الصبر على طلب العلم و الزهد في الدنيا
لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي حفظه الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الحمد لله رب العالمين و أشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده و رسوله صلى الله عليه و على أله و صحبه و سلم تسلما كثيرا أما بعد ففي هذا اليوم الثلاثاء السادس من شهر ذي القعدة عام 1429 هجرية في مسجد نور بمعبر نلتقي مع إخواننا في الله نتناصح بما يوافق كتاب الله و سنة رسوله عليه الصلاة و السلام و بما أننا مع طلاب علم فالنصيحة لطلاب العلم بالصبر على طلب العلم فإن الله سبحانه و تعالى يقول (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) آل عمران (200) نداء من الله سبحانه و تعالى إلى جميع المؤمنين و المسلمين و طلاب العلم من باب أولى فيقول (( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) فعلق الفلاح في الدنيا و الآخرة على هذه الخصال الأربع الصبر و المصابرة و المرابطة و التقوى فالخصلة الأولى (( اصْبِرُوا )) ولم يحدد نوع دون أخر و إنما أطلق ليشمل جميع أنواع الصبر الأربعة الصبر على فعل الطاعات و الصبر على ترك المعاصي و الصبر على قضاء الله و قدره و الصبر على أذى الناس وما أطلقه الله لا يقيد و ما قيده الله لا يطلق (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا )) يشمل هذه الأنواع الأربعةعلى فعل الطاعات و طلب العلم من الطاعة و تحتاج يا طالب العلم إلى الصبر على طلب العلم لأنك في طاعة و في عبادة وقربى لله سبحانه و تعالى (( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا )) و هكذا أيضا الصبر على ترك المعاصي فتحتاج إلى الصبر حتى لا تقع في المعاصي تحبس نفسك فلا تقع في المعصية و تحبس نفسك فلا تترك الطاعة و الصبر على أقدار الله المؤلمة بأن الله سبحانه و تعالى يقدر الخير و الشر فأما تقدير الخير فالنفس ترغب فيه لأنه خير و تفرح به لكن الصبر على الأقدار المؤلمة التي تمر في حياة الإنسان حتى يتوفاه الله و هي كثيرة و لا ينجوا منها أحد فما من أحد إلا و قدر الله له الأقدار المؤلمة في حياته من أمراض و أحزان و ألام و كرب إلى غير ذلك إلى سكرات الموت و إلى خروج روحه من جسده فأنت تحتاج إلى الصبر و الصبر مأخوذ من الصَبِرْ لمرارته مع احتساب الأجر إذا أردت أن يعظم الله أجرك فالصبر يكون مع احتساب الأجر تحتسبه عند الله و الصبر على أذى الناس كما أوصى لقمان الحكيم ابنه لقوله (( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )) لقمان (17) فإنه قد يؤذى و قد ينال منه فتصبر فأنت مأجور على هذا الصبر الأجر العظيم كما قال الله (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) الزمر(10) (( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا )) صابر غيرك و تألف غيرك بالصبر فتكون أكثر صبرا و مصابرة من غيرك (( وَرَابِطُوا )) المرابطة تكون على فعل الطاعات فطلب العلم يحتاج إلى مرابطة و الجهاد في سبيل الله كذلك و بر الوالدين و الدعوة إلى الله و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط جميع الأعمال الصالحة تحتاج إلى صير و مصابرة و مرابطة و استمرار ثم قال (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) و تقوى الله شامل بجميع ما تقدم و بما ذكر و ما لم يذكر لأن تقوى الله سبحانه و تعالى تكون بفعل الطاعات و ترك المحرمات و تصديق بما أخبر الله به و رسوله عليه الصلاة و السلام وتكون أيضا بفعل المستحبات و ترك المكروهات فإذا حصل هذا منك فأبشر بالفلاح فأنت من المفلحين الفائزين في الدنيا و الآخرة لأنك مؤمن مسلم و لأنك أيضا صابر و مصابر و مرابط على فعل الطاعات و متقي الله فيما أمرك تأتمر و فيما نهاك فتنتهي و فيما اخبر فتصدق فأنت من المفلحين و درجة الفلاح متفاوتة بين أهلها كل بحسبه هذا بحسب صبره و بحسب تقواه و بحسب مرابطته و هكذا لأن الصبر يتفاوت و لأن المصابرة كذلك و المرابطة كذلك و التقوى كذلك فلما تفاوتت الأعمال تفاوته الجزاء (( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا )) الأحقاف (19) هم درجات عند ربهم الجنة درجات و النار دركات و الدرجات متفاوتة و دَرَكَات كذلك متفاوتة أهل الجنة بحسب طاعتهم و أهل النار بحسب عصيانهم و لا يظلم ربك أحد لا من هؤلاء و لا من هؤلاء و الله سبحانه و تعالى حكم عدل يجازي عباده بما يستحقون من أنواع الجزاء و من كمال عدله أنه خلق الجنة و النار لم يجعلهما دار واحدة جنة فقط و لا نار فقط و إنما خلق الدارين دار لأهل كرامته و هي الجنة بما أن طاعه ووحده و تقاه و الأخرى لأهل معصيته و غضبه فنسأل الله الجنة و ما قرب إليها من قول وعمل و نعوذ به من النار و ما قرب إليها من قول و عمل فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى أن تصبر على طلب العلم و تصبر على العمل به و تصبر على تبليغه و تعليمه للناس و أنت أيضا محتاج إلى الزهد فإن العبد إذا منى الله عليه بالزهد و القناعة و العفة فإن هذا مما يعينه على طلب العلم أما لو كان يطلب العلم و لكن نفسه متعلقة بحب الدنيا فإن هذا قد لا يثبت إلا أن يشاء الله هدايته ، الدنيا و التعلق بها هذا من المصائب فكم فتن بالدنيا من الناس و كم هلك بها و زاغ قلبه بها كما جاء في الحديث عند ابن ماجه بإسناد حسن في أوله ((أن الرسول عليه الصلاة و السلام قد خرج يوما على أصحابه وهم يتذاكرون الفقر و يتخوفونه فسألهم عما يتذاكرون فيه ؟ فعرف أنهم يتذاكرون الفقر و يتخوفونه فقال آلفقر تخشون ؟ و الذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه و ايم الله! لقد تركتكم على مثل البيضاء)) و قوله آلفقر تخشون ؟ هل أنتم تخافون من الفقر و الرزق مكتوب و الذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إذا غفل إلا هيه ( الدنيا ) فكم من أناس زاغت قلوبهم بسبب الدنيا فأنت يا طالب العلم تحتاج إلى الزهد و القناعة و العفة و الرضا بما قسم الله و أرضى بما قسم الله تكون أغنى الناس و الإيمان بأن المكتوب لا يخطئك ما كتب الله لك من أمر الرزق لا يمكن أن يخطئك لا يمكن أن يذهب عنك و إن الذي لم يكتب لا يمكن أن تتحصل عليه من أمر الدنيا و من أمر الرزق فإن الله سبحانه و تعالى قد كتب هذا كتب رزقك و أجلك و عملك و شقي أو سعيد ازهد في الدنيا يحبك الله و ازهد فيما عند الناس يحبك الناس هذه من وصايا رسول الله عليه الصلاة و السلام لأمته ازهد في الدنيا يحبك الله و ازهد فيما عند الناس يحبك الناس ازهد في الدنيا يحبك الله لأن الله سبحانه و تعالى لا يحب الدنيا لأنه لعنها كما جاء في الحديث (( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ماوالاها و عالما أو متعلما )) من حديث أبي هريرة بإسناد حسن عند الترمذي و غيره فالله سبحانه و تعالى لعن الدنيا فأنت إذا كنت زاهدا فيها غير متعلق بها أحبك الله و ازهد فيما عند الناس يحبك الناس يحبونك لأنك لم تطالبهم بشيء من أموالهم فيحبونك كما قال الله (( وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ )) محمد (36-37 ) فإذا جعلت الدنيا يا طالب العلم وراء ظهرك و أقبلت على طلب العلم و صرت تحب طلب العلم و تعلق به قلبك فأنت على خير إن شاء الله لا تفكر في أمر الدنيا (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) الرعد (3 الزواج المكتبة المال السيارة إلى غير ذلك (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) ما تشعر إلا و الذي قد كُتِب لك جاءك أو تيسر أمرك و لأن هذا الذي هو التفكير في أمر الدنيا هو مما يحارب به الشيطان المؤمنين و طلاب العلم بالأخص التفكير بأمر الدنيا التفكير بالزواج و التفكير بالبيت و التفكير بالأثاث التفكير في العمل التفكير في الفلوس التفكير في أشياء و أشياء من أمور الدنيا الشيطان يريد أن يشغلك بها لذلك فلا تتعب نفسك (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )) ما كتبه الله جاء في الوقت المحدد فما تشعر إلا و الأمور تتيسر من فضل الله عز وجل فألله ألله على إقبال على طلب العلم و الاهتمام به و العناية بالحفظ تهتم بالحفظ و تهتم بالكتب أيضا المفيدة و النافعة من فترة إلى أخرى تقتني كتابا ما بين الفترة و الأخرى تشتري الثاني و هكذا بعدها الثالث رويدا ، رويدا تكون مكتبة لنفسك رويدا ،رويدا ما تشعر إلا و أنت ما شاء الله عندك من الكتب الخير الكثير (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )) الطلاق (1-2) الله يكفيك ما أهمك إذا أنت توكلت على الله تقوى الله سبحانه و تعالى تعتبر من أسباب الرزق تجد بعض الناس من أهل الدنيا يكد فيها ليلا و نهارا و هو في نكد من أمره في تعب و في ظنك و طالب العلم في هناء و في عيش رغد و في طمأنينة و في راحة نفسية و أموره ميسرة و نفسه طيبة و لا يكد الليل و النهار و ما وفى بالمطلوب و ما بين الحين و الأخر يحصل شيء من الكوارث و الأمراض يخسر كذا، كذا من المال و طالب العلم الله يعافيه و يستره و يحفظه و يكرمه و يدافع عنه هب نفسك لله لطلب العلم للدعوة إلى الله و أبشر فالله أكرم منك الذي وهب نفسه للدين و للعلم معناه كريم هذا الإنسان جاد بنفسه و التي هي أعز شيء عليه جاد بها لله أنت تجود بنفسك للعلم و للدين و من أجل الدعوة أتظن أن الله ما يكرمك الله أكرم منك سبحانه فهو أكرم الكريمين تحظى بمحبة الله و بمكانة عالية عند الله و بدرجة رفيعة عند الله و الله سبحانه و تعالى هو أكرم منك فسيعطيك من فضله و كم من طلاب العلم ما شاء الله ما يشعر إلا و زواج يعرض عليه و هو ينظر المصلحة هل يقدمه أو يؤجله بعضهم يرى أن المصلحة أن يؤجل فيؤجله و يدعوا لمن أراد أن يزوجه فيقول جزاك الله خيرا و وفقك الله و أنا أرى أنني أؤجله بعض الوقت حتى أتمكن من طلب العلم و يأتي الثاني و يعرض عليه و يأتي الثالث و يعرض عليه هذا من الرزق و كونه ينظر في المصلحة لا حرج إذا رأى أن يقدمه قدمه و إذا رأى أن يؤجله أجله لا حرج ينظر إلى ما هو أصلح له لكن يرى أنه عنده حب للعلم و يرى أن يقدم العلم عن الزواج لفترة فلا بأس المهم موضوع الرزق لا تأخذ همه فإنه قد فرغ منه و أنت في الأصل مكفول هل تعرف ما معنى مكفول تُكِفل برزقك و من هو الذي تَكفل برزقك الغني الكريم الجواد الرحمن الرحيم هو الذي تكفل برزقك فبعض الناس يكد كدا عظيما في شيء قد ضمن له و هو في الأصل مكفول و لا يكد في أعمال الخير و أعمال الصلاح و أعمال الآخرة إلا من رحم الله، الشيطان يجعلهم يكرون و يكدون في الذي قد فرغ منه و يجعلهم يهملون و يضيعون ما هو مطلوب منهم و هو العلم الديني و العمل الصالح عليكم أن تحمدوا الله أن هيأ لكم هذا الجو و هذا المناخ و هذه الفرصة هذه نعمة عظيمة و الله مرة فترة من الفترات ما كان الناس يجيدون مأوى لطلب العلم و اجتماع و حضور الزملاء يشجع بعضهم بعضا على طلب العلم و مكتبة و تغذية و شيخ و سكن لكن أنت الآن الجو هيأ الله الذي هيأه لك فأنت تجد أمامك زملاء لست وحدك وجود زملاء مما يعين و يشجع على طلب العلم و أيضا تجد الدروس المفتوحة و الميسرة و هذا أيضا مما يعين على طلب العلم و أيضا المكتبة التي تحتوي على جملة كبيرة ضخمة من الكتب المفيدة و هذا أيضا مما يساعد و التغذية و هذا أيضا مما يساعد و معنى هذا أن اليمني الذي أتيحت له فرصة لطلب العلم في هذا الوقت ثم يضيع هذه الفرصة هذا غير شخص أخر يعيش في بلد أخر هذه الفرصة لم توفر له هذا وجد الفرصة لكنه لم يستغلها ،ضيعها هذا أثم إثمه أعظم من ذاك الذي في البلد الأخر الذي لم يتهيأ له مثل ما تهيأ لكم فاحمدوا الله على هذا الخير جزآكم الله خيرا احمدوا الله و اشكروه فإن الله يقول (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) إبراهيم (7) فهناك ناس كفروا بهذه النعمة ،كانوا زملاء لكم ثم ما بالوا بهذه النعمة و راحوا وراء الدنيا يلهثون فلم يجدوا إلا النكد و العذاب ((إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) ورجعوا نادمين ضيعوا العلم وضيعوا الوقت وضيعوا ما عندهم و لم يتحصلوا على الدنيا إلا ما كتب له و منهم من تخبط في الأهواء و راح في البدع و المعاصي فالحمد لله على هذا الخير العظيم و على هذه النعم على وجود المراكز مراكز أهل السنة في اليمن هذا خير عظيم و الله نعمة عظيمة مراكز ومساجد يدرس فيها العلم النافع للرجال و للنساء ، النساء في قسم النساء و الرجال في قسم الرجال دروس تعليم و كتب فأنظر إلى معارض الكتب كيف تتوالى هذا أيضا من النعم أنه ما من فترة و أخرى يأتي معرض حتى لو كان في المكلا فهو في بلدك يمكنك أن تذهب أو ترسل من يذهب يأتي لك بالكتب و لغيرك من المعرض الحمد لله الخير مهيأ ما علينا إلا أن نجتهد في طلب العلم و نحمد الله سبحانه و تعالى و تطلب العلم بإخلاص و تبتغي به وجه الله لأن الذي لا يكون مخلصا في طلب العلم فإنه قد لا يوفق لا بد من الإخلاص لا من أجل أن يقال أنك عالم أو حافظ أو خطيب أو محاضر أو قارئ و إنما من أجل الله ما الذي ينفعك من قول الناس الجنة بيد الله ما هي بيد الناس و الرفعة بيد الله و العزة بيد الله إنما تبتغي طلبك للعلم وجه الله سبحانه و تعالى وتوطن نفسك على الإخلاص لله في أول اليوم و تعاهد نفسك على الإخلاص بالدعاء و التضرع إلى الله أن يمن عليك بالإخلاص و أن يجعل أعمالك خالصة لوجهه الكريم كما قال الله (( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) البينة (5) ما أمروا إلا بهذا مخلصين أعمالهم و دينهم و عبادتهم لله سبحانه و تعالى و الشيطان سيحاربك يا طالب العلم و كلما جاءك من باب فوجده مصدودا عليه تحول من باب أخر أنت عدوه و هو عدوك و هو يريد أن ينتصر عليك و أن يضلك فالعداوة قديمة بيننا و بين الشياطين ، شياطين الجن و أيضا شياطين الإنس العداوة قديمة و الحقد دفين و قديم و تعرفون ما فعل إبليس أب الجن لأدم عليه السلام أب البشر من هناك بدأت العداوة هذا أبو الجن و هذا أبو البشر فأبو الجن أخذ يخطط و يكيد و يلف و يدور و يمكر لأب البشر و أب الإنس أدم عليه السلام و أيضا أم الإنس حواء عليها السلام و قدر الله و ما شاء فعل و لله الحكمة البالغة و أقسم لهم الأيمان المغلظة أنه لهما من الناصحين فصدقا و أكل من تلك الشجرة و كان الذي كان فهو يقسم الأيمان المغلظة أنه سيضل ذريته كما أضله و أنه سيأتيهم من كل جانب الشيطان ما هو راض عنك أن تكون بمكان علم و في مكان توحيد و سنة وعبادة لأنك ستكون حربا عليه وهو لا يريد هذا فانتبه جزاك الله خيرا لا تتبع نفسك هواها كلما هزك شوق الذهاب إلى القرية الفلانية و المكان الفلاني مشيته فكر و شاور و استخر كما قال الله تعالى (( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )) آل عمران (159) و قال (( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) الشورى (3 و كذلك الاستخارة و التفكير بعض الناس إذا هزه الشوق على أن يفتح بوفية قام و إلا بِقَالة وإلا أي حاجة فأنت فكر في أمرك لأن هذه قد تكون من جنس وساوس الشيطان لأدم الشيطان وسوس لأدم فيما يتعلق بتلك الشجرة و أنت وسوس لك بشجرة من نوع أخر اسمها البوفيه أو مطعم أو بقاله شجرة و من مات و أنك تجمع بين العلم و ما بين العمل و ستكون عندك فلوس و تدعوا إلى الله و تنفق على طلاب العلم و تفعل و تفعل و هي مكيدة فكم من أناس ذهبوا في هذا و ضاعوا فإذا أردت أن ينفع الله بك فجزاك الله خيرا اجتهد على طلب العلم و اجتهد بالحفظ و لا تنشغل بالدنيا و لا بهذه الفتن أيضا الفتن التي تحصل بين بعض الدعاة ، بعض العلماء أنت ابتعد عنها لا تنشغل بها فقد كُفيتَ يا طالب العلم الله كفاك بغيرك بالعلماء جزاهم الله خيرا يحلون الفتن العلماء يحلون الفتن و يحلون المشاكل بحلول طيبة إن شاء الله أنت طالب علم لا تنجرف و لا تنجر و لا تركض مع هذا و لا مع هذا، هذه نصيحة من أب لأبنائه و من أخ لإخوانه طلاب العلم أنهم يُقْدِمُون على طلب العلم و لا يخوضون في هذه الفتنة لا من قريب و لا من بعيد لماذا لأن الله قد عفاك من هذه الفتنة و لأن الله قد هيأ لها من يقوم بحلها و غيرها و هم أهل العلم أما أنت فمشغول و المشغول لا يشغل أنت مشغول بطلب العلم و طلب العلم ليس بالأمر الهين طلب العلم شيء عظيم كما قال الله ((إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا)) المزمل (5) ((يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)) مريم (12) هذا العلم يحتاج إلى قوة لأنه جهد كبير و مجهود كبير يتعلق بعقلك و بقلبك و بفكرك الحفظ ما هو سهل و هضم المسائل و فهم المسائل و بعضها دقيقة و ليست بالأمر الهين فكونك تخوضوا مع الخائضين الكلام سهل و القلقلة سهلة يقدر الإنسان يقلقل لأنه سهل ما في تعب يفتح لسانه و يقلقل كيف ما كانت القلقلة ، لا أنت مهمتك أكبر من هذا، المشاكل العظام لها رجال عظام عظماء يحلونها و أنت إن شاء الله سيأتي وقتك لحل مشاكل الأمة فلا تستعجل أنت الآن في طلب العلم فستمر عليه و إذا وجدت من زملائك من يخوض تذكره بنصائح العلماء تقول يا أخي أقبل على طلب العلم و هذه المسائل لها أهلها ،لها أهل العلم و يذكر بعضكم بعضا بهذا بعدم الخوض سواء في هذه الفتنة أو في غيرها من الفتن لأن الله سبحانه و تعالى جعل للعباد لكل شيء علاج فقال (( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا )) النساء (83) تعيد المسألة إلى أهلها إذا كان أولئك صحابة رضي الله عليهم صحابة و مع ذلك يقول الله لهم ((وَلَوْ رَدُّوهُ)) كيف يخوضون فيه ((أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ)) يعني إلى أهله فأنتم من باب أولى رُدْ المسألة إلى أهلها و تشتغل بما هو أنفع لك بالعلم حفظا و فهما و قراءة و كتابةً و تدويناً و أمامك فنون و علوم كثيرة ما هو علم واحد ولا فن واحد وأنت محتاج إليها و الناس منتظرون لك الناس أهلك أقاربك جماعتك منتظرون لك تكون مبرزا في هذه العلوم لا الشغل بالقيل و القيل بالقلقة و قال فلان و قال فلان هذا ما هو علم فإن شاء الله تكونوا عند حسن ظن المشايخ بكم فتقبلون على طلب العلم أسأل الله سبحانه و تعالى التوفيق لي و لكم و لجميع المسلمين إلى هنا و صلى الله على نبينا محمد و على اله و سلم .