بسم الله الرحمن الرحيم
نعمة السيارات
فإنَّ الله وله الحمد أنعم على أهل هذا العصر بالسيارات التي سهَّلت على الناس السير بسرعة قلَّ بها عناء السفر ، ومشقته ، وتمَّ بها التواصل ، ونقل ما يحتاجه الناس من بلدٍ إلى آخر ، وقد أشار القرآن إلى هذه المراكب إشارةً مجملة في موضعين أشار إلى ذلك في سورة النحل في الآية رقم 8 حين ذكر الله المركوبات بقوله تعالى : ) والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لاتعلمون ( أي من المراكب السريعة ، وقال سبحانه في سورة غافر في الآية رقم 79 – 81 : ) الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوها منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأيَّ آيات الله تنكرون ( فقوله تعالى : ) ويريكم آياته ( إشارةً إلى هذه المركوبات التي وجدت في هذا العصر ، وهدى العقول إلى اختراعها مع أنَّه قد مضى أقوامٌ لهم عقولٌ أكبر من عقول هذه الأمة ، وتجربةً أعظم من تجربتها ، ولكن لله حكمة في ذلك .
والمهم أنَّ الواجب على هذه الأمة أن يعرفوا نعمة الله عليهم بهذه المركوبات ، وأن يستعملوها استعمالاً معقولاً يصل إليهم به النفع ، وينتفي معه الضرر ، وذلك بأن يلتزموا بأنظمة المرور التي هي نتيجة تجارب محصَّتها العقول ، وأخرجتها في صورة يتأدَّى بها النفع ، وينتفي بها الضرر ، وقد جرَّب الناس أنَّ التهوُّر في السير موجبٌ لقتل الأنفس وإتلافها أو تعوير الأجسام وإعطابها ، وأنَّ قطع الإشارة ومخالفة الأنظمة موجبٌ لذلك ، والتجاوز للسيارة التي أمامك بدون تروٍّ ولاتعقل موجبٌ لذلك ؛ علماً بأنَّ فاعل ذلك متسبِّبٌ في قتل نفسه ، وقتل غيره ، ومعلومٌ ما ورد في ذلك قال الله عز وجل : ) ولاتقتلوا أنفسكم إنَّ الله كان بكم رحيما( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ) من قتل نفسه بشيءٍ عذِّب به ( وأمَّا قتل غيرك ففيه الآية المعروفة من سورة النساء ؛ وهي قول الله عز وجل : ) ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيما ( .
فيا أيها الناس يا من تقودون السيارات ارحموا أنفسكم وارحموا غيركم واعلموا أنَّ أهاليكم من والدين وأولاد ونساء ينتظرونكم ، ويحرصون على سلامتكم ، فاتركوا المغامرة التي لاتجلب لكم إلاَّ الشر ، وسيروا سيراً بتعقل تنالون به طاعة الله ثمَّ طاعة ولاة الأمور التي هي من أسباب رضا الله ، وتغنمون السلامة ، وتنجون من الندامة ، وإذا حرص العبد على ذلك وعمله ، وكتب الله عليه شيئاً لم يكن له سببٌ فيه فإنَّه يكون مأجوراً ، وناجياً من العقاب ، والله غالبٌ على أمره ، ولكنَّ أكثر الناس لايعلمون هذه نصيحتي لإخواني المسلمين ؛ الذين يسيرون على هذه المركوبات السريعة بتجنب الخطر ، والحرص على السلامة ما استطاعوا ، والله الموفق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه .
كتب هذه النصيحة
أحمد بن يحيى النَّجمي
في 27 / 4 / 1427 هـ