إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

[ تحريم الدماء ] كلمة ألقاها فضيلة الشيخ "عبد الرزاق البدر" حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [صوتية وتفريغها] [ تحريم الدماء ] كلمة ألقاها فضيلة الشيخ "عبد الرزاق البدر" حفظه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تَحْرِيمُ الدِّمَاء

    كلمة ألقاها فضيلة الشيخ "عبد الرزاق البدر" حفظه الله تعالى ونفع بعلمه بالمدينة النبوية بتاريخ 08/08/1436 هـ
    للإستماع: [من هنا]


    الحمد لله ربِّ العالمين ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
    فإنا نحمد الله عز وجل حمدًا كثيرًا طيبًا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة وعطاياه التي لا تُعد ولا تُحصى ، نحمده على نعمة الإسلام ، وعلى نعمة الإيمان ، وعلى نعمة القرآن ، وعلى نعمة الأهل والمعافاة ، وعلى نعمة الأمان الذي نعيشه ، نحمده تبارك وتعالى على كل نعمة أنعم بها علينا في قديمٍ أو حديث ، أو سرٍ أو علانية ، أو خاصةٍ أو عامة .
    معاشر الكرام : هذه الشريعة -شريعة الإسلام- شريعةٌ مباركة حوَت الخير كله والفضل أجمعه ، كيف لا وهي وحي رب العالمين وتنزيل خالق الخلق أجمعين ، هذه الشريعة المباركة التي جاءت مشتملةً على ما فيه هداية البشر وصلاحهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم ، جاءت هذه الشريعة بما فيها من هداياتٍ مباركة بما فيه سلامة العباد وحفظهم في أرواحهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، وجاءت بتحقق مصالحهم وتمام منافعهم وكمال حاجاتهم ، جاءت محقًقة الخير كله .
    وإن مما جاءت به هذه الشريعة المباركة تحريم الدماء والتشديد في ذلك والوعيد عليه ، ليس في الناس فقط بل حتى في بهيمة الأنعام ؛ لا يجوز أن تقتل إلا بحق ، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن تُتخذ البهيمة غرضًا هدفًا ، فالشريعة جاءت بحرمة الدماء والتحذير الشديد في هذا الباب والوعيد عليه ، وإذا كانت جاءت بتحريم دماء الحيوانات بغير حق فكيف بدم الآدمي ! وكيف بدم المسلم ! وكيف بدم الصالح المتقي لله سبحانه وتعالى !
    ولهذا تكاثرت النصوص والدلائل في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في تحريم الدماء إلا بحق ، والحق إنما يعرف في ضوء هدايات الشريعة ودلائلها المباركات . قد جاء في القرآن في غير موضع النهي عن قتل النفس المحرمة إلا بحق {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (6 يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}[الفرقان:68-69] ، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}[الأنعام:151] ، جاء في هذا المعنى آيات في مواضع من كتاب الله تبارك وتعالى . قد قال العلماء : إن قول الله عز وجل {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} يشمل قتل الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد والمسلم والكافر المعاهد ، ولهذا الآية تتناول بعمومها : المسلم ، والذمي ، والمعاهد والمستأمن ؛ والذمي والمعاهد والمستأمن كلهم ليسو بمسلمين لكن الآية تتناولهم لأن هذه نفوس محرمة حرم الله قتلها ، والتحريم إنما يُعرف من الله من شرعه كتابه وسنة نبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
    وهذا الباب -باب الدماء- باب خطير جدًا بل هو من أخطر الأمور والوقوع في هذا الباب من أشنع الورطات وأفظعها ؛ ولهذا جاء في الأحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام ما يدل على عظم وشناعة من وقع في هذا الأمر وإن كان شيئًا قليلًا دم نفسٍ واحدة مثلا ، قد جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)) ؛ أي لأنه إذا أصاب دمًا حراما ضاق عليه أمر الدين وربما تمادى به الأمر إلى أن يكون ذلك من أسباب مروقه من دين الله سبحانه وتعالى. وقد قال عليه الصلاة والسلام عن الخوارج الذين يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان : ((يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)) .
    وينبغي أن يُعلم في هذا الباب أن قتل النفس المحرمة يعدُّ ورطةً من أشد الورطات التي من أوقع نفسه فيها لا مخلَص له كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» ؛ هذه تعد ورطة عظيمة جدًا ، وفرق بينها وبين المحرمات الأخرى ؛ يعني من سرق هو في ورطة لكن له مخلص إذا أراد أن يتوب ، بأن يجمع مالًا ويرتزق حتى يحصل مالًا من حلِّه فيعيد هذه الأموال إلى أصحابها ويطلب منهم المسامحة ، وقل مثل ذلك في المحرمات الأخرى، لكن إذا قتل نفسا محرمة ما الذي حدث ؟ من أزهق روحه انتهت حياته وأصبح له خصمًا يوم القيامة يوم يلقى الله سبحانه وتعالى ، إن كان سرق منه لا يزال حيا وإن مات ورثته ، لكن الآن هذا الذي قتله سيقف يوم القيامة ويقول لله سبحانه وتعالى هذا سفك دمي ، ويأتي يوم القيامة وهو يثعب دمًا ويطالب بحقه ، هذا في قتل نفس واحدة يعد ورطة عظيمة فكيف بمن قتل أنفسًا كثيرة !! مثل ما يقع الآن في زماننا هذا بالآلات المتفجرة ، من ألقى آلة متفجرة في أوساط الناس وقتل أرواحًا كثيرة لا يدري هو كم عددهم كيف تكون ورطته ؟ إذا كان قتله لنفس واحدة تعد ورطة عظيمة فكيف بمن قتل أنفسا كثيرة ؟! فكيف إذا كان قتله للأنفس الكثيرة بإزهاق روحه كأن يأتي يحمل متفجرا فيفجِّر بنفسه تفجيرًا يكون فيه هلاك أرواح كثيرة من حوله أي ورطة هذه أوقع نفسه فيها! وأي جرم هذا جنى على نفسه فيه ! وأي بلاء عظيم جره على نفسه وأهلك نفسه بمثل هذا العمل !!
    ولهذا أمر الدماء أمر في غاية الخطورة ، الإنسان لا يزال يمشي في خير حتى وإن كان عنده بعض المعاصي الأخرى لكن إذا دخل في أمور الدماء هذه ورطة عظيمة جدًا ، ولهذا جاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ)) حديث صحيح ، لا يزال معنِقا ؛ العنق: نوع من المشي معروف يعني لا يزال يمشي ، حتى وإن وقع في شيء من الذنوب هو في الطريق لعله يخلص منها ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى ما لم يصِب دما حرامًا ، إذا أصاب دما حراما قال بلَّح ، ومعنى بلَّح: أي انقطع مثله مثل الدابة التي انقطعت عن السير ، يقال فرس بلح أي انقطع عن السير ، فلا يزال يستطيع أن يواصل السير إلا إذا دخل في أمر الدماء ، الدماء أمرها خطير جدا في غاية الخطورة، لكن المصيبة العظيمة عندما تقع الفتن ، وإذا وقعت الفتن استُرخصت الدماء ، أصبحت الدماء رخيصة ولا يبالي من يقتل كم يقتل ؟ لا يبالي بذلك ، وكذلك عندما تفسد عقيدة المرء ويختل إيمانه وينفصل عن الحق والهدى ويكون على طريقة الخوارج المارقة ؛ هذا لا تسأل عن الشر الذي يكون على يديه حتى وهو يسمع النصوص حتى وهو تبلغه الأحاديث والآيات لا يبالي لما أشرب قلبه والعياذ بالله من الشر والفتنة . ويكفي عبرةً في قصة عبد الله بن خُبيب مع الخوارج عندما دخلوا عليه في قريته قريبا من النهر فخرج مرتاعًا خائفا قال: «لقد رعتموني والله»، قالوا : لا تراع ، قالوا : أنت ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : «نعم» ، قالوا حدِّثنا بحديث سمعته من أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : «سمعت أبي يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذَكَرَ فِتْنَةً الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِيِ ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِيِ ، فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ» ، قالوا أنت سمعت ذلك عن أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : «نعم سمعت ذلك من أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» ؛ فأخذوه إلى جنب النهر وذبحوه كما تُذبح الشاة ، وذهبوا إلى بيته وبقروا بطن أم ولده وهي حامل ، وهم قبل قليل يقولون حدثنا عن رسول الله !!
    فمن أُشرب والعياذ بالله الهوى والفتنة لا يبالي ، يسمع الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه لكن لا يبالي ، والتاريخ فيه شواهد كثيرة ؛ في صحيح البخاري عندما جاء نفر إلى جندب رضي الله عنه وطلبوا منه أن يوصيهم بوصية فأوصاهم وقال في وصيته : «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ» يعني عندما يدفن ، ثم حذَّرهم من الدماء رضي الله عنه وأرضاه ، وأشار إلى هذا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري أن هؤلاء الذين طلبوا منه الوصية لم ينتفعوا بوصيته قاموا وخرجوا وقتلوا الأطفال والنساء ؛ وهكذا الشأن في كل من يشرب هذه الفتنة والعياذ بالله ويتلوث قلبه بها والعياذ بالله ، وهذا أمر غاية الخطورة.
    وأصبح كثير من الناس في زماننا لا يبالي بهذا الأمر ، ومع وجود هذه الأدوات المتفجرة المهلكة أصبح البعض والعياذ بالله يقتل أرواحًا كثيرة ولا يبالي بهذا ، ويقتل نفسه معهم وربما عُدَّ ذلك عند كثير من الجهال والضُّلال أن هذا من الأعمال البطولية وحقيقة الأمر أن هذا من أشنع أعمال أهل الضلال وأبعدها عن دين الله سبحانه وتعالى وعن هداه . والمصيبة في زماننا هذا أن أرباب الباطل أخذوا يتخطَّفون صغار الشباب من أبناء المسلمين يتخطفونهم ويستغلون سذاجتهم ، قلة بصيرتهم ، حداثة أسنانهم ، سفاهة أحلامهم ، ثم يدخلونهم في هذه الورطات العظيمة والشنائع الجسيمة ؛ حتى إن بعضهم يأتي إلى أرباب هؤلاء الضلال وقد اختُطف فكره وعلقه ويقولون له : "أنت جسمك نحيل وضعيف وليس عندك قدرة على مجابهة الأعداء أفضل عمل تقدمه للإسلام الأعمال الفدائية ؛ نعطيك حزامًا ناسفًا وتذهب إلى المكان الفلاني" ويشجعونه ويحضونه ، ثم تذهب نفسه في هذا الهلاك وهذا الإجرام والعياذ بالله ، وكم ورطوا من شباب وصغار بأعظم جريمتين بعد الشرك والكفر بالله وهي جريمة قتل النفس وهو ما يسمى بـ«الإنتحار» ، وقتل الغير من الأنفس المحرمة المعصومة ، جنوا بذلك جنايات عظيمة جدًا ، ومن آخر ذلك الحادثة التي حصلت قريبا في بلدة البديح ، هذه كلها من الجرائم والتعديات والأعمال الشنيعة الفظيعة المبايِنة كل المبايَنة للإسلام وهديه ، ليست من الإسلام في شيء ولا من دين الله سبحانه وتعالى .
    ولهذا حقيقة مع تزايد مثل هذه الأعمال ينبغي أن يتنبه خاصة الشاب والأبناء وأن يكونوا في غاية الحذر وأن ينتبهوا لأمور الدماء أمرها ليس بالهين ، أمر في غاية الخطورة باقي المعاصي أمرها دون ذلك لكن أمر الدماء هذا أمر ليس بالهين ، ثم لما يورط مثل هذا الشاب الهالك وأمثاله لما يورَّط بقتل دماء كمثيرة محرمة وقتل نفسه معهم كيف يكون الأمر ؟! وأي هلكة هذه ؟! وأي ورطة ورطوه فيها ؟! وأي جناية جنوا عليه بها ؟!
    فلهذا ينبغي على أبناء المسلمين وشبابهم أن يحذروا وهم مستهدفون من خصوم الدعوة وأعداء الدين وحملة الأهواء والباطل ، فينبغي أن يُتنبه لهذا الأمر وأن يُحذر منه أشد الحذر وأن يتوجه العبد دومًا وأبدًا إلى الله سبحانه وتعالى بإلحاح وصدق أن يعيذه من الفتن ، قد قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح : ((تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)) ، قال الصحابة رضي الله عنهم : «نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ، وفي الوقت نفسه أن نعظم النصوص وأن ندرك ما دلت عليه من هذه المعاني حرمة الدماء ، النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في وصاياه التي هي وصايا المودع أكثر ما أكد عليه بعد التوحيد هذا الباب ((أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟، أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟)) ثم قال : ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ )) قالوا : «بلَّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وقال في حجة الوداع : ((أَلَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ أربع- أي أعظم المحرمات وأكبرها- لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا)) ، وفي حجة الوداع قال : ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ ؟ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) ، وجاء عنه في حجة الوداع أحاديث عديدة كلها تتعلق بهذا الباب حرمة الدماء وحرمة الأموال وحرمة الأعراض ؛ فهذا بابٌ خطير جدا ليس بالهين ، والعبد لا يزال كما تقدم معنا في الحديث في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حراما .
    فالحاصل أن هذا باب عظيم وأكدت عليه النصوص تأكيدات كثيرة جدًا وجاء فيه دلائل وشواهد كثيرة في بيان خطورة هذا الأمر في كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
    ونسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعيذنا والمسلمين أينما كانوا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأله جل في علاه أن يصلح لنا أجمعين ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، وأن يجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر ، اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى ، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، ونسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك ، ونسألك قلبًا سليما ولسانًا صادقا ، ونسألك من خير ما تعلم ، ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب . اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلِّط علينا من لا يرحمنا . اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين . اللهم وفق ولي أمرنا لهداك وأعِنه يا ربنا على طاعتك ورضاك ، اللهم وسدِّده في أقواله وأعماله وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين ، اللهم ولِّ على المسلمين أينما كانوا خيارهم وجنِّبهم وأعذهم من شرارهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان والسلامة والإسلام والعافية والمعافاة يا رب العالمين .
    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
    اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه .
يعمل...
X