تفجيرات الجزائر
بســـــم الله الرحمن الرحيـــــم
هذه خُطبة ألقاها الشيخ الدُكتور محمد بن موسى آل نصرحفِظه الله والتي قمتُ بفضل الله تعالى بتفريغها ، وهذا بعض ماقُمتُ به :
1 ـ حذفُ بعضَ الكلِمات ، مِثل المكرّرة .
2 ـ تَشكِيل النَّص أو بعض (لما تقتضيه الحاجة)كما سمعتهُ مِن الشيخ ـ حفظه الله ـ
3 ـ مراجعة الآيات وكتابتها كما هي مَرسُومة في المصحف ، كذلك بالنسبة للأحاديث .
4 ـ يبقَى أن أُشِير أنَّ الكَلِمة التي تحتهَا خَط فهي غير مُتأكِّد مِن صِحتهَا والثانية التي بين قوسَين لم أعرِفُهَا .
هذا وأرجوا من الله سبحانه وتعالى أنْ يَكتُب لي الأجرَ قَدرَ ما يستفِيدُ وينتفع به المسلمون مِن هذا العمل ، ومَن سَاهمَ أيضًا في
نشرِه .
عنــوان الخطبة : تفجيــرات الجزائر
الشـيخ : محمدبن موسى آل نصر ـ حفظه الله ـ
وقــت الخطبة : 27 دقيقة
التفريـــــــغ :
إنّ الحَمدَ لله ، نحمَدُه ونستعِينُهُ ونستغفِرُهُ ، ونَعُوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنا وسّيِئَاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ الله فَلا مُضِّلَ لهُ ومن يُضْلِل فلا
هاديَ لَه ، وأشهَدُ أنَّ لا إلهَ إلا الله وَحدَه لا شرِيك له وأشهدُ أنَّ محمدٌ عبدُه ورسُولُه .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي
تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً ﴾
أمَّا بعدُ :
فإنَّ أصدَقُ الحديثِ كَلامُ الله وخيرُ الهديِ هَديُ محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشرّ الأمورِ محدَثاتها كلّ مُحدَثةٍ بِدعة وكل بِدعةٍ
ضَلالة وكل ضلالةٍ في النار .
أيّها الإخوةُ المُؤمِنون : في كلِ يومٍ نَسمعُ عن تَفجِيرٍ وتَدمِيرٍ وقَتلٍ وخَرابٍ وتَروِيعٍ للآمِنين وقتلِ الأبرِياء في بلادِ المسلِمين ، حتَى لم
تسلم بلادُ الحرَمين ولم يَسْلم بَلدُنا هذا الآمِن مِن أفعالِ هؤلاءِ القَتلة المُجرِمين الذينَ لا يرحَمُون الخَلقَ والخلِيقة ، وكان آخِرُها تفجيرٌ
في بلاد المَغرِب ـ تَفجِيرٌ في الجزائِر العاصِمة ـ وقَبلَهُ في الرِباط عاصمةَ المغرِب ، فلماذا هذا يا عِبادَ الله ؟ وما هِي دوافِعُ هؤلاء ؟ وما
هِيَ أغرَاضهُم ؟ وماذا يَهدِفُونَ من وراءِ ذلك ؟ ولماذا يستَحلُّون قتلَ الأبرياء ؟ .
هذه أسئلَةٌ تتَرددُ في النُفُوس وعلى ألسِنَةِ الناس ، وهُم يظهَرونَ أمامَ الناس على أنّهُم حَمَلةُ الإسلام ، وعلى أنهُم حُماةُ الدِين ،
ويُسَمُون هذِه الأعمَال بِأَسماءَ شريفَة كغزوةِ بدر وغزوَةُ بدرٍ مِن ذلِك بَرَاء ، غَزوةُ بَدر كانت في مُقابلَة الرسول ـ صلى الله عليه
وسلم ـ وأصحَابِه مع أبي جَهل وجُندِهِ وحِزبِه ، لا في أرضِ الإسلام ولا في بلادِ المُسلمين الآمنَة ، إنهم يُسَمُّونها بِغَيرِ اسمها ظُلمًا وزورَ
إنهم يَفعَلُونها باسم الإسلام ، والإسلام مِن ذلِك بَرَاء ، إنهم يَفعَلُونها باسمِ الجِهاد وحاشَا أنْ يكُون ذلِك جِهاداَ ، حَاشَا لله أن يكونَ
قَتلُ الأبرِياء وقَتلُ الآمِنِين والمُستأمَنِين ، حَاشَا للهِ أن يَكُون جِهاداَ ، إنَه ليسَ من الجِهادِ في شيء ، حَاشَا لله أن يكون الانتِحار وقَتلُ
النَفس بهذِه الشناعَة و البشَاعَة مِن الجهادِ في شيء ، لكِن يَا عِبادَ الله إنها غُربَة الدِّين ، إنهُ الجهل الذي استشرى في الأمَة ، إنّها قَلب
الحقَائق .
ماذا يُرِيدُ هؤلاء ؟ أَلَم يَسمَعُوا بِقَولِ الرسُول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حَرَام ، دَمُهُ ومَالُهُ وعِرضُه﴾ ألَم
يَسمَعوا قولِ رسُولِنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ﴾ فَهل سلمَ المًُسلِمون مِن ألسِنَتهم حِينَما
كفّروا الحُكومات والمُجتَمعات والشُركة والمُوظّفِين واستَباحُوا سَفكَ دِمائِهِم واستَباحوا قتلَهُم ، ولم يسلَم المُسلِمون من أيدِيهِم
فأيدِيهِم ملَطَّخة بالدِماء ولَيتَها ملطَّخة بِدِماءِ الكافِرين والمُحاربِين والمُعتدين والظالِمين لكَانَ هذا التَلَطُّخ شرفٌ لهُم ، ولكِنّها مُلطّخة
بدِماءِ الأبرِياء والآمِنِين والنِساء والأطفَال والشُيوخ ﴿المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ والمُؤمِنُ من أمِنَهُ الناسُ على دِمائهم
وأعراضِهم ﴾ فهل أمِن الناس على دِمائهم وأعراضِهم مِن جرَائِمِ هؤُلاء ؟ لا واللهِ ، إنهُم كانوا يَتَنَكّرُون بِزيّ الشُرطة والجيش
ويُوقِفون السيارات في أماكِن نائية ويُنزِلون النِساء والعَواتِق والأبكَار ويَأخُذُوهُنَّ إلى الجِبال كسبايَا والعِياذُ بالله ، ويَستَبِيحون
لأنفُسِهم الزِنا بِبَناتِ المُسلِمين والعِياذُ بالله ، ويَقتُلون ولا يرقُبونَ في مُؤمِن إلًا ولا ذمة ، ما الذي يَحمِلُهُم على هذِه القَسوَة ؟ وما
الذي يَحمِلُهم على هذِه الجرائِم ؟ إنَهُ الفِكر القدِيم الجدِيد المُتجدِد ، إنَهُ الفِكرُ الخارِجي التَكفيري لأنهُم ما استَباحوا دِماءَ هؤلاء إلا لمّا
حَكَموا عليهِم بالكُفرِ والرِدة ، فعِندا هؤلاء دِيارُ المُسلِمين كلُها ديارُ حرب لأنها لا تحكُم بالإسلام ولأنها توالِي الكفار فكفَّروا
المُجتَمعات والحكومات وكفروا الأنظِمة والمُوظفين الذينَ يَشتغِلون في الحُكُومات لأنهُم أعوان لهم ، وما عَلِم هؤلاء أنهُ لا يجوزُ تكفيرُ
مسلِمٍ إلا بتوفُر شروطٍ وانتفاء موانع وأنهُ ما لم ينقُض شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمد رسولُ الله فإنهُ لا يُكفَّر وإنهُ معصومُ الدّم لا
يجوزُ سفكِ دمِه ولا نَهب مالِه ولا الاعتداء على عِرضه لقولِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حَرَام ﴾ ثم إنهُم
جهلة كمَا وصَفهُم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قديمَا ﴿حُدَثَاءُ أسنَان سُفَهاءُ أحلام﴾ ومسألَةُ التكفِير تحتَاجُ إلى أئمة راسِخين في
الدّين ليسَ هؤلاء ، ولعلكم رَأيتُموهم هؤلاء الذينَ فَجَّروا أنفُسَهم ـ صبيَ صِغار ـ دونَ العِشرين ، بل ربمَا لم يتَجاوَز أحدُهم السابِع
عشرة ، بُرمِجوا وغُرّرَ بهِم ، غُسِّلت أدمِغَتُهم فأصبَحوا قنابِل موقُوتة ، ثم وُجِّهوا وقيلَ لهُم : إنّ هذا العمَل شهادة وإنّ هذا العمل
بُطُولة وإنّ هذا العملَ جِهاد ، وانظروا إلى هذا التوقِيت يا عبادَ الله لتعلَموا أنّ هناكَ مؤامرَة حقِيرة و خبيثَة ، أعلنَت دُولُ الكُفر
والطغيان عن إنشَاء قِيادَة موحّدة في إفريقيَا ، ثم تَأتِي هذِه التفجِيرات مُتاخِمة لحُدُود بلادِ الغرب ليفزَع الغرب ويَقُول إنّ ناقُوس
الخطَر قد دقّ بلادِنا ولِهذا يَجب أن نتدَخّل في شُؤون هذه البُلدان بدعوة مُكافَحَة الإرهاب واستئصالِه ، فكَم أعطى هؤلاء الجهلَة
الطُغَام أعداءَ الإسلام مبَرِرَات في احتِلال أرضِ المُسلِمين ، هل سَقَطت أفغانستان إلا مِن وراءِ الحماقَات وهل سقطت العراق أيضا ؟
وهل تَدُخُل الدُول الغربية في دارفُور وفي الصُومال وفي لُبنان ومُستقبلا في المغرِب العربي والعِياذ بالله إلا من وراءِ هذه الأفعَال
الرَعنَاء .
الحَمَاسَة لا تكفي يا عبادَ الله ، لابُد من التعُقُّل والحِكمة ، لا بُدّ العودة إلى الله ، لا بدّ من الكوابِح الإيمانية التي تَكبَح التَهور ، هل
أصبَحت بِلاد المُسلمين خَنَادِق قِتال ، تَركوا اليهود وتركوا أعداء الله في ميَادِين القتال واشتَغلوا بالمُسلمين ، تمامًا كما أخبر النبي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنهُم قديمَا حيثُ قال ﴿يَقتُلُون أَهلَ الإسْلام وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأوْثَان ﴾ هذا شَأنهُم لأنّهم يقُولون لأنّ هؤلاء
البدءُ بِهِم أولى ، هؤلاء هُم أعوانُ الكفار ولِهذا نبدأ بِهِم وما يعلَمُ أنهم بأفعالِهم هذه الخرقاء يَجلِبون أعداء الإسلام لاحتلال بِلادِ
المُسلمين ، وكمَا قالَ بعضُ أهلِ العلم ﴿لا للإسلامِ نصَروا ولا للكُفر كسَروا﴾ أقولِ قولِ هذا واستغفر الله . .
الحَمدُ للهِ ربّ العالمِين وأفضلُ الصةِ وأتَمُّ التسليم على المبعُوثِ رحمةً للعالمين وعلى آلهِ وصحبِهِ الطيبين الطاهِرين .
إنّ هذِه الأفعَال الشَنِيعَة ، وهذِه الجرائِم القَبيحَة إنه ليندى لها الجَبِين وتَقشَعِرُ منها الأبدَان ، إنها جرائِم ما أنزَل الله بهَا مِن سُلطان ،
ليست مِن اللهِ في شيء ، فالإسلام حرّمَ الضِرَار قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ﴿لا ضَرَرَ ولا ضِرَار﴾ وهذا فيهِ إضرارٌ بالمُسلِمين ،
الإسلام حرّمَ إيذاء الآخَرين فكيفَ بالمُؤمِنين وكيف بالمُسلمين ، الإسلام دينُ رحمة وهذِه الأفعال تتنافى مع الرحمَة والنبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ يقول ﴿مَن لا يَرحَمْ لا يُرْحَم﴾ ويَقول ﴿إنَّ الرحمَةُ لا تُنزَعُ إلا مِن شَقي﴾ وهؤلاء أشقِياء إذ استَهدَفوا المُسلِمين وروعوا
الآمنِين وأخَافوا الناس والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ﴿فَكَيْفَ بِرَوعَةِ المؤمِن﴾ وأيضًا زَعزعُوا أمنَ البِلاد وأخافوا العباد ضربٌ
من أعظَمِ الفسَاد قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾ فأيُّ فسادٍ أعظمُ من هذا الفساد
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ﴾ هذه عقوبتهُم في الدُنيَا
مع الخِزي ، ومع ما أعدُّ الله لهم مِن عذابٍ ألِيم الآخِرة عياذاً بالله .
فأقُول لِقادة أولئكَ الشباب الضالِينَ المُضلين : اتقوا الله في شَبابِ الأمة ، لا تُغَرروا بِهم ، لا تُلقوهُم في جهَنم ، لا تَقتُلُوهُم وتقتُلوا
المُسلمين بِهم .
اتقوا الله ، فالشَهيد هو الذي يَلقَى العَدو الكافِر المُحارِب بصبرِه ، لا يُفجر نفسه في الآمِنين ، لا يقتُل قتلا عشوائِيًا لا يفرِق فيه بينَ
شيخٍ ولا بين امرأة ولا طِفل ولا بينَ مُحارِب ومُسالِم ولا آمِن ولا مُستَأمَن ، الشَهِيد لا يَغدُر فلم يَكُن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
غَداراَ ، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذَا هَاجَمَ قوماً انتَظَر حتى يسمَع الأذَان ، فإذا سمِع الأذان كفّ عنهم ولا يُغِر عليهِم وما في
بلد إلا يُقام فيهِ الأذان وتُرفعُ فيهِ شعائرُ الله حتى معَ تطبيقِ القوانِين الوَضعِية ، وتكفِير الحاكم لا يجوز إلا إذا تبرأ من الإسلام عَلانِية
وطعن في الإسلام علانِية وسَخِرَ من الإسلام وبُيِّن لهُ وناظَرَهُ العُلَماء وأقاموا عليهِ الحُجَّة ، ثم لا بدّ من القُدرة .
فلِهذا لا يَنبغي أن نُعينَ الشياطِين على بِلادِنا وحُكامِنا ، علينا أن نعينَهُم على شياطِين الإنسِ والجان لا أن نُعين الشياطينَ عليهِم ،
علينَا أن لا نَكُن أسبابًا وأدوات في زعزَعةِ أمنِ بلادِنا ، فالأمنُ من الإيمان ولولا الأمن ما استطعتُم أن تُصلوا في هذا المسجِد ولا
استَطاع غيرُكم أن يَصِل إلى بيتٍ من بيوتِ الله ، ولا أن يصِل رحِماً ، ولا أن يذهَب إلى سوق ليقضيَ لهُ حاجة ، هناك بُلدان قريبة
منكُم إذا ذهَب أحدُهم ليشتَري شيئًا من سوق خاص أن يرجِع يُحمَل أشلاءً أن يُجَمَّعَ لَحِمًا وعِظامًا مفتتة .
فاحمدوا الله يا عباد الله على ما منَّ الله بهِ عليكُم من نِعمةِ الأمن ، هذِهِ النِعمة التي لا تَدُوم إلا بالإيمان ، فإذا ضاعَ الإيمان فلا أمن ،
ولِهذا نقول لدولِنا العربية والإسلامِية ولحُكامِنا هداهُم الله ووفقهُم الله : أحيوا الإيمان في الأمة حتى يستَتِبَّ لكم الأمن لأنّ الله عزّ
وجلّ يقول ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ .
مهما جيّشنا مِن الجُيوش ومهما أعدَدنا من الإعدَادات المادية والحِسية والتِقنية والمُراقبة وأجهِزةِ الإنذَار المُبَكِر وغيرُ ذلِك ، إذا لم نُحي
الإيمان في النُفوس الذي يكبح جماح النُفوس ويُوقِفُها عند حُدود الله ، لا يُمكن أن يقوم أمنٌ في بلادِ المُسلِمين ، ولِهذا حاجَتُنا إلى
الإيمان أشدُ مِن حاجَتِنا إلى الطعامِ والشرابِ ، ولِهذا حينما أقصت الدول العَربية والإسلامِية الإسلام وجَعَلتهُ على الرُفُوف دفعت ثمنًا
باهظاً ، لأنّ من نصرَ دينَ الله نصَرَهُ الله ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ ومع كلِ ذلِك فليسَ هناكَ ما يبرِرُ لهؤلاء القتَلَة
والتَكفِيريين أن يخرُجوا بالسلاح ، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ﴿مَن حَمَلَ عَلَيْنَا السِلاح فَلَيسَ مِنّاَ﴾ من قتل نفسهُ بحديدة
فهو يتوجّأُ بِها في بَطنِه في نارِ جَهنم خالداً مُخلداً يومَ القِيامَة ، لزَوالُ الدُنيا أهونُ عندَ الله مِن قتلِ رجلٍ مُسلِم ، نظر عُمَرُ إلى الكعبَة
فقال ﴿ما أعظَمَكِ وما أعْظَمَ حُرمَتَكٍ عِندَ الله غَيرَ أنّ حُرمةَ دَمِ المُسلِم أعظَم عِندَ اللهِ مِنك﴾ .
فَعلينا أنْ نتقي الله وأنْ نحذَر هؤلاء أنْ لا يَنْدَسُّ إلى بُيوتِنا ، نحذر هؤلاء على أنْ يَلعَبوا بِعقولِ أبنائنا ، أنْ تنظُر لابنك مَن يُماشي
وماذا يقرَأ ، إني أخشى على الشَباب مِن الفكرِ التكفيري ، لقد أشغَلُونا هؤلاء عن أعدائنا الظاهِرين من يهُود ونصارى ومُحاربين
ومنافقين ومن باطِنيين ، يقتُلون المُسلمين شرّ قِتلَة ويُريدون بثّ سُمُومهم في المنطقة لحربها على الصراط المُستقيم وإتباع سبيلِ المُجرِمين
لا إتباع سبيلَ المُؤمنين الأولين مِن الصحابة والتًابعين وأتباعِهم إلى يومِ الدّين ، فاتقوا الله عبادَ الله واعلموا أنّ هذه الأعمالِ والجرائِم
ليسَت من الإسلامِ في شيء وليست من الدّين في شيء والإسلامُ منها بَرَاء ، فعليكُم بما كان عليهِ المُصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وأصحابُه الكِرام وآلُ بيتهِ الطاهرِين ، عليكُم بالعلم فإن العلم هو البصيرة ، إنّ العلم واللجوء إلى العُلماء في أيامِ الفِتن هُو المُعتَصم
مِن الفِتن هو المُخرج من المِحَن هو الذي يَقِينا هذه الأفكار الخبيثة الضالة المُضلة التي سَتَجلِبُ لبلادِ المُسلمين الذُل والصهار والعار
والشنار وستُعطي مُبَرِرَات لأعدائِهم أن يتسلطوا عليهِم وأن يُقاتِلُوهم باسمِ الإسلام فيضطّر كثيرٌ مِن المُسلمين إلى ان يتعاوَنوا مع
أعدائهِم بِأنهم أرحَم مِنهم بزعمِهم ضِد هؤلاء القتلة وكذلِك يفعلُون .
اللهم اغفر للمسلِمين والمُسلمات والمؤمِنين والمُؤمنات ، أحيائهم وأمواتهم ، اللهم ومن أراد بالإسلام والمسلمين خيرًا فوفقهُ في نفسِه
ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرا فاشغلهُ في نفسه واجعل تدبِيرهُ تدميرهُ يا ربّ العالمين . . .
الحمدُ لله رب العالمين وصلى الله على نبينا وسلم .
قــام بتفريغــه:
حيـــدر
ـ غفر الله له ولوالديه ـ
والسلام عليكم
تعليق