61 أدبا في الصحبة والأخوة
هذه فوائد وآداب ودرر في آداب الصحبة والأخوة انتقتها زوجتي بارك الله فيها من أحد البحوث سائلين الله تعالى الإخلاص في القول والعمل.
أبو جهاد الجزائري
(المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
عَنِ المَرءِ لا تَسَل وَسَل عَن قَرينِهِ ... فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
ومن كلام علي بن أبي طالب، رضي عنه:
وَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ ... وَإياكَ وَإِيَّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى ... حَليماً حينَ يَلقاهُ
يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ ... إِذا ما هُوَ ماشاهُ
وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ ... مَقاييسُ وَأَشباهُ
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ ... دَليلٌ حينَ يَلقاهُ
آداب العشرة
1. حسن الخلق مع الإخوان والأقران .
2. تحسين ما يعانيه من عيوب أصحابه قال حمدون القصار: (إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب).
3. معاشرة الموثوق بدينه قال الله تعالى: (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَاليَومِ الأَخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَهَ وَرَسولَهُ).
4. أوجه المعاشرة
• للمشايخ والأكابر: بالحرمة والخدمة.
• للأقران والأوساط: بالنصيحة وبذل الموجود.
• للأصاغر: بالإرشاد والتأدب والحمل على ما يوجبه العلم وآداب السنة.
5. الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: (الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان).
6. قلة الخلاف للإخوان ولزوم موافقتهم فيما تبيحه الشريعة قال أبو عثمان: (موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم).
7. أن يحمدهم على حسن ثنائهم، وإن لم يساعدهم باليد قال علي: (من لم يحمل أخاه على حسن النية، لم يحمده على حسن الصنعة).
8. ألا يحسدهم على ما يرى عليهم من آثار نعمة الله بل يفرح بذلك، ويحمد الله على ذلك كما يحمده إذا كانت عليه قال عليه السلام: (لا تحاسدوا).
9. ألا يواجههم بما يكرهون.
10. ملازمة الحياء في كل حال، لقوله عليه السلام: (الإيمان بضعة وسبعون - أو وستون - باباً، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان).
11. من المعاشرة صدق المروءة وصفاء المحبة، فإنها لا تتم إلا بهما.
12. إظهار الفرح والبشاشة.
13. ألا يصحب إلا عالماً أو عاقلاً قال ذو النون رحمة الله عليه: (ما خلع الله على عبدٍ من عبيده خلعةً أحسن من العقل، ولا قلده قلادةً أجمل من العلم، ولا زينه بزينةٍ أفضل من الحلم، وكمال ذلك التقوى).
14. سلامة قلبه للإخوان والنصيحة لهم، وقبولها منهم، لقوله تعالى: (إِلّا مَن أَتى اللَهَ بِقَلبٍ سَليمٍ).
15. ألا يعدهم ويخالفهم، فإنه نفاق. قال عليه الصلاة والسلام: (علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان). وأنشدوا:
يا واعِداً أَخلفَ في وَعدِهِ ... ما الخُلفُ مِن سيرَةِ أَهلِ الوَفا
ما كانَ ما أَظهَرتَ مِن وُدِّنا ... إِلّا سِراجاً لاحَ ثُمَ اِنطَفا
16. صحبة من يستحيا منه ليزجره ذلك عن المخالفات قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه).
17. أن يراعي في صحبة أخوانه صلاحهم لا مرادهم، قال أبو صالح المزي، رحمه الله: (المؤمن من يعاشرك بالمعروف، ويدلك على صلاح دينك ودنياك، والمنافق من يعاشرك بالمماذعة، ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين).
18. ألا تؤذي مؤمناً، ولا تجاهل جاهلاً وقال الربيع ابن خيثم رحمه الله: (الناس رجلان، مؤمن فلا تؤذه، وجاهلٌ فلا تجاهله).
19. مطالبة الإخوان بحسن العشرة حسب ما يعاشرهم به؛ لقوله عليه السلام: (لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
20. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه).
21. حمل كلام الإخوان على أحسن الوجوه ما وجدت ذلك. قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه: (كتب إلي بعض إخواني من الصحابة أن ضع أمر أخيك على الأحسن ما لم تغلب).
22. مجانبة الحقد، ولزوم الصفح عن الإخوان. قال هلال بن العلاء: (جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشرٍ ولا عقوقٍ اقتداءً بهذه الأبيات:
لمّا عَفَوتُ وَلَم أَحقِد عَلى أَحَدٍ ... أَرَحتُ نَفسِيَ مِن غَمّ العَداواتِ
إِنّي أُحيّي عَدَوِّي حينَ رُؤيَتِهِ ... لِأَدفَعَ الشَرَّ عَنّي بِالتَحيّاتِ
وأَظهِرُ البِشرَ لِلإِنسانِ أَبغِضُهُ ... كَأَنَّهُ قَد حُشيَ قَلبي مَسَرّاتِ
وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:
وَمَن لَم يُغمّض عَينَهُ عَن صَديقِهِ ... وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهُوَ عاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ ... يَجِدها وَلا يَسلَم لَهُ الدَهرَ صاحِبُ
23. ملازمة الأخوة، والمداومة عليها، وترك الملل قال محمد بن واسع: (وليس لملولٍ صديقٌ ولا لحاسدٍ غناءٌ).
24. الإغضاء عن الصديق في بعض المكاره،
أنشد ثعلب:
أُغمِّضُ عَيني عَن صَديقي تَجَسُّماً ... كَأَنّي بِما يَأتي مِن الأَمرِ جاهِلُ
وَما بِيَ جَهلٌ غَيرَ أَنَّ خَليقَتي ... تُطيقُ اِحتمالُ الكُرهِ فيما تُحاوِلُ
25. ترك الاستخفاف بأحد من الخلق، قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته).
26. ألا تقطع صديقاً بعد مصادقته، ولا ترده بعد قبول:
لا تَمدَحَنَّ اِمرأً حَتّى تُجرِّبَهُ ... وَلا تَذُمَّنَّهُ مِن غَيرِ تَجريبِ
فَإِنَّ حَمدَكَ مَن لَم تَبلُهُ سَرَفٌ ... وَإِنَّ ذَمَّكَ بَعدَ الحَمدِ تَكذيبُ
27. ألا يضيع صداقة صديق بعد ود، فإنها عزيزة والناس ثلاثة: معرفة، وأصدقاء، وإخوان؛ فالمعرفة بين الناس كثيرة، والأصدقاء عزيزة، والأخ قلما يوجد.
28. التواضع للإخوان قال المبرد: (النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه العجب).
29. حفظ المودة القديمة والأخوة الثابتة ولبعض الحكماء من السلف: (عاشروا الناس، فإن عشتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم).
30. صحبة السلامة منها قول أبي عثمان الحيري، وقد سئل عن صحبة السلامة: (أن يوسع الأخ على أخيه من ماله، ولا يطمع فيما له، وينصفه، ولا يطلب الإنصاف منه، ويستكثر قليل بره، ويستصغر من منا به عليه).
31. إيثار الإخوان بالكرامة على نفسه. قال أبو عثمان: (من عاشر الناس، ولم يكرمهم، وتكبر عليهم، فذلك لقلة رأيه وعقله؛ فإنه يعادي صديقه، ويكرم عدوه، فإن إخوانه في الله أصدقاؤه، ونفسه عدوه).
32. معرفة حقوق الفقراء، والقيام بحوائجهم وأسبابهم.
33. حفظ أسرار الإخوان، وقال بعض الحكماء: (قلوب الأحرار قبور الأسرار).
ولبعضهم:
لَيسَ الكَريمُ الَّذي إِن زَلَّ صاحِبُهُ ... بَثَّ الَّذي كانَ مِن أَسرارِهِ عَلِما
إِنَّ الكَريمَ الَّذي تَبَقى مَودَّتُهُ ... وَيَحفَظُ السِرَّ إِن صافى وَإِن صَرَما
34. المشورة مع الإخوان وقبولها منهم. قال الله عز وجل: (وَشاوِرهُم في الأَمرِ).
35. إيثار الأرفاق على الإخوان. قال الله تعالى: (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهم وَلَو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ).
36. ترك المداهنة في الدين مع من يعاشره. قال سهل بن عبد الله التستري: (لا يشم رائحة الصدق من داهن نفسه أو غيره).
37. القيام بأعذارهم، والذب عنهم، والانتصاب له.
38. احتمال الأذى، وقلة الغضب، والشفقة، والرحمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب)
39. الانبساط لإخوانه في النفس والمال، وألا يرى بينه وبينهم فرقاً.
40. مجانبة التباغض والتدابر والتحاسد، لقوله عليه السلام: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً).
41. التآلف مع الإخوان على بغض الدنيا، فإنه لا يقع بينهم المخالفة إلا بسببها.
42. أدب العشرة مع النسوان والأهل، لأن الله خلقهن ناقصات عقل ودين، فيعاشرهن بالمعروف على حسب ما جبلهن الله عليه.
43. العفو عن هفوة الإخوان في النفس والمال دون أمور الدين والسنة، لقوله تعالى: (وَليَعفوا وَليَصفَحوا).
44. حسن الجوار.
45. طلاقة الوجه والاسترسال.
46. القيام بحرمة من هو دونه من الإخوان، فكيف بمن هو فوقه أو مثله.
47. أن يشارك إخوانه في المكروه والمحبوب، لا يتلون عليهم في الحالين جميعاً.
48. ألا يمن على من يحسن إليه.
49. ألا يقبل على إخوانه قول واش نمام، لقول الخليل بن أحمد: (من نم لك نم عليك، ومن أخبرك خبر غيرك أخبره بخبرك).
50. الاجتهاد في ستر عورات الإخوان وقبائحهم، وإظهار مناقبهم،
ولسعيد بن حمدان:
لَم أُؤاخِذكَ إِذ جَنَيتَ لِأَنّي ... واثِقٌ مِنكَ بِالإِخاءِ الصَحيحِ
فَجَميلُ العَدوِّ غَيرُ جَميلٍ ... وَقيبَحُ الصَديقِ غَيرُ قَبيحِ
51. ترك الوقيعة فيهم.
52. قبول العذر من فاعله، صدق أو كذب؛ ولبعضهم: أَقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً ... إِن يَروِ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظَاهِرُهُ ... وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
وقال عبد الله بن المبارك: (المؤمن طالب عذر إخوانه، والمنافق طالب عثراتهم).
53. المبادرة في الجواب عن كتاب الأخ، وترك التقصير فيه. قال ابن عباس، رضي الله عنه: (إني أرى لرد الجواب حقاً، كما أرى لرد جواب السلام).
وأنشد لأبي هفان:
إِذا الإِخوانُ قاتَهُمُ التَلاقي ... فَما شَيءٌ أَسَرُّ مِنَ الكِتابِ
وَإِن كَتَبَ الصَديقُ إِلى صَديقٍ ... فَحَقُّ كِتابِهِ رَدُّ الجَوابِ
54. الرغبة في زيارة الإخوان والسؤال عن أحوالهم كان عبد الله بن مسعود يقول: (كنا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضاً كانت عيادةً، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارةً).
55. أن تصاحب كلاً من الإخوان على قدر طريقته. قال شبيب بن شيبة: (لا تجالس أحداً بغير طريقةٍ، فإنك إذا أردت لقاء الجاهل بالعلم، واللاهي بالفقه، والغبي بالبيان، آذيت جليسك).
56. الصبر على جفاء الإخوان، وإسقاط التهمة عنهم بعد صحة الأخوة.
57. تعظيم حرمة المشايخ، والرحمة والشفقة على الإخوان.
58. ألا يتغير عن إخوانه إذا حدث له غنىً. أنشد المبرد:
لَئِن كانَت الدُنيا أَنالتكَ ثَروةً ... وَأَصبَحتَ مِنها بَعدَ عُسرٍ أَخا يُسرِ
لَقَد كَشَفَ الإِثراءُ عَنكَ خَلائِقاً ... مِن اللؤمِ كانَت تَحتَ سِترٍ مِن الفَقرِ
59. ألا يغرق في الخصومة، ويترك للصلح موضعاً قيل لأبي سفيان بن حرب: (بم نلت هذا الشرف؟ قال: ما خاصمت رجلاً إلا جعلت للصلح بينناً موضعاً).
60. ألا يعاشر من يخالفه في اعتقاده. قال يحيى بن معاذ: (من خالف عقدك عقده خالف قلبك قلبه).
61. قال السلمي: والصحبة على أوجه، لكل آدابٌ ومواجب ولوازم.
صحبة الله
باتباع أوامره، وترك نواهيه.
صحبة النبي صلى الله عليه وسلم
باتباع سنته، وترك مخالفته فيما دق وجل.
صحبة الصحابة وآل البيت
بالترحم عليهم، وتقديم من قدم، وحسن القول فيهم، وقبول أقوالهم في الأحكام والسنن.
صحبة السلطان بالطاعة في غير معصية الله.
صحبة الأهل والولد
بالمداراة وسعة الخلق والنفس وتمام الشفقة وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعة.
صحبة الإخوان
بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسين، وستر القبائح، واستكبار برهم إياك، واستقلال إياهم، وإن كثر.
صحبة العلماء
بملازمة حرماتهم، وقبول أقوالهم، والرجوع إليهم في المهمات.
صحبة الوالدين
ببرهما بالخدمة بالنفس والمال في حياتهما، وإنجاز وعدهما بعد وفاتهما، والدعاء لهما في كل الأوقات.
صحبة الضيف
بالبشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، ورؤية فضله ومنته بإكرامك وتحريه لطعامك.
ولمعرس بن كرام:
مَن دَعانا فَأَبَينا ... فَلَهُ الفَضلُ عَلَينا
فَإِذا نَحنُ أَتَينا ... رَجَعَ الفَضلُ إِلَينا
أبو جهاد الجزائري
(المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
عَنِ المَرءِ لا تَسَل وَسَل عَن قَرينِهِ ... فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
ومن كلام علي بن أبي طالب، رضي عنه:
وَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ ... وَإياكَ وَإِيَّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى ... حَليماً حينَ يَلقاهُ
يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ ... إِذا ما هُوَ ماشاهُ
وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ ... مَقاييسُ وَأَشباهُ
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ ... دَليلٌ حينَ يَلقاهُ
آداب العشرة
1. حسن الخلق مع الإخوان والأقران .
2. تحسين ما يعانيه من عيوب أصحابه قال حمدون القصار: (إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب).
3. معاشرة الموثوق بدينه قال الله تعالى: (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَاليَومِ الأَخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَهَ وَرَسولَهُ).
4. أوجه المعاشرة
• للمشايخ والأكابر: بالحرمة والخدمة.
• للأقران والأوساط: بالنصيحة وبذل الموجود.
• للأصاغر: بالإرشاد والتأدب والحمل على ما يوجبه العلم وآداب السنة.
5. الصفح عن عثرات الإخوان، وترك تأنيبهم عليها قال الفضيل بن عياض: (الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان).
6. قلة الخلاف للإخوان ولزوم موافقتهم فيما تبيحه الشريعة قال أبو عثمان: (موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم).
7. أن يحمدهم على حسن ثنائهم، وإن لم يساعدهم باليد قال علي: (من لم يحمل أخاه على حسن النية، لم يحمده على حسن الصنعة).
8. ألا يحسدهم على ما يرى عليهم من آثار نعمة الله بل يفرح بذلك، ويحمد الله على ذلك كما يحمده إذا كانت عليه قال عليه السلام: (لا تحاسدوا).
9. ألا يواجههم بما يكرهون.
10. ملازمة الحياء في كل حال، لقوله عليه السلام: (الإيمان بضعة وسبعون - أو وستون - باباً، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان).
11. من المعاشرة صدق المروءة وصفاء المحبة، فإنها لا تتم إلا بهما.
12. إظهار الفرح والبشاشة.
13. ألا يصحب إلا عالماً أو عاقلاً قال ذو النون رحمة الله عليه: (ما خلع الله على عبدٍ من عبيده خلعةً أحسن من العقل، ولا قلده قلادةً أجمل من العلم، ولا زينه بزينةٍ أفضل من الحلم، وكمال ذلك التقوى).
14. سلامة قلبه للإخوان والنصيحة لهم، وقبولها منهم، لقوله تعالى: (إِلّا مَن أَتى اللَهَ بِقَلبٍ سَليمٍ).
15. ألا يعدهم ويخالفهم، فإنه نفاق. قال عليه الصلاة والسلام: (علامة المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان). وأنشدوا:
يا واعِداً أَخلفَ في وَعدِهِ ... ما الخُلفُ مِن سيرَةِ أَهلِ الوَفا
ما كانَ ما أَظهَرتَ مِن وُدِّنا ... إِلّا سِراجاً لاحَ ثُمَ اِنطَفا
16. صحبة من يستحيا منه ليزجره ذلك عن المخالفات قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه).
17. أن يراعي في صحبة أخوانه صلاحهم لا مرادهم، قال أبو صالح المزي، رحمه الله: (المؤمن من يعاشرك بالمعروف، ويدلك على صلاح دينك ودنياك، والمنافق من يعاشرك بالمماذعة، ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين).
18. ألا تؤذي مؤمناً، ولا تجاهل جاهلاً وقال الربيع ابن خيثم رحمه الله: (الناس رجلان، مؤمن فلا تؤذه، وجاهلٌ فلا تجاهله).
19. مطالبة الإخوان بحسن العشرة حسب ما يعاشرهم به؛ لقوله عليه السلام: (لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
20. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه).
21. حمل كلام الإخوان على أحسن الوجوه ما وجدت ذلك. قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه: (كتب إلي بعض إخواني من الصحابة أن ضع أمر أخيك على الأحسن ما لم تغلب).
22. مجانبة الحقد، ولزوم الصفح عن الإخوان. قال هلال بن العلاء: (جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشرٍ ولا عقوقٍ اقتداءً بهذه الأبيات:
لمّا عَفَوتُ وَلَم أَحقِد عَلى أَحَدٍ ... أَرَحتُ نَفسِيَ مِن غَمّ العَداواتِ
إِنّي أُحيّي عَدَوِّي حينَ رُؤيَتِهِ ... لِأَدفَعَ الشَرَّ عَنّي بِالتَحيّاتِ
وأَظهِرُ البِشرَ لِلإِنسانِ أَبغِضُهُ ... كَأَنَّهُ قَد حُشيَ قَلبي مَسَرّاتِ
وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:
وَمَن لَم يُغمّض عَينَهُ عَن صَديقِهِ ... وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهُوَ عاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ ... يَجِدها وَلا يَسلَم لَهُ الدَهرَ صاحِبُ
23. ملازمة الأخوة، والمداومة عليها، وترك الملل قال محمد بن واسع: (وليس لملولٍ صديقٌ ولا لحاسدٍ غناءٌ).
24. الإغضاء عن الصديق في بعض المكاره،
أنشد ثعلب:
أُغمِّضُ عَيني عَن صَديقي تَجَسُّماً ... كَأَنّي بِما يَأتي مِن الأَمرِ جاهِلُ
وَما بِيَ جَهلٌ غَيرَ أَنَّ خَليقَتي ... تُطيقُ اِحتمالُ الكُرهِ فيما تُحاوِلُ
25. ترك الاستخفاف بأحد من الخلق، قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته).
26. ألا تقطع صديقاً بعد مصادقته، ولا ترده بعد قبول:
لا تَمدَحَنَّ اِمرأً حَتّى تُجرِّبَهُ ... وَلا تَذُمَّنَّهُ مِن غَيرِ تَجريبِ
فَإِنَّ حَمدَكَ مَن لَم تَبلُهُ سَرَفٌ ... وَإِنَّ ذَمَّكَ بَعدَ الحَمدِ تَكذيبُ
27. ألا يضيع صداقة صديق بعد ود، فإنها عزيزة والناس ثلاثة: معرفة، وأصدقاء، وإخوان؛ فالمعرفة بين الناس كثيرة، والأصدقاء عزيزة، والأخ قلما يوجد.
28. التواضع للإخوان قال المبرد: (النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه العجب).
29. حفظ المودة القديمة والأخوة الثابتة ولبعض الحكماء من السلف: (عاشروا الناس، فإن عشتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم).
30. صحبة السلامة منها قول أبي عثمان الحيري، وقد سئل عن صحبة السلامة: (أن يوسع الأخ على أخيه من ماله، ولا يطمع فيما له، وينصفه، ولا يطلب الإنصاف منه، ويستكثر قليل بره، ويستصغر من منا به عليه).
31. إيثار الإخوان بالكرامة على نفسه. قال أبو عثمان: (من عاشر الناس، ولم يكرمهم، وتكبر عليهم، فذلك لقلة رأيه وعقله؛ فإنه يعادي صديقه، ويكرم عدوه، فإن إخوانه في الله أصدقاؤه، ونفسه عدوه).
32. معرفة حقوق الفقراء، والقيام بحوائجهم وأسبابهم.
33. حفظ أسرار الإخوان، وقال بعض الحكماء: (قلوب الأحرار قبور الأسرار).
ولبعضهم:
لَيسَ الكَريمُ الَّذي إِن زَلَّ صاحِبُهُ ... بَثَّ الَّذي كانَ مِن أَسرارِهِ عَلِما
إِنَّ الكَريمَ الَّذي تَبَقى مَودَّتُهُ ... وَيَحفَظُ السِرَّ إِن صافى وَإِن صَرَما
34. المشورة مع الإخوان وقبولها منهم. قال الله عز وجل: (وَشاوِرهُم في الأَمرِ).
35. إيثار الأرفاق على الإخوان. قال الله تعالى: (وَيُؤثِرونَ عَلى أَنفُسِهم وَلَو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ).
36. ترك المداهنة في الدين مع من يعاشره. قال سهل بن عبد الله التستري: (لا يشم رائحة الصدق من داهن نفسه أو غيره).
37. القيام بأعذارهم، والذب عنهم، والانتصاب له.
38. احتمال الأذى، وقلة الغضب، والشفقة، والرحمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب)
39. الانبساط لإخوانه في النفس والمال، وألا يرى بينه وبينهم فرقاً.
40. مجانبة التباغض والتدابر والتحاسد، لقوله عليه السلام: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً).
41. التآلف مع الإخوان على بغض الدنيا، فإنه لا يقع بينهم المخالفة إلا بسببها.
42. أدب العشرة مع النسوان والأهل، لأن الله خلقهن ناقصات عقل ودين، فيعاشرهن بالمعروف على حسب ما جبلهن الله عليه.
43. العفو عن هفوة الإخوان في النفس والمال دون أمور الدين والسنة، لقوله تعالى: (وَليَعفوا وَليَصفَحوا).
44. حسن الجوار.
45. طلاقة الوجه والاسترسال.
46. القيام بحرمة من هو دونه من الإخوان، فكيف بمن هو فوقه أو مثله.
47. أن يشارك إخوانه في المكروه والمحبوب، لا يتلون عليهم في الحالين جميعاً.
48. ألا يمن على من يحسن إليه.
49. ألا يقبل على إخوانه قول واش نمام، لقول الخليل بن أحمد: (من نم لك نم عليك، ومن أخبرك خبر غيرك أخبره بخبرك).
50. الاجتهاد في ستر عورات الإخوان وقبائحهم، وإظهار مناقبهم،
ولسعيد بن حمدان:
لَم أُؤاخِذكَ إِذ جَنَيتَ لِأَنّي ... واثِقٌ مِنكَ بِالإِخاءِ الصَحيحِ
فَجَميلُ العَدوِّ غَيرُ جَميلٍ ... وَقيبَحُ الصَديقِ غَيرُ قَبيحِ
51. ترك الوقيعة فيهم.
52. قبول العذر من فاعله، صدق أو كذب؛ ولبعضهم: أَقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً ... إِن يَروِ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
فَقَد أَطاعَكَ مَن أَرضاكَ ظَاهِرُهُ ... وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
وقال عبد الله بن المبارك: (المؤمن طالب عذر إخوانه، والمنافق طالب عثراتهم).
53. المبادرة في الجواب عن كتاب الأخ، وترك التقصير فيه. قال ابن عباس، رضي الله عنه: (إني أرى لرد الجواب حقاً، كما أرى لرد جواب السلام).
وأنشد لأبي هفان:
إِذا الإِخوانُ قاتَهُمُ التَلاقي ... فَما شَيءٌ أَسَرُّ مِنَ الكِتابِ
وَإِن كَتَبَ الصَديقُ إِلى صَديقٍ ... فَحَقُّ كِتابِهِ رَدُّ الجَوابِ
54. الرغبة في زيارة الإخوان والسؤال عن أحوالهم كان عبد الله بن مسعود يقول: (كنا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضاً كانت عيادةً، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارةً).
55. أن تصاحب كلاً من الإخوان على قدر طريقته. قال شبيب بن شيبة: (لا تجالس أحداً بغير طريقةٍ، فإنك إذا أردت لقاء الجاهل بالعلم، واللاهي بالفقه، والغبي بالبيان، آذيت جليسك).
56. الصبر على جفاء الإخوان، وإسقاط التهمة عنهم بعد صحة الأخوة.
57. تعظيم حرمة المشايخ، والرحمة والشفقة على الإخوان.
58. ألا يتغير عن إخوانه إذا حدث له غنىً. أنشد المبرد:
لَئِن كانَت الدُنيا أَنالتكَ ثَروةً ... وَأَصبَحتَ مِنها بَعدَ عُسرٍ أَخا يُسرِ
لَقَد كَشَفَ الإِثراءُ عَنكَ خَلائِقاً ... مِن اللؤمِ كانَت تَحتَ سِترٍ مِن الفَقرِ
59. ألا يغرق في الخصومة، ويترك للصلح موضعاً قيل لأبي سفيان بن حرب: (بم نلت هذا الشرف؟ قال: ما خاصمت رجلاً إلا جعلت للصلح بينناً موضعاً).
60. ألا يعاشر من يخالفه في اعتقاده. قال يحيى بن معاذ: (من خالف عقدك عقده خالف قلبك قلبه).
61. قال السلمي: والصحبة على أوجه، لكل آدابٌ ومواجب ولوازم.
صحبة الله
باتباع أوامره، وترك نواهيه.
صحبة النبي صلى الله عليه وسلم
باتباع سنته، وترك مخالفته فيما دق وجل.
صحبة الصحابة وآل البيت
بالترحم عليهم، وتقديم من قدم، وحسن القول فيهم، وقبول أقوالهم في الأحكام والسنن.
صحبة السلطان بالطاعة في غير معصية الله.
صحبة الأهل والولد
بالمداراة وسعة الخلق والنفس وتمام الشفقة وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعة.
صحبة الإخوان
بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسين، وستر القبائح، واستكبار برهم إياك، واستقلال إياهم، وإن كثر.
صحبة العلماء
بملازمة حرماتهم، وقبول أقوالهم، والرجوع إليهم في المهمات.
صحبة الوالدين
ببرهما بالخدمة بالنفس والمال في حياتهما، وإنجاز وعدهما بعد وفاتهما، والدعاء لهما في كل الأوقات.
صحبة الضيف
بالبشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، ورؤية فضله ومنته بإكرامك وتحريه لطعامك.
ولمعرس بن كرام:
مَن دَعانا فَأَبَينا ... فَلَهُ الفَضلُ عَلَينا
فَإِذا نَحنُ أَتَينا ... رَجَعَ الفَضلُ إِلَينا
تعليق