إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

لمحة عن دين النصارى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لمحة عن دين النصارى

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فيقول "شيخ الإسلام ابن تيمية" -رحمه الله-: "وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وجعله سلمًا إلى الدراية. فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة، أهل الإسلام والسنة، يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والقويم. وغيرهم من أهل البدع والكفار إنما عندهم منقولات يأثرونها بغير إسناد، وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل، ولا الحالي من العاطل . وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة؛ فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المَيْن، كما يظهر الصبح لذي عينين، عصمهم الله أن يجمعوا على خطأ في دين الله معقول أو منقول". "مجموع الفتاوى: 1/9".
    فمنذ اختلاف النصارى حول ألوهية المسيح -عليه السلام- وعقد مجمع نيقية عام "325م"، ثم استصدار قانون الإيمان المسيحي الذي يقرر ألوهية المسيح، تم اختيار أربعة أناجيل عليها مدار إيمان طوائف النصارى، وهي أناجيل "متى" و"مرقس" و"لوقا" و"يوحنا".
    والسؤال الذي يطرح نفسه:
    لماذا اختيرت هذه الأناجيل الأربعة دون غيرها مما هو أقدم منها؟
    فقد أثبتت المخطوطات أن إنجيل "يهوذا" وجد في القرن الثالث الميلادي، أي قبل ظهور المجامع المسكونية التي اختيرت فيها تلك الأناجيل الأربعة في القرن الرابع الميلادي! فكان الأولى أن يقدم إنجيل "يهوذا" على هذه الأناجيل، هذا إن تنزلنا في ثبوت إنجيل "يهوذا" أصلاً، وإلا فإنه ينطبق عليه ما ينطبق على هذه الأناجيل من فقدان السند المتصل إلى كاتبه.
    وهذا السؤال وحده كاف لنفي قداسة تلك الأناجيل، فضلاً عن التدقيق والتحقيق حول أي منها، إذ لا يجد النصارى أي جواب حول سبب تقديم هذه الأناجيل الأربعة على السبعين التي رفضها مجمع نيقية.
    وأما تفاصيل الشكوك التي تنقض هذه الأناجيل فإليك بيانها:
    1- ينقسم الكتاب الذي يؤمن به النصارى إلى قسمين؛ الأول منهما يطلق عليه: "العهد القديم" وهو عبارة عن أسفار موسى -عليه السلام- وأسفار أخرى منسوبة لغيره من الأنبياء، ويطلق على ذلك تجوزًا اسم "التوراة" وإن كان إطلاقها في الأصل على أسفار موسى فقط.
    2- والنصف الثاني من الكتاب هو "العهد الجديد"؛ الذي كتبه ثمانية رجال وهم: "متى" و"مرقس" و"لوقا" و"يوحنا"؛ أصحاب الأناجيل الأربعة، و"بولس"، و"بطرس" و"يعقوب" و"يهوذا".
    3- يزعم النصارى أن بعض هؤلاء من "حواريي المسيح" وهم: "متى" و"يوحنا" و"بطرس" و"يعقوب" و"يهوذا"، وأما "بولس" و"مرقس" فتنصرا بعد رفع "المسيح"، وأما "لوقا" فهو تلميذ "بولس".
    4- يتكون "العهد الجديد" والذي يطلق عليه مجازًا اسم "الإنجيل" من: الأناجيل الأربعة، ورسائل العهد الجديد التي تتكون من سفر أعمال الرسل الذي كتبه "لوقا"، ثم "رسائل بولس الأربع عشرة"، ثم "الرسائل الكاثوليكية السبعة"؛ ثلاث منها لـ"يوحنا"، وثنتان لـ"بطرس"، وواحدة لكل من "يعقوب" و"يهوذا"، ثم رؤيا "يوحنا". فيكون مجموع الأسفار كلها "سبعة وعشرين سفرًا".
    أولاً "إنجيل متى":
    1- يتكون "إنجيل متى" من "28" إصحاحًا تحكي حياة "المسيح" -عليه السلام-، وتزعم الكنيسة أن متى كاتب الإنجيل هو متى الحواري تلميذ المسيح والذي ورد اسمه في "إنجيل متى" "10: 3".
    2- اختلف علماء النصارى حول توقيت كتابة "إنجيل متى" هل كان سنة "37" أو "38" أو "41" أو "43" أو "48" أو "61" أو "62" أو "63" أو "64"؟، ويرى المحققون أنه كتب الفترة من "85" إلى "105" من الميلاد.
    3- اختلف علماء النصارى حول اللغة التي كُتب بها "إنجيل متى" ومكان كتابته، وأكثرهم على أن "متى" استعمل اللغة العبرانية، فكتب إنجيله بها لليهود المتنصرين في "فلسطين"، والذين كانوا ينتظرون شخصًا موعودًا من نسل "إبراهيم" و"داود"، ثم ترجمه المترجمون كل واحد على قدر فهمه واستطاعته، وأما متى فهو لم يترجم إنجيله لليونانية، والمترجم غير معروف من هو.
    4- أما نسخة "إنجيل متى" الموجودة الآن باللغة العبرانية فهي مترجمة عن الترجمة اليونانية، ولا يوجد عندهم سند هذه الترجمة، ولا يعرفون اسم المترجم ولا أحواله كما اعترف بذلك القس "جيروم" - 420م"، ولكنهم يقولون بالظن: لعل فلانًا أو فلانًا ترجمه، وبمثل هذا الظن لا يثبت إسناد الكتاب إلى مصنفه.
    5- ليس هناك ثمة دليل على أن متى كاتب الإنجيل هو متى الحواري المذكور في الإنجيل، بل الأدلة الواضحة على خلاف ذلك تمامًا، فمن ذلك:
    - أن "متى" اعتمد في إنجيله على "إنجيل مرقس"، فقد نقل من "مرقس" "600" فقرة من فقراته التي بلغت "612" فقرة!! وهذا شيء مسلم به عند كافة النصارى كما يقول "القس فهيم عزيز".
    فإذا كان "متى" التلميذ هو كاتب الإنجيل فكيف ينقل عن "مرقس" الذي كان عمره عشر سنوات أيام دعوة "المسيح"؟ هل ينقل الشاهد المعاين للأحداث عن الغائب الذي لم يشهدها؟!!
    - وأما ما تزعمه الكنيسة من أن "متى" كاتب الإنجيل هو نفسه المذكور في الإنجيل، فلماذا يتحدث عن نفسه بصيغة الغائب فيقول "9: 9": "وفيما يسوع مجتاز هناك رأى إنسانًا عند مكان الجباية اسمه متى فقال له اتبعني فقام وتبعه". ولو كان "متى" هو نفسه التلميذ لقال: "رآني"، "قال لي"، "تبعته".
    - كذلك مما يؤيد عدم نسبة هذا الإنجيل إلى "متى" أن أكثر الشراح والمحققين يرون أن الإنجيل كتب بعد عام "70م" وهي السنة التي مات فيها متى الحواري!!
    ولِما سبق فإن كثيرًا من علماء النصارى ينكرون نسبة "إنجيل متى" إلى تلميذ "المسيح"، ويؤيدون القول بجهالة كاتبه، ومن هؤلاء: القديس "وليمس"، والأب "ديدون"، والبروفيسور "هارنج"، والقس "فهيم عزيز"، ومفسر "إنجيل متى": "جون فنتون".
    ثانيًا "إنجيل مرقس":
    1- يتكون "إنجيل مرقس" من "16" إصحاحًا تحكي حياة "المسيح" منذ تعميده وحتى صلبه المزعوم، وهو أقصر الأناجيل، ويعتبره النقاد أصحها كذلك، ويكادون يجمعون على أنه أول الأناجيل تأليفـًا، وأن "متى" و"لوقا" اعتمدا عليه في كتابة إنجيليهما.
    2- اختلف علماء النصارى حول توقيت كتابة "إنجيل مرقس" فيما بين سنة "39" إلى سنة "75" من الميلاد.
    3- اختلف علماء النصارى حول اللغة التي كتب بها الإنجيل ومكان كتابته، فالأكثرون على أنه كتب باللغة اليونانية، وذكر بعضهم أنه كتب باللاتينية أو الرومانية، وأما مكان كتابته فقيل في روما وقيل في الإسكندرية.
    4- لا يُعرف من هو "مرقس" هذا الذي كتب الإنجيل، ويتفق علماء النصارى أنه لم يعاصر "المسيح" -عليه السلام-، وأنه كان من تلامذة "بطرس" و"بولس".
    يقول "دنيس نينهام" في تفسيره لـ"إنجيل مرقس" ص39: "لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة وعلاقة خاصة بالمسيح، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى".
    5- تزعم الكنيسة أن "مرقس" هو "يوحنا مرقس" المذكور في أعمال الرسل "12: 12، 25"، وفي ذلك يقول "دنيس نينهام": "لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم "مرقس" كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعًا في الإمبراطورية الرومانية؛ فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة".
    6- كذلك من مشاكل "إنجيل مرقس" خاتمته، ذلك أن الأعداد من 9 إلى 20 -التي تتحدث عن ظهور المسيح ودعوته التلاميذ لتبشير العالم بالإنجيل- هذه تعتبر إلحاقية، أي أنها أضيفت فيما بعد بحوالي "110" سنة بعد كتابة الإنجيل، فلم تظهر لأول مرة إلا حوالي سنة "180م"، كما يقول"دنيس نينهام" في "تفسير إنجيل مرقس" ص11.
    ثالثـًا "إنجيل لوقا":
    1- هو أطول الأناجيل؛ إذ يتكون من "24" إصحاحًا، يتحدث الإصحاحان الأولان منها عن "نبي الله يحيى -عليه السلام-" الذي يدعونه "يوحنا المعمدان"، وتتحدث باقي الإصحاحات عن سيرة "المسيح" حتى القيامة المزعومة، وقد اعتمد "لوقا" في كتابته على "إنجيل مرقس"؛ إذ نقل عنه "350" فقرة من فقراته التي تبلغ "661" فقرة.
    2- اختلفت الآراء حول توقيت كتابة هذا الإنجيل في الفترة بين عامي "53" و "80" من الميلاد.
    3- اتفق علماء النصارى على أن "لوقا" لم يكن من تلامذة "المسيح"، وأنه لم يكن يهوديًا، وأنه كان رفيق "بولس" المذكور في كولوسي "4: 14".
    4- يبدأ "إنجيل لوقا" بهذه العبارة: "إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة؛ رأيت أنا أيضًا إذ تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز "ثاوفيلس" لتعرف صحة الكلام الذي علمت به".
    وهي بظاهرها تثبت أن "لوقا" لم يكن يكتب بإلهام من الروح القدس -كما يزعم النصارى-، بل كان يتسلم معلوماته من الذين كانوا معاينين وخدامًا للمسيح، وهو في ذلك يتتبع ويدقق ويرسل رسائله على التوالي إلى صديقه "ثاوفيلس" الذي لم يعرف علماء النصرانية من يكون إلى الآن!! ولذلك أنكر إلهامية هذا الإنجيل عدد من كبار علماء النصارى منهم "مستر كدل" و"واتسون".
    5- يؤكد المحققون أن "لوقا" لم يكتب الإصحاحين الأولين من إنجيله، وأنهما ألحقا بالإنجيل بعد ذلك؛ لأن "لوقا" يقول في أعمال الرسل "1: 1" -وهو كاتبه أيضًا-: "الكلام الأول الذي أنشاته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي ارتفع فيه". والإصحاحان الأولان إنما يتكلمان عن ولادة المسيح لا عن أعماله.
    رابعًا "إنجيل يوحنا":
    1- هو أكثر الأناجيل أهمية لدى النصارى؛ إذ إنه كتب لإثبات "ألوهية المسيح". ويتكون هذا الإنجيل من "21" إصحاحًا تتحدث بأسلوب يختلف تمامًا عن الأناجيل الثلاثة السابقة، وتنسبه الكنيسة إلى "يوحنا الصياد" أحد "حواريي المسيح".
    2- اللغة التي كتب بها الإنجيل هي اليونانية باتفاق النصارى، ولكن اختلفوا في مكان كتابته، فقيل في "تركيا" وقيل في "الإسكندرية".
    3- يختلف "إنجيل يوحنا" في أسلوبه ومضمونه عن الأناجيل الثلاثة الأخرى، فهو الإنجيل الوحيد الذي يتحدث عن "ألوهية المسيح"، وهو الوحيد الذي يتحدث عن "نظرية الفيض" المعروفة عند "فيلون الإسكندراني"، ولا يمكن لصائد السمك "يوحنا" أن يكتبه، خاصة أنه عامي كما وصفه سفر أعمال الرسل "4: 13": "فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا"؛ ولذلك تقول دائرة المعارف الأمريكية "13/73" ما نصه: "إن هناك مشكلة هامة وصعبة تنجم عن التناقض بين الإنجيل الرابع والثلاثة المتشابهة. إن الاختلاف بينهم عظيم، لدرجة أنه لو قبلت الأناجيل المتشابهة باعتبارها صحيحة وموثوقـًا فيها فإن ما يترتب على ذلك هو عدم صحة إنجيل يوحنا".
    4- لا يظهر في أي موضع من هذا الإنجيل أن كاتبه هو "يوحنا الحواري" تلميذ المسيح، ولو كان كذلك لكتب الحالات التي رآها بعينه أو الحوادث التي وقعت بحضوره، بل تشهد عبارات هذا الإنجيل على أن كاتبه شخص آخر غير "يوحنا الحواري"؛ فهو يقول في ختام هذا الإنجيل "21: 24": "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أن شهادته حق"؛ فاستعمل الكاتب في حق يوحنا ضمير الغائب، لكنه قال في حق نفسه نعلم على صيغة المتكلم، فثبت أن كاتبه غير يوحنا الحواري قطعًا.
    5- كذلك؛ فإنه بالنظر إلى تاريخ كتابة الإنجيل، فإن النصارى اختلفوا في ذلك في الفترة بين عامي "68" و"98" من الميلاد، وهذا يقطع بعدم صحة نسبة هذا الإنجيل إلى "يوحنا الحواري"؛ فإن "يوحنا الحواري" مات مشنوقـًا عام "44م" على يد "غريباس الأول"، كما يقول "تشارلز ألفريدط و"روبرت إيزلز".
    6- نفى كثير من محققي النصارى نسبة هذا الإنجيل إلى "يوحنا الحواري"، فيقول المحقق "رطشنبدر": "إن هذا الإنجيل كله، وكذا رسائل "يوحنا" ليست من تصنيفه، بل صنفها أحد في ابتداء القرن الثاني، ونسبه ليوحنا ليعتبره الناس"، ويرى "يوسف الخوري" أن كاتب الإنجيل هو تلميذ يوحنا المسمى "بروكلوس".
    بينما يذهب آخرون إلى أن هناك أكثر من كاتب لهذا الإنجيل، وإلى هذا يذهب المحقق "كولمان".
    بينما يجيب القس "فهيم عزيز" عن سؤال: "من الكاتب الحقيقي للإنجيل؟". فيقول: "هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة، وغالبًا ما تنتهي بالعبارة: لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل".الخلاصة:
    1- باستحضار ما سبق؛ فإنه من الطبيعي جدًا أن يظهر التناقض والاختلاف في تلك الأناجيل، إذ إنها لا تعبر إلا عن وجهة نظر شخصية لكل واحد من الكتبة المجهولين لهذه الأناجيل، فلو سلمنا جدلاً بصحة واحد منها، فإن الحكم المتقرر من ذلك هو عدم صحة الباقين، وعلماء النصرانية أنفسهم يعترفون بوجود الاختلاف بين الأناجيل كما سبق بيانه.
    2- مسألة إسناد الأناجيل من المسائل التي تقطع بنقض هذه الأناجيل، والتي لا يمكن للنصارى أن يجدوا لها جوابًا حتى قال "فيلسيان شالي" في كتابه "موجز تاريخ الأديان" ص230: "هذه المسألة تثير صعوبات من كل الأنواع، أما اليوم فإنه ينظر إلى الأناجيل جملة كما لو أنها كتب مجهولة المؤلف". ونسب هذا القول إلى المؤرخ "منتت" في كتابه "تاريخ الكتاب المقدس".
    3- طلب الشيخ "رحمت الله الهندي" مرارًا من علماء النصارى في مناظراته لهم بيان السند المتصل لأي كتاب من كتب العهدين، فاعتذروا بأن سبب فقدان السند المتصل هو وقوع المصائب والفتن على النصارى إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة.
    فثبت أنهم يقولون في أسانيد كتبهم بالظن والتخمين الذي لا يغني شيئًا، ودل امتناعهم عن الإتيان بسند متصل لأي كتاب من كتب العهدين على عدم قدرتهم على ذلك، فلو قدروا ما قصروا، وثبت بالوجه القطعي أن كتبهم فاقدة للسند المتصل، ولا يصح بحال نسبة القداسة والعصمة لكتب هذا شأنها.
    وبذلك فقد ثبت ما كان يقوله "عبد الله بن المبارك" -رحمه الله-: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
    أين إنجيل المسيح؟؟!!
    مع ما سبق حول بيان عدم صحة هذه الأناجيل الأربعة؛ فلنا أن نسأل النصارى: أين إنجيل المسيح؟ فهم المطالبون بإخراجه وإظهاره؛ إذ إنهم يدعون للانتساب للمسيح وتعاليمه ودعوته، فليظهروا إنجيله إن كانوا صادقين.
    أما نحن فنعتقد أن إنجيل المسيح قد تم تحريفه وتغييره، ولم يعد له ذكر إلا بقايا قليلة في الأناجيل الموجودة، قدر الله ألا تصل إليها يد التحريف، ومن هذه البقايا نصوص ورد فيها ذكر إنجيل المسيح -عليه السلام-، ودعوته الناس للإيمان به.
    ومن هذه النصوص ما ورد في "إنجيل مرقس 1: 14-15":
    "وبعدما أُسلم "يوحنا" جاء "يسوع" إلى الجليل "يكرز" ببشارة ملكوت الله ويقول: قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل".
    وكذلك ما ورد في إنجيل "مرقس" أيضًا "8: 35": "من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها".
    وكذلك ما ورد في "متى 26: 13" من قول المسيح في المرأة التي سكبت الطيب عند قدميه: "الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضًا ما فعلته هذه تذكارًا لها".
    بل إن "رسائل بولس" التي ألفت في النصف الثاني من القرن الأول تتحدث في نصوص كثيرة عن "إن المسيح"، ولا تذكر شيئًا عن الأناجيل الأربعة، فلم يكن كتب منها أي شيء في حياة "بولس"، إذ إنه قتل سنة "62م" بينما يذهب محققو النصارى أن "مرقس" كتب إنجيله -وهو أقدم الأناجيل- سنة "65م"، وأما "بولس" فقد أكثر من ذكر "إنجيل المسيح" في رسائله، مثل الذي ذكره في رسالته إلى أهل "غلاطية 1: 6-8"، ورسالته الأولى إلى أهل "كورنثوس 9: 12-14".
    وكل هذه النصوص قاطعة بوجود "إنجيل المسيح"، لا كما يزعم بعضهم أنه لا وجود له؛ لزعمهم أن "المسيح" هو الرب الذي يوحي لا الذي يوحى إليه، وهذه النصوص المذكورة تبطل ما ادعوه من عدم وجود "إنجيل المسيح" ومن كونه هو الرب، بل تثبت أن المسيح عبد رسول، قد بشر بالإنجيل الذي أرسل به من عند الله، والذي آمن به الحواريون.
    فأين هو إنجيل المسيح؟!
    ثم إعلم يا أخي:
    أن المسيح عليه السلام من جملة البشر ليس له من الربوبية والألوهية مثقال ذرة بل هو نبي أرسل إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله فقط كما قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ﴿116﴾ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ...) [ المائدة ]
    ومعجزة خلقه من أم دون أب ليست أعظم من معجزة خلق آدم عليه السلام الذي خُلق من دون أب و أم ثم إن التوراة بشرت بأنبياء ولم تبشر بأن الله سبحانه سوف يكون له ولد أو أنه سوف ينزل من السماء عن عرشه ويستقر في رحم امرأة تسعة أشهر! تتنقل به حتى في قضاء حاجتها في الكُنف ( الحمامات ) ! ويصير من أمره أن تطارده اليهود ! وتقتله ! وتعلقه على خشبه ! – والعياذ بالله - ومن المعلوم أن البشارة بهذا الأمر أعظم من البشارة بالأنبياء ومع ذلك لا يوجد دليل واضح من أسفار أنبياء بني إسرائيل يستند إليه هؤلاء القوم .
    ولما رفع الله المسيح عليه السلام من بين أيدي اليهود إلى السماء كما هو مصرح في القرآن (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴿157﴾ بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿158﴾ [ النساء ]

    وكذلك مصرح في الإنجيل متى 4 : 6 ، ولوقا 4 : 10-11 : ( مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أيادِيهم يحملونك )!

    لوقا 4: 29-30 : ( فقاموا وأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه أسفل . أما هو فجاز في وسطهم ومضى ) !

    لاسيما أن تلاميذ المسيح - عليه السلام – هربوا وتركوه في أيدي اليهود عندما أمسكوا بالشخص الذي ألقى الله عليه الشبه - وهو يهوذا - فلم يحضر التلاميذ ويتحققوا بأعينهم من الحادثة متى الإصحاح السادس والعشرين : ( حينئذ تركه تلاميذه وهربوا ) ومرقس الإصحاح الرابع عشر : ( حينئذ تلاميذه تركوه وهربوا كلهم ) .
    جاءهم بعد ذلك بولس الذي دخل في النصرانية نفاقاً ولم يدرك المسيح ولم يكن من أصحابه الحواريين بل هو من اليهود الفريسيين المتعصبين على النصارى فأحدث في دين النصارى الشيء الكثير وأدخل عليهم الوثنيات حتى الحواري برنابا أحد أصحاب المسيح أحس بخيانة بولس للمسيحية فحصل بينه وبين بولس خصام افترقا على أثرها . قال الدكتور الفرنسي موريس بوكاي - وهو من النصارى الذين أسلموا - في كتابه " دراسة الكتاب المقدس " ص 73 : ( إن بولس أُعتبر خائناً لفكرة المسيح كما وصفته بذلك أسرة المسيح والحواريون ) وقال آتست دي يونس الألماني في كتابه " الإسلام " : ( إن روايات الصلب و الفداء من مخترعات بولس ومن شابهه من المنافقين ) .

    ونحن نجمل أهم بدع بولس وتلاعبه بالنصرانية في عدة نقاط :

    1/ نقلهم من عقيدة التوحيد إلى عقيدة التثليث .

    2/ دعا إلى ألوهية المسيح وألوهية روح القدس ( جبرائيل ) .

    3/ أخترع من عند نفسه بدعة الفداء للتكفير عن خطيئة البشر وهي مساواة بين الراهب المتعبد والمجرم القاتل وأن الناس غير محاسبين على أعمالهم بل قد فداهم المسيح حينما صُلب !! مع وجود ما يخالف هذه العقيدة في كُتبهم كما جاء في العهد القديم : ( لا يقتل الآباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء كل إنسان بخطيئته يقتل ) تثنية 24 : 16 ( في تلك الأيام لا يقولون بعدُ الآباء أكلوا حصرماً وأسنان الأبناء ضرست ؛ بل كل واحد يموت بذنبه ، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه ) ارمياء 31 : 29- 3

    4/ جعل التشريع حقاً للرؤساء الروحانيين بعد أن كان للأنبياء والرسل كما جعل فصل النزاع حقاً للمجامع المسكونية التي أولها في مدينة نيقيا سنة 325 م وآخرها مجمع روما المنعقد سنة 1869م الذي قرر فيه عصمة البابا فمن ذلك الوقت جلس البابا في روما على كرسي بطرس وأصبح حكمه قطعياً ومن القرارات السياسية الهامة التي اتخذها : تبرئة اليهود من دم المسيح !!!

    5/ أباح للنصارى من عند نفسه ترك الختان مع أن المسيح مختتن وقال لهم : ( ها أنا بولس أقول لكم : إن أختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئاً ! ..) رسالة بولس إلى أهل غلاطية . والرد على هذه الشبهة أن المسيح عليه السلام لو كان لا يرى فائدة للختان لم يختتن هو ومن قبله من الأنبياء حتى الطب الحديث أثبت مضار ترك الختان ثم هذا القول تكذيب للمسيح وهم يزعمون أن له نصيب من الربوبية !! فما أعجب هؤلاء القوم كيف خُدعوا ومكر بهم وهم لا يشعرون !

    6/ أباح أكل لحم الخنزير مع أن المسيح لم يبيحه ولم يثبت أنه أكل لحمه.

    7/ ابتداعه فكرة أن المسيح مبعوث لجميع البشر مع أن الإنجيل ينقل من كلام المسيح لمن كانت دعوته : ( لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ! ) متى 15/ 24 ويقصد بذلك أنه مرسل لبني إسرائيل فقط لأن النبي الذي أرسل إلى جميع البشر هو محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُعطيت خمساً لم يُعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيتُ الشفاعة وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصةً وبعثت إلى الناس عامةً ) متفق عليه .

    إلى غير ذلك من البدع التي أدخلها بولس إلى الدين النصراني .
    ثم هؤلاء النصارى كان حالهم خلال 300 سنة تقريباً من ميلاد المسيح أفضل بكثير من حالهم بعد مجمع مدينة نيقية الذي عُقد سنة 325م بأمر الملك قسطنطين أول المتنصرين من ملوك الروم وباني القسطنطينية وكان النقاش يدور في هذا المجمع حول حقيقة المسيح هل هو بشر أو أبن لله أو هو الله !!!

    فانظروا كيف بلغ بهم الحال في شكهم في المسيح بعد هذه السنين الطويلة من ميلاده !!
    وسبب هذا المجمع الذي عُقد أن عالماً من كبار علماء النصارى يقال له آريوس من أهل ليبيا منعه بطريك الإسكندرية من دخول الكنيسة ولعنه فخرج آريوس ومعه أسقفان من الذين يوافقانه على عقيدته إلى قسطنطين في بلده شاكين هذا البطريك على قسطنطين وطلبوا من الملك أن يناظروه أمامه فأحضر قسطنطين البطريك من الإسكندرية إلى نيقية وجمع معهم من بلاد شتى كل بطريك وأسقف وعالم حتى بلغوا 318 شخص وقال الملك لآريوس : اشرح مقالتك : فبين آريوس ( أن المسيح مخلوق وليس إله ) فناظره البطريك بكلام عقلي مستنداً على عقيدة بولس المخالفة لعقيدة المسيح والحواريين فاستحسن الملك قول البطريك ومن حضر من 318 عالم فأمر الملك قسطنطين أن يلعنوا آريوس الموحد وكل من يقول مقالته . ومن ذلك الزمان حُول الدين المسيحي من التوحيد إلى التثليث رسمياً بأمر قسطنطين وفرضت هذه العقيدة على الموحدين قسراً لأن النصارى كانوا قبل هذا المجمع ينقسمون إلى قسمين . الأول : من كان يعتقد بألوهية المسيح وهؤلاء من الذين راجت عليهم بدعة بولس وهم أكثر الوثنيين الذين دخلوا في المسيحية من أوروبا وغيرها فوجدوا ما يوافق عقائدهم والقسم الثاني : كانوا موحدين نابذين لهذه العقيدة التي لا يقبلها عقل ولا شرع وأكثرهم في آسيا الصغرى وفلسطين ومصر ولذا كان بولس يتهم المسيحيين الشرقيين الموحدين بأنهم ارتدوا كما قال في رسالته الثانية إلى تيموشاوس ( أنت تعلم هذا أن جميع الذين في آسيا ارتدوا عني ) .

    ومن منطلق حرص آريوس على المسيحية بأن لا يدخلها عقائد الوثنيين جد وأجتهد في بث عقيدته التي تقول أن المسيح بشر مخلوق و روح القدس مخلوق وأن الله هو الإله الحق فقط فانتشرت هذه العقيدة بين العوام بشكل رهيب وأزعجت أهل التثليث فعقدوا مجمع آخر بعد 58 سنة من المجمع الأول يناقشون عقيدة آريوس فقرروا أن روح القدس غير مخلوق فلعنوا آريوس وأصحابه ثم تتابعت مجامعهم في حرب عقيدة آريوس التوحيدية باللسان والسنان إلى وقتنا الحاضر . ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل ملك الروم للإسلام ذكر الأريسيين كما جاء في صحيح البخاري : ( أما بعد فأسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ..) والأريسيين أختلف العلماء في تفسيرها والذي يظهر والله أعلم أنهم أصحاب آريوس فهم أقرب النصارى إلى عقيدة المسلمين .
    ومن جملة ما أُحدث في الدين النصراني عبادة الصليب و تعظيم الصور والتماثيل فأما الصليب فإنه لم يكن له قيمة تذكر عند النصارى في القرون الثلاثة الأولى بل لو وجده أحدهم في طريقه لداسه بقدمه ومضى ولا يرى أنه عمل ذنباً لأن عبادة الصليب هي من عبادة الأوثان ولم يأمر المسيح بتعظيمه ولا أصحابه الحواريين والدليل على أنه من عبادة الأوثان أنه لو قال قائل لنصراني أعبد هذه الشجرة لقال هذه عبادة أوثان ولكن لو نُحِت له من هذه الشجرة صليب لعبده ، كذلك لو قيل له أعبد هذه الصخرة لقال هذه عبادة أوثان ولكن لو نُحِتَ له منها صليب لعبده فهذه هي عبادة الأوثان لا فرق .
    وعند البحث لتاريخ الصليب وجد أن أول من نقب عنه وأشهره هي "هيلانة " أم قسطنطين الآنف الذكر التي كانت هي وأبنها حديثي عهد بشرك وعبادة أوثان ولم تتخلص من عقائدها القديمة الوثنية العالقة في قلبها فوجدت الصليب يسد هذا الفراغ في نفسها ! وبصفتها أم الملك لم يكن يجرؤ أحد أن يقف أمامها وينكر أعمالها فذهبت إلى القدس وبطشت ببعض اليهود الذين هم من بعض سكانه وبعد التعذيب أقر أحد الأشخاص اليهود بأن أباه أخبره عن جدهِ عن موقع القبر وكان قد غُطي القبر بالقمامة فأبعدت القمامة ونبشت القبور فوجدت ثلاثة صُلبان اثنان لللصين اللذين كان بجانب المصلوب والثالث ليهوذا الخائن الذي دل اليهود على مكان المسيح فجعله الله شبيهاً للمسيح وقُتل بدلاً عنه لأن المسيح لم يُصلب أصلاً ولم يقتل بل رفعه الله كما مر بشهادة القرآن والإنجيل فأخرج الصليب وعُظم ومن ذلك الزمان هو معظم في النصرانية إلى اليوم قال المؤرخ النصراني سعيد بن البطريق في تاريخه " نظم الجوهر " المطبوع ببيروت بمطبعة الآباء اليسوعيين سنة 1905م : ( فمن ميلاد سيدنا المسيح إلى أن وجد الصليب ثلاثمائة وثمانية وعشرون سنة !! ) 130/1 فهذا تاريخ الصليب الذي أبتلي به النصارى .
    وأما الصور التي تُرسم لذوات الأرواح والتماثيل المنحوته فإن قدماء النصارى في القرن الأول والثاني كانوا ينهون عنها ويرونها من أعمال الوثنيين كما نهى الإسلام عنها في عدة أحديث منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم : ( كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يُعذب بها في جهنم ) لأن التصوير ( الرسم ) لذوات الأرواح من إنسان وحيوان من المضاهاة لخلق الله وبداية عبادة الأوثان هي رسم صور الصالحين التي نصبوها في مجالسهم ومجامعهم حتى عبدوها وأقدم صورة رُسِمَت للمسيح في إحدى أقدم مقابر روما، يقدر تاريخ رسمها سنة 357م تقريباً من ميلاده بعد أن أُدخل في الدين النصراني كل غث وسمين وأتسع الخرق على الراقع ولذا ليس لديهم اليوم صورة أو تمثال للمسيح توارثوه من الحواريين حتى يكون لهم دليل على تعظيمهم للصور والتماثيل .
    وبهذا يتبين لكل ذي عينين عاقل يفرق بين الحجر والشجر أن الدين النصراني قد غُيّر عما جاء به المسيح وانتهى العمل به بسبب التحريف الواضح ثم يكفي حجةً على أهل هذا الدين شهادة المسيح عليه السلام بنسخ النصرانية وترك العمل بها إلى يوم القيامة في قوله متى الإصحاح الحادي والعشرين :( 42 قال لهم يسوع : أما قرأتم قط في الكتاب الحجر الذي رفضه البناؤون هو ذا قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا هو عجيب في أعيننا 43 لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثمارة 44 ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه )
    وهي بشارة بأمة محمد صلى الله عليه وسلم.

    والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
يعمل...
X