السلفية حق والشيعة باطل
منَ الجُمل التَّضليليَّة الَّتي يُراد ترويجها وتسويقُها إعلاميًّا قولُ بعضهم: (إنَّنا نُريدُ صونَ الجزائر منَ الشِّيعة والسَّلفيَّة)؛ لكنَّ الفَطِنَ النَّبيه لا يرُوج عليه مثل هذا الخلط والتَّلبيس، ويُدركُ تهافُتَ العَطْف الواقع في العبارة؛ لما فيه من إيهام التَّسوية بين مختَلفَيْن متَبايِنَيْن؛ فالفَرقُ بين السَّلفيَّة والشّيعة كالفَرق بين البَياض والسَّوَاد، والفَرق بينَ الحقِّ والبَاطِل، فالسَّلفيَّةُ دعوةٌ إلى السُّنَّة، والشِّيعةُ دعوةٌ إلى البِدعَة، والسَّلفيَّةُ عودةٌ إلى الإسلام الصَّحيح الأصيل، والشِّيعةُ تجرُّ النَّاسَ إلى إسلام محرَّفٍ دخيل، والسَّلفيَّةُ تسير على منهَج أهلِ العِلم وطريقتِهم، وأمَّا الشِّيعة فتسلُكُ طرائقَ أهل الجهل والزَّنْدَقَة؛ ولهذا يُقرِّر ابن تيمية في منهاج السُّنَّة (4/ 135) حقيقةً مهمَّةً وهو أنَّه (لَمْ يُعلم عن أحَدٍ من أتباع الأئمَّة الأربعة أنَّه اتُّهِم بالرَّفض، لبُعد الرَّفض عن طريقَة أهلِ العِلم)، وذلك كما يقُول في مَوطنٍ آخر (6/ 303): (لأنَّ أصل المذهَب إنَّما ابتدَعَه زَنادقةٌ منافقُون، مُرادهم إفسَاد دينِ الإسلام). فالشِّيعة الرَّافضة خَطَرٌ حقيقيٌّ يُهدِّد كَيانَ أُمَّتنا، على عكس السَّلفيَّةِ تمامًا؛ فهي ارتباطٌ وثيقٌ بالوحي، وأهلُها من ألزَمِ النَّاس لطريقةِ أهلِ العِلمِ، هَمُّهم بَثُّ العِلم ونَشرُ السُّنَّة، وبَسْطُ الهِدَاية في الأُمَّة، لا تهديدًا للأمن، ولا تشكيكًا في مرجعيَّةٍ دينيَّةٍ صحيحةٍ، ولا إثارةً لنَعْرةٍ طائفيَّةٍ خبيثةٍ؛ ومن دَلائِل سلامةِ صُدور السَّلفيِّين، وحُسْن قَصدِهم أنَّهم لا يُعرف بينهم شيءٌ اسمُه التَّنظيمُ السِّرِّي؛ فكيف يُتوقَّع منهم الإفساد في الأرض، أو يُظنُّ أنَّهم يبغُون بأُمَّتهم الغَوائل!!.فيُقالُ للمُشكِّكِين: لِمَ لا تَلزَمون الأدب الشَّرعيَّ وتتجادلون مع السَّلفيِّين بالحُسنى، وتُحاكمونهم إلى الكتاب والسُّنَّة وهَدْي سَلَف الأُمَّة، وتُقَاِرعون الحُجَّة بالحُجَّة، وألَّا تَستخفُّوا بما عندهم من الحقِّ والصَّواب؛ وَدَعُوا التَّلبيس والمُغالَطة والقولَ بغير علمٍ؛ وإن أردتم صَوْن مَرجعيَّتنا الدِّينيَّة وحِفظَ أسوارها؛ فَبالعِلمِ والتَّبصُّر في الحقائِق وقُوَّة الإقناع، والمُجادلةِ بالَّتي هي أحسن، والمُناظرةِ على طَرائقِ أهلِ العِلمِ، لا بأُسلوبِ التَّشويهِ والتَّشْغِيبِ وتَسفيهِ المُخالِفِ وإقْصائهِ.
فحقٌّ أن تُصانَ الجزائرُ منَ الشِّيعةِ الرَّافضةِ ومن كلِّ نِحلَةٍ وطَائفةٍ مُخالفةٍ، ولكنْ ليسَ حقًّا أن تُذادَ منها السَّلفيَّةُ، بَلْ حقُّها أنْ تُصانَ وتُرعَى حَقَّ الرِّعايةِ لِاتِّساقِها مع المرجِعيَّة الدِّينيَّة الحقيقيَّة لهذا الوطن، الَّذي لَم يَكن رائدُ نَهضتهِ العلميَّةِ والدِّينيَّةِ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- سوى عالمٍ سَلَفيٍّ، مُلازِم للكتاب والسُّنَّة على فهم السَّلَف، مُنابِذٍ للبدع والمُحدثات، سائرٍ في دعوَته على طريقةِ أهلِ العِلم ومَنهَجِهم؛ وهو ما يُشعِر أنَّ السَّلفيَّة عَريقَةٌ في هذا البلد وليست دَخيلَةً؛ فمَن حاول اقتِلاعَها إِنَّما يُحاوِل أَمرًا مُحالا.