حقوق الزوج والزوجة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الزوج والزوجة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
ملاحظة :
اللون الأحمر : كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
اللون الأسود : شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
ومن الحقوق الأبضاع ، فالواجب الحكم بين الزوجين بما أمر الله سبحانه وتعالى به ؛ من إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان ، فيجب على كل من الزوجين أن يؤدي إلى الآخر حقوقه بطيب نفس وانشراح صدر ؛ فإن للمرأة على الزوج ( ن : الرجل ) حقا في ماله ؛ وهو الصداق ، والنفقة بالمعروف . وحقا في بدنه ؛ وهو العشرة ، والمتعة ، بحيث لو آلى منها استحقت الفرقة ، بإجماع المسلمين . وكذلك لو كان مجبوبا ، أو عنينا لا يمكنه جماعها ؛ فلها الفرقة .
ووطؤها واجب عليه عند أكثر العلماء ، وقد قيل : إنه لا يجب ، اكتفاء بالباعث الطبيعي . والصواب أنه واجب ؛ كما دل عليه الكتاب والسنة والأصول ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر [ و] رضي الله عنهما لما رآه يكثر الصوم والصلاة :" إن لزوجك عليك حقا " . ثم قيل : يجب عليه وطؤها كل أربعة أشهر مرة .
وما قاله الشيخ هو الصحيح لا شك ، أنه يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف حتى في الجماع ، وأنه لا يحل له أن يدع الجماع إلا لعجز ، فلو تركه مراغمة ومضارة كان آثما ؛ لأن لها الحق ، وإذا كان هو لو دعاها إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ؛ فكيف تكون هي تريد هذا الشيء وهو يضارها . أما إذا كان عاجزا فالأمر إلى الله عز وجل .
فالصواب أنه لا يكتفي بالباعث الطبيعي ، وأنه يجب على الزوج أن يجامع زوجته بالمعروف .
ثم قيل : يجب عليه وطؤها كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : يجب وطؤها بالمعروف ، على قدر قوته وحاجتها ؛ كما تجب النفقة بالمعروف كذلك ، وهذا أشبه .
( أشبه ) يعني : أي أشبه بالصواب ، أنه يجب عليه أن يطؤها بالمعروف على قدر قوته وحاجتها ، كما تجب النفقة بالمعروف كذلك ، وهل له أن يبيت عندها كل ليلة إذا لم يكن معها زوجة ، أولا يجب إلا ليلة من أربع ؟ فيه خلاف أيضا ، فمنهم من قال : إنه لا يجب عليه أن يبيت إلا ليلة من أربع ، ومنهم من قال : بل يجب عليه أن يبيت عندها بالمعروف ، وهذا هو الصحيح أيضا ، والذين قالوا بالأول قالوا : لأن أكثر ما يكون معها ثلاثة ، وهي الرابعة ، ولو كانوا أربع كان الجميع كم ؟ صاروا الجميع خمسة ، ولكن الصواب أنه يجب أن يبيت عندها حسبما جرت به العادة ، كل ليلة إذا كانت هذه العادة .
ق : وللرجل عليها أن يتمتع ( ن : يستمتع ) بها متى شاء ، ما لم يضر بها ، أو يشغلها عن واجب ؛ فيجب عليها أن تمكنه كذلك .
ولكن لو فرض أن الرجل لا يقوم بواجبها من النفقة وغيرها ، فهل لها أن تمنع حقه ، قيل ليس لها ذلك ، والصواب أن لها تمنع حقه ، وأنه لم يقم بحقها من النفقة ، وطلب منها حقه ، فإن لها أن تمتنع ، لأن الله يقول :(( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) [ البقرة : 194 ] .
ولا تخرج من منزله إلا بإذنه ( ن : بإذن ) ، أو بإذن الشارع ، واختلف الفقهاء ؛ هل عليها خدمة المنزل ، كالفرش والكنس والطبخ ، ونحو ذلك ؟ فقيل : يجب عليها . وقيل : لا يجب . وقيل : يجب الخفيف منه .
وكل هذه الأقوال ينبغي أن تكون مبنية كلها على العرف ، فالذين قالوا : يجب ، نحمله على أن هذا هو عرفهم ، والذين قالوا : لا يجب نقول هذا عرفهم ، والذين قالوا : يجب الخفيف ، نقول : هذا عرفهم ؛ لماذا ؟ لقول الله تعالى : (( وعاشروهن بالمعروف )) [ النساء 19 ] . فإذا كنا في بلد تخدم نساؤهم البيت بالغسل والتنظيف والطبخ وغير ذلك ، قلنا يجب عليها أن تقوم به ، وإذا كنا في بلد ليس كذلك قلنا : لا يجب عليها ، وإذا كنا في بلد تخدم الزوجة زوجها فيما يتعلق بالشيء البسيط كطعام البيت وغسل الثياب الخفيفة ، أما إذا كان وليمة عند الزوج فإنها لا تخدمه في مثلها ، فنقول : تخدم في الشيء الخفيف ، فالصواب في هذه كلها أن نحمل جميع ما اختلف فيه الفقهاء في هذا الباب على اختلاف أحوال لا على اختلاف أقوال ، فكل منهم كان عرفه كذا فقال به ، وذلك لقوله تعالى : (( وعاشروهن بالمعروف )) والمعاشرة تكون بين اثنين ، ولهذا جاء فعله مبنيا للمفاعلة التي لا تكون إلا بين اثنين .
سؤال : وزوجة ولي الأمر ؟
الجواب : لا فرق بين هذا وهذا . ولاة الأمور ولايتهم عامة ، فلو أن الإنسان نابذهم أمام الناس صارت المفسدة عامة ، أما هذا فحق خاص بين شخصين .
سؤال : إن اختلف الزوج مع الزوجة ، فما المرجع في الإنفاق ؟
الجواب : قال الله : (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )) [ الطلاق 7 ]، فظاهر هذا أن المعتبر حال الزوج ، فإذا كان الزوج في بلد جرت عادتهم أن الزوجة تخدم زوجها فالعبرة بحال الزوج ، وإذا شاءت اشترطت عند العقد أن لا تخدم .
المصدر :
السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ ( ص 437 )
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الزوج والزوجة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
ملاحظة :
اللون الأحمر : كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله
اللون الأسود : شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
ومن الحقوق الأبضاع ، فالواجب الحكم بين الزوجين بما أمر الله سبحانه وتعالى به ؛ من إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان ، فيجب على كل من الزوجين أن يؤدي إلى الآخر حقوقه بطيب نفس وانشراح صدر ؛ فإن للمرأة على الزوج ( ن : الرجل ) حقا في ماله ؛ وهو الصداق ، والنفقة بالمعروف . وحقا في بدنه ؛ وهو العشرة ، والمتعة ، بحيث لو آلى منها استحقت الفرقة ، بإجماع المسلمين . وكذلك لو كان مجبوبا ، أو عنينا لا يمكنه جماعها ؛ فلها الفرقة .
ووطؤها واجب عليه عند أكثر العلماء ، وقد قيل : إنه لا يجب ، اكتفاء بالباعث الطبيعي . والصواب أنه واجب ؛ كما دل عليه الكتاب والسنة والأصول ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر [ و] رضي الله عنهما لما رآه يكثر الصوم والصلاة :" إن لزوجك عليك حقا " . ثم قيل : يجب عليه وطؤها كل أربعة أشهر مرة .
وما قاله الشيخ هو الصحيح لا شك ، أنه يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف حتى في الجماع ، وأنه لا يحل له أن يدع الجماع إلا لعجز ، فلو تركه مراغمة ومضارة كان آثما ؛ لأن لها الحق ، وإذا كان هو لو دعاها إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ؛ فكيف تكون هي تريد هذا الشيء وهو يضارها . أما إذا كان عاجزا فالأمر إلى الله عز وجل .
فالصواب أنه لا يكتفي بالباعث الطبيعي ، وأنه يجب على الزوج أن يجامع زوجته بالمعروف .
ثم قيل : يجب عليه وطؤها كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : يجب وطؤها بالمعروف ، على قدر قوته وحاجتها ؛ كما تجب النفقة بالمعروف كذلك ، وهذا أشبه .
( أشبه ) يعني : أي أشبه بالصواب ، أنه يجب عليه أن يطؤها بالمعروف على قدر قوته وحاجتها ، كما تجب النفقة بالمعروف كذلك ، وهل له أن يبيت عندها كل ليلة إذا لم يكن معها زوجة ، أولا يجب إلا ليلة من أربع ؟ فيه خلاف أيضا ، فمنهم من قال : إنه لا يجب عليه أن يبيت إلا ليلة من أربع ، ومنهم من قال : بل يجب عليه أن يبيت عندها بالمعروف ، وهذا هو الصحيح أيضا ، والذين قالوا بالأول قالوا : لأن أكثر ما يكون معها ثلاثة ، وهي الرابعة ، ولو كانوا أربع كان الجميع كم ؟ صاروا الجميع خمسة ، ولكن الصواب أنه يجب أن يبيت عندها حسبما جرت به العادة ، كل ليلة إذا كانت هذه العادة .
ق : وللرجل عليها أن يتمتع ( ن : يستمتع ) بها متى شاء ، ما لم يضر بها ، أو يشغلها عن واجب ؛ فيجب عليها أن تمكنه كذلك .
ولكن لو فرض أن الرجل لا يقوم بواجبها من النفقة وغيرها ، فهل لها أن تمنع حقه ، قيل ليس لها ذلك ، والصواب أن لها تمنع حقه ، وأنه لم يقم بحقها من النفقة ، وطلب منها حقه ، فإن لها أن تمتنع ، لأن الله يقول :(( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) [ البقرة : 194 ] .
ولا تخرج من منزله إلا بإذنه ( ن : بإذن ) ، أو بإذن الشارع ، واختلف الفقهاء ؛ هل عليها خدمة المنزل ، كالفرش والكنس والطبخ ، ونحو ذلك ؟ فقيل : يجب عليها . وقيل : لا يجب . وقيل : يجب الخفيف منه .
وكل هذه الأقوال ينبغي أن تكون مبنية كلها على العرف ، فالذين قالوا : يجب ، نحمله على أن هذا هو عرفهم ، والذين قالوا : لا يجب نقول هذا عرفهم ، والذين قالوا : يجب الخفيف ، نقول : هذا عرفهم ؛ لماذا ؟ لقول الله تعالى : (( وعاشروهن بالمعروف )) [ النساء 19 ] . فإذا كنا في بلد تخدم نساؤهم البيت بالغسل والتنظيف والطبخ وغير ذلك ، قلنا يجب عليها أن تقوم به ، وإذا كنا في بلد ليس كذلك قلنا : لا يجب عليها ، وإذا كنا في بلد تخدم الزوجة زوجها فيما يتعلق بالشيء البسيط كطعام البيت وغسل الثياب الخفيفة ، أما إذا كان وليمة عند الزوج فإنها لا تخدمه في مثلها ، فنقول : تخدم في الشيء الخفيف ، فالصواب في هذه كلها أن نحمل جميع ما اختلف فيه الفقهاء في هذا الباب على اختلاف أحوال لا على اختلاف أقوال ، فكل منهم كان عرفه كذا فقال به ، وذلك لقوله تعالى : (( وعاشروهن بالمعروف )) والمعاشرة تكون بين اثنين ، ولهذا جاء فعله مبنيا للمفاعلة التي لا تكون إلا بين اثنين .
سؤال : وزوجة ولي الأمر ؟
الجواب : لا فرق بين هذا وهذا . ولاة الأمور ولايتهم عامة ، فلو أن الإنسان نابذهم أمام الناس صارت المفسدة عامة ، أما هذا فحق خاص بين شخصين .
سؤال : إن اختلف الزوج مع الزوجة ، فما المرجع في الإنفاق ؟
الجواب : قال الله : (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )) [ الطلاق 7 ]، فظاهر هذا أن المعتبر حال الزوج ، فإذا كان الزوج في بلد جرت عادتهم أن الزوجة تخدم زوجها فالعبرة بحال الزوج ، وإذا شاءت اشترطت عند العقد أن لا تخدم .
المصدر :
السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ ( ص 437 )