الرد على ( قراءة الإسلام من خلال الواقع وهو أعظم ما يتشدق به القطبية وسلمان العودة )
ــــــــــ
قال الشيخ د.حمد بن إبراهيم العثمان " حفظه الله تعالى " .. .. في مقالته المعنونة تحت اسم : ابن خلدون بريء من تعالمك في ولاية العهد .. .. والمنشورة بجريدة " عالم اليوم " الثلاثاء بتاريخ 25 / 12 / 2007
( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
المحرش على الصحابة والسلف والمعارض لتوريث الحكم ، بينا في مقال سابق سوء فهمه لآثار السلف كأثر أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فانقطعت حجته ، فجاء بلون آخر من التعالم والتدليس أيضا ، حيث دعا إلى قراءة الإسلام من خلال الواقع ، وهو أعظم ما يتشدق به القطبية ، وهو أعظم مقاتلهم كما ظهر للخاص والعام في حرب تحرير الكويت من الاحتلال البعثي ، وجاء على عادة سلفه د . سلمان العودة بالاستدلال بكلام ابن خلدون في المقدمة ، وجرى أيضا على طريقة صاحبه د . محمد المختار الشنقيطي في قصة الصحابي سليمان بن صرد رضي الله عنه ، فاقتطع هذا المحرش كلام ابن خلدون بعضه عن بعض ، وقدم له قبل سياقه بمعارضة توريث الحكم ، والطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه ، والاعتراض عليه في توريث الحكم ، والله عز وجل له حكمة بالغة فيما يسطره هؤلاء لبيان تدليسهم وتلبيسهم ، ولن أجهد نفسي في الرد عليه في محاولته تزييف التاريخ بدعوى تحليله ودراسته كما زعم ، فيكفي القارئ أن أسوق له كلام ابن خلدون نفسه في المقدمة في الثناء على معاوية رضي الله عنه وعلى توريثه الحكم لابنه يزيد ، وبيان ابن خلدون نفسه وتحليله لهذا التصرف الحكيم ، ليظهر للقارئ تعالم المحرش !!
قال العلامة ابن خلدون رحمه الله في المقدمة " الفصل الثلاثون في : ولاية العهد " ، ( اعلم أنا قدمنا الكلام في الإمامة ومشروعيتها لما فيها من المصلحة ، وأن حقيقتها النظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم ، فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ، ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ، ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل .
وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر بمحضر من الصحابة ، واجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي الله عنه وعنهم.
وكذلك عهد عمر رضي الله عنه في الشورى إلى الستة : بقية العشرة ، وجعل لهم أن يختاروا للمسلمين ففوّض بعضهم إلى بعض ، حتى أفضى ذلك إلى عبدالرحمن بن عوف ، فاجتهد وناظر المسلمين فوجدهم متفقين على عثمان وعلى علي ، فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لموافقته إياه على لزوم الاقتداء بالشيخين في كل ما يعن دون اجتهاده ، فانعقد أمر عثمان لذلك وأوجبوا طاعته ، والملأ من الصحابة حاضرون للأولى والثانية ، ولم ينكره أحد منهم ، فدل على أنهم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بمشروعيته ، والاجماع حجة كما عرف .
ولاُيتهم الإمام في هذا الأمر وإن عهد إلى أبيه أو ابنه لأنه مأمون على النظر لهم في حياته ، فأولى ألا يحتمل فيها تبعة بعد مماته ، خلافا لمن قال باتهامه في الولد والوالد ، أو لمن خصص التهمة بالولد دون الوالد ، فإنه بعيد عن الظنة في ذلك كله ، لا سيما إذا كانت هناك داعية تدعو إليه ، من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة عند ذلك رأسا ، كما وقع في عهد معاوية لابنه يزيد ، وإن كان فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة في الباب.
والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية ، إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم ، وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع ، وأهل الغلب منهم .
فآثره بذلك دون غيره ممن يظن أنه أولى بها ، وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع ، وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه ، فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة ، وليس معاوية رضي الله عنه ممن تأخذه العزة في قبول الحق ، فإنهم كلهم أجل من ذلك ، وعدالتهم مانعة منه .
وفرار عبدالله بن عمر رضي الله عنهما من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحا كان أو محظورا ، كما هو معروف عنه، ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير رضي الله عنه ، وندور المخالف معروف.
ثم إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من الخلفاء الذين كانوا يتحرون الحق ويعملون به ، مثل عبدالملك وسليمان من بني أمية ، والسفاح والمنصور والمهدي والرشيد من بني العباس ، وأمثالهم ممن عرفت عدالتهم وحسن رأيهم للمسلمين ، والنظر لهم ، ولا يعاب عليهم إيثار أبنائهم وإخوانهم ، وخروجهم عن سنن الخلفاء الأربعة في ذلك ، شأنهم غير شأن أولئك الخلفاء ، فإنهم كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك ، وكان الوازع دينيا ، فعند كل أحد وازع من نفسه ، فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط وآثروه على غيره ، ووكلوا كل من يسموا إلى ذلك إلى وازعه ، وأما من بعدهم من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك ، والوازع الديني قد ضعف ، واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني.
فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد ، وانتقض أمره سريعا وصارت الجماعة إلى الفرقة والاختلاف.
سأل رجل عليا رضي الله عنه : ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟
فقال : لأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا واليين على مثلي ، وأنا اليوم وال على مثلك ، يشير إلى وازع الدين أفلا ترى إلى المأمون لما عهد إلى علي بن موسى بن جعفر الصادق وسماه الرضا كيف أنكرت العباسية ذلك ، ونقضوا بيعته وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي ، وظهر من الهرج والخلاف وانقطاع السبل وتعدد الثوار والخوارج ما كان أن يصطلم الأمر ، حتى بادر المأمون من خراسان إلى بغداد ورد أمرهم لمعاهده ، فلابد من اعتبار ذلك في العهد ، فالعصور تختلف باختلاف المصالح ولكل واحد منها حكم يخصه ، لطفا من الله بعباده .
وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية، إذ هو أمر من الله يخص به من يشاء من عباده ، ينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن خوفا من العبث بالمناصب الدينية، والملك لله يؤتيه من يشاء ) . المقدمة ص 165 ـ 166 .
فإذا ابن خلدون رحمه الله يقرر أن معاوية رضي الله عنه ما كان بدعا في تعيين ولي العهد من بعده وإن جعله في ذريته ، فقد سبقه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في تعيين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة للمسلمين بعده ، " ويقرر أنه لو لم يكن له سلف فإن فعل معاوية رضي الله عنه مع وفاق الناس له يعتبر حجة " .
وبين أنه قد يعدل عن الفاضل إلى المفضول لمصلحة اجتماع الكلمة وهي من أكبر مصالح الشريعة ، هذا مع تحفظنا على بعض كلام ابن خلدون ككلامه عن ابن عمر رضي الله عنهما فانه قد بايع يزيد وأنكر على من أراد خلعه كما في صحيح البخاري ، وما ينفرد به ابن خلدون عن الأئمة فانه يستدل عليه .
وأما حديث " أول من يغير سنتي رجل من بني أمية " ، فهو حديث ضعيف لم يروه أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب الستة ، رواه ابن أبي عاصم في " الأوائل " ، وانفرد به مهاجر بن مخلد ، قال عنه وهيب : كان لا يحفظ ، وقال أبو حاتم : لين الحديث ، ليس بذاك ، وليس بالمتقن ، يكتب حديثه " يعني حيث توبع " ، وقال عنه ابن حجر : مقبول " يعني لو توبع " ، ولم يتابع عليه ، هذا الجرح المفسر فيه مقدم على من نعته بقوله " صالح " . انظر الكامل في الضعفاء " 7 / 2452 " ، وتهذيب الكمال " 28 / 579 " والحديث لو صح فإنه محمول على ما وقع من بني أمية من تقديم خطبة العيد على الصلاة كما فعل مروان بن الحكم كما جاء في صحيح البخاري ومسلم ، والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين
ــــــــــ
قال الشيخ د.حمد بن إبراهيم العثمان " حفظه الله تعالى " .. .. في مقالته المعنونة تحت اسم : ابن خلدون بريء من تعالمك في ولاية العهد .. .. والمنشورة بجريدة " عالم اليوم " الثلاثاء بتاريخ 25 / 12 / 2007
( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
المحرش على الصحابة والسلف والمعارض لتوريث الحكم ، بينا في مقال سابق سوء فهمه لآثار السلف كأثر أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فانقطعت حجته ، فجاء بلون آخر من التعالم والتدليس أيضا ، حيث دعا إلى قراءة الإسلام من خلال الواقع ، وهو أعظم ما يتشدق به القطبية ، وهو أعظم مقاتلهم كما ظهر للخاص والعام في حرب تحرير الكويت من الاحتلال البعثي ، وجاء على عادة سلفه د . سلمان العودة بالاستدلال بكلام ابن خلدون في المقدمة ، وجرى أيضا على طريقة صاحبه د . محمد المختار الشنقيطي في قصة الصحابي سليمان بن صرد رضي الله عنه ، فاقتطع هذا المحرش كلام ابن خلدون بعضه عن بعض ، وقدم له قبل سياقه بمعارضة توريث الحكم ، والطعن في الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه ، والاعتراض عليه في توريث الحكم ، والله عز وجل له حكمة بالغة فيما يسطره هؤلاء لبيان تدليسهم وتلبيسهم ، ولن أجهد نفسي في الرد عليه في محاولته تزييف التاريخ بدعوى تحليله ودراسته كما زعم ، فيكفي القارئ أن أسوق له كلام ابن خلدون نفسه في المقدمة في الثناء على معاوية رضي الله عنه وعلى توريثه الحكم لابنه يزيد ، وبيان ابن خلدون نفسه وتحليله لهذا التصرف الحكيم ، ليظهر للقارئ تعالم المحرش !!
قال العلامة ابن خلدون رحمه الله في المقدمة " الفصل الثلاثون في : ولاية العهد " ، ( اعلم أنا قدمنا الكلام في الإمامة ومشروعيتها لما فيها من المصلحة ، وأن حقيقتها النظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم ، فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ، ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ، ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل .
وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر بمحضر من الصحابة ، واجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي الله عنه وعنهم.
وكذلك عهد عمر رضي الله عنه في الشورى إلى الستة : بقية العشرة ، وجعل لهم أن يختاروا للمسلمين ففوّض بعضهم إلى بعض ، حتى أفضى ذلك إلى عبدالرحمن بن عوف ، فاجتهد وناظر المسلمين فوجدهم متفقين على عثمان وعلى علي ، فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لموافقته إياه على لزوم الاقتداء بالشيخين في كل ما يعن دون اجتهاده ، فانعقد أمر عثمان لذلك وأوجبوا طاعته ، والملأ من الصحابة حاضرون للأولى والثانية ، ولم ينكره أحد منهم ، فدل على أنهم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بمشروعيته ، والاجماع حجة كما عرف .
ولاُيتهم الإمام في هذا الأمر وإن عهد إلى أبيه أو ابنه لأنه مأمون على النظر لهم في حياته ، فأولى ألا يحتمل فيها تبعة بعد مماته ، خلافا لمن قال باتهامه في الولد والوالد ، أو لمن خصص التهمة بالولد دون الوالد ، فإنه بعيد عن الظنة في ذلك كله ، لا سيما إذا كانت هناك داعية تدعو إليه ، من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة عند ذلك رأسا ، كما وقع في عهد معاوية لابنه يزيد ، وإن كان فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة في الباب.
والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية ، إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم ، وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع ، وأهل الغلب منهم .
فآثره بذلك دون غيره ممن يظن أنه أولى بها ، وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع ، وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه ، فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة ، وليس معاوية رضي الله عنه ممن تأخذه العزة في قبول الحق ، فإنهم كلهم أجل من ذلك ، وعدالتهم مانعة منه .
وفرار عبدالله بن عمر رضي الله عنهما من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحا كان أو محظورا ، كما هو معروف عنه، ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير رضي الله عنه ، وندور المخالف معروف.
ثم إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من الخلفاء الذين كانوا يتحرون الحق ويعملون به ، مثل عبدالملك وسليمان من بني أمية ، والسفاح والمنصور والمهدي والرشيد من بني العباس ، وأمثالهم ممن عرفت عدالتهم وحسن رأيهم للمسلمين ، والنظر لهم ، ولا يعاب عليهم إيثار أبنائهم وإخوانهم ، وخروجهم عن سنن الخلفاء الأربعة في ذلك ، شأنهم غير شأن أولئك الخلفاء ، فإنهم كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك ، وكان الوازع دينيا ، فعند كل أحد وازع من نفسه ، فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط وآثروه على غيره ، ووكلوا كل من يسموا إلى ذلك إلى وازعه ، وأما من بعدهم من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك ، والوازع الديني قد ضعف ، واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني.
فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد ، وانتقض أمره سريعا وصارت الجماعة إلى الفرقة والاختلاف.
سأل رجل عليا رضي الله عنه : ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟
فقال : لأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا واليين على مثلي ، وأنا اليوم وال على مثلك ، يشير إلى وازع الدين أفلا ترى إلى المأمون لما عهد إلى علي بن موسى بن جعفر الصادق وسماه الرضا كيف أنكرت العباسية ذلك ، ونقضوا بيعته وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي ، وظهر من الهرج والخلاف وانقطاع السبل وتعدد الثوار والخوارج ما كان أن يصطلم الأمر ، حتى بادر المأمون من خراسان إلى بغداد ورد أمرهم لمعاهده ، فلابد من اعتبار ذلك في العهد ، فالعصور تختلف باختلاف المصالح ولكل واحد منها حكم يخصه ، لطفا من الله بعباده .
وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية، إذ هو أمر من الله يخص به من يشاء من عباده ، ينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن خوفا من العبث بالمناصب الدينية، والملك لله يؤتيه من يشاء ) . المقدمة ص 165 ـ 166 .
فإذا ابن خلدون رحمه الله يقرر أن معاوية رضي الله عنه ما كان بدعا في تعيين ولي العهد من بعده وإن جعله في ذريته ، فقد سبقه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في تعيين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة للمسلمين بعده ، " ويقرر أنه لو لم يكن له سلف فإن فعل معاوية رضي الله عنه مع وفاق الناس له يعتبر حجة " .
وبين أنه قد يعدل عن الفاضل إلى المفضول لمصلحة اجتماع الكلمة وهي من أكبر مصالح الشريعة ، هذا مع تحفظنا على بعض كلام ابن خلدون ككلامه عن ابن عمر رضي الله عنهما فانه قد بايع يزيد وأنكر على من أراد خلعه كما في صحيح البخاري ، وما ينفرد به ابن خلدون عن الأئمة فانه يستدل عليه .
وأما حديث " أول من يغير سنتي رجل من بني أمية " ، فهو حديث ضعيف لم يروه أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب الستة ، رواه ابن أبي عاصم في " الأوائل " ، وانفرد به مهاجر بن مخلد ، قال عنه وهيب : كان لا يحفظ ، وقال أبو حاتم : لين الحديث ، ليس بذاك ، وليس بالمتقن ، يكتب حديثه " يعني حيث توبع " ، وقال عنه ابن حجر : مقبول " يعني لو توبع " ، ولم يتابع عليه ، هذا الجرح المفسر فيه مقدم على من نعته بقوله " صالح " . انظر الكامل في الضعفاء " 7 / 2452 " ، وتهذيب الكمال " 28 / 579 " والحديث لو صح فإنه محمول على ما وقع من بني أمية من تقديم خطبة العيد على الصلاة كما فعل مروان بن الحكم كما جاء في صحيح البخاري ومسلم ، والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين