بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
ثم اما بعد ..
إن من الشعر لحكمة
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث
إن من البيان لسحرا أو إن بعض البيان لسحر
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث :
وحكى الحسن بن محمد، قال:
قال أحمد بن أبي داؤد: ما رأيت رجلاً قط نزل به الموت، وعاينه، فما أدهشه، ولا أذهله، ولا أشغله عما كان أراده، وأحب أن يفعله، حتى بلغه، وخلصه الله تعالى من القتل، إلا تميم بن جميل الخارجي، فإنه كان تغلب على شاطئ الفرات، فأخذ، وأتي به إلى المعتصم بالله.
فرأيته بين يديه، وقد بسط له النطع والسيف، فجعل تميم ينظر إليهما، وجعل المعتصم يصعد النظر فيه، ويصوبه.
وكان تميم رجلاً جميلاً، وسيماً، جسيماً، فأراد المعتصم أن يستنطقه، لينظر أين جنانه ولسانه، من منظره ومخبره.
فقال له المعتصم: يا تميم، تكلم، إن كان لك حجة أو عذر فابده.
فقال: أما إذ أذن أمير المؤمنين بالكلام ...
فأقول: الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه، وقد خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، يا أمير المؤمنين، جبر الله بك صدع الدين، ولم شعث المسلمين، وأخمد بك شهاب الباطل، وأوضح نهج الحق، إن الذنوب تخرس الألسنة، وتعمي الأفئدة، وأيم الله، لقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، وكبر الجرم، وساء الظن، ولم يبق إلا عفوك، أو انتقامك، وأرجو أن يكون أقربهما مني وأسرعهما إلي، أولاهما بإمامتك، وأشبههما بخلافتك، وأنت إلى العفو أقرب، وهو بك أشبه وأليق، ثم تمثل بهذه الأبيات:
أرى الموت بين السيف والنطع كامناً
يلاحظني من حيثما أتلفّت
يلاحظني من حيثما أتلفّت
وأكبر ظنّي أنّك اليوم قاتلي
وأيّ امرئ مما قضى اللّه يفلت
وأيّ امرئ مما قضى اللّه يفلت
ومن ذا الذي يدلي بعذرٍ وحجّةٍ
وسيف المنايا بين عينيه مصلت
وسيف المنايا بين عينيه مصلت
يعزّ على الأوس بن تغلب موقفٌ
يهزّ عليّ السيف فيه وأسكتْ
يهزّ عليّ السيف فيه وأسكتْ
وما جزعي من أن أموت وإنّني
لأعلم أنّ الموت شيء موقّت
لأعلم أنّ الموت شيء موقّت
ولكنّ خلفي صبية قد تركتهم
وأكبادهم من حسرة تتفتّت
وأكبادهم من حسرة تتفتّت
كأنّي أراهم حين أنعى إليهم
وقد خمشوا حرّ الوجوه وصوّتوا
وقد خمشوا حرّ الوجوه وصوّتوا
فإن عشت عاشوا سالمين بغبطة
أذود الأذى عنهم وإن متّ موّتوا
أذود الأذى عنهم وإن متّ موّتوا
فكم قائل لا يبعد اللّه داره
وآخر جذلان يسرّ ويشمت
وآخر جذلان يسرّ ويشمت
قال: فتبسم المعتصم..
ثم قال: أقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً.
ثم قال: يا تميم كاد والله أن يسبق السيف العذل، إذهب، فقد غفرت لك الهفوة، وتركتك للصبية، ووهبتك لله ولصبيتك.
ثم أمر بفك قيوده، وخلع عليه، وعقد له على ولاية على شاطئ الفرات، وأعطاه خمسين ألف دينار.
الفرج بعد الشدة
قال سهل بن هارون: العقل رائد الروح والعلم رائد العقل والبيان ترجمان العلم.
وقالوا: البيان بصر والعي عمى كما أن العلم بصر والجهل عمى.
والبيان من نتاج العلم والعي من نتاج الجهل.
وقالوا: ليس لمنقوص البيان بهاء ولو حك بيافوخه عنان السماء.
الروح عماد البدن والعلم عماد تبجيل الملوك وتعظيمهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. ( السلسلة الصحيحة للالباني )
وقالت العلماء: لا يؤم ذو سلطان في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه.
وقال زياد ابن أبيه: لا يسلم على قادم بين يدي أمير المؤمنين.
وقال كعبُ الأحبار: إنّا نَجد قوماً في التوراة أناجيلُهم في صُدورهم تَنطق ألسنتهم بالحِكْمة وأظنّهم الشُّعراء.
وقال عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه: أفضلُ صِناعات الرَّجل الأبيات من الشِّعر يُقدِّمها في حاجاته يَستعطف بها قلبَ الكريم ويستميل بها قلب اللئيم.
وقال الحجَّاج للمُساور بن هند: ما لك تقول الشعرَ وقد بلغتَ من العُمر ما بلغتَ
قال .. أرعى به الكلأ وأشرب به الماء وتقضي لي به الحاجة فإن كفيتَني ذلك تركتهُ.
وقال عبدُ الملك بن مروان لمؤدِّب ولده: روَهم الشِّعر يَمْجدوا ويَنْجدوا.
وقالت عائشة: روُّوا أولادَكم الشعرَ تعذُب ألسنتهم.
وبعث زياد بولده إلى معاوية فكاشفه عن فنون منِ العِلم فوجده عالماً بكل ما سأله عنه.
ثم أستنشده الشعر فقال: لم أَرْوِ منه شيئاً.
فكتب معاويةُ إلى زياد: ما منَعك أن تُرَوِّيه الشعر فوالله إن كان العاقّ لَيَرْويه فَيبرّ وإن كان البخيل لَيَرْويه فيسخُو وإن كان الجبان لَيَرْويه فيقاتل.
وكان علي رضي الله عنه إذا أراد المُبارزة في الحرب أنشأ يقول:
في أي يومي، من الموت أفر
أيوم لم يقـدر أم يوم قـدر?
يومَ لا يُقدر لا أَرْهَبه ومِن المَقدور لا يَنجو الحَذِر
وقال المقداد بن الأسود: ما كنتُ أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بشِعر ولا فَريضة من عائشة رضي الله عنها.
العقد الفريد
وأنشد شَمر:
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبِيُّ ويَلْتَئِي
على البَيِّن السَّفّاك وهو خَطِيبُ
قوله: يلتئي، أي: يُبطىء، من «اللأي»، وهو الإبطاء.
ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن من البَيان لَسِحْراً».
قال أبو عُبيد: البيان، هو: الفهم وذكاء القَلب مع اللَّسَن.
قال: ومعناه: أنه يَبلغ من بيان ذي الفَصاحة أنه يَمدح الإنسان فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِف القُلوب إلى قوله وحُبّه، ثم يَذُمّه فيصدَّق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله وبُغضه، فكأنه سَحر السامعين بذلك، وهو وجه قوله: «إن من البيان لسِحْراً».
تهذيب اللغة
حدّثنا عبد الله بن عياش قال: سمعت الشعبي يقول بعث إليَّ عبد الملك فكنت أحادثه فما رأيت رجلاً أعلم منه ما حدثته بحديث قط إلاّ زادني فيه وإن كنت لأحدثه وفي يده اللقمة فيمسكها فأقول يا أمير المؤمنين امضها لسبيلها أو ردها فيقول حديثك أحب إليَّ منها وكنت عنده ذات ليلة فتمطى ثم قال لتذكرني ما قال الشاعر
كأني وقد جاوزت سبعين حجة
خلعت بها عني عذار لجامي
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى
فكيف بمن يرمى وليس برامي
فلو أن ما أرمى بسهم رأيته
ولكنما أرمى بغير سهام
فقلت له يا أمير المؤمنين لكنك كما قال لبيد
كأني وقد جاوزت سبعين حجة
خلعت لها، عن منكبي ردائيا
فعاش حتى بلغ سبعا وسبعين فقال
أمست تشكى إليَّ النفس مجهشة
وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا
إن الثلاث توفين الثمانينا
فعاش حتى بلغ تسعين سنة فقال
أليس ورائي إن تراخت منيتي
لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
أخبر أخبار القرون التي خلت
أدب كأني كلما قمت راكع
فعاش حتى بلغ مائة سنة وعشر سنين فقال
أليس في مائة قد عاشها رجل
وفي تكامل عشر بعدها عمر
فعاش حتى بلغ عشرين ومائة سنة فقال
وقد سئمت من الحياة وطولها
وسؤال هذا الناس كيف لبيد
ورأيت عنده ابنا له فقلت له يا أمير المؤمنين إني لأذكر به ما قال الشاعر
قال: وما قال قلت :
هذا غلام حسن وجهه
مستقبل الخير سريع التمام
للحارث الأكبر والحارث الأصغر
والحارث الأعرج خير الأنام
ثم لهند وابن هند وقد
أسرع في الخيرات منه كرام
فطابت نفسه فقال ما أعلمك يا شعبي ووجهني إلى ملك الروم فلمّا كلمني قال أنت أحق بموضع صاحبك منه فقلت على بابه عشرة ألاف كلهم خير مني
فقال هذا من عقلك ثم قال يا شعبي أريد أن أسألك، عن ثلاث خلال فإن خرجت منهن فأنت أعلم الناس
قلت سل
قال حتى تخرج وأشيعك وأسألك عنهن فتمضي وليس في نفسي منهن شيء
فلمّا شيعني قلت سل، عن الثلاث خلال
فقال يا شعبي لكم مثل،
قلت: نعم ليس في الأرض مثل مثله،
قال: وما هو،
قال: قلت: إذا لم تستح فاصنع ما شئت،
قال: حسبك ما سمعت بهذا المثل قط
قال يا شعبي لمّا غيرت لحيتك بصفرة ألا صبرت على البياض كما ابتليت أو رددتها إلى نسجها الأول فخضبت بالسواد
فقلت هذه سنة نبينا قال ما جاء به النبيون فليس فيه حيلة
قال أخبرني أنت خير أم أبوك
قال أبي خير مني
قال:وأنت خير من ابنك،
قلت: نعم،
قال: وابنك خير من ابن ابنك
قلت نعم
قال الحمد لله الذي ظفرني بك يا شعبي اخركم يكون قردة وخنازير إذا كنتم تزدادون في كل قرن شراً .
تاريخ دمشق
وقال مالك بن دينار ما رأيت أحدا أبين من الحجاج بن يوسف إن كان ليرقى المنبر فيذكر إحسانه إلى أهل العراق وصفحه عنهم وإساءتهم إليه حتى أقول في نفسي إني لأحسبه صادقا وإني لأظنهم ظالمين له
وسمع مسلمة بن عبد الملك رجلا يتكلم فيحسن ويبين معانيه التي يقصد لها تبيينا شافيا
فقال مسلمة هذا والله السحر الحلال والتأويل الآخر
اتفاق المباني وافتراق المعاني
إنَّ خَصْلَتَينِ خَيْرُهُما الكَذِبُ لَخَصْلَتَا سُوءٍ
يضرب للرجل يعتذر من شيء فَعَله بالكذب.
يحكى هذا المثل عن عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى، وهذا كقولهم: عذرُهُ أَشَدُّ من جُرْمِه.
مَعجم الأمثال والحكم
وفيه المثل السائر ”لا تعلم اليتيم البكاء”
أولَ مَنْ قَالَ ذَلكَ زُهَير بِن جَنَاب الكلبي وكانَ منْ حَديثَهُ أنَ عَلْقَمة بن جِذْل الطعَان بن فِرَاس بن غَنم بن ثعلبة أغار على بنى عبد الله بن كنانة بن بكر وهم بُعْسفَانَ، فقَتل عبد الله بِن هبل عبيدَةَ بِن هُبل ومالكَ بِن عُبَيدة وصَرِيم بن قيس بن هُبَل، وأسَرَ مالك بن عبد الَله بن هُبل، فلما أصيبوا وأفْلَتَ من أفْلَت أقبلت جارية من بنى عبد الله بن كنانة فَقَالَت لزهير ولمْ تَشهد الوقعة: يا عماه، ما تَرَى فَعَلَ أبى
قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ
قَالَت: على شَقَّاء نَقَّاء، طويلة الأنقاء، تَمَطَّق بالعرق، تَمَطَقَ الشيخ بالمرق،
قَالَ: نجا أبوكِ ثم أتته أخرى
فَقَالَت: يا عماه وما ترى فَعَلَ أبى
قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ
قَالَتْ: على طويل بَطْنُها، قصيرٍ ظَهُرها،هاديها شَطْرها، يكُبُّها خَصْرُها،
قَالَ: نجا أبوكِ،
ثم أتتهُ بِنتُ مالك بن عُبيدة بن هُبَل
فَقَالَت: يا عماه، وما ترى فَعَلَ أبى
قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ
قَالَتْ: على الكَزَّة الأَنُوح، التي يكفيها لَبَنُ الَّلقُوح،
قَالَ: هَلكَ أبوكِ، قَالَ: فَبَكَت،
فَقَالَ رجل: ما أسوأ بُكَاءها،
فَقَالَ زهير: لاَ تُعَلم اليتيم البُكاء.
مَعجم الأمثال والحكم
أبلغ من قُسّ
قس بن ساعدة بن حذافة بن زفر بن اياد بن نزار الايادي البليغ الخطيب المشهور
ذكره أبو علي بن السكن وابن شاهين وعبدان المروزي وأبو موسى في الصحابة وصرح بن السكن بأنه مات قبل البعثة
وذكره أبو حاتم السجستاني في المعمرين ونسبه كما ذكرت وقال انه عاش ثلاثمائة وثمانين سنة وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكمته وهو أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية وأول من توكأ على عصا في الخطبة وأول من قال أما بعد في قول وأول من كتب من فلان إلى فلان وفي رواية بن الكلبي ان في آخر خطبته لو على الأرض دين أفضل من دين قد اظلكم زمانه وادرككم أونه انه فطوبى لمن أدركه فاتبعه وويل لمن خالفه وكانت العرب تعظمه وضربت به شعراؤها الأمثال ..
الإصابة في تمييز الصحابة
وَأَبْلَغُ من قُس وأَجْرَى مِنَ الذي
بِذِي الغيل مِنْ خفَّانَ أَصْبَحَ خَادِرَا
مَعجم الأمثال والحكم
وحدث أبو النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الشاعر الملقب بالظاهر قال...
كنت كثير الملازمة للوزير محمدٍ المهلبي، فاتفق أني غسلت ثيابي وأنفذ إلي يدعوني، فاعتذرت بعذرٍ فلم يقبلـه وألح في استدعائي، فكتبت إليه:
عبدك تحت الحبل عـريان
كأنه لا كـان شـيطـان
يغسل أثواباً كأن البـلـى
فيها خليط وهي أوطـان
أرق من ديني إن كان لي
دين كما لـلـنـاس أديان
كأنها حالي من قـبـل أن
يصبح عندي لك إحسـان
يقول من يبصرني معرضاً
فيها وللأقوال بـرهـان
هذا الذي قد نسجت فوقـه
عناكب الحيطان إنسـان?
فأنفذ لي جبةً وقميصاً وعمامةً وسراويل وكيساً فيه خمسمائة درهمٍ وقال.....
قد أنفذت لك ما تلبسه وتدفعه إلى الخياط ليصلح لك الثياب على ما تريده، فإن كنت غسلت التكة واللالكة فعرفني لأنفذ لك عوضها.
معجم الأدباء
قرأته لهشام الهاشمي في سحاب
تعليق