الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله ..
وبعدُ ..
قال الشيخ محمدُ الموسى حفظه الله تعالى ـ وقد كان مدير مكتب بيت سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ـ عند حديثِه عن تعاملِ سماحةِ الشيخِ ابنِ بازٍ رحمه الله تعالى مع زوجاتِه :
* لسماحةِ الشيخِ رحمه الله تعالى زوجتانِ :
( أمُّ عبدِ الله ) وله منها ابنان وثلاث بنات . و ( أمُّ أحمدَ ) وله منها ابنان وثلاث بنات .
وقد مات عنهما رحمه الله تعالى .
* وكان رحمه الله تعالى يَلزمُ العدلَ ويتحرَّاه في تعاملِه مع زوجتَيه ، وكان برًّا بهما رحيمًا عطوفًا ، حريصًا على القيام بحقِّهما .
وكان يتَّصلُ بهنَّ يوميًّا إذا كان في مكةَ أو الطائفِ إن لم يكن معه أحدٌ منهنَّ ... وكان يتلطَّفُ في الكلام معهنَّ ، وربما أخبرهنَّ بما فعلَ يومَه ذلك ، فربَّما قال : اجتمعنا اليوم في الرَّابطةِ ، وغدًا ـ إن شاءَ الله ـ سنذهب إلى كذا وكذا ، ونحوِ ذلك .
* وكان رحمه الله تعالى محـبًّا لأسرتَيه ، رفيقًا بهما ، بعيدًا عن الزَّجر ، وكثرةِ العِتابِ .
وأذكرُ في يومٍ من الأيَّام أنه كان يُريد السفرَ في الطائرةِ ، وتأخرَّت إحدى أسرتَيه التي ستسافرُ معَه في تلكَ الرِّحلةِ أكثرَ من ساعةٍ ، وتأخَّرت بسببِ ذلكَ الطائرةُ التي تُقِلُّه ، ومع ذلكَ لم يَبدُ على سَماحتِه أيُّ تضجُّرٍ أو سآمَة ، بل كنَّا نقرأُ عليهِ المعاملات دونَ انقِطاعٍ ، وكلَّما مضى عشرُ دقائقٍ أو رُبع ساعَةٍ سأَل : هل جاءُوا ؟ فإن قيلَ له : لا ؛ واصَلَ الاستِماعَ .
ولمَّا وصلوا لم يُبدِ أيَّ تضجُّرٍ ، ولم تبدُر منهُ أيُّ كلمَةٍ ؛ لأنَّه يلتمسُ لهم المعاذير ، ويعلمُ أنَّهم لم يتأخَّروا إلَّا لعارِضٍ .
* وكانَ رحمهُ الله تعالَى كثيرَ الوصايَة بالأهلِ ، كثيرَ التحذيرِ من الجفاءِ معَهم ، والتَّقصير في حقوقِهم .
ومن الطَّرائِف في ذلكَ :
أنَّني كنتُ مع سماحَتِه في الطَّائف عام 1418 وكنتُ في مجلسِه المعتادِ عن يَسارهِ ، أقرأُ عليهِ بعضَ المعاملاتِ ، كنتُ ـ على العادَةِ ـ أردُّ على المكالماتِ ، وإذا طَلبوا سَماحتَه ناوَلتُه سمَّاعةَ الهاتفِ ، وفي يومٍ من الأيامِ رنَّ الهاتفُ ، فأخذَ سماحتُه السَّماعةَ على غيرِ العادةِ وإذا هم أهلي يَطلُبونَني ، فناوَلني سماحته السَّماعةَ ، وأخذَ ينتَظِرني حتَّى أفرغَ من المكالمَة ، وكنتُ حريصًا على الاختِصار ؛ لأنَّ وقتَ سماحة الشَّيخِ لا يَسمحُ بالإطالَة ، والمجلسُ مليءٌ بالحاضِرين ، وأهلي يَعلَمونَ ذلك ، والَّذي حصلَ أنَّ أهلي سألوني : هل ستتغَدَّى معَنا هذا اليوم ؟ فقلتُ : لا .
وبذلكَ انتَهى الغَرَضُ ، ووضعتُ سمَّاعةَ الهاتفِ ، فقالَ لي سماحةُ الشَّيخِ : انتهيتَ من المكالمَة ؟! قلتُ : نعم . فقالَ رحمهُ الله تعالى : ما هذا الجَفاءُ ؟ أهكَذا تُكلِّمون أهلِيكم ؟ أسألُ الله العافيَة ! فقلت : يا سماحةَ الشَّيخ ، المقصودُ قد انتَهى ، ولا أريدُ الإطالَة ، فالوقتُ لا يَسمَح . فقال : لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ) ا.هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصْدَر :
كتابُ ( جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ) رواية الشيخ محمد بن موسى الموسى مدير مكتب بيت سماحة الشيخ ، إعداد : محمد بن إبراهيم الحمد ، طبعة دار ابن خزيمة ، راجع ( ص : 226 ) .
وهذا الكتاب يُعدُّ من أفضل ما كُتب في سيرة سماحة الشيخ رحمه الله تعالى ، إذ هو مجموع من رواية رجل عرف الشيخ قبل وفاته بأربعين سنة ، ثم لازمه قرابة الست عشرة سنة .
و جاء في مقدمة الكتاب من قول الـمُعدِّ :
هذه الرواية تمثِّل صورة صادقة لحياة سماحة الشيخ رحمه الله تعالى فهي تصوِّر أخلاقه وعلمه وعبادته ودُعابته ، وحاله في الصحة والمرض ، والحضر والسفر ، ومواقفه الرائعة ، وقصصه المؤثرة ، وأياديه البيضاء ، وأعماله الجليلة ، ومآثره الخالدة ، ومنهجه في التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم .
وقال قبل ذلك :
هذه الرواية تحتوي على جوانب كثيرة من سيرة سماحة الشيخ ، وأكثر ما في هذه الرواية من أخبار وأحداث وقصص ومكاتبات وإملاءات ونحوها لم ينشر قبل ذلك في كتاب أو ترجمة لسماحة الشيخ رحمه الله تعالى ا.هـ
وأقول : فمن أراد أن يَعرف سيرةَ الشيخ رحمه الله تعالى حقَّ المعرفة فليقرأ هذا الكتابَ القيِّمَ .
وبعدُ ..
فَـتَـشَـبَّـهُوا إنْ لَـمْ تكونُوا مِثلَـهُـم ******* إنَّ التَّــشَـبُّـهَ بِالكِـــرامِ فَـــــلاحُ
قال الشيخ محمدُ الموسى حفظه الله تعالى ـ وقد كان مدير مكتب بيت سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ـ عند حديثِه عن تعاملِ سماحةِ الشيخِ ابنِ بازٍ رحمه الله تعالى مع زوجاتِه :
* لسماحةِ الشيخِ رحمه الله تعالى زوجتانِ :
( أمُّ عبدِ الله ) وله منها ابنان وثلاث بنات . و ( أمُّ أحمدَ ) وله منها ابنان وثلاث بنات .
وقد مات عنهما رحمه الله تعالى .
* وكان رحمه الله تعالى يَلزمُ العدلَ ويتحرَّاه في تعاملِه مع زوجتَيه ، وكان برًّا بهما رحيمًا عطوفًا ، حريصًا على القيام بحقِّهما .
وكان يتَّصلُ بهنَّ يوميًّا إذا كان في مكةَ أو الطائفِ إن لم يكن معه أحدٌ منهنَّ ... وكان يتلطَّفُ في الكلام معهنَّ ، وربما أخبرهنَّ بما فعلَ يومَه ذلك ، فربَّما قال : اجتمعنا اليوم في الرَّابطةِ ، وغدًا ـ إن شاءَ الله ـ سنذهب إلى كذا وكذا ، ونحوِ ذلك .
* وكان رحمه الله تعالى محـبًّا لأسرتَيه ، رفيقًا بهما ، بعيدًا عن الزَّجر ، وكثرةِ العِتابِ .
وأذكرُ في يومٍ من الأيَّام أنه كان يُريد السفرَ في الطائرةِ ، وتأخرَّت إحدى أسرتَيه التي ستسافرُ معَه في تلكَ الرِّحلةِ أكثرَ من ساعةٍ ، وتأخَّرت بسببِ ذلكَ الطائرةُ التي تُقِلُّه ، ومع ذلكَ لم يَبدُ على سَماحتِه أيُّ تضجُّرٍ أو سآمَة ، بل كنَّا نقرأُ عليهِ المعاملات دونَ انقِطاعٍ ، وكلَّما مضى عشرُ دقائقٍ أو رُبع ساعَةٍ سأَل : هل جاءُوا ؟ فإن قيلَ له : لا ؛ واصَلَ الاستِماعَ .
ولمَّا وصلوا لم يُبدِ أيَّ تضجُّرٍ ، ولم تبدُر منهُ أيُّ كلمَةٍ ؛ لأنَّه يلتمسُ لهم المعاذير ، ويعلمُ أنَّهم لم يتأخَّروا إلَّا لعارِضٍ .
* وكانَ رحمهُ الله تعالَى كثيرَ الوصايَة بالأهلِ ، كثيرَ التحذيرِ من الجفاءِ معَهم ، والتَّقصير في حقوقِهم .
ومن الطَّرائِف في ذلكَ :
أنَّني كنتُ مع سماحَتِه في الطَّائف عام 1418 وكنتُ في مجلسِه المعتادِ عن يَسارهِ ، أقرأُ عليهِ بعضَ المعاملاتِ ، كنتُ ـ على العادَةِ ـ أردُّ على المكالماتِ ، وإذا طَلبوا سَماحتَه ناوَلتُه سمَّاعةَ الهاتفِ ، وفي يومٍ من الأيامِ رنَّ الهاتفُ ، فأخذَ سماحتُه السَّماعةَ على غيرِ العادةِ وإذا هم أهلي يَطلُبونَني ، فناوَلني سماحته السَّماعةَ ، وأخذَ ينتَظِرني حتَّى أفرغَ من المكالمَة ، وكنتُ حريصًا على الاختِصار ؛ لأنَّ وقتَ سماحة الشَّيخِ لا يَسمحُ بالإطالَة ، والمجلسُ مليءٌ بالحاضِرين ، وأهلي يَعلَمونَ ذلك ، والَّذي حصلَ أنَّ أهلي سألوني : هل ستتغَدَّى معَنا هذا اليوم ؟ فقلتُ : لا .
وبذلكَ انتَهى الغَرَضُ ، ووضعتُ سمَّاعةَ الهاتفِ ، فقالَ لي سماحةُ الشَّيخِ : انتهيتَ من المكالمَة ؟! قلتُ : نعم . فقالَ رحمهُ الله تعالى : ما هذا الجَفاءُ ؟ أهكَذا تُكلِّمون أهلِيكم ؟ أسألُ الله العافيَة ! فقلت : يا سماحةَ الشَّيخ ، المقصودُ قد انتَهى ، ولا أريدُ الإطالَة ، فالوقتُ لا يَسمَح . فقال : لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ) ا.هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصْدَر :
كتابُ ( جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ) رواية الشيخ محمد بن موسى الموسى مدير مكتب بيت سماحة الشيخ ، إعداد : محمد بن إبراهيم الحمد ، طبعة دار ابن خزيمة ، راجع ( ص : 226 ) .
وهذا الكتاب يُعدُّ من أفضل ما كُتب في سيرة سماحة الشيخ رحمه الله تعالى ، إذ هو مجموع من رواية رجل عرف الشيخ قبل وفاته بأربعين سنة ، ثم لازمه قرابة الست عشرة سنة .
و جاء في مقدمة الكتاب من قول الـمُعدِّ :
هذه الرواية تمثِّل صورة صادقة لحياة سماحة الشيخ رحمه الله تعالى فهي تصوِّر أخلاقه وعلمه وعبادته ودُعابته ، وحاله في الصحة والمرض ، والحضر والسفر ، ومواقفه الرائعة ، وقصصه المؤثرة ، وأياديه البيضاء ، وأعماله الجليلة ، ومآثره الخالدة ، ومنهجه في التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم .
وقال قبل ذلك :
هذه الرواية تحتوي على جوانب كثيرة من سيرة سماحة الشيخ ، وأكثر ما في هذه الرواية من أخبار وأحداث وقصص ومكاتبات وإملاءات ونحوها لم ينشر قبل ذلك في كتاب أو ترجمة لسماحة الشيخ رحمه الله تعالى ا.هـ
وأقول : فمن أراد أن يَعرف سيرةَ الشيخ رحمه الله تعالى حقَّ المعرفة فليقرأ هذا الكتابَ القيِّمَ .