التنبيه على خطأ قول من جزم بما يفيد أن قتلى الأحداث شهداء وأنهم في الجنة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد تردد على ألسنة بعض الدعاة إلى الله – بمناسبة الأحداث الواقعة في بعض الدول – ما يفيد الجزم بأن قتلى هذه الأحداث شهداء وأنهم في الجنة...
فرأيت لزاماً على مثلي أن يُذكِّر هؤلاء وعامة المسلمين بالأمور الآتية:
الأول: أن من أصول أهل السنة والجماعة المبنية على الدلائل القطعية المحكمة من الكتاب والسنة, والذي كان عليه السلف الصالح من الأمة أنه لا يُشهد لمعيَّن من شخص أو جماعة بجنة أو نار إلا من شهد له الله ورسوله ذلكم لأن الجزم لشخص أو جماعة بالجنة أو النار نوع من الحكم بالغيب؛ فإن حقيقة باطن الشخص وما مات عليه لا يحيط به إلا الله تعالى ولا يخبر عن الغيب إلا الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته تبليغاً عن ربه؛ كالإخبار عن العشرة المبشرين بالجنة ونحوهم ممَّن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن الشخص قد يكون على حال حسنة ثم يختم له بخلاف ما كان عليه؛ لحديث: فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار.. وقد قال الصحابة رضي الله عنهم في إحدى الغزوات: ما أجزأ منا أحد ما أجزأ فلان - يعنون في الحرب وإثخان المشركين - فقال عليه الصلاة والسلام: أما إنه من أهل النار .. فاتُّبع بعد ذلك فرؤي أنه مات على عملٍ من أعمال أهل النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال : قم فأذن في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " متفق عليه.
وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" لهذا الحديث بقوله: "باب: لايقول: فلان شهيد".
الثالث: أن الناس قد يهلكون مهلكاً واحداً وهم متفاوتون في النية والحكم والمصير؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في الذي يخسف بهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم: ((يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم)).
الرابع: أن الأحداث التي أُفتي لهم فيها أن قتلاهم في الجنة فيها نصارى وفيهم عبدة القبور وفيهم ملاحدة مبغضون لشرائع الله مضادون لها وأفراد القتلى ليسوا معروفين بأعيانهم لدى من شهد لهم بالشهادة والجنة كي يخصوا من بين المجموع استئناساً بحديث: ((من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة.. إلخ)). مع ضعف الاستدلال به في المسألة محل البيان.
الخامس: أن من ينتسب إلى العلم والدعوة والفتيا أحق الناس بأن يتأدب بالأدب الرباني الذي أدب الله تعالى به عباده وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم تبليغاً عن ربه كقوله سبحانه ﴿ ولا تقفُ ما ليس لك به علم ﴾ وقوله جل شأنه: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ﴾، وقوله جل وعلا: ﴿ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ﴾، مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث)).
وإذا كان هناك من أهل الإسلام من قُتل في جهاد في سبيل الله, أو دفاعاً عن نفسه أو أهله وماله, فيمكن أن يقال: نرجو أن يكون شهيداً, أو نسأل الله أن يكون شهيداً, من غير جزم بذلك.
بل إن الحدث الذي قيل هذا القول بمناسبته من الأحداث التي يجب أن تحكم فيه أصول أهل السنة والجماعة حتى لا يكون المشارك فيه والمؤيد له من أهل البدعة والضلال.
نسأل الله تعالى الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته، والعصمة من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يكف عن أهل الإسلام بأس الذين كفروا والذين نافقوا؛ فإنه تعالى أشد بأساً وأشد تنكيلا، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وعلى آله وصحبه..
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد تردد على ألسنة بعض الدعاة إلى الله – بمناسبة الأحداث الواقعة في بعض الدول – ما يفيد الجزم بأن قتلى هذه الأحداث شهداء وأنهم في الجنة...
فرأيت لزاماً على مثلي أن يُذكِّر هؤلاء وعامة المسلمين بالأمور الآتية:
الأول: أن من أصول أهل السنة والجماعة المبنية على الدلائل القطعية المحكمة من الكتاب والسنة, والذي كان عليه السلف الصالح من الأمة أنه لا يُشهد لمعيَّن من شخص أو جماعة بجنة أو نار إلا من شهد له الله ورسوله ذلكم لأن الجزم لشخص أو جماعة بالجنة أو النار نوع من الحكم بالغيب؛ فإن حقيقة باطن الشخص وما مات عليه لا يحيط به إلا الله تعالى ولا يخبر عن الغيب إلا الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته تبليغاً عن ربه؛ كالإخبار عن العشرة المبشرين بالجنة ونحوهم ممَّن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن الشخص قد يكون على حال حسنة ثم يختم له بخلاف ما كان عليه؛ لحديث: فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار.. وقد قال الصحابة رضي الله عنهم في إحدى الغزوات: ما أجزأ منا أحد ما أجزأ فلان - يعنون في الحرب وإثخان المشركين - فقال عليه الصلاة والسلام: أما إنه من أهل النار .. فاتُّبع بعد ذلك فرؤي أنه مات على عملٍ من أعمال أهل النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال : قم فأذن في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " متفق عليه.
وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" لهذا الحديث بقوله: "باب: لايقول: فلان شهيد".
الثالث: أن الناس قد يهلكون مهلكاً واحداً وهم متفاوتون في النية والحكم والمصير؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في الذي يخسف بهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم: ((يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم)).
الرابع: أن الأحداث التي أُفتي لهم فيها أن قتلاهم في الجنة فيها نصارى وفيهم عبدة القبور وفيهم ملاحدة مبغضون لشرائع الله مضادون لها وأفراد القتلى ليسوا معروفين بأعيانهم لدى من شهد لهم بالشهادة والجنة كي يخصوا من بين المجموع استئناساً بحديث: ((من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة.. إلخ)). مع ضعف الاستدلال به في المسألة محل البيان.
الخامس: أن من ينتسب إلى العلم والدعوة والفتيا أحق الناس بأن يتأدب بالأدب الرباني الذي أدب الله تعالى به عباده وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم تبليغاً عن ربه كقوله سبحانه ﴿ ولا تقفُ ما ليس لك به علم ﴾ وقوله جل شأنه: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ﴾، وقوله جل وعلا: ﴿ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ﴾، مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث)).
وإذا كان هناك من أهل الإسلام من قُتل في جهاد في سبيل الله, أو دفاعاً عن نفسه أو أهله وماله, فيمكن أن يقال: نرجو أن يكون شهيداً, أو نسأل الله أن يكون شهيداً, من غير جزم بذلك.
بل إن الحدث الذي قيل هذا القول بمناسبته من الأحداث التي يجب أن تحكم فيه أصول أهل السنة والجماعة حتى لا يكون المشارك فيه والمؤيد له من أهل البدعة والضلال.
نسأل الله تعالى الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته، والعصمة من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يكف عن أهل الإسلام بأس الذين كفروا والذين نافقوا؛ فإنه تعالى أشد بأساً وأشد تنكيلا، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وعلى آله وصحبه..
تعليق