الحُجة القاطعة في حكم المقاطعة
الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد,
فلتعلم رعاك الله بأن الإنسان محاسب على كل كلمه تخرج من فيه, لقوله تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ), وقد سمعت المسدد الموفق ابن عثيمين رحمه الله يقول لأحد طلبته: أنك تملك الكلمة مادامت في فيك, فإذا خرجت فهي تملكك.أهـ بتصرف
ولذلك فقد أمرنا الله جل في علاه بالقول السديد والكلام المفيد في ديننا ودنيانا, قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
وقد كثر الحث من بعض الناس في السنون المتأخرة على دعوة جعلوها عبادة وقربه إلى الله العليم الحكيم, وليت من دعى إلى هذه الدعوة أستند إلى حكم شرعي معتبر, بل تستغرب أخي في الله لو علمت بأن كبار العلماء يعارضون هذه الدعوة الباطلة!!.
وقد تسأل رحمك الله, ماهي هذه الدعوة, ومن حكم للناس بأنها قربة وطاعة, وعلى أي أساس بُني هذا الحكم؟؟
أقول مستعينا بعالم الغيب الشهادة الرحمن الرحيم,
الدعوة هي مقاطعه مايسمى بالمنتجات الأجنبية ومنّ لا يفعل فهو آثما قلبه وعوناً للكفرة!!!
والحكم لبعض ما يسمى بعلماء الأمة وهم كُثر من يتسمون بعلماء الأمة اليوم!!
وبُني الحكم على أساس الحرب على أعداء الإسلام!
وأنك لِتستغرب يا باغي الحق من فعل الداعين لهذه الدعوة المسماة (المقاطعة) هداهم الله, والكيل بمكيالين مع المنتجات, فيدندنون على أمور بسيطة كالمأكولات والمشروبات, ويتغاضون عن السيارات والأجهزة الإلكترونية مثل الحاسوب, وإذا هربوا يهربون من دول الغرب الكافر إلى دول الشرق المشرك, وينسون أو يتناسون بأن الكفر والشرك ملة واحده كما قال ذلك ابن كثير في تفسير قوله تعالى { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى }
قال رحمه الله: حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة.أهـ
فلتعلم يا مّن تريد أن تعلم بأن هذه الدعوة باطله مردودة على قائلها بكتاب رب العالمين وبسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
المخالفة الأولى لهذه الدعوة (المقاطعة), إنها تخالف فعل الرسول عليه الصلاة والسلام في عين هذه المسألة, فقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله, فقد جاء في صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين. يعني صاعا من شعير.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دسوا له السم أبناء القردة والخنازير في كتف شاة في خيبر من قبل, بل قال الزهري رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم مات بقتل اليهود له, وصح في البخاري قوله عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم).
أي قد ظل ïپ² يرى أثر تلك الأكلة التي في خيبر حتى توفي, ومع هذا أستمر يتعامل معهم صلى الله عليه وسلم, وفي هذا إخبار بجواز التعامل معهم في ما أحل الله لنا فلا يجوز تحريم شراء الأكل منهم أو غير ذلك ولو كان فيه مصلحه لفعله خير العابدين صلى الله عليه وسلم فلا يجوز مخالفته وادعاء المصلحة فيما لم يفعله عليه الصلاة والسلام لقوله: ( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه ).
فلا تعتقد رحمك الله بأن الله سبحانه يتوفى رسوله عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند اليهودي في طعام لأهلة صدفة أو عرضاً ولكن هذا تدبير من العليم الحكيم سبحانه.
وقد فعل اليهود أشنع الأفعال من سب لله سبحانه وتعالى عما يصفون بقولهم { يد الله مغلولة} لعنوا بما قالوا, وقولهم {الله فقير ونحن أغنياء} قبحهم الله,
ولنا في قصة أبا بكر رضي الله عنه وفنحاص اليهودي عبره, لما سمع الصديق هذا القول من فنحاص لعنه الله فلطمه ابوبكر وقال رضي الله عنه: فلولا هدنة كانت بـين النبـيّ صلى الله عليه وسلم وبـين بنـي مرثد لقتلته.(الطبري)
أنظر رحمك الله لوقوف الصحابة عند الأمر والنهي, فهذا اليهودي يتهم رب العزة بالبخل وهو الكفر البين ومع هذا يتذكر الهدنة الصديق مؤمناً ومصدقاً لأمر الله وأمر رسوله ولم يغلبه الحماس فيتعدى أمر الله وأمر رسوله فيقتل اليهودي.
ومع هذا الفعل اليهودي المشين ورغم أن الله أنزل فيه القرآن من فوق سبع سماوات تصديق للصديق وغيرها من الأفعال كما سبق ذكرها, لم ينقل أن الرسول ïپ² وأصحابه فعلوا مثل هذه المقاطعة الباطلة اليوم.
فكل عمل يُرى فيه مصلحة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان المقتضي قائم لفعله فلا يعتبر مصلحة بل تسمى من المصالح الملغاة كما قرر ذلك جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى.
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في المباح من التعامل مع الكفار:
أما ما يجوز لنا من التعامل مع الكفار فهو التعامل المباح نتعامل معهم بالتجارة، ونستورد منهم البضائع، ونتبادل منهم المنافع، ونستفيد من خبراتهم، نستقدم منهم من نستأجره على أداء عمل كهندسة أو غير ذلك من الخبرات المباحة، هذا حدود ما يجوز لنا معهم.أهـ
وكذلك فهذه الدعوة (المقاطعة) هي من قبيل جعل المباحات قربات إلى الله وهذه مخالفة ثانيه لا تجوز باتفاق أهل العلم.
فلا يجوز ترك بعض الأكلات أو المشروبات المباحة وغيرها من الطيبات وجعل هذا الفعل قربه وعبادة تبتغي بها وجه الله, فقد أنكر الرسول عليه الصلاة والسلام على أحد أصحابه وقد حرم أكل اللحم على نفسه قربه إلى الله وقال له: من رغب عن سنتي فليس مني, وهذا من المذموم في هذه الدعوة هداك الله فلتتنبه!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب العبادات الشرعية:
فإن الدّين أصله متابعه النبي ïپ² وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنَّه لنا, فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا ولا أمرنا به ولا فعله, فهذا ليس من العبادات والقُرب, فإتخاذ هذا قُربه مخالفة له ïپ² , وما فعله من المباحات على غير وجه التعبد يجوز لنا أن نفعله مباحاً كما فعله مباحاً, ولكن هل يشرع لنا أن نجعله عبادة وقُربه؟؟
فأكثر السلف والعلماء على أنا لا نجعله عبادة وقُربه, فأن فعله مباحاً فعلناه مباحاً, وإن فعله قُربه فعلناه قُربه.أهـ
فالتذرع بمحاربه الكفار أقتصادياً ومناصرة أخواننا المسلمين بمقاطعه المنتجات التي هي في الأصل من الطيبات المباحة لنا شرعاً تصبح من الطاعات التي نرجو بها القُربه من الله فتدخل في معنى العبادة وبالتالي تصبح مخالفه صريحة لهدي النبي ïپ² كما بيّن ذلك ابن تيميه رحمه الله في كلامه السابق فلتتنبه رحمك الله.
فالقول المطلق بتحريم المنتجات الأجنبية على المسلمين وجعل تركها عبادة وقُربه إلى الله هو من الابتداع المذموم في الدين وهو بجعل المباحات من قبيل الطاعات هو قول ليس له مستند شرعي بل يوجد ما يعاكسه من هدي النبي عليه الصلاة والسلام وأقوال سلف الأمة.
وبهذا الاعتقاد تدخل هذه الدعوة في مخالفة ثالثه وهي تحريم ما أحل الله وهذا اعتداء لا يرضاه الله وقد نهانا عنه أشد النهي قال تعالى {لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ}.
يقول الشاطبي رحمه الله في الاعتصام:
التارك لما أحل الله يصير عاصيا بتركه أو باعتقاده التحريم, وأما إن كان الترك تدينا فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين إذ قد فرضنا الفعل جائزا شرعا فصار الترك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل وفي مثله نزل قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِين} فنهى أولا عن تحريم الحلال ثم جاءت الآية تشعر أن ذلك اعتداء لا يحبه الله.أهـ
وأنك لتتعجب أخي في الله من المتكلمين بالدعوة إلى هذه المقاطعة وجعلوها دين ندين الله بها فا يصبح الذي لا يقاطع, عدواً للدين موالياً لأعداءة مساعداً لهم على أخواننا المسلمين!!
سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.!!
نقول كما تقولون الواجب على المسلمين التكاتف والتعاون على أعداء الدين, والأفضل للمسلم أن يقتني المنتجات المسلمة خير له من منتجات أعداء الإسلام.
لكن !!
لا نحرم على أنفسنا ما أحل الله من الطيبات بدعوة باطله لم يفعلها نبي الرحمة ïپ² ولا أصحابة من بعده فهذا هو التنطع في دين الله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
والدين كله مأخوذ عن الرسول ليس لأحد بعده أن يغير من دينه شيئا هذا دين المسلمين بخلاف النصارى فإنهم يجوزون لعلمائهم وعبادهم أن يشرعوا شرعا يخالف شرع الله قال تعالى :( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فكانت تلك عبادتهم إياهم ) ولهذا كان أئمة المسلمين لا يتكلمون في شيء أنه عبادةٌ وطاعةٌ وقربةٌ إلا بدليل شرعي وإتباع لمن قبلهم لا يتكلمون في الدين بلا علم.أهـ
فالذي أفتى الأمة وأقنعها بهذه الدعوة الباطلة لم يستند إلى دليل شرعي يطابق هذه المقاطعة بل تجدهم فرضوها على الناس بالاستحسان وباستغلال عواطف المسلمين لما تعانيه الأمة من هزائم وانتكاسات لابتعادهم عن دين الله, فليتهم ساقوا الأمة لأسباب النصر والعزة الحقيقية وهي العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام على ماكان علية سلف الأمة من الصحابة الكرام متمثلين قول الإمام مالك رحمه الله: ما لم يكون يومئذاً ديناً لا يكون اليوم ديناً, ولن يصلح أخر هذه الأمة الأ ما صلح به أولها.أهـ
فالاستحسان في دين الله مما ليس من دين الله هو سبب المصائب والضلالة لجميع الأمم السابقة كاليهود والنصارى وكذلك من بعدهم من الفرق الضالة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي رحمه الله: من استحسن فقد شرّع.أهـ
قال تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه معلقاً على هذه الآية:
فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله، من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك، فقد اتخذ شريكًا لله شرع في الدين ما لم يأذن به الله، فمن أطاع أحدًا في دين لم يأذن الله به ـ من تحليل، أو تحريم، أو استحباب، أو إيجاب ـ فقد لحقه من هذا الذم نصيب، كما يلحق الآمر الناهي.أهـ
أما الذين استدلوا بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام في حروبه مع الكفار, فنقول نعم والله أنه حق وهذا هو الحق وليس غيرة, فالرسول ïپ² هو ولي أمر المسلمين وله أن يقرر ما يراه فيه مصلحه رعيته ومع هذا لم يكن هذا فعله عليه الصلاة والسلام على الدوام بل كان سلاح يستخدمه أحسن الإستخدام متى دعته الحاجة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
ومنهم من أستدل قصة الصحابي الجليل ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه,
جاء في مسلم, أنه بعد أن أسلم ثمامه بن أثال الحنفي رضي الله عنه قدم على قريشٍ، قالوا: صَبَوتَ يا ثمَامة قال: لا والله، ولكني أسلمت مع محمد ، ولا والله لا يأتيكم من اليمَامَة حَبة حنطَةٍ حَتى يأذَنَ فيها رسول الله .(و كان رضي الله عنه سيد قومه)
وكانت اليمامة ريفَ مكة، فانصرف إلى بلاده، ومنع الحملَ إلى مكة حتى جَهدَت قريش، فكتبوا إلى رسول الله يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامةَ يخلى إليهم حملَ الطعام، ففعل رسول الله .
فليس في هذه القصة ما يستدل بها على هذه المقاطعة الباطلة من عدة أوجه:
ـ أن ثمامة رضي الله عنه كان سيد قومه وهو من دعا ونفذ هذا العمل.
ـ قول من أستدل بهذه القصة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر ثمامة رضي الله عنه على المقاطعة وهذا غير صحيح, فلما علم الرسول عليه الصلاة والسلام أمر باأنهاها ولنا في فعله صلى الله عليه وسلم مع اليهودي دليل على عدم أقراره, فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات.
ـ وإذا سلمنا لهم جدلاً وليس اتفاقا بأن النبي ïپ² وهو ولي أمر المسلمين ذلك الوقت قد أقر ثمامة رضي الله عنه في أول أمره, فهل أقركم ولي الأمر يا دعاة المقاطعة؟؟
وهذه هي المخالفة الرابعة لهذه الدعوة الباطلة (المقاطعة) لما فيها من الافتئات على ولي الأمر من الأمراء والعلماء,
ولننظر اليوم مّن هم الذين يدعون المسلمين لهذه المقاطعة ما هم الأ أفراد نصبوا أنفسهم علماء للمسلمين وقد ضيعوا شبابها من قبل بمثل هذه الفتاوى الحماسية الخالية من الفقه في الدين العامرة بالهوى واللين.
أما علماء الحق فقالوا كلمه الحق التي توافق فعل رسولنا ïپ² وربطوا هذا الأمر بولي أمر المسلمين, ولم يأبهوا بمن تكلم وشنّع بالقول لأنهم يعرفوا قوله ïپ² { من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس } الترمذي وابن حبان (صحيح).
فإليك رعاك الله قول شيخ الإسلام في معامله الكفار بالبيع والشراء وهم التتار في ذاك الوقت وتعرف أخي في الله ما فعل التتار بالمسلمين, فلتقرأ قول ابن تيميه رحمه الله: وقد سئُل عن معاملة التتار: هل هي مباحة لمن يعاملونه؟
فأجاب: أما معاملة التتار، فيجوز فيها ما يجوز في أمثالهم، ويحرم فيها ما يحرم عن معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم، وخيلهم، ونحو ذلك، كما يبتاع من مواشي التركمان، والأعراب، والأكراد، وخيلهم، ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك، ما يبيعه لأمثالهم.أهـ
وقد أجمع أكابر علماء المسلمين أمثال ابن باز وابن عثيمين والفوزان وآل الشيخ واللجنة الدائمة على عدم جواز ما يسمى بمقاطعة المنتجات الأجنبية واعتبروا هذا الأمر من قبيل تحريم الحلال وربطوا هذا الأمر بولي أمر المسلمين في كل دوله.
وهذه فتوى هيئه كبار العلماء في حكم المقاطعة:
يجوز شراء البضائع المباحة أيا كان مصدرها, ما لم يأمر ولي الأمر بمقاطعة شيء منها لمصلحة الإسلام والمسلمين, ولأن الأصل في البيع والشراء الحل كما قال تعالى { وأحل الله البيع }, والنبي صلى الله عليه وسلم أشترى من اليهود.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن ابن غديان عضو
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء
وقد سئل سماحة الشيخ الأمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
قال السائل :
أحسن الله إليك : إذا علم أن هذا التاجر رافضي وان بضاعته معروفة عند الناس، هل يحذر منه عل أساس أنهم ما يشترون منه أحسن الله إليك؟
ثم قال السائل :
ثم فيه بضائع موجودة بالسوق ومعروفة من صاحبها أنه رافضي هل يحذر الناس منه فيقال لا تشتروا هذه البضائع حتى أنهم ما يدعمونه حتى ما يكون له دعم؟
الجواب:
هذا محل نظر. الشراء من الكفرة جائز والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود اشترى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله, لكن يبين له عقيدتهم حتى لا يتخذهم أصحاب ولا رفقاء. أما كونه يشتري منهم شيء إذا دعت الحاجة لشرائه الأمر سهل. ولا يواليهم ويأكل طعامهم ولا ذبيحتهم وذبيحتهم محرمة.
فقال السائل: يكون أولى لو أشترى من غيرهم؟
فأجاب الشيخ: المقصود الحذر من الموالاة والمحبة أو التساهل معهم أو تمرير أعمالهم والتساهل فيها، يبين للناس كفرهم وضلالهم بأن هذه من أعمالهم.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا السؤال: يوجد مشروب يسمى مشروب الكولا تنتجه شركه يهودية فما حكم شراء هذا المشروب وحكم بيعه وهل هذا يكون من التعاون على الإثم والعدوان أو لا؟
أجاب فضيلته رحمه الله: ( ألم يبلغك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أشترى من يهوديا طعام لأهله ومات ودرعه مرهونا عند هذا اليهودي , ألم يبلغك بان الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الهدية من اليهود , وألم يبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهودي.....).
فتوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
السؤال:
فضيلة الشيخ وفقكم الله ، يكتب في الصحف هذه الأيام الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية وعدم شراءها وعدم بيعها ومن ذلك ماكتب في هذا اليوم في إحدى الصحف من أن علماء المسلمين يدعون إلى المقاطعة وأن هذا العمل فرض عين على كل مسلم وأن الشراء لواحدة من هذه البضائع حرام ، حرام وأن فاعلها فاعلٌ لكبيرة ومعين لهؤلاء ولليهود على قتال المسلمين فأرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة للحاجة إليها وهل يثاب الشخص على هذا الفعل؟
الجواب:
أولاً: أطلب صورة أو قصاصة من هذه الجريدة ومن هذا الكلام الذي ذكره السائل . ثانياً: هذا غير صحيح. العلماء ما أفتو بتحريم الشراء من السلع الأمريكية ، والسلع الأمريكية مازالت تورد وتباع في أسواق المسلمين ، ولاهو ضار أمريكا إذا منك ما أشتريت منها من سلعها ماهو ضارها هذا ، ماتقاطع السلع إلا إذا أصدر ولي الأمر إذا أصدر ولي الأمر منعاً ومقاطعة لدولة من الدول فيجب المقاطعة أما مجرد الأفراد أنهم يبون يسوون هذا ويفتون فهذا تحريم ما أحل الله لايجوز.
وختاماً أقول والعون من الله سبحانه وحده لا شريك له,
المسلم له في خاصة نفسه أن يتعامل مع الكفار وله أن يترك التعامل معهم ولكن لا يجعل الفعل أو الترك قربه وطاعه يتقرب بها الى الله سبحانه ولكن يفعله مباحاً كما فعله رسول الهدى بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام, وأن ترك التعامل لا يدعو الناس الى ذلك الأ أن يأمر ولي الأمر بذلك فيجوز له حث الناس على هذا الفعل لأنه بطاعة ولي الامر هو يتقرب الى المولى عز وجل لا بترك التعامل معهم, والله أعلم
وصلي اللهم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد,
فلتعلم رعاك الله بأن الإنسان محاسب على كل كلمه تخرج من فيه, لقوله تعالى (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ), وقد سمعت المسدد الموفق ابن عثيمين رحمه الله يقول لأحد طلبته: أنك تملك الكلمة مادامت في فيك, فإذا خرجت فهي تملكك.أهـ بتصرف
ولذلك فقد أمرنا الله جل في علاه بالقول السديد والكلام المفيد في ديننا ودنيانا, قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
وقد كثر الحث من بعض الناس في السنون المتأخرة على دعوة جعلوها عبادة وقربه إلى الله العليم الحكيم, وليت من دعى إلى هذه الدعوة أستند إلى حكم شرعي معتبر, بل تستغرب أخي في الله لو علمت بأن كبار العلماء يعارضون هذه الدعوة الباطلة!!.
وقد تسأل رحمك الله, ماهي هذه الدعوة, ومن حكم للناس بأنها قربة وطاعة, وعلى أي أساس بُني هذا الحكم؟؟
أقول مستعينا بعالم الغيب الشهادة الرحمن الرحيم,
الدعوة هي مقاطعه مايسمى بالمنتجات الأجنبية ومنّ لا يفعل فهو آثما قلبه وعوناً للكفرة!!!
والحكم لبعض ما يسمى بعلماء الأمة وهم كُثر من يتسمون بعلماء الأمة اليوم!!
وبُني الحكم على أساس الحرب على أعداء الإسلام!
وأنك لِتستغرب يا باغي الحق من فعل الداعين لهذه الدعوة المسماة (المقاطعة) هداهم الله, والكيل بمكيالين مع المنتجات, فيدندنون على أمور بسيطة كالمأكولات والمشروبات, ويتغاضون عن السيارات والأجهزة الإلكترونية مثل الحاسوب, وإذا هربوا يهربون من دول الغرب الكافر إلى دول الشرق المشرك, وينسون أو يتناسون بأن الكفر والشرك ملة واحده كما قال ذلك ابن كثير في تفسير قوله تعالى { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى }
قال رحمه الله: حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة.أهـ
فلتعلم يا مّن تريد أن تعلم بأن هذه الدعوة باطله مردودة على قائلها بكتاب رب العالمين وبسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
المخالفة الأولى لهذه الدعوة (المقاطعة), إنها تخالف فعل الرسول عليه الصلاة والسلام في عين هذه المسألة, فقد توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله, فقد جاء في صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين. يعني صاعا من شعير.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دسوا له السم أبناء القردة والخنازير في كتف شاة في خيبر من قبل, بل قال الزهري رحمه الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم مات بقتل اليهود له, وصح في البخاري قوله عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت إنقطاع أبهري من ذلك السم).
أي قد ظل ïپ² يرى أثر تلك الأكلة التي في خيبر حتى توفي, ومع هذا أستمر يتعامل معهم صلى الله عليه وسلم, وفي هذا إخبار بجواز التعامل معهم في ما أحل الله لنا فلا يجوز تحريم شراء الأكل منهم أو غير ذلك ولو كان فيه مصلحه لفعله خير العابدين صلى الله عليه وسلم فلا يجوز مخالفته وادعاء المصلحة فيما لم يفعله عليه الصلاة والسلام لقوله: ( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه ).
فلا تعتقد رحمك الله بأن الله سبحانه يتوفى رسوله عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند اليهودي في طعام لأهلة صدفة أو عرضاً ولكن هذا تدبير من العليم الحكيم سبحانه.
وقد فعل اليهود أشنع الأفعال من سب لله سبحانه وتعالى عما يصفون بقولهم { يد الله مغلولة} لعنوا بما قالوا, وقولهم {الله فقير ونحن أغنياء} قبحهم الله,
ولنا في قصة أبا بكر رضي الله عنه وفنحاص اليهودي عبره, لما سمع الصديق هذا القول من فنحاص لعنه الله فلطمه ابوبكر وقال رضي الله عنه: فلولا هدنة كانت بـين النبـيّ صلى الله عليه وسلم وبـين بنـي مرثد لقتلته.(الطبري)
أنظر رحمك الله لوقوف الصحابة عند الأمر والنهي, فهذا اليهودي يتهم رب العزة بالبخل وهو الكفر البين ومع هذا يتذكر الهدنة الصديق مؤمناً ومصدقاً لأمر الله وأمر رسوله ولم يغلبه الحماس فيتعدى أمر الله وأمر رسوله فيقتل اليهودي.
ومع هذا الفعل اليهودي المشين ورغم أن الله أنزل فيه القرآن من فوق سبع سماوات تصديق للصديق وغيرها من الأفعال كما سبق ذكرها, لم ينقل أن الرسول ïپ² وأصحابه فعلوا مثل هذه المقاطعة الباطلة اليوم.
فكل عمل يُرى فيه مصلحة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان المقتضي قائم لفعله فلا يعتبر مصلحة بل تسمى من المصالح الملغاة كما قرر ذلك جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى.
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في المباح من التعامل مع الكفار:
أما ما يجوز لنا من التعامل مع الكفار فهو التعامل المباح نتعامل معهم بالتجارة، ونستورد منهم البضائع، ونتبادل منهم المنافع، ونستفيد من خبراتهم، نستقدم منهم من نستأجره على أداء عمل كهندسة أو غير ذلك من الخبرات المباحة، هذا حدود ما يجوز لنا معهم.أهـ
وكذلك فهذه الدعوة (المقاطعة) هي من قبيل جعل المباحات قربات إلى الله وهذه مخالفة ثانيه لا تجوز باتفاق أهل العلم.
فلا يجوز ترك بعض الأكلات أو المشروبات المباحة وغيرها من الطيبات وجعل هذا الفعل قربه وعبادة تبتغي بها وجه الله, فقد أنكر الرسول عليه الصلاة والسلام على أحد أصحابه وقد حرم أكل اللحم على نفسه قربه إلى الله وقال له: من رغب عن سنتي فليس مني, وهذا من المذموم في هذه الدعوة هداك الله فلتتنبه!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب العبادات الشرعية:
فإن الدّين أصله متابعه النبي ïپ² وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنَّه لنا, فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا ولا أمرنا به ولا فعله, فهذا ليس من العبادات والقُرب, فإتخاذ هذا قُربه مخالفة له ïپ² , وما فعله من المباحات على غير وجه التعبد يجوز لنا أن نفعله مباحاً كما فعله مباحاً, ولكن هل يشرع لنا أن نجعله عبادة وقُربه؟؟
فأكثر السلف والعلماء على أنا لا نجعله عبادة وقُربه, فأن فعله مباحاً فعلناه مباحاً, وإن فعله قُربه فعلناه قُربه.أهـ
فالتذرع بمحاربه الكفار أقتصادياً ومناصرة أخواننا المسلمين بمقاطعه المنتجات التي هي في الأصل من الطيبات المباحة لنا شرعاً تصبح من الطاعات التي نرجو بها القُربه من الله فتدخل في معنى العبادة وبالتالي تصبح مخالفه صريحة لهدي النبي ïپ² كما بيّن ذلك ابن تيميه رحمه الله في كلامه السابق فلتتنبه رحمك الله.
فالقول المطلق بتحريم المنتجات الأجنبية على المسلمين وجعل تركها عبادة وقُربه إلى الله هو من الابتداع المذموم في الدين وهو بجعل المباحات من قبيل الطاعات هو قول ليس له مستند شرعي بل يوجد ما يعاكسه من هدي النبي عليه الصلاة والسلام وأقوال سلف الأمة.
وبهذا الاعتقاد تدخل هذه الدعوة في مخالفة ثالثه وهي تحريم ما أحل الله وهذا اعتداء لا يرضاه الله وقد نهانا عنه أشد النهي قال تعالى {لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ}.
يقول الشاطبي رحمه الله في الاعتصام:
التارك لما أحل الله يصير عاصيا بتركه أو باعتقاده التحريم, وأما إن كان الترك تدينا فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين إذ قد فرضنا الفعل جائزا شرعا فصار الترك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل وفي مثله نزل قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِين} فنهى أولا عن تحريم الحلال ثم جاءت الآية تشعر أن ذلك اعتداء لا يحبه الله.أهـ
وأنك لتتعجب أخي في الله من المتكلمين بالدعوة إلى هذه المقاطعة وجعلوها دين ندين الله بها فا يصبح الذي لا يقاطع, عدواً للدين موالياً لأعداءة مساعداً لهم على أخواننا المسلمين!!
سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.!!
نقول كما تقولون الواجب على المسلمين التكاتف والتعاون على أعداء الدين, والأفضل للمسلم أن يقتني المنتجات المسلمة خير له من منتجات أعداء الإسلام.
لكن !!
لا نحرم على أنفسنا ما أحل الله من الطيبات بدعوة باطله لم يفعلها نبي الرحمة ïپ² ولا أصحابة من بعده فهذا هو التنطع في دين الله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
والدين كله مأخوذ عن الرسول ليس لأحد بعده أن يغير من دينه شيئا هذا دين المسلمين بخلاف النصارى فإنهم يجوزون لعلمائهم وعبادهم أن يشرعوا شرعا يخالف شرع الله قال تعالى :( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فكانت تلك عبادتهم إياهم ) ولهذا كان أئمة المسلمين لا يتكلمون في شيء أنه عبادةٌ وطاعةٌ وقربةٌ إلا بدليل شرعي وإتباع لمن قبلهم لا يتكلمون في الدين بلا علم.أهـ
فالذي أفتى الأمة وأقنعها بهذه الدعوة الباطلة لم يستند إلى دليل شرعي يطابق هذه المقاطعة بل تجدهم فرضوها على الناس بالاستحسان وباستغلال عواطف المسلمين لما تعانيه الأمة من هزائم وانتكاسات لابتعادهم عن دين الله, فليتهم ساقوا الأمة لأسباب النصر والعزة الحقيقية وهي العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام على ماكان علية سلف الأمة من الصحابة الكرام متمثلين قول الإمام مالك رحمه الله: ما لم يكون يومئذاً ديناً لا يكون اليوم ديناً, ولن يصلح أخر هذه الأمة الأ ما صلح به أولها.أهـ
فالاستحسان في دين الله مما ليس من دين الله هو سبب المصائب والضلالة لجميع الأمم السابقة كاليهود والنصارى وكذلك من بعدهم من الفرق الضالة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي رحمه الله: من استحسن فقد شرّع.أهـ
قال تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه معلقاً على هذه الآية:
فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله، من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك، فقد اتخذ شريكًا لله شرع في الدين ما لم يأذن به الله، فمن أطاع أحدًا في دين لم يأذن الله به ـ من تحليل، أو تحريم، أو استحباب، أو إيجاب ـ فقد لحقه من هذا الذم نصيب، كما يلحق الآمر الناهي.أهـ
أما الذين استدلوا بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام في حروبه مع الكفار, فنقول نعم والله أنه حق وهذا هو الحق وليس غيرة, فالرسول ïپ² هو ولي أمر المسلمين وله أن يقرر ما يراه فيه مصلحه رعيته ومع هذا لم يكن هذا فعله عليه الصلاة والسلام على الدوام بل كان سلاح يستخدمه أحسن الإستخدام متى دعته الحاجة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
ومنهم من أستدل قصة الصحابي الجليل ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه,
جاء في مسلم, أنه بعد أن أسلم ثمامه بن أثال الحنفي رضي الله عنه قدم على قريشٍ، قالوا: صَبَوتَ يا ثمَامة قال: لا والله، ولكني أسلمت مع محمد ، ولا والله لا يأتيكم من اليمَامَة حَبة حنطَةٍ حَتى يأذَنَ فيها رسول الله .(و كان رضي الله عنه سيد قومه)
وكانت اليمامة ريفَ مكة، فانصرف إلى بلاده، ومنع الحملَ إلى مكة حتى جَهدَت قريش، فكتبوا إلى رسول الله يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامةَ يخلى إليهم حملَ الطعام، ففعل رسول الله .
فليس في هذه القصة ما يستدل بها على هذه المقاطعة الباطلة من عدة أوجه:
ـ أن ثمامة رضي الله عنه كان سيد قومه وهو من دعا ونفذ هذا العمل.
ـ قول من أستدل بهذه القصة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر ثمامة رضي الله عنه على المقاطعة وهذا غير صحيح, فلما علم الرسول عليه الصلاة والسلام أمر باأنهاها ولنا في فعله صلى الله عليه وسلم مع اليهودي دليل على عدم أقراره, فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات.
ـ وإذا سلمنا لهم جدلاً وليس اتفاقا بأن النبي ïپ² وهو ولي أمر المسلمين ذلك الوقت قد أقر ثمامة رضي الله عنه في أول أمره, فهل أقركم ولي الأمر يا دعاة المقاطعة؟؟
وهذه هي المخالفة الرابعة لهذه الدعوة الباطلة (المقاطعة) لما فيها من الافتئات على ولي الأمر من الأمراء والعلماء,
ولننظر اليوم مّن هم الذين يدعون المسلمين لهذه المقاطعة ما هم الأ أفراد نصبوا أنفسهم علماء للمسلمين وقد ضيعوا شبابها من قبل بمثل هذه الفتاوى الحماسية الخالية من الفقه في الدين العامرة بالهوى واللين.
أما علماء الحق فقالوا كلمه الحق التي توافق فعل رسولنا ïپ² وربطوا هذا الأمر بولي أمر المسلمين, ولم يأبهوا بمن تكلم وشنّع بالقول لأنهم يعرفوا قوله ïپ² { من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس } الترمذي وابن حبان (صحيح).
فإليك رعاك الله قول شيخ الإسلام في معامله الكفار بالبيع والشراء وهم التتار في ذاك الوقت وتعرف أخي في الله ما فعل التتار بالمسلمين, فلتقرأ قول ابن تيميه رحمه الله: وقد سئُل عن معاملة التتار: هل هي مباحة لمن يعاملونه؟
فأجاب: أما معاملة التتار، فيجوز فيها ما يجوز في أمثالهم، ويحرم فيها ما يحرم عن معاملة أمثالهم، فيجوز أن يبتاع الرجل من مواشيهم، وخيلهم، ونحو ذلك، كما يبتاع من مواشي التركمان، والأعراب، والأكراد، وخيلهم، ويجوز أن يبيعهم من الطعام والثياب ونحو ذلك، ما يبيعه لأمثالهم.أهـ
وقد أجمع أكابر علماء المسلمين أمثال ابن باز وابن عثيمين والفوزان وآل الشيخ واللجنة الدائمة على عدم جواز ما يسمى بمقاطعة المنتجات الأجنبية واعتبروا هذا الأمر من قبيل تحريم الحلال وربطوا هذا الأمر بولي أمر المسلمين في كل دوله.
وهذه فتوى هيئه كبار العلماء في حكم المقاطعة:
يجوز شراء البضائع المباحة أيا كان مصدرها, ما لم يأمر ولي الأمر بمقاطعة شيء منها لمصلحة الإسلام والمسلمين, ولأن الأصل في البيع والشراء الحل كما قال تعالى { وأحل الله البيع }, والنبي صلى الله عليه وسلم أشترى من اليهود.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن ابن غديان عضو
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء
وقد سئل سماحة الشيخ الأمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
قال السائل :
أحسن الله إليك : إذا علم أن هذا التاجر رافضي وان بضاعته معروفة عند الناس، هل يحذر منه عل أساس أنهم ما يشترون منه أحسن الله إليك؟
ثم قال السائل :
ثم فيه بضائع موجودة بالسوق ومعروفة من صاحبها أنه رافضي هل يحذر الناس منه فيقال لا تشتروا هذه البضائع حتى أنهم ما يدعمونه حتى ما يكون له دعم؟
الجواب:
هذا محل نظر. الشراء من الكفرة جائز والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود اشترى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله, لكن يبين له عقيدتهم حتى لا يتخذهم أصحاب ولا رفقاء. أما كونه يشتري منهم شيء إذا دعت الحاجة لشرائه الأمر سهل. ولا يواليهم ويأكل طعامهم ولا ذبيحتهم وذبيحتهم محرمة.
فقال السائل: يكون أولى لو أشترى من غيرهم؟
فأجاب الشيخ: المقصود الحذر من الموالاة والمحبة أو التساهل معهم أو تمرير أعمالهم والتساهل فيها، يبين للناس كفرهم وضلالهم بأن هذه من أعمالهم.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا السؤال: يوجد مشروب يسمى مشروب الكولا تنتجه شركه يهودية فما حكم شراء هذا المشروب وحكم بيعه وهل هذا يكون من التعاون على الإثم والعدوان أو لا؟
أجاب فضيلته رحمه الله: ( ألم يبلغك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أشترى من يهوديا طعام لأهله ومات ودرعه مرهونا عند هذا اليهودي , ألم يبلغك بان الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الهدية من اليهود , وألم يبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهودي.....).
فتوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
السؤال:
فضيلة الشيخ وفقكم الله ، يكتب في الصحف هذه الأيام الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية وعدم شراءها وعدم بيعها ومن ذلك ماكتب في هذا اليوم في إحدى الصحف من أن علماء المسلمين يدعون إلى المقاطعة وأن هذا العمل فرض عين على كل مسلم وأن الشراء لواحدة من هذه البضائع حرام ، حرام وأن فاعلها فاعلٌ لكبيرة ومعين لهؤلاء ولليهود على قتال المسلمين فأرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة للحاجة إليها وهل يثاب الشخص على هذا الفعل؟
الجواب:
أولاً: أطلب صورة أو قصاصة من هذه الجريدة ومن هذا الكلام الذي ذكره السائل . ثانياً: هذا غير صحيح. العلماء ما أفتو بتحريم الشراء من السلع الأمريكية ، والسلع الأمريكية مازالت تورد وتباع في أسواق المسلمين ، ولاهو ضار أمريكا إذا منك ما أشتريت منها من سلعها ماهو ضارها هذا ، ماتقاطع السلع إلا إذا أصدر ولي الأمر إذا أصدر ولي الأمر منعاً ومقاطعة لدولة من الدول فيجب المقاطعة أما مجرد الأفراد أنهم يبون يسوون هذا ويفتون فهذا تحريم ما أحل الله لايجوز.
وختاماً أقول والعون من الله سبحانه وحده لا شريك له,
المسلم له في خاصة نفسه أن يتعامل مع الكفار وله أن يترك التعامل معهم ولكن لا يجعل الفعل أو الترك قربه وطاعه يتقرب بها الى الله سبحانه ولكن يفعله مباحاً كما فعله رسول الهدى بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام, وأن ترك التعامل لا يدعو الناس الى ذلك الأ أن يأمر ولي الأمر بذلك فيجوز له حث الناس على هذا الفعل لأنه بطاعة ولي الامر هو يتقرب الى المولى عز وجل لا بترك التعامل معهم, والله أعلم
وصلي اللهم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تعليق