926)، وَمُسْلِمٌ (2182).
وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَخْدُمُ الْزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوْسُهُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُوْمُ عَلَيْهِ وَّأَسُوْسُهُ".
وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ عَلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ مَنُوْطٌ بِالْمَرْأَةِ:
أَوَّلَا: عِتَابِهَا عَلَىَ نَفْسِهَا فِيْ عَدَمِ اتْقَانُهَا صَنَعَ الْخُبْزَ، وَامْتِدَاحِهَا جَارَاتِهَا الْأَنْصَارِيَّاتِ لِمَا سَاعْدُنْهَا فِيْمَا لَمْ تُحْسِنْهُ؛ فُعُلِمَ أَنَّهَا احْتَسَبَتْهُ مِنْ وَظَائِفَهَا وَمَنْ أَوْلَوِيَّاتٌ أَعْمَالِهَا.
ثَانِيَا: لِقَاءَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِيْ الْطَّرِيْقِ وَهِيَ تَحْمِلُ الْنَّوَىَ [ عَلَفٌ الْبَهِيمَةِ] عَلَىَ رَأْسِهَا عَلَىَ بُعْدٍ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنْ بَيْتِهَا؛ وَلَمْ يُنْكِرْ فَعَلَهَا هَذَا، وَلَمْ يَعْتِبُ عَلَىَ الْزُّبَيْرِ فِيْ ذَلِكَ ايْضا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِتْيَانِ خَادِمٌ لِخِدْمَةِ بَهَائِمِهِ، مَعَ الْمُلَاحَظَةِ أَنْ الَّذِيْ قَامَتْ بِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِالتَّأْكِيْدِ خِدْمَةِ بَاطِنِيَّةِ مِنْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهَا وَخِدْمَتِهَا هَذِهِ، وَاقَرَارٍ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ انْكَارُهُ؛ انّ هَذِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَرْأَةُ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهَا. وَالْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَأَىَ انَّهُ مِنْ الْظُّلْمِ لَمَّا سَكَتَ عَنْهُ.
ثَالِثَا: قَوْلِهَا: "أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ" عُلِّمْ مِنْ هَذَا أَنَّهَا أُقِرَّتْ بِوَاجِبَاتِهَا الْمَنْزِلِيَّةِ وَانْ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا فِيْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ وَاجِبَةٌ، وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ سَبَبٍ إِرْسَالِ أَبِيْ بَكْرٍ الْخَادِمِ لِسِيَاسَةِ الْفَرَسَ فَقَطْ؛ أَنَّ أَعْمَالَ الْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ وَمَنْ لَوَازِمِ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا، لِذَلِكَ لَمْ يُرْسِلِ الْخَادِمِ لِخِدْمَتِهَا مُطْلَقا.
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِيْ عُمْدَةِ الْقَارِىءُ (20/208): "وَاسْتَدَلَّ قَوْمِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، مِنْهُمْ أَبُوْ ثَوْرٍ ، عَلَىَ أَنَّ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْقِيَامِ بِجَمِيْعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ زَوْجِهَا مِنَ الْخِدْمَةِ". اهٓـ.
وَمَنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ). حسنهُ الْتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَضَعَّفَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَهُوَ الْرَّاجِحُ.
وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِحَدِيْثِ: عَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيَلَ لَهَا أُدْخُلِيْ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ). احْمَدُ (1/191). صَحِيْحٌ.
وَيَأْنَسُ لَهُ حَدِيْثٌ: عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ انّ عَمّةً لَهُ أَتَتِ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ: قَالَ: (كَيْفَ أَنْتِ لَهُ)، قَالَتْ: مَا أَلُوْهُ الَا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: (فَانْظُرِيْ أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ). أَحْمَدُ (4/341) صَحِيْحٌ.
فَلَا يَكُوْنُ الْزَّوْجُ رَاضٍ عَنْ زَوْجَتِهِ إِلَا إِذَا وَجَدَهَا مُتَفَانِيَةً فِيْ خِدِّمِتّةً، تَتَلَمَّسُ مَا يُسْعِدُهُ وَيُرْضِيهِ، وَلِسَانِ حَالِهَا يَقُوْلُ: "لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ".
وَلَاشَكَّ أَنَّ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلادِ وَالْكُنَّسِ وَالْطَّبْخِ وَالْقِيَامِ بِشُئُونِ الْزَّوْجِ وَمَا يَلْزَمُ عَمَلُهُ فِيْ الْبَيْتِ؛ كُلُّ هَذَا مِمَّا يُسْعِدُ الْزَّوْجِ وَيَّرِيْحُهُ مِنْ عَنَاءِ وَتَعَبَ الْحَيَاةِ.
وَفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ عِنْدَ أَحْمَدَ (4/381)، وَابْنُ مَاجَهْ (1853) قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ...لَوْ كُنْتُ آَمِرا أَحَّدَا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَلَا تُؤَدِّىَ الْمَرْأَةُ حَقَّ الْلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَىَ ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ).
وَمَوْطِنُ الْشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيْثِ قَوْلُهُ: (حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ)، فَلَمْ يَسْتَثَنْ شَيْئا، وَمَنْ لَوَازِمِ حَقَّ الْزَّوْجِ عَلَىَ زَوْجَتِهِ كَمَا هُوَ الْعُرْفُ؛ الْقِيَامَ بِأَعْمَالِ الْبَيْتِ كُلَّهَا.
وَقَدْ بَشَّرَ الْنِبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْرِّجَالِ وَهِيَ بُشْرَىَ لِلْنِّسَاءِ الِلْآتِيّ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِنَّ الْصِّفَاتِ الْوَارِدَةَ فِيْ الْحَدِيْثِ:
فَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَّا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوْا بَلَىَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ الْوَدُوْدُ الْوَلُودُ الَّتِيْ إِنْ ظَلَمَتْ أَوْ ظُلِمَتْ قَالَتْ هَذِهِ نَاصِيَتِيْ بِيَدِكَ لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ).
وَمَنْ الْأَحَادِيْثِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَهِيَ مِنْ أَحَادِيْثِ الْتَّرْهِيْبِ:
عَنْ ابْنٍ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اثْنَانِ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمَا رُؤُوْسِهِمَا عَبْدٌ آَبِقٌ وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّىَ تَرْجِعَ). طصً (1/289)، طَسْ (4/67)، وَالْحَاكِمُ (4/191) وَصَحَّحَهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
وَهْنَا الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقَةٌ، وَتَشْمَلُ مَعْصِيَتُهَا لِزَوْجِهَا تَرَكَهَا لِلْفِرَاشِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِيْ أَحَادِيْثَ أُخْرَىَ وَتَشْمَلُ تَرَكَهَا خِدْمَةِ الْمَنْزِلِ وَمَا يَلْزَمُ حَسَبَ طَاقَتِهَا وَقَدَّرْتَهَا. إِذْ أَنَّ الَّلَهَ تَعَالَىْ لَا يُكَلِّفُ نَفْسا إِلَّا وُسْعَهَا.
يتبع
كَتَبَهُ أَبُوْ فَرَيْحَانَ جَمَالِ بْنِ فَرَيْحَانَ الْحَارِثِيُّ 10/4/1430هِـ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ
خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا
الْحَلَقَةُ .. الْأُوْلَىْ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَالْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ عَلَىَ أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيِنَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ الْطَّيِّبِينَ الْطَّاهِرِيْنَ. أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ جَاءَ فِيْ "الْمَوْسُوْعَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْكُوَيْتِيَّةِ" (19/44): "لَا خَلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيْ أَنَّ الْزَّوْجَةَ يَجُوْزُ لَهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِيْ الْبَيْتِ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ نَفْسِهَا أَوْ مُمِنْ لَا تَخْدِمُ نَفْسَهَا.
وَلَكِنَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيْ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا.
فَذَهَبَ الْجُمْهُوْرُ ( الْشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ): إِلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا، وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوَا:
لَكِنْ الْأَوْلَى لَهَا فِعْلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقِيَامِهَا بِهِ، لِأَنَّهُ الْعَادَةِ وَلَا تَنْتَظِمُ المَعِيْشَةِ مِنْ دُوْنِهِ وَلَا تَصْلُحُ الْحَالِ إِلَا بِهِ.
وَحَيْثُ أَنَّ حِجَّةً هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَتْ بِالْقوّيّةً ـ لِمَا سَيَأْتِيَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَوْلَ الْثَّانِيَ ـ أَعْرَضْنَا عَنْ الاسْتِطْرَادُ فِيْ ذَلِكَ وَنَكْتَفِيْ بِالْإِشَارَةِ وَالِاخْتِصَارُ وَالْإِجْمَالِ لَمَّا ذَهَبُوْا إِلَيْهِ، فَغَايَةُ اسْتِدْلَالُهُمْ أَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ:
أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، لَا الِاسْتِخْدَامِ وَبَذْلُ الْمَنَافِعِ ، لِأَنَّ عَقْدَ الْنِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعِ، فَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا.
وَقَالُوْا: وَالْأَحَادِيْثُ الْمَذْكُوْرَةُ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ.
يَعْنُوْنَ حَدِيْثُ عَلِيٍّ وَقِصَّةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ الْلَّهُ عَهُمَا جَمِيْعَا عِنْدَمَا طَلَبَتْ مِنْ رَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمَا لِمَا تَلْقَىَ مِنْ تَعَبِ الْخِدْمَةِ، وَسَيَأْتِيَ مَعَنَا فِيْ أَدِلَّةِ أَصْحَابُ الْمَذْهَبِ الْثَّانِيَ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَىَ اسْتِدْلَالِ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ فِيْهِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِهِمْ.
هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ أَصْحَابِ هَذَا الْمَذْهَبِ رَحِمَهُمْ الْلَّهُ تَعَالَىْ مِنْ حُجَجِ، وَسَيَأْتِيَ ـ ضِمْنَ إِيْرَادِنا أَدِلَّةُ الْقَائِلِيْنَ بِوُجُوْبِ الْخِدْمَةِ مِنْ الْزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا ـ الْرَّدِّ عَلَىَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ، وَأَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ.
وَالْمَذْهَبُ الْثَّانِيَ: ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ـ كَالْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورُالْمَالْكِيّةً وَهُوَ قَوْلُ أَبِيْ ثَوْرٍ وَأَبِيَّ بَكْرِ بْنُ أَبِيْ شَيْبَةَ وَأَبِيَّ إِسْحَاقَ الْجُوْزَجَانِيُّ، وَهوَاخْتِيَارٍ شَيْخٌ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَتِلْمِيْذِهِ ابْنِ الْقَيِّمِ وَفِيْ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ إِشَارَةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَلْبَانِيُّ وَالْعُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُمَا الْلَّهُ جَمِيْعا ـ إِلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الْخِدْمَةِ الْبَاطِنِيَّةِ: كَالْعَجِيْنِ، وَالْطَّبْخِ، وَالْفَرْشُ، وَكَنْسُ الْبَيْتِ، وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَعَمِلَ الْبَيْتِ كُلِّهِ.
وَهَذِهِ بَعْضُ أَدِلَّةُ هَذَا الْمَذْهَبُ:
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْقُرْآَنِ:
الْدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: قَالَ تَعَالَىْ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِيْ عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوْفِ وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). [الْبَقَرَةِ: 228].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ:"أَيُّ: وَلَهُنَ عَلَىَ الْرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا لِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ فَلْيُؤَدِّ كُلّ وَاحِدِ مِنْهُماإِلَىْ الْآَخَرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوْفِ". انْتَهَىَ.
فَعُمُومُ هَذِهِ الْآَيَةَ يَقْتَضِيَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْخِدْمَةِ دَاخِلَ الْبَيْتِ كَمَا أَنَّ عَلَىَ الْرَّجُلِ الْخِدْمَةِ خَارِجَهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، أَمَّا الِاسْتِمْتَاعِ فَهُوَ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: " أَنَّ الْمَعْقُوْدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْزَّوْجَةِ هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ".
الْدَّلِيْلُ الْثَّانِيْ: قَالَ تَعَالَىْ: (الْرِّجَالُ قَوَّامُوَنَ عَلَىَ الْنِّسَاءِ). [الْنِّسَاءِ:34].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ فِيْ تَفْسِيْرِهِ لِهَذِهِ الْآَيَةِ أَيْ: الْرَّجُلُ قَيِّمٌ عَلَىَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ رَئِيْسَهَا وَكَبِيْرِهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا...، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُوْنَ قَيِّما عَلَيْهَا؛ كَمَا قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ: {وَلِلْرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} الْبَقَرَةِ: 288، أَيُّ: فِيْ الْفَضِيْلَةِ وَالْخَلْقُ، وَالْمَنْزِلَةَ، وَطَاعَةُ الْأَمْرَ، وَالْإِنْفَاقِ، وَالْقِيَامَ بِالْمَصَالِحِ".
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْسَّنَةِ:
وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْثَّالِثُ فِيْ الْبَابِ: مِنْ حَدِيْثِ عَلِيٌّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَتَتْ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُوَ إِلَيْهِ مَا تَلْقَىَ فِيْ يَدِهَا مِنْ الْرَّحَىَ وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيْقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُوْمُ، فَقَالَ: عَلَىَ مَكَانِكُمَا، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِيْ وَبَيْنَهَا حَتَّىَ وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَىَ بَطْنِيّ، فَقَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَىَ خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَىَ فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَاحْمَدَا ثَلَاثا وَثَلَاثِيَنَّ وَكَبِّرَا أَرْبَعا وَثَلَاثِيَنَّ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ. قِيَلَ وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّيْنَ. احْمَدُ (1/144)، وَالْبُخَارِيُّ (5046، 5047)
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُشْتَكَىَ مَا تَلْقَىَ مِنَ الْخِدْمَةِ، وَتَأْثِيْرٌ الْرَّحَىَ فِيْ يَدِهَا، فَلَمْ يَقُلْ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكِ، وَهُوَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَابى فِيْ الْحُكْمِ أَحَدا.
وَفِيْ هَذَا رَدٌّ عَلَىَ مَنْ قَالَ: أَنْ الْأَحَادِيْثِ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ فِيْ الْخِدْمَةِ مِنْ قَبْلُ الْزَّوْجَةِ. فَلَوْ كَانَ الْحَدِيْثُ هَذَا يَدُلُّ عَلَىَ الْتَّطَوُّعِ لَأَفَادَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَلَمَا نَصَحَ فَاطِمَةَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ كَيْ تَكُوْنْ لَهَا عَوْنا وَنَشَاطَا عَلَىَ خِدْمَتِهَا بَيْتِهَا وَزَوْجُهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ عَلَيَّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ يَحْضُرُ لَهَا خَادِمٌ يُسَاعِدُهُا، أَوْ كَانَ بِإِمْكَانِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ الْرَّقِيْقِ الَّذِيْ جَاءَهُ؛ فَيَنْقَضِيَ الْأَمْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ لَا هَذِهِ وَلَا ذِيْكْ، وَإِنَّمَا وَجْهِهَا لِتَكُ الْكَلِمَاتّ؛ عُلِّمْ أَنْ خِدْمَةِ الْزَّوْجِ وَالْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ.
الْدَّلِيلِ الْرَّابِعُ: عَمْرِوٍ بْنِ الْأَحْوَصِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( .. أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالْنِّسَاءِ خَيْرا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ ..). الْتِّرْمِذِيُّ (1163، 3087)، وَالْنَّسَائِيُّ فِيْ "الْكُبْرَىَ"(9169) وَاصْلَهُ فِيْ مُسْلِمٍ.
فِيْ هَذَا أَخْبَرَ الْرَّسُوْلُ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً عِنْدَ الْرَّجُلِ، وَالْعَانّىْ: الْأَسِيرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَرْتَبَةَ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الْرَّقِّ، وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْنِّكَاحِ رَقٍّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيْمَتَهُ.
وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْحَدِيْثِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ أَسَيْرَةُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَالْأَسِيرُ حَقِّهِ أَنْ يَخْدُمَ سَيِّدِهِ. وَالْزَّوْجُ سَيِّدُ لِلْمَرْأَةِ، قَالَ تَعَالَىْ: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَىَّ الْبَابِ). [يُوَسُفَ: 25].
وَقَدْ أَبَاحَ الْلَّهُ لِلْرَّجُلِ بِنَصِّ الْقُرْآَنِ أَنَّ يَضْرِبُهَا وَإِنَّمَا يُؤَدِّبُ غَيْرِهِ مِنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةِ فَإِذَا كَانَ الْزَّوْجِ مُؤْتَمَنَا عَلَيْهَا وَلَهُ عَلَيْهَا وَلَايَةُ وَجَازَ ضَرَبَهَا لِلْتَّأْدِيبِ، فَمَنْ بَابُ أْولَى أَنْ تَكُوْنَ لَهُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ فِيْ بَيْتِهِ وُشُؤُوَنِهِ.
الْدَّلِيلِ الْخَامِسُ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِيَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نَاوِلِيَنِّي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ). أَحْمَدُ (2/70)، وَمُسْلِمٌ (298).
وَعَنْهَا رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: (يَا عَائِشَةُ هَلُمِّيْ الْمُدْيَةَ) ثُمَّ قَالَ: (اشْحَذِيْهَا [استَحْدَيُّهَا] بِحَجَرٍ). أَحْمَدُ (6/78)، وَمُسْلِمٌ (1967).
هَذِهِ الْأَحَادِيْثِ بَيَّنْتُ أَنَّ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُخْدِمَ نِسَاءَهُ لِشُؤُونِهِ وَخِدْمَتِهِ.
الْأَدِلَّةِ مِنَ الْآَثَارِ:
وَهُوَ الْدَّلِيلُ الْسَّادِسُ فِيْ الْبَابِ: عَنِ أُمَّ الْمُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كُنَّا نُعِدُّ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكَهُ وَطَهُوْرَهُ فَيَبْعَثُهُ الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا شَاءَ انْ يَبْعَثَهُ مِنَ الْلَّيْلِ ..". احْمَدُ (5/53)، وَمُسْلِمٌ (746).
الْدَّلِيلِ الْسَّابِعِ: عَنْ أّمّ الْمُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "وَضَعْتُ لِرَسُوْلِ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ [غُسْلا]. الْبُخَارِيُّ (262، 263)، وَاحْمَدِ (6/336)..
فَهَؤُلَاءِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِيْنَ كُنْ يُقِمْنَ عَلَىَ خِدْمَةِ بَيْتِ رَسُوْلِ الْلَّهِ-صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْشَّرَفِ وَالْسُّؤْدُدِ.
الْدَّلِيلِ الْثَّامِنُ: فِيْ الْأَثَرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِيْ بَكْرٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِيَ الْزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِيْ الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوْكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِيَ الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غُرْبَةَ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِيَ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ الْنَّوَىَ مِنْ أَرْضِ الْزُّبَيْرِ الَّتِيْ أَقْطَعَهُ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ وَهِيَ مِنِّيْ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْما وَالْنَّوَىَ عَلَىَ رَأْسِيٌّ فَلَقِيْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِيْ ثُمَّ قَالَ أَخٌ أَخٌ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيْرَ مَعَ الْرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الْزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ الْنَّاسِ فَعَرَفَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّيْ قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَىْ فَجِئْتُ الْزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِيْ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَىَ رَأْسِيٌّ الْنَّوَىَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَالْلَّهِ لَحَمْلُكِ الْنَّوَىَ كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوْبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّىَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي". الْبُخَارِيُّ (4926)، وَمُسْلِمٌ (2182).
وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: "كُنْتُ أَخْدُمُ الْزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوْسُهُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُوْمُ عَلَيْهِ وَّأَسُوْسُهُ".
وَجْهٍ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ عَلَىَ أَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ مَنُوْطٌ بِالْمَرْأَةِ:
أَوَّلَا: عِتَابِهَا عَلَىَ نَفْسِهَا فِيْ عَدَمِ اتْقَانُهَا صَنَعَ الْخُبْزَ، وَامْتِدَاحِهَا جَارَاتِهَا الْأَنْصَارِيَّاتِ لِمَا سَاعْدُنْهَا فِيْمَا لَمْ تُحْسِنْهُ؛ فُعُلِمَ أَنَّهَا احْتَسَبَتْهُ مِنْ وَظَائِفَهَا وَمَنْ أَوْلَوِيَّاتٌ أَعْمَالِهَا.
ثَانِيَا: لِقَاءَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِيْ الْطَّرِيْقِ وَهِيَ تَحْمِلُ الْنَّوَىَ [ عَلَفٌ الْبَهِيمَةِ] عَلَىَ رَأْسِهَا عَلَىَ بُعْدٍ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنْ بَيْتِهَا؛ وَلَمْ يُنْكِرْ فَعَلَهَا هَذَا، وَلَمْ يَعْتِبُ عَلَىَ الْزُّبَيْرِ فِيْ ذَلِكَ ايْضا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِتْيَانِ خَادِمٌ لِخِدْمَةِ بَهَائِمِهِ، مَعَ الْمُلَاحَظَةِ أَنْ الَّذِيْ قَامَتْ بِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِالتَّأْكِيْدِ خِدْمَةِ بَاطِنِيَّةِ مِنْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهَا وَخِدْمَتِهَا هَذِهِ، وَاقَرَارٍ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ انْكَارُهُ؛ انّ هَذِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَرْأَةُ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهَا. وَالْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَأَىَ انَّهُ مِنْ الْظُّلْمِ لَمَّا سَكَتَ عَنْهُ.
ثَالِثَا: قَوْلِهَا: "أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُوْ بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِيْنِيْ سِيَاسَةَ الْفَرَسِ" عُلِّمْ مِنْ هَذَا أَنَّهَا أُقِرَّتْ بِوَاجِبَاتِهَا الْمَنْزِلِيَّةِ وَانْ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا فِيْ شُؤُوْنِ الْبَيْتِ وَاجِبَةٌ، وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ سَبَبٍ إِرْسَالِ أَبِيْ بَكْرٍ الْخَادِمِ لِسِيَاسَةِ الْفَرَسَ فَقَطْ؛ أَنَّ أَعْمَالَ الْبَيْتِ عَلَىَ الْزَّوْجَةِ وَمَنْ لَوَازِمِ خِدْمَتِهَا لِزَوْجِهَا، لِذَلِكَ لَمْ يُرْسِلِ الْخَادِمِ لِخِدْمَتِهَا مُطْلَقا.
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِيْ عُمْدَةِ الْقَارِىءُ (20/208): "وَاسْتَدَلَّ قَوْمِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، مِنْهُمْ أَبُوْ ثَوْرٍ ، عَلَىَ أَنَّ عَلَىَ الْمَرْأَةِ الْقِيَامِ بِجَمِيْعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ زَوْجِهَا مِنَ الْخِدْمَةِ". اهٓـ.
وَمَنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ). حسنهُ الْتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَضَعَّفَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَهُوَ الْرَّاجِحُ.
وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِحَدِيْثِ: عَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيَلَ لَهَا أُدْخُلِيْ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ). احْمَدُ (1/191). صَحِيْحٌ.
وَيَأْنَسُ لَهُ حَدِيْثٌ: عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ انّ عَمّةً لَهُ أَتَتِ الْنَّبِيَّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ: قَالَ: (كَيْفَ أَنْتِ لَهُ)، قَالَتْ: مَا أَلُوْهُ الَا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: (فَانْظُرِيْ أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ). أَحْمَدُ (4/341) صَحِيْحٌ.
فَلَا يَكُوْنُ الْزَّوْجُ رَاضٍ عَنْ زَوْجَتِهِ إِلَا إِذَا وَجَدَهَا مُتَفَانِيَةً فِيْ خِدِّمِتّةً، تَتَلَمَّسُ مَا يُسْعِدُهُ وَيُرْضِيهِ، وَلِسَانِ حَالِهَا يَقُوْلُ: "لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ".
وَلَاشَكَّ أَنَّ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلادِ وَالْكُنَّسِ وَالْطَّبْخِ وَالْقِيَامِ بِشُئُونِ الْزَّوْجِ وَمَا يَلْزَمُ عَمَلُهُ فِيْ الْبَيْتِ؛ كُلُّ هَذَا مِمَّا يُسْعِدُ الْزَّوْجِ وَيَّرِيْحُهُ مِنْ عَنَاءِ وَتَعَبَ الْحَيَاةِ.
وَفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ عِنْدَ أَحْمَدَ (4/381)، وَابْنُ مَاجَهْ (1853) قَالَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ...لَوْ كُنْتُ آَمِرا أَحَّدَا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَلَا تُؤَدِّىَ الْمَرْأَةُ حَقَّ الْلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ حَتَّىَ لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِىَ عَلَىَ ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ).
وَمَوْطِنُ الْشَّاهِدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيْثِ قَوْلُهُ: (حَتَّىَ تُؤَدِّىَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ)، فَلَمْ يَسْتَثَنْ شَيْئا، وَمَنْ لَوَازِمِ حَقَّ الْزَّوْجِ عَلَىَ زَوْجَتِهِ كَمَا هُوَ الْعُرْفُ؛ الْقِيَامَ بِأَعْمَالِ الْبَيْتِ كُلَّهَا.
وَقَدْ بَشَّرَ الْنِبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْرِّجَالِ وَهِيَ بُشْرَىَ لِلْنِّسَاءِ الِلْآتِيّ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِنَّ الْصِّفَاتِ الْوَارِدَةَ فِيْ الْحَدِيْثِ:
فَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الْلَّهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَّا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوْا بَلَىَ يَا رَسُوْلَ الْلَّهِ قَالَ الْوَدُوْدُ الْوَلُودُ الَّتِيْ إِنْ ظَلَمَتْ أَوْ ظُلِمَتْ قَالَتْ هَذِهِ نَاصِيَتِيْ بِيَدِكَ لَا أَذُوْقُ غَمْضا حَتَّىَ تَرْضَىَ).
وَمَنْ الْأَحَادِيْثِ الَّتِيْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا عَلَىَ وُجُوْبِ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَهِيَ مِنْ أَحَادِيْثِ الْتَّرْهِيْبِ:
عَنْ ابْنٍ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اثْنَانِ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمَا رُؤُوْسِهِمَا عَبْدٌ آَبِقٌ وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّىَ تَرْجِعَ). طصً (1/289)، طَسْ (4/67)، وَالْحَاكِمُ (4/191) وَصَحَّحَهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
وَهْنَا الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقَةٌ، وَتَشْمَلُ مَعْصِيَتُهَا لِزَوْجِهَا تَرَكَهَا لِلْفِرَاشِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِيْ أَحَادِيْثَ أُخْرَىَ وَتَشْمَلُ تَرَكَهَا خِدْمَةِ الْمَنْزِلِ وَمَا يَلْزَمُ حَسَبَ طَاقَتِهَا وَقَدَّرْتَهَا. إِذْ أَنَّ الَّلَهَ تَعَالَىْ لَا يُكَلِّفُ نَفْسا إِلَّا وُسْعَهَا.
يتبع
تعليق