الحيــــاء
أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عباد الله، شأن الأخلاق في الإسلام شأن عظيم فالأخلاق من الإيمان وأكمل المؤمن إيماناً أحاسنهم أخلاق وأحسنه خلقاً أقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم منزلة يوم القيامة وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الغاية من مبعثه تتميم مكارم الأخلاق "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقد تظاهرت نصوص الكتاب والسنة إلى الدعوة إلى محاسن الأخلاق والنهي عن مساوئها وأثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة حسن خلقه.
أيها المسلم، وإذا كانت الأخلاق معيار الإيمان وعلامته فإن معيار الأخلاق وعلامتها الخلق الكريم الحياء فهو الخلق كله والخير كله.
أيها المسلم، إن الحياء خلق إسلامي عظيم من تخلق به نال السعادة في الدنيا والآخرة ولهذا الحياء فضائل فمن فضائله أنه الخير كله يقول صلى الله عليه وسلم: "الحياء خير كله"، وقال: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، وحقيقة الحياء طاعة الله جل وعلا وامتثال أمره واجتناب نهيه ومن فضائل الحياء أنه ينهاك عن رذائل الأخلاق وسقيط الأفعال يقول صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فأصنع ما شئت"، فإذا لم يكن حياء فعلى الإنسان ما أراد ولا يبالي بأي ذنب أو رذيلة وقع فيها ومن فضائل الحياء أنه أحد شعب الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان"، فهو يبعث على الخير والفضائل وينهى عن الرذائل ومن فضائل الحياء محبة الله لمن تخلق به يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمه على عبده وإن الله يكره البؤس والتبأس ويبغض الملحف بالسؤال ويحب الحيي العفيف المتعفف"، ومن فضائل الحياء أنه زينة للعبد يقول صلى الله عليه وسلم: "ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه"، ومن فضائل الحياء أن صاحبه يظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ولم عد النبي صلى الله عليه وسلم السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه ذكر منهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله فأستحي من الله وخاف منه وأعرض عن تلك المعصية ومن فضائل الحياء أنه خلق النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله جل وعلا جبله على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، كان يحمل الحجارة في بناء البيت فقال له عمه العباس لو وضعت إزارك على منكبيك لأجل حمل الحجر فلما انكشفت عورته غشي عليه صلى الله عليه وسلم فما رأي بعد ذلك منكشفاً عورته صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلم، إن الحياء في مجالات الحياء كلها وفي تعاملك مع ربك ومع نفسك ومع أهل بيتك ومع عباد الله أجمعين، فأعظم الحياء وأغلى الحياء وأسمى الحياء حياؤك من ربك بأن تمتثل إلى أمره وتجتنب نهيه تعلم أنك تمشي في أرضه وتحت سماءه وكم له عليك من نعم وكم له عليك من فضل أوجدك من العدم ورباك بالنعم ومنحك السمع والبصر والفؤاد وسائر الجوارح فأين حياؤك من الله لا بد أن تستحي منه فهو أحق أن يستحي منه جل وعلا ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "استحيوا من الله حق الحياء"، قالوا: كيف يا رسول الله قال: "تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلاء ومن تذكر الآخرة لم يغتر بزينة الدنيا"، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن من الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى فتحفظ السمع أن تصغي لاستماع ما لا خير فيه ولا منفعة فيه ولا يعود عليك بالخير وتحفظ لسانك فلا تكن مغتاباً ولا نمام ولا ساعياً بفساد ولا دعياً إلى ضلال وتحفظ بصرك فتغضه عما حرم الله عليك من النظر إليه ومن مجالات الحياء أيضا التزام الحشمة في ملبسك فيكون ملبساً فيه تحشم لا ملبس مبدياً للعورات فإن انكشاف العورات من الأخلاق الرذيلة ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي ينادي عام تسع من الهجرة في موسم الحج "ألا لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان"، (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
أيها المسلم، إن الحياء حقاً يمنعك أن تقيم دعوى كيدية لا حجة لك فيها ولا برهان معك فيها ولكن تقيمها إما لتحقق مطلوبك أو بعض مطلوبك وهذا خطأ عظيم فإن حياؤك من الله يمنعك أن تقيم دعوى كيدية لا وصول لك فيها ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من خاصم في باطل لم يزل في سخط الله حتى ينزع"، فإياك أن تقيم دعوى لا حقيقة لها وتدعي ما ليس لك وتحامي عن ذلك فهذا كله مخالف للحياء المشروع، ومن حياء المسلم ألا يفجر في الخصومة فإن البعض من الناس عندما يكون بينه دعوى وبين آخر يحاول أن يفجر في خصومته فيبحث عن عيوب الإنسان المستترة ومن لا يعلمها إلا الله أو اطلع بشيء من هذا فيحاول نشر معائبه ومخازيه بأمر لا علاقة له بالدعوى لكنه من باب تحطيم هذا المسلم وتقليل من شأنه ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما عد خصال المنافق قال: "وإذا خاصم فجر"، أي إذا خاصم أحد فجر في خصومته فأفترى الأكاذيب والأباطيل وبحث عن العيوب المستورة لإضعاف ذلك أمام الآخرين.
أيها المسلم، حياؤك يمنعك أن تقيم شهادة باطلة تشهد بالزور وتقيم شهادة باطلة لا حقيقة لها تراعي وتجامل بعض الناس فتشهد معه على باطل وتشهد معه على خلاف الحق وهذا كله خطأ فإن الله أمرنا بقوله: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ)، فإقامة الشهادة على باطل وزور هذا كله من كبائر الذنوب (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
أخي المسلم، حياؤك يمنعك أن تسأل الناس وأنت غير محتاج فإن ذل المسألة ذل عظيم اسأل الله من فضله فمن سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليتق الله أو ليستكثر وذوو الحياة يمنعه ذلك كما قال جل وعلا في هؤلاء في قوله جل وعلا في وصفهم والثناء عليهم: (تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً).
أيها المسلم، حياؤك يمنعك الطمع فيما بأيدي الآخرين والاكتفاء بما قسمه الله لك ولا تحاول الطمع في أموال الآخرين بالحيل الباطلة والأكاذيب حياؤك أيها المسلم يمنعك من البخل على نفسك وعلى من تحت يدك فيحملك الحياء على الإنفاق في المعروف من غير إسراف ولا تبذير حياؤك أيها المسلم يمنعك من التكبر والتعاظم على عباد الله يذكرك نفسك ووضعك فأتق الله ولا تتكبر على عباد الله ولا تزدريهم ولا تسخر بهم ولا تحتقرهم فنزل الناس منازلهم حياؤك أيها المسلم يمنعك من أن تتبع عورات الناس وتبحث عن زلاتهم وهفواتهم فهذا شيء لا يعنيك ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه حياؤك أيها المسلم يمنعك أن تستغل أي مجلس تجلس فيه بالأباطيل والأكاذيب وإضحاك الآخرين والأقوال الباطلة وترويج الأكاذيب التي لا حقيقة لها فإنه قد توعد من كذب كذبة تبلغ الآفاق ويل لمضحك القوم.
أيها المسلم، حياؤك يمنعك من الأيمان الفاجرة الكاذبة التي لا حقيقة لها حياؤك يمنعك من أكل أموال الناس بالباطل حياؤك يمنعك من الغش والتدليس وظلم العباد حياؤك أيها المسلم يمنعك من أن تفشي أعمالك السيئة التي سترها الله عليك فتنشرها بين الناس دعياً إليها ومستبشراً بها في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافا إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عمله بالليل فيستره الله فيصبح ويقول يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا"، بات يستره ربه وأصبح يفضح نفسه هذا دليل على قلة الحياء وانعدام الخير من ذلك الإنسان، حياؤك أيها المسلم يمنعك أن تفشي أسرار زوجتك أو تبدي ما بينك وبينها وإذا فارقتها بطلاق أو غيره تنشر معائبها وتكشف عن أسرارها التي لا داعي لها ولا مصلحة لك منها أو الزوجة تكشف أسرار زوجها وتنشر أسرار زوجها وكل هذا مما لا حقيقة له ولا فائدة منه فالحياء يمنعك من هذا كله قال جل وعلا: (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، حياؤك أيها المسلم يرشدك بالحوار والنقاش أن تكون مؤدباً فيما تناقش مؤدباً فيما تلاحظ على الآخرين بأدب واحترام لا تنتقص من حقهم ولكن توضح الحق وتبين الحق من غير انتقاص ولا ازدراء بالآخرين ولا تعل عليهم ولكن هدفك الحق وقصدك الحق حياؤك أيها المسلم يدعوك إلى احترام الكبير ورحمة الصغير وعدم التعالي على الآخرين حياؤك يدعوك إلى بر الأبوين والإحسان إليهما وأن تكرمهما وألا تجعل خلقك طيباً مع الآخرين سيئاً مع الأب والأم بل كن مع الأب والأم مطيعاً سامعاً مطيع فهذا الحياء الطيب الذي يغمرك بالبر والإحسان ويمنعك العقوق والإساءة حياؤك أيها المسلم يدعوك أن تنزل الناس منازلهم وتعامل كل على قدره بأدب واحترام هكذا الحياء الذي إذا تحلى به المسلم نال الخير كله وصدق رسول الله الحياء لا يأتي إلا بالخير وصدق إذ يقول "الحياء خير كله".
أيها المسلم، أيها المؤمن، من الله عليك بصحة البدن وكمال القوى فإياك إياك أن تضيع تلك القوة في غير طاعة الله استعمل قوتك ونشاطك في طاعة الله جل وعلا تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
أيتها المرأة المسلمة، إن من كمال حيائك تقوى الله ولزوم أدب الشرعي والحجاب الشرعي والبعد عن السفور والبعد عن الخروج في الأسواق بالتبرج ولبس ما لا يتم ستر الجسد كله فأتق الله في نفسك واتق ربك أيها الرجل فأحمل امرأتك على الخير وادعها إلى اللباس الشرعي وحذرها من كثرة مخالطة الرجال والتحدث بما لا فائدة فيه.
أيها المسلم، حياؤك يمنعك من أن تستغل أموال الأيتام والقاصرين فتضيع أموالهم وتأكلها ظلم وعدوان حياؤك يمنعك من أن تجلس الليل الطويل أمام بعض المواقع وبعض القنوات الفاسدة التي تعيش كل ليلة تنشر الرذيلة وسقيط الأخلاق فحياؤك يمنعك من مشاهدة هذه الأمور ويدعوك إلى أن تربي أولادك من ذكور وإناث إلى البعد عن هذه المناظر المشينة الخادشة للأخلاق والحياء.
أيها المسلم، اتق الله فالحياء خير والحياء لا يمنع من الحق (وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ)، أما الخجل من الحق فهو مذموم فعلى المسلم أن يتق الله ويلزم الحياء المطلوب وينطق بالحق في حدوده ويكون متمسكاً في فضائل دينه أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الثبات والاستقامة إنه على كل شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله، كل صاحب ضلالة وكل صاحب مبدأ خبيث وكل من في قلبه غنى عن الأمة وكل من يحمل حقداً على المجتمع المسلم هو لا يثير حقيقة أمره ولا يبين للناس حقائق أمره لأنه لو نشر ذلك لكن الرد حاضر ولكنه يلبس ضلاله وفساده بثوب الإصلاح أحيانا يجعل فساده وضرره ومخططه سيئة يجعلها إصلاحاً ويقول إنه يدعو إلى الإصلاح وهذا المبدأ الخطير هو خلق المنافقين وخلق أعداء الدين دائما قال الله عن فرعون أنه قال لقومه: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ)، ففرعون مدع أنه الرب الأعلى يقول لقومه : (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ)، فجعل دعوة موسى إلى الحق ومناداة فرعون بالحق جعله فساد وجعل كبرياءه ودعواه الربوبية جعلها صلاح هكذا الضالون المنحرفون والمنافقون يقول الله عنهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)، فسادهم في الأرض تكذيبهم الله ورسوله فسادهم في الأرض تفريق لجماعات المسلمين فسادهم في الأرض أنهم يد مع الأعداء ضد الأمة فسادهم في الأرض أن أخبار المسلمين تصل من المنافقين المتربصين بهم الدوائر.
أخي المسلم، إننا في هذه الأيام ومنذ أسابيع نشاهد في الحقيقة أمر مهول ونعاني من حملات مسعورة ومن مخططات رهيبة وضعها أعداء الأمة من اليهود وأعوان اليهود وضعوها للنيل من الأمة والانتقام منها وضعوها لأجل تفريق الأمة وتشتيت صفها وإضعاف كيانها وجعلها أمة كما يريدون أمة متخلفة نامية لا تستطيع الوقوف على قدميها إلا بمساعدة أعدائها مخططات رهيبة جدا لها زمن طويل جاءت لتفريق الأمة وللأسف الشديد أن بعض هذه الأفكار تبناها بعض أبناء المسلمين وبعض من يحسب على الإسلام تبنوا هذه الأفكار وظنوها خير وظنوها صلاح وهم لا يعلمون أن الغاية منها الفساد والدمار والخراب لتدمر الأمة بلادها بأيديها وأيدي أعداءها لتقضي على كيانها لتقضي على اجتماعها لتقضي على اقتصادها لتقضي على أمنها لتتركها أمة فوضوية خالية الدستورية لا قائد وآمر ولا ناهي بل الأمة تعيش بالفوضى دائما هكذا الأعداء يريدون وهكذا يبتغون لأنهم يعلمون أن الأمة يداً واحدة مجتمعة الكلمة فلن تستطيع قوة أن تفصم عراها ولا شملها.
أخي المسلم، دعونا إلى مظاهرات يزعمون أنهم يحققون بها إصلاح وأنهم يحققون بها خير والله يعلم إنهم لكاذبون هذه المظاهرات والغوغائيات مردودة في شريعة الإسلام مرفوضة لا قيمة لها ولا خير فيها إن المشترك فيها والمنظم إليها ليعلم أنه يقاتل في سبيل الطاغوت في سبيل الشيطان (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً)، نعم إنهم الشيطان إنها شعارات زائفة جاءت لسفك دماء الأبرياء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال والإخلال بالأمن جاءت لتعقم الأمة وتدمر كيانها وتفسد أخلاقها وتقضي على اقتصادها وتجعل أموالها نهبة للأعداء بأي وسيلة كانت.
أيها المسلم، كم شاهدنا اليوم في بلاد الإسلام من أصيبوا بهذه المصائب بأرض الكنانة وفي الصومال وفي أفغانستان وفي وفي وفي وعد ما تشاء هم من أرادوا التخلص من ظلم ولكن المصيبة أن الظلم جرجر عند التخلص جاء بظلم أعظم من ظلم الذي أراد التخلص منه ذلك أن الأعداء خططوا لذلك وضربوا الأمة بعضها ببعض فتخلخلوا في صفوفها واندسوا من بين أبناءها فسعوا في الإفساد وسعوا في الإضرار وسعوا في إذلال الأمة وأصبح الإعلام الجائر كل مدار الساعة وهو ينقل ويشعل الهمم لهذه البلايا ويصورها بأنها نهضة إصلاحية وأنها وأنها يا أخواني إنها بلاء عظيم لا شك أن فيه ظلم ولكن هذا الظلم بماذا يزال أيزال بظلم أعظم منه أيزال بظلم يعقب ظلماً أعظم منه وفساد ودمار وقتل للأبرياء سفك لدماء الأبرياء ضاعت بلا حق إنها مصيبة عظيمة وبلية كبيرة لو عقلها المسلمون وتدبروا واقعهم وعرفوا مآل الأمور.
أيها المسلم، نحن في هذا البلد المبارك بلد الإسلام والتوحيد هذا البلد الذي هو مأوى الحرمين الشريفين تهوي له أفئدة المسلمين وفيه الحرم الشريف مسرى رسول لله صلى الله عليه وسلم بلد يعتمد العالم به بعد الله في معظم حياته على ما أودعه الله من الخيرات وما أودع فيه من النعمة العظيمة ويحكم بكتاب الله وسنة رسوله وقيادة أرجوا الله لها التوفيق والسداد والعون على كل خير إن أعداءنا لا يرضون ذلك منا لا يرضون أن نعيش هذا الأمن وهذا الاستقرار وهذا الطمأنينة يريدون أن يلحق بركب الآخرين يريدون أن يوصل إلينا المبادئ الهدامة والآراء الضالة والأفكار المنحرفة إننا ضدها كلها في كل وقت إننا ننادي إخواننا وأبناءنا أن من اشترك في هذه الأمور أو أيد أهلها أو تغاضى عنهم أو رأى أن أمرها حسن فإنه ظالم لنفسه وما أصابه من أي مصيبة فهو المتحمل لمصيبته المتحمل لإثمه الساعي في قتل نفسه فليتق المسلم ربهم وليراقبوه وليستحيوا منه ولينظروا نعم الله الذي يعيشونها فيحمدون الله عليها وكل مقيم في هذا البلد من جميع أبناء المسلمين هم مسئولون عن أمن هذا البلد لأن هذا بلد الإسلام بلد التوحيد بلد الحرمين يجب المحافظة عليه والقيادة وفقها الله تسعى جاهدة في ينفع الأمة ولكن الحاقدين يأبون إلا أن يرفعوا شعارات مضللة تحت الغوغاء وكل مجرم ومتربص ومنتهز للفساد فنحن في بلاد الإسلام نرفض كل هذه الأمور ولا نقرها شرعاً ودين ونعتقد أنها فساد وضلال وجلب للمفاسد وتحطيم للمصالح فليتق المسلم ربه وليراقب الله في كل أحواله ولا يجعل نفسه منقاداً مع كل من دعاه ومع كل شعارات رفعها من لا دين له ومن لا خلق ومن لا أمانة عنده ومن يريد بالأمة الضلال والفساد نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق والاستقامة عليه إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ؛ ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبدالله ورسوله محمد، كما أمركم بذلك ربُّكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، ووفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك، وكن له نصيراً في كل ما أهمه، اللهم اجعله بركة على نفسه وعلى مجتمعه المسلم إنك على كل شيء قدير، اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبدالعزيز لكل خير وأمده بالصحة والسلامة والعافية وارزقه التوفيق في قوله وأعماله، اللهم وفق النائب الثاني لكل خير وأعنه على مسؤوليته، اللهم اجعلهم أئمة هدى وقادة خير إنك على كل شيء قدير، اللهم أعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم من نوانا وسائر إخواننا المسلمين بشر فأجعل شره في نحره واجعل تدبيره تدمير عليه إنك على كل شيء قدير (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللهم سقيا رحمةٍ، لا سقيا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]؛ فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكرْكم واشكروه
على عموم نعمه يزدْكم، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.
التحميل
___
__
__
_
من هنا
الموضوع منقول/http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?t=28936