بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فقد جاء خلال شرح فضيلة الشيخ العلَّامة أحمد بن يحيى النجمي-رحمه الله-لعمدة الأحكام[1] تنبيه للأمَّة الإسلاميَّة، تنبيه مهم حريٌ بنا جميعًا أن نقف عند كلماته وحروفه، فقد وصف الشيخ-رحمه الله-الداء الذي أصاب الأمَّة الإسلاميَّة في مقتل ووصف الدواء، رحمه الله من عالم جليل القدر.
قال الشيخ-رحمه الله-:
(...تنبيه: أخي المسلم انظر وفكِّر معي تجد أنَّ ما وقعت فيه الأمَّة الإسلامية اليوم وقبل اليوم من اختلاف الكلمة، وضعف المعنويَّة، والتباغض والتعادي، وتبادل الشتائم، والحروب الطاحنة، واستحلال بعضهم لِحرمات بعض.
سببه: التخلُّف عن تعاليم دينهم، والإعراض عن هديه الذي من اتبعه ضمنت له السعادة في الدنيا بالغلب والتمكين، وفي الآخرة بدخول الجنَّة، والنجاة من النار.
يا أمَّة محمد، أمَا آن لكم أن تفيئوا، أو تفكِّروا في السبب الذي أوقعكم في الذلَّة والمهانة بعد أن تبوَّأ آباؤكم أوج العزِّ، وحكموا الشعوب برهة من الزمن غير قليلة؟!.
يا أمَّة محمد، والله ما أوقعكم في ذلك إلَّا إعراضكم عن كتاب الله وسنَّة نبيِّكم.
وهيَّا نناقش هذه العبارة:
أليس قد أمركم بالتوحيد فأشركتم؟!.
أليس قد أمركم بالاتحاد فتفرَّقتم؟!.
أليس قد أمركم بالتعاون على البر والتقوى فتخاذلتم؟!
أليس قد أمركم بالتحابب فيه فتعاديتم؟!
أليس قد أمركم بأن تؤمنوا به، وتكفروا بالطاغوت، فآمنتم بالطاغوت وكفرتم به إلَّا من شاء الله؟!.
أليس قد أمركم بتحكيم كتابه وسنَّة رسوله، والرجوع إلى حكمهما عند التنازع، فأعرضتم عنهما، وحكَّمتم قوانين أعداء الله ورسوله، ورجعتم إليها عند التنازع إلَّا القليل منكم؟!.
أليس قد أمركم بحجاب النساء، فأخرجتموهن باديات السوق والأعناق والصدور والأفخاذ، ناشرات الشعور، فأشركتموهنَّ في مجالسكم ومحافلكم، بل وفي جميع ميادين أعمالكم؟!.
أليس قد أمركم بأن تتأسُّوا برسوله-صلى الله عليه وسلَّم-وتتَّبعوه في أعمالكم وأخلاقكم وأزيائكم، فأعرضتم سنَّته وزيِّه، وتأسَّيتم بالأوروبيين في أعمالهم وأخلاقهم وأزيائهم، بل في أعيادهم وعاداتهم، حتَّى صار فيكم من يرى التأسِّي به والتَّزيي بزيِّه رجعيَّة، والتأسِّي بالكفَّار والتزيي بزيِّهم تقدُّمًا، وهذا الغالب على كثير من المسلمين إلَّا من رحم الله؟!.
يا أمَّة محمد، والله لئن رجعتم إلى ربكم، وحكَّمتم كتابه وسنَّة نبيِّه، ليُرجعنَّ الله لكم العزَّ والنصر والتمكين الذي منحه آباءكم من قبل، فإنَّه قد وعد الغلب لأوليائه، فقال: (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)[الصافات: 173].
أترون من جنده من يرى الدين رجعيَّة، وأنَّه هو الذي أخَّر أهله عن موكب الحضارة الحديثة؟!.
أو ترون من جنده من يبيت عاكفًا على الأفلام السينمائيَّة وغيرها كالدش والانترنت وغيرها من الوسائل المرئيَّة، وهي تنشر أمامه فظائع العالم المنحرف المنحط في هوَّة التباب والخسار؟!.
أو ترون من جنده من يبيت عاكفًا على أغاني الفاجرات، قرآن الشيطان ومنبت النفاق في القلب؟!.
أو ترون من جنده من يحبُّ الدعارة، ويستبيح الفروج المحرَّمة؟!.
أو ترون من جنده من يشرب المسكرات؟!!...أو...أو...أو...إلخ.
أخي المسلم: انظر وفكِّر معي كيف تنصر أمَّة هذا الداء العضال كلُّه فيها، بل ومعظمه في جيلها الذي أعدَّته للذود عن الإسلام وأهل الإسلام.
وإنِّي لأقول بدون هوادة: إن عظم المسئولية أمام الله على ولاة الأمور الذين رضوا بدخول القوانين الأجنبيَّة والدعايات الإلحاديَّة والأجهزة المفسدة إلى بلادهم وأمَّتهم.
فنسأل الله أن يأخذ بأيديهم إلى تدارك الخرق قبل اتساعه، وان يرزقهم البطانة الصالحة، ويوفقهم لكل ما فيه صلاح للإسلام والمسلمين...)انتهى كلامه رحمه الله.
أخوكم أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 12/ رمضان/ 1434 للهجرة النبويَّة الشريفة
[1] تأسيس الأحكام/ باب الصفوف: حديث النعمان بن بشير-رضي الله عنه-قال: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)، ص: 177-178