إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : قال الإمام مسلم (ت261هـ) في "صحيحه" (1/53-54، ط اليونينية) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : قُلْتُ لِسُهَيْلٍ : إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنْ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ: وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا ؛ قَالَ : فَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي ، كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ ، ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ؛ قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ » .
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي (ت394هـ) في "كتاب تعظيم قدر الصلاة" (2/691-694، ط1، 1406، مكتبة الدار بالمدينة) : « قال بعض أهل العلم : جماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له من كان ، وهي على وجهين : أحدهما فرض، والآخر نافلة ، فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض ، ومجانبة ما حرم . وأما النصيحة التي هي نافلة ، فهي إيثار محبته على محبة نفسه ، وذلك أن يعرض أمران : أحدهما لنفسه ، والآخر لربه ، فيبدأ بما كان لربه ، ويؤخر ما كان لنفسه ، فهذه جملة تفسير النصيحة له ، الفرض منه والنافلة ، وكذلك تفسير سنذكر بعضه؛ ليفهم بالتفسير من لا يفهم الجملة ، فالفرض منها مجانبة نهيه ، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيعا له ؛ فإن عجز عن القيام بفرضه لآفة حلت به من مرض أو حبس أو غير ذلك ؛ عزم على أداء ما افترض عليه ، متى زالت عنه العلة المانعة له ، قال الله - عز وجل - : ﴿ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل ﴾ [التوبة : 91] فسماهم محسنين نصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم ، وقد يرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ، ولا يرفع عنهم النصح لله لو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا غيره ، غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه ، وهو أن يندم على ذنوبه ، وينوي إن يصح أن يقوم بما افترض الله عليه ، ويتجنب ما نهاه عنه ، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه ، وكذلك النصح لله ولرسوله فيما أوجبه على الناس على أمر ربه . ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله .
وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض : فبذل المحمود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب، وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره ؛ لأن الناصح إذا اجتهد لمن ينصحه لم يؤثر نفسه عليه ، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته ، فكذلك الناصح لربه ، ومن تنفل لله بدون الاجتهاد ؛ فهو ناصح على قدر عمله غير محق للنصح بالكمال .
وأما النصيحة لكتاب الله : فشدة حبه ، وتعظيم قدره ، إذ هو كلام الخالق ، وشدة الرغبة في فهمه ، ثم شدة العناية في تدبره ، والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه ، ويقوم له به بعد ما يفهمه ، وكذلك الناصح من القلب يتفهم وصية من ينصحه ، وإن ورد عليه كتاب منه عني بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه ، فكذلك الناصح لكتاب الله يعني يفهمه ؛ ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى ، ثم ينشر ما فهم من العباد ، ويديم دراسته بالمحبة له ، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه .
وأما النصيحة للرسول - صلى الله عليه وسلم- في حياته : فبذل المجهود في طاعته ، ونصرته ، ومعاونته ، وبذل المال إذا أراده ، والمسارعة إلى محبته . وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته ، والبحث عن أخلاقه وآدابه ، وتعظيم أمره ولزوم القيام به ، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته ، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا ، وإن كان متدينا بها ، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام ، والتشبه به في زيه ولباسه .
وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فحب طاعتهم ورشدهم وعدلهم ، وحب اجتماع الأمة كلهم ، وكراهية افتراق الأمة عليهم ، والتدين بطاعتهم في طاعة الله ، والبغض لمن رأى الخروج عليهم ، وحب إعزازهم في طاعة الله .
وأما النصيحة للمسلمين : فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويشفق عليهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم ، وإن كان في ذلك ربح ما يبيع من تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب صلاحهم ، وألفتهم ، ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم » .
وقال ابن الأثير (ت606هـ) في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (5 / 62-63، ط، دار إحياء التراث العربي ) في مادة ( نصح ) : « فيه : « إنَّ الدِّين النصيحةُ للَّه ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامّتِهم » .
النصيحة : كلمة يُعَبِّرُ بها عن جملة ، هي إرادة الخير للمَنْصوح له ، وليس يُمكنُ أن يُعَبَّر هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَع معناه غيرها .
وأصل النُّصْح في اللغة : الخُلوص . يقال: نَصَحَتُه ونَصحتُ له .
ومعنى نصيحةِ اللَّه : صِحَّةُ الاعتقاد في وَحْدانِيتِّه ، وإخلاصُ النِيَّة في عبادتِه .
والنصيحة لكتاب اللَّه : هو التصديق به ، والعمَلُ بما فيه .
ونصيحة رسوله : التصديق بنُبُوَّته ورسالتِه ، والانْقياد لما أمَر به ونَهَى عنه .
ونصيحة الأئمة : أن يُطِيعَهم في الحق ، ولا يَرى الخروجَ عليهم إذا جارُوا .
ونَصيحة عامّة المسلمين : إرشادُهم إلى مصالِحِهم » .
ونقل كلام ابن الأثير هذا ابن منظور (ت711هـ) في "لسان العرب" (6 / 4438، ط، دار المعارف) فقال : « وفي الحديث : « إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة المسلمين وعامّتهم » ؛ قال ابن الأَثير : النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة ، هي إِرادة الخير للمنصوح له، فليس يمكن أَن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها .
وأَصل النُّصْحِ : الخلوص .
ومعنى النصيحة لله : صحة الاعتقاد في وحدانيته ، وإِخلاص النية في عبادته .
والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به ، والعمل بما فيه .
ونصيحة رسوله : التصديق بنبوّته ورسالته ، والانقياد لما أَمر به ونهى عنه .
ونصيحة الأَئمة : أَن يطيعهم في الحق ، ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا .
ونصيحة عامّة المسلمين : إِرشادهم إِلى المصالح .
وفي شرح هذا الحديث نظرٌ ، وذلك في قوله : نصيحة الأَئمة أَن يطيعهم في الحق ، ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا ، فأَيّ فائدة في تقييد لفظه بقوله : يطيعهم في الحق ، مع إِطلاق قوله : ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا ؟ وإِذا منعه الخروج إِذا جاروا ؛ لزم أَن يطيعهم في غير الحق » .
قال أبو طيبة : كتبت هذا نصيحة لأهل الحديث والسنة ، والحمد لله رب العالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : قال الإمام مسلم (ت261هـ) في "صحيحه" (1/53-54، ط اليونينية) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : قُلْتُ لِسُهَيْلٍ : إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنْ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ: وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا ؛ قَالَ : فَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي ، كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ ، ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ؛ قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ » .
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي (ت394هـ) في "كتاب تعظيم قدر الصلاة" (2/691-694، ط1، 1406، مكتبة الدار بالمدينة) : « قال بعض أهل العلم : جماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له من كان ، وهي على وجهين : أحدهما فرض، والآخر نافلة ، فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض ، ومجانبة ما حرم . وأما النصيحة التي هي نافلة ، فهي إيثار محبته على محبة نفسه ، وذلك أن يعرض أمران : أحدهما لنفسه ، والآخر لربه ، فيبدأ بما كان لربه ، ويؤخر ما كان لنفسه ، فهذه جملة تفسير النصيحة له ، الفرض منه والنافلة ، وكذلك تفسير سنذكر بعضه؛ ليفهم بالتفسير من لا يفهم الجملة ، فالفرض منها مجانبة نهيه ، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيعا له ؛ فإن عجز عن القيام بفرضه لآفة حلت به من مرض أو حبس أو غير ذلك ؛ عزم على أداء ما افترض عليه ، متى زالت عنه العلة المانعة له ، قال الله - عز وجل - : ﴿ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل ﴾ [التوبة : 91] فسماهم محسنين نصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم ، وقد يرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ، ولا يرفع عنهم النصح لله لو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا غيره ، غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه ، وهو أن يندم على ذنوبه ، وينوي إن يصح أن يقوم بما افترض الله عليه ، ويتجنب ما نهاه عنه ، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه ، وكذلك النصح لله ولرسوله فيما أوجبه على الناس على أمر ربه . ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله .
وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض : فبذل المحمود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب، وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره ؛ لأن الناصح إذا اجتهد لمن ينصحه لم يؤثر نفسه عليه ، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته ، فكذلك الناصح لربه ، ومن تنفل لله بدون الاجتهاد ؛ فهو ناصح على قدر عمله غير محق للنصح بالكمال .
وأما النصيحة لكتاب الله : فشدة حبه ، وتعظيم قدره ، إذ هو كلام الخالق ، وشدة الرغبة في فهمه ، ثم شدة العناية في تدبره ، والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه ، ويقوم له به بعد ما يفهمه ، وكذلك الناصح من القلب يتفهم وصية من ينصحه ، وإن ورد عليه كتاب منه عني بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه ، فكذلك الناصح لكتاب الله يعني يفهمه ؛ ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى ، ثم ينشر ما فهم من العباد ، ويديم دراسته بالمحبة له ، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه .
وأما النصيحة للرسول - صلى الله عليه وسلم- في حياته : فبذل المجهود في طاعته ، ونصرته ، ومعاونته ، وبذل المال إذا أراده ، والمسارعة إلى محبته . وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته ، والبحث عن أخلاقه وآدابه ، وتعظيم أمره ولزوم القيام به ، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته ، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا ، وإن كان متدينا بها ، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام ، والتشبه به في زيه ولباسه .
وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فحب طاعتهم ورشدهم وعدلهم ، وحب اجتماع الأمة كلهم ، وكراهية افتراق الأمة عليهم ، والتدين بطاعتهم في طاعة الله ، والبغض لمن رأى الخروج عليهم ، وحب إعزازهم في طاعة الله .
وأما النصيحة للمسلمين : فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويشفق عليهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم ، وإن كان في ذلك ربح ما يبيع من تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب صلاحهم ، وألفتهم ، ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم » .
وقال ابن الأثير (ت606هـ) في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (5 / 62-63، ط، دار إحياء التراث العربي ) في مادة ( نصح ) : « فيه : « إنَّ الدِّين النصيحةُ للَّه ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامّتِهم » .
النصيحة : كلمة يُعَبِّرُ بها عن جملة ، هي إرادة الخير للمَنْصوح له ، وليس يُمكنُ أن يُعَبَّر هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَع معناه غيرها .
وأصل النُّصْح في اللغة : الخُلوص . يقال: نَصَحَتُه ونَصحتُ له .
ومعنى نصيحةِ اللَّه : صِحَّةُ الاعتقاد في وَحْدانِيتِّه ، وإخلاصُ النِيَّة في عبادتِه .
والنصيحة لكتاب اللَّه : هو التصديق به ، والعمَلُ بما فيه .
ونصيحة رسوله : التصديق بنُبُوَّته ورسالتِه ، والانْقياد لما أمَر به ونَهَى عنه .
ونصيحة الأئمة : أن يُطِيعَهم في الحق ، ولا يَرى الخروجَ عليهم إذا جارُوا .
ونَصيحة عامّة المسلمين : إرشادُهم إلى مصالِحِهم » .
ونقل كلام ابن الأثير هذا ابن منظور (ت711هـ) في "لسان العرب" (6 / 4438، ط، دار المعارف) فقال : « وفي الحديث : « إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة المسلمين وعامّتهم » ؛ قال ابن الأَثير : النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة ، هي إِرادة الخير للمنصوح له، فليس يمكن أَن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها .
وأَصل النُّصْحِ : الخلوص .
ومعنى النصيحة لله : صحة الاعتقاد في وحدانيته ، وإِخلاص النية في عبادته .
والنصيحة لكتاب الله: هو التصديق به ، والعمل بما فيه .
ونصيحة رسوله : التصديق بنبوّته ورسالته ، والانقياد لما أَمر به ونهى عنه .
ونصيحة الأَئمة : أَن يطيعهم في الحق ، ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا .
ونصيحة عامّة المسلمين : إِرشادهم إِلى المصالح .
وفي شرح هذا الحديث نظرٌ ، وذلك في قوله : نصيحة الأَئمة أَن يطيعهم في الحق ، ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا ، فأَيّ فائدة في تقييد لفظه بقوله : يطيعهم في الحق ، مع إِطلاق قوله : ولا يرى الخروج عليهم إِذا جاروا ؟ وإِذا منعه الخروج إِذا جاروا ؛ لزم أَن يطيعهم في غير الحق » .
قال أبو طيبة : كتبت هذا نصيحة لأهل الحديث والسنة ، والحمد لله رب العالمين.