إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

النصيحة بالاجتماع وعدم التفرق لشيخ الإسلام ابن تيمية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النصيحة بالاجتماع وعدم التفرق لشيخ الإسلام ابن تيمية

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (24//94-97) :
    «... اعْلَمُوا - رَحِمَكُمْ اللَّهُ وَجَمَعَ لَنَا وَلَكُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ - أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، وَكَانَ قَدْ بُعِثَ إلَى ذَوِي أَهْوَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، وَقُلُوبٍ مُتَشَتِّتَةٍ ، وَآرَاءٍ مُتَبَايِنَةٍ ، فَجَمَعَ بِهِ الشَّمْلَ ، وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَعَصَمَ بِهِ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ .
    ثُمَّ إنَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ - وَهُوَ الْجَمَاعَةُ - عِمَادٌ لِدِينِهِ ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ آل عمران : 102-107] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : «تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ ».
    فَانْظُرُوا - رَحِمَكُمْ اللَّهُ - كَيْفَ دَعَا اللَّهُ إلَى الْجَمَاعَةِ ، وَنَهَى عَنْ الْفُرْقَةِ . وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : ﴿ إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام : 159] ، فَبَرَّأَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ، كَمَا نَهَانَا عَنْ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ بِقَوْلِهِ : ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [ آل عمران : 105 ]
    وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُجَادَلَةِ مَا يُفْضِي إلَى الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ ، فَخَرَجَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ ، فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ وَقَالَ : « أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ ؟ أَمْ إلَى هَذَا دُعِيتُمْ ؟ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ» ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - :« فَمَا أَغْبِطُ نَفْسِي كَمَا غَبَطْتهَا أَلَّا أَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ » ، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ ، وَغَيْرُهُ ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :« تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً »قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ هِيَ ؟ ، قَالَ: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»، وَفِي رِوَايَةٍ « هِيَ الْجَمَاعَةُ » ، وَفِي رِوَايَةٍ : « يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ » ، فَوَصَفَ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ بِأَنَّهُمْ الْمُسْتَمْسِكُونَ بِسُنَّتِهِ ، وَأَنَّهُمْ هُمْ الْجَمَاعَةُ .
    وَقَدْ كَانَ الْعُلَمَاءُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فِي الْأَمْرِ اتَّبَعُوا أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ : ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء : 59]، وَكَانُوا يَتَنَاظَرُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُنَاظَرَةَ مُشَاوَرَةٍ وَمُنَاصَحَةٍ ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْأُلْفَةِ وَالْعِصْمَةِ وَأُخُوَّةِ الدِّينِ . نَعَمْ مَنْ خَالَفَ الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَالسُّنَّةَ الْمُسْتَفِيضَةَ أَوْ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ خِلَافًا لَا يُعْذَرُ فِيهِ فَهَذَا يُعَامَلُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ أَهْلُ الْبِدَعِ .
    فَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَدْ خَالَفَتْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَبَّهُ وَقَالَتْ : « مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْفِرْيَةَ » . وَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مَعَ أَنَّهُمْ لَا يُبَدِّعُونَ الْمَانِعِينَ الَّذِينَ وَافَقُوا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - . وَكَذَلِكَ أَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْوَاتُ يَسْمَعُونَ دُعَاءَ الْحَيِّ لَمَّا قِيلَ لَهَا : إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : « مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ » ، فَقَالَتْ : «إنَّمَا قَالَ : إنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ مَا قُلْت لَهُمْ حَقٌّ ». وَمَعَ هَذَا فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ خَفْقَ النِّعَالِ كَمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :« وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ » ؛ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ . وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَأَوَّلَتْ وَاَللَّهُ يَرْضَى عَنْهَا . وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ نُقِلَ عَنْهُ فِي أَمْرِ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَالَ : «إنَّمَا كَانَ بِرُوحِهِ» ، وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ .
    وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحْكَامِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْضَبِطَ ، وَلَوْ كَانَ كُلَّمَا اخْتَلَفَ مُسْلِمَانِ فِي شَيْءٍ تَهَاجَرَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِصْمَةٌ وَلَا أُخُوَّةٌ ، وَلَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَيِّدَا الْمُسْلِمِينَ يَتَنَازَعَانِ فِي أَشْيَاءَ لَا يَقْصِدَانِ إلَّا الْخَيْرَ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ : « لَا يُصَلِّيَن أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ » ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ قَوْمٌ : لَا نُصَلِّي إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَفَاتَتْهُمْ الْعَصْرُ. وَقَالَ قَوْمٌ : لَمْ يُرِدْ مِنَّا تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ فَصَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدًا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْأَحْكَامِ فَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأُصُولِ الْمُهِمَّةِ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْأَحْكَامِ .
    وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :« أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ؟ » ، قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
    وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : « لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ ».
    نَعَمْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ هَجَرَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمَّا تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَظَهَرَتْ مَعْصِيَتُهُمْ ، وَخِيفَ عَلَيْهِمْ النِّفَاقُ ، فَهَجَرَهُمْ ، وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِهِمْ حَتَّى أَمَرَهُمْ بِاعْتِزَالِ أَزْوَاجِهِمْ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ خَمْسِينَ لَيْلَةً ، إلَى أَنْ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُمْ مِنْ السَّمَاءِ . وَكَذَلِكَ أَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِ صبيغ بْنِ عَسَلٍ التَّمِيمِيِّ، لَمَّا رَآهُ مِنْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْ الْكِتَابِ ، إلَى أَنْ مَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ ، وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِي التَّوْبَةِ فَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِمُرَاجَعَتِهِ . فَبِهَذَا وَنَحْوِهِ رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَنْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الزَّيْغِ مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْبِدَعِ الدَّاعِينَ إلَيْهَا ، وَالْمُظْهِرِينَ لِلْكَبَائِرِ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِمَعْصِيَةٍ ، أَوْ مُسِرًّا لِبِدْعَةٍ غَيْرِ مُكَفِّرَةٍ ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُهْجَرُ ، وَإِنَّمَا يُهْجَرُ الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ ؛ إذْ الْهَجْرُ نَوْعٌ مِنْ الْعُقُوبَةِ ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ مَنْ أَظْهَرَ الْمَعْصِيَةَ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا .
    وَأَمَّا مَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا فَإِنَّا نَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُ ، وَنَكِلُ سَرِيرَتَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللَّهِ لَمَّا جَاءُوا إلَيْهِ عَامَ تَبُوكَ يَحْلِفُونَ وَيَعْتَذِرُونَ .
    وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَكْثَرُ مَنْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ لَا يَقْبَلُونَ رِوَايَةَ الدَّاعِي إلَى بِدْعَةٍ ، وَلَا يُجَالِسُونَهُ ، بِخِلَافِ السَّاكِتِ ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِمَّنْ رُمِيَ بِبِدْعَةٍ مِنْ السَّاكِتِينَ ، وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ الدُّعَاةِ إلَى الْبِدَعِ .
    وَاَلَّذِي أَوْجَبَ هَذَا الْكَلَامَ أَنَّ وَفْدَكُمْ حَدَّثُونَا بِأَشْيَاءَ مِنْ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ بَيْنَكُمْ حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَى قَرِيبِ الْمُقَاتَلَةِ ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .
    وَاَللَّهُ هُوَ الْمَسْئُولُ أَنْ يُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ ، وَيُصْلِحَ ذَاتَ بَيْنِنَا ، وَيَهْدِيَنَا سُبُلَ السَّلَامِ ، وَيُخْرِجَنَا مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ ، وَيُجَنِّبَنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَيُبَارِكَ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا مَا أَبْقَانَا ، وَيَجْعَلَنَا شَاكِرِينَ لِنِعَمِهِ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْهِ قَابِلِيهَا وَيُتَمِّمَهَا عَلَيْنَا ».
يعمل...
X