أهذا هو الاختلاط المباح ياقوم ؟؟؟[ج1]
بسم الله الرحمن الرحيم .
إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد: الاختلاط محرم شرعا :
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه " حراسة الفضيلة ".
إن العفة حجاب يمزقه الاختلاط ، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق و المباعدة بين المرأة و الرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي – كما تقدم – مجتمع فردي لا زوجي، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن ، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية .
كل هذا لحفظ الأعراض، والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الريب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساسية في بيتها؛ ولذا حرم الاختلاط، سواء في التعليم أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة، والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض، ومرض القلوب، وخطرات النفوس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة.
ولهذا فإن أهل الإسلام لا عهد لهم باختلاط نسائهم بالرجال الأجانب عنهن، وإنما حصلت أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض الإسلام من خلال : (( المدارس الاستدمارية الأجنبية العالمية )) التي فتحت أول ما فتحت في بلاد الإسلام في : (( لبنان )) كما بينته في كتاب : (( المدارس الاستعمارية – الأجنبية العالمية تاريخها وخاطرها على الأمة الإسلامية )).
وقد علم تاريخيا أن ذلك من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا، وإخضاعها؛ بتضييع مقومات كرامتها، وتجريدها من الفضائل- ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم - .
كما علم تاريخيا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات، وزوال الدول، كما كان ذلك لحضارة اليونان والرومان؛ وهكذا عواقب الأهواء والمذاهب المضلة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في : (( الفتاوى : 13/182 )) : ( إن دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المعطل وغيره من الأسباب ) انتهى .
وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في (( الطرق الحكمية)) ص 324-326 : ما مختصره : ( فصل: ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال ).
فالإمام مسئول عن ذلك، والفتنة به عظيمة. قال صلى الله عليه وسلم : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) وفي حديث آخر : أنه قال للنساء: (( لكن حافات الطريق )).
ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكنّ بها كاسيات عاريات ، كالثياب الواسعة ، والرقاق ، ومنعهن من حديث الرجال في الطرقات ، ومنع الرجال من ذلك.
وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة – إذا تجملت وتزينت وخرجت – ثيابها بحبر ونحوه، فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب. وهذا من أدنى عقوبتهن المالية .
وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها، ولا سيما إذا خرجت متجملة؛ بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية، والله سائل ولي الأمر عن ذلك .
وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق.
فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك .
وقال الخلال في ((جامعه)): أخبرني محمد بن يحي الكحال: أنه قال لأبي عبد الله: أرى الرجل السوء مع المرأة ؟
قال : صِح به. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: << أن المرأة إذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية >>.
ويمنع المرأة إذا أصابت بخورا أن تشهد عشاء الآخرة في المسجد. فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : << المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان >> .
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة. واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطاعون العام المتصل والمفصل .
ولما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة، أرسل الله عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفا . والقصة مشهورة في كتب التفاسير.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات. ولو علم أولياء الأمور ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية – قبل الدين – لكانوا أشد شيء منعا لذلك). انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .
و سأصف هنا واقع الاختلاط الذي يجيزه بعض من يحسب على العلم ، وينتسب إلى منهج السلف الصالح ، ثم أعطي حكم الدراسة في الجامعات المختلطة ، وحكم عمل المرأة في الوظائف المختلطة كذلك ثم أنقل فتاوى بعض أهل العلم في ذلك تدعيما وتدليلا لما أقول ، وان الحق معهم سدا لذرائع الفساد ، والله أسأل أن يرينا الحق حقا وان يرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصف واقع الاختلاط .
إن المتأمل في واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ، في المدارس والجامعات ومؤسسات العمل ليرى الاختلاط قد عم وطم بأشكال وأنواع كثيرة كانت سببا في القضاء على كثير من قيم ديننا الحنيف ، فالحياء قد رفع ، والحشمة قد ولت ، والعفة كادت أن تغطيها الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
إن المدارس التربوية ، والجامعات أصبحت أوكارا للفساد وترويج للدخان والمخدرات ، وللقاءات المشبوهة بين الجنسين ، وإبراز مفاتن المرأة في عري فاضح ، لم يكن عليه أهل الجاهلية الأولى، ومعرض لتجار الرذيلة ، ومنتزه لصيد الجميلات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فلا تكاد تسلم منه فتاة ،أو طالبة حتى تلك الملتزمات – زعمن - إلا من رحم الله وقليل ما هن ،هذا في دور العلم ، أما في دور وظائف العمل فحدث ولا حرج ..حيث لا وجود للحشمة والحياء ،ترى المرأة تنبسط للموظف في أي مرتب كان انبساطا لا حدود له ، وكأنه أحد محارمها ، أو كأنه زوجها - وربما تكون متزوجة- وزوجها في عمل آخر ، أو أمامها يراها ولا يحرك ساكنا، قد ماتت الغيرة في الرجال ، وانتزع الحياء من النساء ، تخرج المرأة في الصباح سافرة متبرجة بزينة وكأنها تزف إلى عريسها ، فتحدث هذا ، وتصافح من تجده ، وتقبل زميلها ، وتضحك مع ذاك ، وتجلس إلى جنبه وإليه حتى لو كانت متزوجة ، وربما تغازل من يعجبها أو من افتتنت بذكائه أو منصبه ، أو جماله ، أو ماله ، قد مات الضمير ، وقست القلوب فلا رقابة لله ولا خوف منه سبحانه ، وأصبحنا ننذر بالخطر ، فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها : أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم ، إذا كثر الخبث >> ، وقد كثر الخبث والله ، مما يعجز العقل عن وصفه ، واللسان عن ذكره .
حكم الدراسة في الجامعات التي فيها اختلاط .
إن تحريم الدراسة في الجامعة المختلطة ليس من أجل العلم في الجملة - وإن كانت هناك بعض العلوم لا يجوز دراستها - وإنما التحريم جاء من أجل الاختلاط ،وما يحلقه من مفاسد كسفر المرأة للدراسة بدون محرم ، وخروجها دون حياء ولا حشمة كاسيات عارية ، في تبرج لم يكن في الجاهلية، وسكنها في إقامة جامعية غلب عليها الفساد ، بل أصبحت شبه أوكار للرذيلة والعياذ بالله ، وما أخبار المخدرات ، وانتشار الفاحشة ، وأولاد الزنا والاغتصاب وغير ذلك مما تطالعنا به الجرائد يوميا والإحصائيات التي تقوم بها الجهات الرسمية وغير الرسمية لأكبر شاهد مما أصبح ينذر بالخطر ، بل إن الفساد أصبح علنا حتى كاد أن يغطي على الجوانب الإيجابية الباقية في جناح الجامعة والمدرجات ، وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولقد جاءتني بعض الرسائل ، والأسئلة من بعض إخواننا الطيبين وأخواتنا الطيبات الملتزمات يستفسرون عن حكم الدراسة في هذه الجامعات التي جمعت من كل الشر ، إلا العلم بالقيم والمبادئ التي كانت في أجدادنا ممن نراهم اليوم يتحسرون على الحال التي وصلت إليها معاقل العلم ، وحصون التربية ، ويذكرون أن بعض الأفاضل ممن يحسب على العلم ، والمنهج السلفي يفتون بالجواز مع تفصيل في ذلك ، بل وبعضهم ينسب ذلك إلى الشيخ الفاضل والعلامة الراحل محمد بن صالح العثيمين ، والشيخ محمد ابن إبراهيم – رحمهما الله – فأحببت أن
أشارك بهذه المداخلة المتواضعة ، وأبين خطأ القول بجواز الدراسة في الجامعة ، وخطأ نسبة القول للشيخ العثيمين والشيخ محمد بن إبراهيم بالجواز ..
السبب الأول الذي من أجله تمنع المرأة من الدراسة في الجامعة وغيرها من المدارس هو أن هذه الوسيلة ما وجدت إلا من أجل ضرب الإسلام والقضاء على دور المسجد ، ودور العلم من معاهد ، وكتاتيب ، وإخراج المرأة من بيتها بحجة الدراسة والمشاركة في البناء من أجل التقدم الحضاري - زعموا – وغير ذلك من الدسائس التي هدموا بها حضارة الحياء والحشمة ، وهتكوا بها جدار الستر والمفاصلة بين الرجال والنساء الذي جعله الشارع الحكيم حتى يحفظ به الضروريات الخمس .
ثانيا : إن العلم الذي تطلبه المرأة ليس بفرض عين عليها ، ولا بفرض كفائي وما كان منه كذلك لا يجوز لها أن تخرج من أجله ، وأن تسافر المسافات البعيدة لتحصيله ..
ولو صح أن يقال أنه- فرض عين ، أو فرض كفائي - فيجب عليها أن تتعلم المعلوم من الدين بالضرورة ، وغيره من العلوم التي تحتاجها الأمة ...
فيجاب عليه : بأن هذا العلم- المعلوم من الدين بالضرورة- لتصحح به عبادتها تستطيع أن تطلبه وأن تتعلمه خارج هذه المؤسسات ،ويقال أيضا ، إن العلم اليوم موجود وهو يدخل على الناس البيوت ، ويأتي عليهم ، بعدما كان يؤتى ، والعلماء وطلبة العلم متوافرون ، ووسائل العلم المشروعة موجودة متوفرة بكثرة والحمد لله ، فما عليها إلا أن تجتنب ما يخالف دينها ويعرضها لسخط ربها عليها .
ثالثا: الاختلاط ، وهو بيت القصيد ؛ فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تختلط بالرجال إلا لضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها ، وهنا الضرورة منتفية ، وقد نهى الشرع عن اختلاط الرجال بالنساء ، وأمر المرأة أن تمكث في البيت بعيدا عن مزاحمة الرجال ، فقال سبحانه : {{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }} فقد روى البخاري عن عائشة قالت : أن سودة خرجت لحاجتها بعدما ضرب الحجاب ، يعني بعدما فرض عليهن الجلباب ، قالت : وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ، فرآها عمر بن الخطاب وكان شديد الغيرة على حرم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : يا سودة إنك والله لا تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين ، قالت : فأنكفأت راجعة ، ورسول الله في بيتي في يده عرق ـ - وهو عظم فيه بعض اللحم- يتعشى ، فأخبرته خبر ما قال لها عمر ، فأوحي إليه ثم كشف عنه ، فقال لها صلى الله عليه وسلم: << قد أذن لكن أن تخرجن في حاجتكن >> قال بعض العلماء : قوله : حاجتكن يعني قضاء الحاجة ، لأنه في ذلك الزمان لم تتخذ الحشوش والكنف [ أي بيوت الخلاء ] في البيوت ، فأذن لهن أن يخرجن لقضاء الحاجة خارج البيوت ، ومع ذلك فإن عمر رضي الله عنه ، يريدهن أن يخرجن لذلك متحجبات في الأوقات التي ليس في الطريق ولا رجل واحد ، ومن هنا قال بعض العلماء أنه لا يجوز لهن أن يخرجن من بيوتهن
لغير قضاء حاجتهن ، ولكن المحققون من أهل العلم كالحافظ ابن حجر وغيره ردوا هذا القول وجعلوه تحجيرا لما وسع الله عليهن ، وقالوا يجوز لهن أن يخرجن لغير ذلك من حوائجهن كالخروج إلى المسجد ، والحج والعمرة ، وزيارة الأقارب ، وغير ذلك ..مما لهن فيه حاجة وعلى ذلك كانت المؤمنات وأمهات المؤمنين في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا تخرج إلا بشروط ، منها : أنها تخرج متحجبة كما أمرها الله ، وتمشي على استحياء مطأطئة رأسها ، غاضة بصرها ، لا تلتفت يمنة ويسرة ، وكأنها تبحث عن شيء عزيز فقدته ، أو كأنها تقول للرجال : ألا تروني ؟ أما تعرفوني ؟ أنا خضراء الدمن الفاتنة ، ولا ينبغي لها أن تتوسط الطريق ، بل عليها بحافته ، وأن تجتنب المواطن التي يعتادها الرجال ، وأن تجتنب الطيب والعطور ، وأن لا تضرب برجليها حتى لا تظهر زينتها من تمايل في مشيتها ،أو إحداث أصوات ، لتلفت النظر إليها ، تمشي في حشمة ظاهرة ، وتواضع من غير ذل وإهانة ، وعزة من غير تكبر ، وأنوثة من غير ترجل ، من رآها احترمها ، وازداد غيرة على محارم المسلمين ، فلا يؤديها ، بل لو تعرضت للأذى من بعض المنافقين مرضى القلوب ، لافتداها بنفسه وماله كما حصل في المدينة من الأنصاري الذي دفع نفسه ثمنا للدفاع عن عرض المسلمة التي تعرضت لأذى اليهودي وكانت تلك الحادثة سببا لإجلائهم من المدينة .
يتبع إن شاء الله...
بسم الله الرحمن الرحيم .
إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد: الاختلاط محرم شرعا :
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه " حراسة الفضيلة ".
إن العفة حجاب يمزقه الاختلاط ، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق و المباعدة بين المرأة و الرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي – كما تقدم – مجتمع فردي لا زوجي، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن ، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية .
كل هذا لحفظ الأعراض، والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الريب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساسية في بيتها؛ ولذا حرم الاختلاط، سواء في التعليم أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة، والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض، ومرض القلوب، وخطرات النفوس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة.
ولهذا فإن أهل الإسلام لا عهد لهم باختلاط نسائهم بالرجال الأجانب عنهن، وإنما حصلت أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض الإسلام من خلال : (( المدارس الاستدمارية الأجنبية العالمية )) التي فتحت أول ما فتحت في بلاد الإسلام في : (( لبنان )) كما بينته في كتاب : (( المدارس الاستعمارية – الأجنبية العالمية تاريخها وخاطرها على الأمة الإسلامية )).
وقد علم تاريخيا أن ذلك من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا، وإخضاعها؛ بتضييع مقومات كرامتها، وتجريدها من الفضائل- ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم - .
كما علم تاريخيا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات، وزوال الدول، كما كان ذلك لحضارة اليونان والرومان؛ وهكذا عواقب الأهواء والمذاهب المضلة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في : (( الفتاوى : 13/182 )) : ( إن دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المعطل وغيره من الأسباب ) انتهى .
وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في (( الطرق الحكمية)) ص 324-326 : ما مختصره : ( فصل: ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال ).
فالإمام مسئول عن ذلك، والفتنة به عظيمة. قال صلى الله عليه وسلم : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) وفي حديث آخر : أنه قال للنساء: (( لكن حافات الطريق )).
ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكنّ بها كاسيات عاريات ، كالثياب الواسعة ، والرقاق ، ومنعهن من حديث الرجال في الطرقات ، ومنع الرجال من ذلك.
وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة – إذا تجملت وتزينت وخرجت – ثيابها بحبر ونحوه، فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب. وهذا من أدنى عقوبتهن المالية .
وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها، ولا سيما إذا خرجت متجملة؛ بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية، والله سائل ولي الأمر عن ذلك .
وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق.
فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك .
وقال الخلال في ((جامعه)): أخبرني محمد بن يحي الكحال: أنه قال لأبي عبد الله: أرى الرجل السوء مع المرأة ؟
قال : صِح به. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: << أن المرأة إذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية >>.
ويمنع المرأة إذا أصابت بخورا أن تشهد عشاء الآخرة في المسجد. فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : << المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان >> .
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة. واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطاعون العام المتصل والمفصل .
ولما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة، أرسل الله عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفا . والقصة مشهورة في كتب التفاسير.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات. ولو علم أولياء الأمور ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية – قبل الدين – لكانوا أشد شيء منعا لذلك). انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .
و سأصف هنا واقع الاختلاط الذي يجيزه بعض من يحسب على العلم ، وينتسب إلى منهج السلف الصالح ، ثم أعطي حكم الدراسة في الجامعات المختلطة ، وحكم عمل المرأة في الوظائف المختلطة كذلك ثم أنقل فتاوى بعض أهل العلم في ذلك تدعيما وتدليلا لما أقول ، وان الحق معهم سدا لذرائع الفساد ، والله أسأل أن يرينا الحق حقا وان يرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصف واقع الاختلاط .
إن المتأمل في واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ، في المدارس والجامعات ومؤسسات العمل ليرى الاختلاط قد عم وطم بأشكال وأنواع كثيرة كانت سببا في القضاء على كثير من قيم ديننا الحنيف ، فالحياء قد رفع ، والحشمة قد ولت ، والعفة كادت أن تغطيها الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
إن المدارس التربوية ، والجامعات أصبحت أوكارا للفساد وترويج للدخان والمخدرات ، وللقاءات المشبوهة بين الجنسين ، وإبراز مفاتن المرأة في عري فاضح ، لم يكن عليه أهل الجاهلية الأولى، ومعرض لتجار الرذيلة ، ومنتزه لصيد الجميلات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فلا تكاد تسلم منه فتاة ،أو طالبة حتى تلك الملتزمات – زعمن - إلا من رحم الله وقليل ما هن ،هذا في دور العلم ، أما في دور وظائف العمل فحدث ولا حرج ..حيث لا وجود للحشمة والحياء ،ترى المرأة تنبسط للموظف في أي مرتب كان انبساطا لا حدود له ، وكأنه أحد محارمها ، أو كأنه زوجها - وربما تكون متزوجة- وزوجها في عمل آخر ، أو أمامها يراها ولا يحرك ساكنا، قد ماتت الغيرة في الرجال ، وانتزع الحياء من النساء ، تخرج المرأة في الصباح سافرة متبرجة بزينة وكأنها تزف إلى عريسها ، فتحدث هذا ، وتصافح من تجده ، وتقبل زميلها ، وتضحك مع ذاك ، وتجلس إلى جنبه وإليه حتى لو كانت متزوجة ، وربما تغازل من يعجبها أو من افتتنت بذكائه أو منصبه ، أو جماله ، أو ماله ، قد مات الضمير ، وقست القلوب فلا رقابة لله ولا خوف منه سبحانه ، وأصبحنا ننذر بالخطر ، فقد قالت أم سلمة رضي الله عنها : أنهلك وفينا الصالحون قال : نعم ، إذا كثر الخبث >> ، وقد كثر الخبث والله ، مما يعجز العقل عن وصفه ، واللسان عن ذكره .
حكم الدراسة في الجامعات التي فيها اختلاط .
إن تحريم الدراسة في الجامعة المختلطة ليس من أجل العلم في الجملة - وإن كانت هناك بعض العلوم لا يجوز دراستها - وإنما التحريم جاء من أجل الاختلاط ،وما يحلقه من مفاسد كسفر المرأة للدراسة بدون محرم ، وخروجها دون حياء ولا حشمة كاسيات عارية ، في تبرج لم يكن في الجاهلية، وسكنها في إقامة جامعية غلب عليها الفساد ، بل أصبحت شبه أوكار للرذيلة والعياذ بالله ، وما أخبار المخدرات ، وانتشار الفاحشة ، وأولاد الزنا والاغتصاب وغير ذلك مما تطالعنا به الجرائد يوميا والإحصائيات التي تقوم بها الجهات الرسمية وغير الرسمية لأكبر شاهد مما أصبح ينذر بالخطر ، بل إن الفساد أصبح علنا حتى كاد أن يغطي على الجوانب الإيجابية الباقية في جناح الجامعة والمدرجات ، وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولقد جاءتني بعض الرسائل ، والأسئلة من بعض إخواننا الطيبين وأخواتنا الطيبات الملتزمات يستفسرون عن حكم الدراسة في هذه الجامعات التي جمعت من كل الشر ، إلا العلم بالقيم والمبادئ التي كانت في أجدادنا ممن نراهم اليوم يتحسرون على الحال التي وصلت إليها معاقل العلم ، وحصون التربية ، ويذكرون أن بعض الأفاضل ممن يحسب على العلم ، والمنهج السلفي يفتون بالجواز مع تفصيل في ذلك ، بل وبعضهم ينسب ذلك إلى الشيخ الفاضل والعلامة الراحل محمد بن صالح العثيمين ، والشيخ محمد ابن إبراهيم – رحمهما الله – فأحببت أن
أشارك بهذه المداخلة المتواضعة ، وأبين خطأ القول بجواز الدراسة في الجامعة ، وخطأ نسبة القول للشيخ العثيمين والشيخ محمد بن إبراهيم بالجواز ..
السبب الأول الذي من أجله تمنع المرأة من الدراسة في الجامعة وغيرها من المدارس هو أن هذه الوسيلة ما وجدت إلا من أجل ضرب الإسلام والقضاء على دور المسجد ، ودور العلم من معاهد ، وكتاتيب ، وإخراج المرأة من بيتها بحجة الدراسة والمشاركة في البناء من أجل التقدم الحضاري - زعموا – وغير ذلك من الدسائس التي هدموا بها حضارة الحياء والحشمة ، وهتكوا بها جدار الستر والمفاصلة بين الرجال والنساء الذي جعله الشارع الحكيم حتى يحفظ به الضروريات الخمس .
ثانيا : إن العلم الذي تطلبه المرأة ليس بفرض عين عليها ، ولا بفرض كفائي وما كان منه كذلك لا يجوز لها أن تخرج من أجله ، وأن تسافر المسافات البعيدة لتحصيله ..
ولو صح أن يقال أنه- فرض عين ، أو فرض كفائي - فيجب عليها أن تتعلم المعلوم من الدين بالضرورة ، وغيره من العلوم التي تحتاجها الأمة ...
فيجاب عليه : بأن هذا العلم- المعلوم من الدين بالضرورة- لتصحح به عبادتها تستطيع أن تطلبه وأن تتعلمه خارج هذه المؤسسات ،ويقال أيضا ، إن العلم اليوم موجود وهو يدخل على الناس البيوت ، ويأتي عليهم ، بعدما كان يؤتى ، والعلماء وطلبة العلم متوافرون ، ووسائل العلم المشروعة موجودة متوفرة بكثرة والحمد لله ، فما عليها إلا أن تجتنب ما يخالف دينها ويعرضها لسخط ربها عليها .
ثالثا: الاختلاط ، وهو بيت القصيد ؛ فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تختلط بالرجال إلا لضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها ، وهنا الضرورة منتفية ، وقد نهى الشرع عن اختلاط الرجال بالنساء ، وأمر المرأة أن تمكث في البيت بعيدا عن مزاحمة الرجال ، فقال سبحانه : {{ وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }} فقد روى البخاري عن عائشة قالت : أن سودة خرجت لحاجتها بعدما ضرب الحجاب ، يعني بعدما فرض عليهن الجلباب ، قالت : وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ، فرآها عمر بن الخطاب وكان شديد الغيرة على حرم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : يا سودة إنك والله لا تخفين علينا ، فانظري كيف تخرجين ، قالت : فأنكفأت راجعة ، ورسول الله في بيتي في يده عرق ـ - وهو عظم فيه بعض اللحم- يتعشى ، فأخبرته خبر ما قال لها عمر ، فأوحي إليه ثم كشف عنه ، فقال لها صلى الله عليه وسلم: << قد أذن لكن أن تخرجن في حاجتكن >> قال بعض العلماء : قوله : حاجتكن يعني قضاء الحاجة ، لأنه في ذلك الزمان لم تتخذ الحشوش والكنف [ أي بيوت الخلاء ] في البيوت ، فأذن لهن أن يخرجن لقضاء الحاجة خارج البيوت ، ومع ذلك فإن عمر رضي الله عنه ، يريدهن أن يخرجن لذلك متحجبات في الأوقات التي ليس في الطريق ولا رجل واحد ، ومن هنا قال بعض العلماء أنه لا يجوز لهن أن يخرجن من بيوتهن
لغير قضاء حاجتهن ، ولكن المحققون من أهل العلم كالحافظ ابن حجر وغيره ردوا هذا القول وجعلوه تحجيرا لما وسع الله عليهن ، وقالوا يجوز لهن أن يخرجن لغير ذلك من حوائجهن كالخروج إلى المسجد ، والحج والعمرة ، وزيارة الأقارب ، وغير ذلك ..مما لهن فيه حاجة وعلى ذلك كانت المؤمنات وأمهات المؤمنين في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا تخرج إلا بشروط ، منها : أنها تخرج متحجبة كما أمرها الله ، وتمشي على استحياء مطأطئة رأسها ، غاضة بصرها ، لا تلتفت يمنة ويسرة ، وكأنها تبحث عن شيء عزيز فقدته ، أو كأنها تقول للرجال : ألا تروني ؟ أما تعرفوني ؟ أنا خضراء الدمن الفاتنة ، ولا ينبغي لها أن تتوسط الطريق ، بل عليها بحافته ، وأن تجتنب المواطن التي يعتادها الرجال ، وأن تجتنب الطيب والعطور ، وأن لا تضرب برجليها حتى لا تظهر زينتها من تمايل في مشيتها ،أو إحداث أصوات ، لتلفت النظر إليها ، تمشي في حشمة ظاهرة ، وتواضع من غير ذل وإهانة ، وعزة من غير تكبر ، وأنوثة من غير ترجل ، من رآها احترمها ، وازداد غيرة على محارم المسلمين ، فلا يؤديها ، بل لو تعرضت للأذى من بعض المنافقين مرضى القلوب ، لافتداها بنفسه وماله كما حصل في المدينة من الأنصاري الذي دفع نفسه ثمنا للدفاع عن عرض المسلمة التي تعرضت لأذى اليهودي وكانت تلك الحادثة سببا لإجلائهم من المدينة .
يتبع إن شاء الله...
تعليق