فلسطين ... الحقُّ المضاع
بقلم : أسرة التَّحرير مجلَّة الإصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم : أسرة التَّحرير مجلَّة الإصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى على ذي عقل أن أمتنا في هذه الآونة تعيش ظرفا عصيبا وجوا كئيبا، وتمر بمحنة اشتدت نارها اشتعالا ولهيبا.
فهذه الدماء التي تسيل وديانا وأنهارا هي دماء المسلمين ، وهذه الأعراض التي تنتهك سرا وجهارا هي أعراض المسلمين ، وهذه المقدسات التي تخرب هدما ودمارا هي مقدسات المسلمين ، وسط تماطل وتواطؤ عالمي رهيب ، تجمعت فيه أحقاد المعادين لدين الإسلام ، وتجلى فيه التلاعب بقيم وحقوق الأنام ، يقابله صمت إسلامي عجيب وتراكمت عليه أسباب الخذلان والهوان ، وتمادى به التفريط والتقصير والتجاهل والنسيان ، وكأن المسلمين لم تحل بدارهم قارعة ، ولم تنزل بهم نازلة ، ولم تبك فيهم باكية ، ولم تستلب منهم المقدسات ، مع أن الواجب أن يقوم المسلمين قيام رجل واحد ، لأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وأرضهم أرض واحدة ، إذا ضاع منها شبر منها هبَّ الجميع لنجدته واسترجاعه.
وليس بجديد أن يطرق سمع العالم ما يحدث للمسلمين في أرض فلسطين في هذه الأيام، من غزو ساحق وحصار خانق دبر له على سمع من العالم وأنظاره من طرف يهود صهيون إخوان القردة والخنازير.
وقضية فلسطين كجميع قضايا المسلمين محنة امتحن الله بها ضمائرهم وهممهم وأموالهم ووحدتهم ، وحق مضاع فرط أهله في الحفاظ عليه .
فهذه الدماء التي تسيل وديانا وأنهارا هي دماء المسلمين ، وهذه الأعراض التي تنتهك سرا وجهارا هي أعراض المسلمين ، وهذه المقدسات التي تخرب هدما ودمارا هي مقدسات المسلمين ، وسط تماطل وتواطؤ عالمي رهيب ، تجمعت فيه أحقاد المعادين لدين الإسلام ، وتجلى فيه التلاعب بقيم وحقوق الأنام ، يقابله صمت إسلامي عجيب وتراكمت عليه أسباب الخذلان والهوان ، وتمادى به التفريط والتقصير والتجاهل والنسيان ، وكأن المسلمين لم تحل بدارهم قارعة ، ولم تنزل بهم نازلة ، ولم تبك فيهم باكية ، ولم تستلب منهم المقدسات ، مع أن الواجب أن يقوم المسلمين قيام رجل واحد ، لأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وأرضهم أرض واحدة ، إذا ضاع منها شبر منها هبَّ الجميع لنجدته واسترجاعه.
وليس بجديد أن يطرق سمع العالم ما يحدث للمسلمين في أرض فلسطين في هذه الأيام، من غزو ساحق وحصار خانق دبر له على سمع من العالم وأنظاره من طرف يهود صهيون إخوان القردة والخنازير.
وقضية فلسطين كجميع قضايا المسلمين محنة امتحن الله بها ضمائرهم وهممهم وأموالهم ووحدتهم ، وحق مضاع فرط أهله في الحفاظ عليه .
ابك مثل النساء ملكا مضاعا /// لم تحافظ عليه مثل الرجال .
إن مشكلة المسلمين اليوم ليست في عددهم ، فهم كما قال النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم : " بل أنتم كثير " وقد شبَّه هذه الكثرة بغثاء السيل ، وهو ما يـبس من النبات الأرض فيجرفه السيل ليلقيه في الجوانب ، إشارة إلى حقارته ودناءته ، وشبههم به لقلة شجاعتهم وضعفهم وخذلانهم ، وتفريطهم في الأخذ بأسباب النصر الحقيقية ، والتي منها أن النصر والتمكين لهذه الأمة إنما هو ثمرة لإيمانها بالله وإقامة شرعه ، فإذا مكنوا لدين الله في حياتهم مكن الله لهم في الأرض وأظهرهم على أعدائهم ، قال تعالى :﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور:55] ، ومنها الإعداد لتقوية شوكة المسلمين ماديا واقتصاديا ليتمكنوا من مواجهة أعدائهم ورد العدوان عن أنفسهم كما قال تعالى : ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾[الأنفال:60].
وهذا القتال لا يمكن أن يكون إلا إذا اجتمعت كلمة المسلمين كما اجتمعت كلمة الكفار على حرب المسلمين ، قال تعالى : ﴿وقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة :36] ، قال ابن كثير : " أي : كما يجتعمون إذا حاربوكم فاجتمعوا أنتم أيضا إذا حاربتموهم وقاتلوهم بنظير ما يفعلون " .
والسؤال الذي يطرح نفسه في كل مرة ، هل اجتمعت كلمة المسلمين اليوم على الحقّ الأبلج المبين ، من الاعتقاد الصحيح والمنهج السليم والرؤية الصائبة في معاجلة المستجدات وقضايا الوضع الراهن ، منطلقين من أصول الشرع المطهر كتابا وسنة وإجماعا ؟
والجواب: أن الكلمة لم تجتمع بعد، ولن تجتمع ما دام في صفهم من يدين الله بسب الصحابة والقول بالعصمة الأئمة والتحزب للطوائف والجماعات وما إلى ذلك من المعتقدات الفاسدة والأفكار والتوجهات الدخيلة على أمة الإسلام ودينها .
ولابد أن يعى المسلمون أن الكفار لا يهدأ لهم بال ، ولا تستقر بهم حال ، ولا يضعون أسلحتهم ولا يكفون ألسنتهم بالسوء حتى يتخلى المسلمون عن دينهم ويهجروا إلى الأبد شخصيتهم وتذوب هويتهم بين سائر الملل الضالة ، قال تعالى : ﴿وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ [البقرة:217] .
والنَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد شخص الداء وأبان عن السبب الذي جعل الكفار لا يكترثون بتهديد المسلمين لهم ولا يهتمون بردود أفعالهم المنحصرة في المظاهرات الشعبية والتنديدات الكلامية والاجتماعات الطارئة ، أما السبب الأوَّل فلأن المهابة والخوف قد نزعهما الله من قلوب الكافرين ، فلم يعد الرعب يقضُّ مضاجعهم ويزلزل حصونهم كما في سابق العهد التليد ، كما قال تعالى :﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [الحشر:151] ، وكما قال تعالى :﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ﴾ [آل عمران:151] .
وأما السبب الثَّاني فهو أن الله يقذف في قلوب المسلمين الوهن ، وهو الضعف والهوان والجبن والخذلان ، وهذا ما ابتلوا به حقا ، ووصفوا به الآن صدقا وعدلا ، وموجب هذا الوهن وسببه كما بينه النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله في الحديث : " حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَّة الـمَوْتِ " .
إن القول لدى الله لا يبدل :﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[الرعد:11] .
فلا سبيل لوقف جرائم الغادرين ، ولا سلاح يرد كيد المعتدين إلا بمعالجة الأسباب التي أوصلتنا إلى الضعف والانتكاسة ، والعمل على إزالتها وتعويضها بالأسباب الجالبة للنصر والتمكين ، فإن القضايا العادلة والحقوق المشروعة لا تنال بالهوينا والضعف ، ولا تنال بالأقلام والأفلام ، والإعلام والأحلام ، وإنما تنال بتغيير ما بالنفوس من اعوجاج وانحراف ، وإصلاح العقول والقلوب قبل الخوض المعارك والخطوب .
المصدر: العدد السَّابع (07) من مجلَّة الإصلاح