بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فهذه نصيحة قيمة لفضيلة الشيخ الوالد العلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله للاخوة السلفيين في تونس
حرسها الله على إثر سؤال وجهه أحد الإخوة من تونس وكي تعم الفائدة قمنا بتقييد هذه النصيحة وعرضها على الشيخ
حفظه الله لمراجعتها والموافقة على نشرها والذي بدوره لم يتردد في قبول الفكرة مع كثرة أشغاله وهذا يبين جهود الشيخ
في نشر الخير ونفع الأمة فجزى الله شيخنا خير الجزاء واساله سبحانه أن يبارك في شيخنا ويمتع المسلمين بطول بقائه
ويختم له بالحسنى انه ولي ذلك والقادر عليه
السؤال:
ما نصيحتكم -فضيلةَ الشيخ- للإخوة السلفيين في تونس وهم يتعرَّضون لحملة استفزازاتٍ من العلمانيين؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالسبيل إلى تمكين المسلم السلفيِّ هو العناية بمعرفة أمور دينه من التوحيد والفقه والتحلِّي بالأخلاق العالية والآداب االسامية سلوكًا وعملاً، وليُعدَّ نفسه على ما كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بداية دعوته في المرحلة المكِّيَّة، فقد ربَّى أصحابه على التوحيد الخالص، ووجَّههم للعناية بالخُلُق الصحيح والصبر على الطاعات وترك المعاصي وأذى الكفَّار ونكبات الدهر مع أمرهم بكفِّ اليد، وبيَّن لهم مظاهر الشرك وحذَّرهم منها، فكانت المرحلة آنذاك مرحلة ضعفٍ فهي توجب على المرء أن يُعِدَّ العدَّة الإيمانية والتزوُّدَ بالعلوم الشرعية والعمل بها والدعوة إليها كما قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].
ولا شكَّ أنَّ من سلك مسلك الأنبياء والصالحين سيلاقي من يعارضه من الشانئين والمناوئين والصادِّين والمنتقدين والمعترضين، سواءٌ كانوا من أصحاب الهوى كالتكفيريين ومن شاكلهم من المهوِّلين والمتظاهرين أو من أهل الإلحاد من العلمانيين ومن وافقهم، فتجدهم يشقُّون عصا الطاعة ويدْعون إلى الخروج ويستخدمون وسائله كالمظاهرات والاعتصامات ونحوها بغيةَ إسقاط الأنظمة ونشر الفتنة في البلاد كما حصل في بعض الدول الشقيقة والمجاورة، فانجرَّ من ذلك سفكُ دماء المسلمين ونهبُ ممتلكاتهم وتسليط أعداء الله عليهم، ولا شكَّ أنَّ هذه الطرق تشوِّه على الدعاة إلى الله صفاءَ دعوتهم وتحول دون تحقيق الغاية الربانية وهي توحيد العبودية لله وحده لا شريك له، ولقد رأينا ذلك في بلدنا هذا، حيث أصبح العلمانيون ومن يسير في كوكبتهم يتَّهمون المنهج السلفي بما هو بريءٌ منه ويلصقون التهم والرذائل به تقصُّدًا لتنفير الناس منه، لذلك يجب على السلفيِّ أن يثبت على موقفه، ويتبرَّأ من الأعمال المنافية لدينه ويعمل على تكريس المرحلة المكِّيَّة في ساحة بلده إعدادًا للعدَّة الإيمانية على نطاقٍ واسعٍ.
هذا، وتكون دعوته مبنيَّةً على أساسٍ متينٍ معتمدًا منهجَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، شعارُه التصفية والتربية: التخلية والتحلية: تصفية المجتمع من كلِّ مظاهر الشرك والبدع والمخالفات وتربيتهم على التوحيد والدين الصحيح، وكونُ السلفيِّ يتدرَّج في مدارج الكمال والطاعة شيئًا فشيئًا فإنَّ النصر آتٍ لا محالة إذا حقَّق نصرة الله بالعودة إلى دينه وصبر على ذلك من غير تهوُّرٍ ولا اندفاعٍ ولا انزلاقٍ أو دخولٍ في التحزُّبات والبرلمانات وسلوك مسالك أهل الهوى، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمَّد: 7]، وقوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: « وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»( )، وقوله: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»( ).
وفَّق الله الجميع لِما يحبُّ ويرضى، وأعانهم على البرِّ والتقوى، وسدَّد خطاهم، وجمعنا وإيَّاهم على الاستقامة على دينه والتزام شرعه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه وصحبه إلى يوم الدين.
قيَّده أبو عبد الرحمن مراد البليدي من جوابٍ عن سؤالٍ طُرح على فضيلة الشيخ في إحدى حلقاته بتاريخ 28 شوَّال 1433ه الموافق ل: 15 سبتمبر 2012
( 1) أخرجه الحاكم -بهذا اللفظ- في «مستدركه» (6304)، وأحمد (2803)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وصحَّحه الألباني في «الصحيحة» (2382).
( 2) أخرجه أبو داود (3462) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحَّحه الألباني بمجموع طرقه في «الصحيحة» (11).
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فهذه نصيحة قيمة لفضيلة الشيخ الوالد العلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله للاخوة السلفيين في تونس
حرسها الله على إثر سؤال وجهه أحد الإخوة من تونس وكي تعم الفائدة قمنا بتقييد هذه النصيحة وعرضها على الشيخ
حفظه الله لمراجعتها والموافقة على نشرها والذي بدوره لم يتردد في قبول الفكرة مع كثرة أشغاله وهذا يبين جهود الشيخ
في نشر الخير ونفع الأمة فجزى الله شيخنا خير الجزاء واساله سبحانه أن يبارك في شيخنا ويمتع المسلمين بطول بقائه
ويختم له بالحسنى انه ولي ذلك والقادر عليه
السؤال:
ما نصيحتكم -فضيلةَ الشيخ- للإخوة السلفيين في تونس وهم يتعرَّضون لحملة استفزازاتٍ من العلمانيين؟
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالسبيل إلى تمكين المسلم السلفيِّ هو العناية بمعرفة أمور دينه من التوحيد والفقه والتحلِّي بالأخلاق العالية والآداب االسامية سلوكًا وعملاً، وليُعدَّ نفسه على ما كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بداية دعوته في المرحلة المكِّيَّة، فقد ربَّى أصحابه على التوحيد الخالص، ووجَّههم للعناية بالخُلُق الصحيح والصبر على الطاعات وترك المعاصي وأذى الكفَّار ونكبات الدهر مع أمرهم بكفِّ اليد، وبيَّن لهم مظاهر الشرك وحذَّرهم منها، فكانت المرحلة آنذاك مرحلة ضعفٍ فهي توجب على المرء أن يُعِدَّ العدَّة الإيمانية والتزوُّدَ بالعلوم الشرعية والعمل بها والدعوة إليها كما قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].
ولا شكَّ أنَّ من سلك مسلك الأنبياء والصالحين سيلاقي من يعارضه من الشانئين والمناوئين والصادِّين والمنتقدين والمعترضين، سواءٌ كانوا من أصحاب الهوى كالتكفيريين ومن شاكلهم من المهوِّلين والمتظاهرين أو من أهل الإلحاد من العلمانيين ومن وافقهم، فتجدهم يشقُّون عصا الطاعة ويدْعون إلى الخروج ويستخدمون وسائله كالمظاهرات والاعتصامات ونحوها بغيةَ إسقاط الأنظمة ونشر الفتنة في البلاد كما حصل في بعض الدول الشقيقة والمجاورة، فانجرَّ من ذلك سفكُ دماء المسلمين ونهبُ ممتلكاتهم وتسليط أعداء الله عليهم، ولا شكَّ أنَّ هذه الطرق تشوِّه على الدعاة إلى الله صفاءَ دعوتهم وتحول دون تحقيق الغاية الربانية وهي توحيد العبودية لله وحده لا شريك له، ولقد رأينا ذلك في بلدنا هذا، حيث أصبح العلمانيون ومن يسير في كوكبتهم يتَّهمون المنهج السلفي بما هو بريءٌ منه ويلصقون التهم والرذائل به تقصُّدًا لتنفير الناس منه، لذلك يجب على السلفيِّ أن يثبت على موقفه، ويتبرَّأ من الأعمال المنافية لدينه ويعمل على تكريس المرحلة المكِّيَّة في ساحة بلده إعدادًا للعدَّة الإيمانية على نطاقٍ واسعٍ.
هذا، وتكون دعوته مبنيَّةً على أساسٍ متينٍ معتمدًا منهجَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، شعارُه التصفية والتربية: التخلية والتحلية: تصفية المجتمع من كلِّ مظاهر الشرك والبدع والمخالفات وتربيتهم على التوحيد والدين الصحيح، وكونُ السلفيِّ يتدرَّج في مدارج الكمال والطاعة شيئًا فشيئًا فإنَّ النصر آتٍ لا محالة إذا حقَّق نصرة الله بالعودة إلى دينه وصبر على ذلك من غير تهوُّرٍ ولا اندفاعٍ ولا انزلاقٍ أو دخولٍ في التحزُّبات والبرلمانات وسلوك مسالك أهل الهوى، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمَّد: 7]، وقوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: « وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»( )، وقوله: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»( ).
وفَّق الله الجميع لِما يحبُّ ويرضى، وأعانهم على البرِّ والتقوى، وسدَّد خطاهم، وجمعنا وإيَّاهم على الاستقامة على دينه والتزام شرعه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه وصحبه إلى يوم الدين.
قيَّده أبو عبد الرحمن مراد البليدي من جوابٍ عن سؤالٍ طُرح على فضيلة الشيخ في إحدى حلقاته بتاريخ 28 شوَّال 1433ه الموافق ل: 15 سبتمبر 2012
( 1) أخرجه الحاكم -بهذا اللفظ- في «مستدركه» (6304)، وأحمد (2803)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وصحَّحه الألباني في «الصحيحة» (2382).
( 2) أخرجه أبو داود (3462) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحَّحه الألباني بمجموع طرقه في «الصحيحة» (11).