خروج المرأة لصلاة العيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ورب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء أن يشهدن صلاة العيد في المصلى
بل والحُيَّض منهنّ ولكن هل كان هذا أمراً يفيد الوجوب ؟
أم أنه ندبٌ ؟
هو على الندب وليس أمرٌ .
ولو قال قائل: إن لفظ الحديث يفيد الأمر ـ وهو الوجوب ـ في حضوهن للمصلى وذلك في
قوله عليه الصلاة والسلام: (لتخرج العواتق وذوات الخدور والحيض فيشهدن العيد ). أخرجه البخاري.
نقول: قوله عليه السلام: ( لتخرجن) هو من باب الحرص على حضورهن الخير، كما بين صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث.
ثم :
هل ترخيصه صلى الله عليه وسلم للنساء في الخروج لصلاة العيدين؛ من غير قيد ولا شرط ؟؟
ومن غير ضوابط شرعية ؟؟؟؟
الجواب: لا .
ولكن الشروط والضوابط لم تُذكر في حديث الباب.
إذن؛ فأين الشروط والضوابط التي تدعيها يا اخي صاحب هذه السطور. ـ طبعاً أنا اناقش نفسي ـ؟
أقول: الشروط والضوابط في خروج المرأة للمسجد أو مصلى العيد تأخذ من مجموع نصوص الشريعة ـ من الكتاب واالسنة ـ.
يقول قائل: فأين هي ؟؟
فأقول مستعينا بالله تعالى وما توفيقي إلا به سبحانه، وأسأله الإخلاص في القول والعمل .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة ).
فهذا الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن صحابيين وهما أبو هريرة
وزينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع صريح في أن المتطيبة ليس لها الخروج إلى المسجد ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ).
وقوله: (وهن تفلات) أي: غير متطيبات.
وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب في هذا الحديث: رواه أبو داود بإسناد صحيح
على شرط البخاري ومسلم وتفلات بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء أي تاركات الطيب.
وهذا الحديث أخرجه أيضاً الإمام أحمد وابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه
وأخرجه ابن حبان من حديث زيد بن خالد قاله الشوكاني وغيره.
وإذا علمت أن هذه الأحاديث دلت على أن المتطيبة ليس لها الخروج إلى المسجد لأنها تحرك شهوة الرجال بريح طيبها ـ بل يحرم عليها ـ.
فاعلم أن أهل العلم ألحقوا بالطيب ما في معناه كالزينة الظاهرة وصوت الخلخال والثياب الفاخرة والاختلاط بالرجال ونحو ذلك بجامع أن الجميع سبب الفتنة بتحريك شهوة الرجال ووجهه ظاهر كما ترى.
فأقول: هذا القيد وهذا الشرط وهذا الضابط ـ أعني به: عدم التطيب، وعدم لباس الثياب الفاخرة، وعدم إظهار الزينة، وعدم الإختلاط؛ متوفر اليوم في ذهاب النساء لمصلى العيد اليوم ؟؟؟
نريد جواب الصادقة المنصفة العاقلة من النساء، التي تنظر بمنظار الواقع المؤلم اليوم .
لا شك أن الجواب: ان هذه الأمور ليس متوفرة ـ أعني عدم وجود المخالفات المذكورة ـ بل التطيب موجود
في النساء اللاتي يخرجن للمصلى ـ إلا نادراً و قليلاً وأقل من القيل بل قليل جداً ـ، وكامل الزينة فيهن، والملابس الفاخرة الجذابة الملفتة لنظر الرجال ـ الشيبان؛ ناهيك عما تفعله في الشباب ـ، ولبس الكعب العالي الذي يزيد الفتنة ويحرك الشهوة عند الرجال عندما تتمايل المرأة بسببه، ولا ننسى؛ وضع الشعر على الرأس مثل الكعكة أو أسنمة البخت.
وإذا نسيت أن أذكر شيئاً؛ فلن أنسى ذكر العباءات المطرزة والمشتغلة وهي لا شك أنها فتنة للرجال،
ناهيك عما يكون عليها من رسوم القلوب أو الأسهم على مواضع ـ نستفع عن ذكرها ـ.
وأنوه إلى الموضة العصرية لبعض النساء؛ وهي: لبس العباءة على الكتف؛ وفي ذلك محاذير شرعية:
المحذور الأول: أنها مظنة الفتنة، لأن غطوة الوجه والتي هي على الرأس تكون معرضة للسقوط وينكشف
وجه المرأة وشعر رأسها أمام الرجال. ـ هذا بالنسبة للمرأة التي تغطي وجهها ـ. أما التي لا تغطي وجهها فهذا شي آخر.
المحذور الثاني ـ في لبس العباءة على الكتف للمرأة: هو أنه تشبه بالرجال في عباءاتهم ـ البشوت او
المشالح؛ سموها كما تسمونها ـ.
ومعلومٌ حكم تشبه النساء بالرجال والعكس في الشريعة.
وقد ألحق الشافعية ـ رحمه الله ـ بذلك ـ المنع ـ الشابة مطلقاً لأن الشابة مظنة الفتنة.
وخصصوا الخروج إلى المساجد بالعجائز .
والأظهر أن الشابة إذا خرجت مستترة غير متطيبة ولا متلبسة بشيء آخر من أسباب الفتنة أن لها الخروج إلى المسجد لعموم النصوص المتقدمة والعلم عند الله تعالى. أنظر: "أضواء البيان" 5/547، 548 للفائدة.
ولا شك أن المرأة تفتن الرجال مهما يكن والشابة اشد فتنة ـ وهذا لا يختلف فيه إثنان ولا ينتطح فيه عنزان ـ.
قال ابن كثير رحمه اللَّه في تفسيره وقال البزار أيضًا حدّثنا محمد بن المثنى حدّثني عمرو بن عاصم حدّثنا
همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم
قال: ( إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربّها وهي في قعر بيتها )
ورواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه اه منه. وقد ذكر هذا الحديث صاحب ( مجمع الزوائد ) وقال: رواه الطبراني في ( الكبير ) ورجاله موثقون.
واليوم أيها الإخوة ويا أيتها النساء الشريفات كم امرأة تخرج للمصلى من غير طيب ومن غير زينة ؟؟؟
قليل وقيل جدا نسبة لا تذكر؛ لأنهن يقلنّ: هذا يوم عيد ولابد من إظهار الفرح ولبس الجديد والظهور بالرئحة الطيبة الزكية.
فنقول اسمعوا واصغوا لهذا الكلام النفيس والحجة على الجميع.
روى ابن خزيمة في صحيحة عن موسى بن يسار رضي الله عنه قال مرت بأبي هريرة رضي الله عنه امرأة وريحها تعصف فقال لها أين تريدين يا أمة الجبار؟
قالت: إلى المسجد .
قال: وتطيبت؟
قالت: نعم .
قال: فارجعي فاغتسلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقبل الله من امرأة صلاة
خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغتسل).
قال الحافظ: إسناده متصل ورواته ثقات وعمرو بن هاشم البيروتي ثقة وفيه كلام لا يضر .
و حسن الألباني لغيره.
وقال: ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق عاصم بن عبيد الله العمري وقد مشاه بعضهم ولا يحتج به وإنما أمرت بالغسل لذهاب رائحتها والله أعلم. صحيح الترغيب للألباني تحت حديث 2020
قال ابن حجر: ـ وهو يتكلم عن ـ حديث أبي قتادة رفعه: (إني لأقوم في الصلاة ....) ـ الحديث وفيه ـ (فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه). قال بن دقيق العيد: هذا الحديث عام في النساء إلا أن الفقهاء خصوه بشروط منها أن لا تتطيب وهو في بعض الروايات وليخرجن تفلات قلت هو بفتح المثناة وكسر الفاء أي غير متطيبات ويقال امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح وهو عند أبي داود وابن خزيمة من حديث أبي هريرة وعند ابن حبان من حديث زيد بن خالد وأوله: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، ولمسلم من حديث زينب امرأة بن مسعود: (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسن طيبا). انتهى.
قال: ويلحق بالطيب ما في معناه لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس
والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال.
فنخلص من هذا البحث وورد الأدلة السابقة؛ على أن النساء اليوم أكثرهن لا يتقيدن بهذه الضوابط الشرعية المرعية ، ولا يلتزمن بالشروط التي جاءت بها الشريعة الغرّاء.
فإذا كان الأمر كذلك؛ فعلى ذلك فإنه لا يجوز للنساء الخروج للمصلى في يوم العيد .
وأختم بحثي هذا بحديث الصديقة ـ عائشة ـ بنت الصديق رضي الله عنهما حيث قالت: "لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعه نساء بني إسرائيل". أخرجه ابو داود، وابن خزيمة وهو صحيح.
إن كان ما أحدثته بعض نساء عصر عائشة رضي الله عنها ـ وهنّ إما صحابيات؛ وحاشاهنّ من الإحداث، وإما تابعيات وهنّ من القرن الأول المفضل الذي ذكر فضلهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( خير الناس قرني) ـ فماذا عسانا نقول نحن اليوم من إحداث نساء زماننا ؟؟؟؟؟!!!!!!!!
ومن المناسب جداً أن أذكر بعض أقوال السلف رحمهم الله تعالى كي نستأنس به ونربطه بواقع نساءنا اليوم:قال الثوري ليس للمرأة خير من بيتها وإن كانت عجوزا قال الثوري قال عبد الله ـ يعني ابن مسعود رضي الله عنه ـ المرأة عورة وأقرب ما تكون إلى الله في قعر بيتها فإذا خرجت استشرفها الشيطان .
وقال الثوري أكره اليوم للنساء الخروج إلى العيدين .
وقال ابن المبارك أكره اليوم الخروج للنساء في العيدين فإن أبت المرأة إلا أن تخرج فليأذن لها زوجها أن تخرج في أطهارها ولا تتزين فإن أبت أن تخرج كذلك فللزوج أن يمنعها من ذلك .
وذكر محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال كان النساء يرخص لهن في الخروج إلى العيد
فأما اليوم فإني أكرهه قال وأكره لهن شهود الجمعة والصلاة المكتوبة في الجماعة وأرخص للعجوز الكبيرة أن تشهد العشاء والفجر فأما غير ذلك فلا .
قال أبو عمر ابن عبد البر المالكي: أقوال الفقهاء في هذا الباب متقاربة المعنى وخيرها قول ابن المبارك لأنه
غير مخالف لشيء منها ويشهد له قول عائشة: "لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه النساء
لمنعهن المسجد". "التمهيد" (23/402ـ403).
هذا والله اعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبة اجمعين ،،،،،،،،،
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
بعد فجر يوم الأربعاء 28/9/1428هـ.
تعليق