من أحاديث عشرة النساء و الوصية بهم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
تحقيق الألباني :حسن صحيح ، الصحيحة ( 284 )
شرح الشيخ العثيمين رحمه الله : [ من شرح رياض الصالحين باب الوصية بالنساء]
..... حديث أبي هريرة رضي الله عنه فإنه حديث عظيم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } وليس الناس في الإيمان سواء من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهده شهود عيان يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات يؤمن بالجنة وكأنها ماثلة أمامه يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه يؤمن إيمانا حقيقيا مطمئنا لا يخالطه شك ومن الناس من يكون مزعزع الإيمان نسأل الله العافية كما قال تعالى { ومن الناس من يعبد الله على حرف } يعني على طرف { فإن أصابه خير } يعني إن لم يواجه أحدا يشككه في الدين ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه { اطمأن به } أي ركن إليه { وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة } إن أصابته فتنة في بدنه أو ماله أو أهله انقلب على وجهه واعترض على القضاء والقدر وتسخط وهلك والعياذ بالله { خسر الدنيا والآخرة } فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الناس أما حسن الخلق مع الله فأن يرضي الإنسان بشريعته وينقاد إليها مسلما راضيا مطمئنا بها سواء كان أمرا يأمر به أو نهيا ينهي عنه .
وأن يرضي الإنسان بقدر الله عز وجل ويكون الذي قدر الله عليه مما يسوءه كالذي قدر الله عليه مما يسره فيقول يا رب كل شيء من عندك فأنا راض بك ربا إن أعطيتني مما يسرني شكرت وإن أصابني ما يسوءني صبرت فيرضي بالله قضاء وقدرا وأمرا وشرعا هذا حسن الخلق مع الله أما حسن الخلق مع الناس فظاهر فكف الأذى وبذل الندي والصبر عليهم وعلى أذاهم هذا من حسن الخلق مع الناس أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم وتبذل نداك الندي يعني العطاء سواء مالا أو جاها أو غير ذلك وكذلك تصبر على البلاء منهم فإذا كنت كذلك كنت أكمل الناس إيمانا ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي فخير الناس هو خيرهم لأهله لأن الأقربين أولى بالمعروف فإذا كان فيك خير فليكن أهلك هم أول المستفيدين من هذا الخير وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم تجده سيئ الخلق مع أهله حسن الخلق مع غيرهم وهذا خطأ عظيم أهلك أحق بإحسان الخلق أحسن الخلق معهم لأنهم هم الذين معك ليلا ونهارا سرا وعلانية إن أصابك شيء أصيبوا معك وإن سررت سروا معك وإن حزنت حزنوا معك فلتكن معاملتك معهم خيرا من معاملتك مع الأجانب فخير الناس خيرهم لأهله نسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلينا ومن لهم حق علينا.
شرح الشيخ العثيمين رحمه الله : [ من شرح رياض الصالحين باب حسن الخلق]
قال: وخياركم خياركم لنسائهم المراد خيركم خيركم لأهله، كما جاء ذلك في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيرك لأهلي فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خير صاحب وخير محب وخير مربي لأن الأهل أحق بحسن خلقك من غيرهم فابدأ بالأقرب فالأقرب .
على العكس من ذلك حال بعض الناس اليوم وقبل اليوم تجده مع الناس حسن الخلق، لكن مع أهله سيئ الخلق - والعياذ بالله - وهذا خلاف هدى النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أن تكون مع أهلك حسن الخلق ومع غيرهم أيضا لكن هم أولى بحسن الخلق من غيرهم .
ولهذا لما سئلت عائشة ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت: كان في مهنة أهله .
أي يساعدهم على مهمات البيت حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان يحلب الشاة لأهله ويخصف نعله ويرقع ثوبه وهكذا ينبغي للإنسان مع أهله أن يكون من خير الأصحاب لهم .