حوار مع الشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد العباد - حفظه الله -
فضيلة شيخنا ... يرغب القارئ في التعرف على سيرتكم الذاتية فهلا تعرفنا منكم على نبذة عن مولدكم وبداية طلبكم للعلم وأبرز مشايخكم ؟الاسم : عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد بن عثمان ال بدر ، والجد الثاني عبد الله لقبه عبَّاد ، وقد اشتهر بالنسبة إليه بعض أولاده – ولدت في عام 1353 هـ في مدينة الزلفي الواقعة شمال مدينة الرياض ، تعلمت القراءة والكتابة في الكتِّاب ، ودرست المرحلة الابتدائية في الزلفي ، ثم التحقت بمعهد الرياض العلمي ثم بكلية الشريعة بالرياض ، وتخرجت منها عام 1379 هـ ومن أبرز مشايخي الذين درست عليهم في معهد الرياض العلمي وكلية الشريعة : الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، و الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي و الشيخ / عبد الرزاق عفيفي ، والشيخ / عبد الرحمن الإفريقي و الشيخ / عبد الله صالح الخليفي رحمهم الله .
فضيلة الشيخ لكم باع طويل في التدريس وبخاصة تدريس الحديث الشريف ، مالطريقة المثلى التي ترون ينتهجها المتخصص في السنة النبوية ؟
الطريقة المفضلة لطلب الحديث أن يتدرج فيه ، ففي الحفظ يحفظ مثلاً : الأربعين النووية ثم عمدة الأحكام للمقدسي ، ثم اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان الذي جمعه محمد فؤاد عبد الباقي ، ولتكن دراسته للصحيحين وكتب السنن الأربعة وغيرها على شيخ له معرفة بالحديث ليستفيد من توجيهه وتعليمه ، وفي أثناء الدراسة يعنى بالمتون والأسانيد ومعرفة الرجال و الحكم على الأحاديث ومعرفة الصحيح والضعيف ، ويعنى بالرواية و الدراية وفي معرفة ما يستنبط من الأحاديث من الأحكام والفوائد ، وكذا دراسة علم المصطلح على شيخ و التدرج في ذلك .
التدريس في الحرم النبوي له خصوصيته ، فمتى كانت بداية تدريسكم في الحرم ، وهل يمكن أن نتعرف منكم عن الكتب الحديثيه التي درستموها في المسجد النبوي ؟
بدأت التدريس في المسجد النبوي في أول عام 1406 هـ ،ودرست فيه الصحيحين وسنن أبي داود والنسائي وجامع الترمذي ، ودرست أيضاً ألفية السيوطي في المصطلح ، ودرست أيضاً في العقيدة مقدمة ابن أبي زيد القيرواني وتطهير الاعتقاد للصنعاني وشرح الصدور للشوكاني ، وفي الفقه شرح شروط الصلاة وكتاب آداب المشي إلى الصلاة ، وهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله .
هل هناك تعارض بين حفظ المتون العلمية و بين الاهتمام بحفظ السنة ؟ فإن لم يكن فكيف يجمع بينهما ؟
ليس هناك تعارض بين حفظ المتون في السنة وفي غيرها ، وإنما يتدرج في المتون المحفوظة في السنة وغيرها ، ويجمع إلى حفظ المتون دراسة الكتب الحديثية إسناداً ومتناً ، رواية ودراية ، ومن المناسب الاكتفاء بمتن واحد في الفقه وأصوله والنحو ليتسع المجال للاشتغال بالسنة .
هناك مقولة تقال بين حين و آخر : إن الاهتمام بالسند انتهى ولا ينبغي الالتفات إليه ، بينما في مقولة أخرى توغل في الاهتمام بالسند حتى أسانيد البخاري و مسلم في دراستها للحكم عليها دون الاهتمام بفقه المتن . ما تعليقكم على ذلك ؟
المطلوب الاهتمام بالأسانيد والمتون رواية ودراية ومعرفة الرجال في الأسانيد ،والاتصال فيها والانقطاع لمعرفة حكمها صحة وضعفا ، ولا تشتغل بأسانيد الصحيحين للحكم على الأحاديث فيها ،وإنما يشتغل فيها لمعرفة ما اشتملت عليه من المباحث التطبيقية لعلم مصطلح الحديث .
يختلف المختصون بالحديث في مسألة : العمل بقواعد المحدثين في القرون الأولى أو بما استقر عليه الاصطلاح كما قعدّه ابن صلاح أو ابن حجر رحمهما الله تعالى ، هل ترون تنافياً بين الأمرين ؟
لا تنافي أمام طالب الحديث بين الأمرين ، بل عليه أن يستفيد مما جاء عن المحدثين المتقدمين و المتأخرين ، ولا يستغني طالب العلم عن الرجوع إلى ما جاء عن هؤلاء وهؤلاء .
اشتهر عند بعض طلاب العلم الحرص على الحكم على الحديث صحة وضعفاً . ما رأيكم في ذلك ؟ وهل هناك منهج ينبغي أن يسير عليه طلاب علم الحديث في ذلك .
الحكم على الأحاديث صحة وضعفا هو الغاية و المقصود من دراسة الأسانيد ومعرفة الرجال ليُعمل بالثابت منها دون غيره ، ويكون ذلك بالرجوع إلى أحكام المحدثين من المتقدمين أو المتأخرين على الأحاديث صحة وضعفاً ، ويُعنى طالب العلم بالاهتمام بالطرق التي يتوصل إلى معرفة الحكم على الأحاديث وتطبيقاتها .
ماذا عن أبرز مؤلفاتكم في الحديث وغيره ؟
مما كتبته في الحديث : شرح حديث جبريل ، وشرح حديث " نضر الله أمراءً سمع مقالتي " ، وشرح الأربعين النووية ، وشرح عشرين حديثاً من صحيح البخاري ، وعشرين حديثاً من صحيح مسلم ، وبيان ما في أسانيدها من المباحث التطبيقية لعلم مصطلح الحديث .
ومما كتبته في العقيدة : قطف الجنى الداني في شرح مقدمة رسالة أبن أبي زيد القيرواني .
وفي الفقه : شرح آداب المشي إلى الصلاة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وتفسير آيات من كتاب الله بعنوان : من كنوز القرآن الكريم ، مع كتب ورسائل أخرى طبعت في ثمانية مجلدات .
يجرى على ألسنة بعض المتعالمين القدح في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى محتجين أن فيهما بعض الأحاديث الشاذة ونحوها ، مما يجعلها عرضة للبحث و النظر ما لقول الصحيح في ذلك .
كتابا البخاري ومسلم وُضِعَا لجمع الأحاديث الصحيحة ، وما انتقده بعض الحفاظ المتقدمين عليهما شيء يسير ، وأكثر ما انتقده الحق فيه مع صاحبي الصحيح ، والقليل النادر منها ليس عليه جواب مقنع ، وكون أحاديثهما بالآلاف وما انتقده الحفاظ عليهما قليل جداً غالبيته العظمى لم تسلم لهم ، يدل ذلك على صحة ما في الكتابين وبيان علو منزلتهما كما حقق ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري .
نريد أن تتحفوا قراء موقع السنة النبوية ببعض المواقف المفيدة التي استفدتموها من مشايخكم و بالذات في صحبتكم مع سماحة الإمام عبد العزيز بن باز رحمة الله .
مشايخنا رحمهم الله استفدت منهم علماً وأدباً ، وقد سميت خمسة من أبرزهم ، رحم الله الجميع وغفر لهم وجزاهم أحسن الجزاء ، ولا يحضرني الآن مواقف معينة لأذكرها .
تكاثرت الفتن على المسلمين في هذا الوقت بم تنصحون طلاب العلم المبتدئين وغيرهم ؟ وعلام يركزون اهتماماتهم ؟
على طلاب العلم الاشتغال بما يُغْنى عما لا يُغِْني ، وأن يشغلوا أوقاتهم بالاشتغال بالعلم الشرعي تلقياً من مشايخهم ومذاكرة في العلم فيما بينهم ، وقراءة ما أمكن من الكتب العلمية المفيدة السليمة من الخلل ، وألا يشغلوا أنفسهم بالفتن وتعريضهم أنفسهم لها ، فيبتعدوا عن كل ما يعود عليهم وعلى المسلمين بالضرر ، ولاسيما الابتعاد من مصاحبة جلساء السوء .
يكثر بعض الطلاب – حرصاً منهم – على التنقل بين المشايخ لطلب العلم دون التركيز ، أو إكمال مرحلة التعلم ، ما نصيحتكم لهؤلاء ؟
شغل الأوقات في تحصيل العلم الشرعي مطلوب ، ولا بأس من دراسة الطالب على أكثر من شيخ في فن أو فنون مختلفة ، فيحضر عند شيخ في الحديث مثلاً ، وعند شيخ آخر في التفسير ، وعند ثالث في الفقه ، لأن الوقت إذا لم يُشغل فيما ينفع ضاع على صاحبة ، وأقل أحواله أن يكون لا له و لا عليه .
في نهاية هذا اللقاء المبارك نود أن تتحفوا قراء الموقع بما ترونه من نصائح مفيدة أثابكم الله وسدد خطاكم وجعل ما تقدمونه من علم وعمل في ميزان حسناتكم ونفع بكم الإسلام و المسلمين .
أوصي طلاب العلم الشرعي بما يلي :
1. الإخلاص لله في طلب العلم ، وأن يكون الباعث على تحصيله معرفة الحق و الهدى و العمل به و الدعوة إليه .
2. الجد والاجتهاد في تحصيل العلم وشغل الأوقات في ذلك ، والبعد عن الكسل و الخمول وكل ما يثبط عن تحصيل العلم .
3. الحرص على اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها .
4. الحرص على مصاحبة الأخيار ، لاسيما من كان منهم مشتغلاً بالعلم للاستفادة منهم ، والابتعاد عن مصاحبة الأشرار ليسلم من ضررهم .
5. أن يكون فيما يتقرب به إلى الله عز وجل من عمل جامعاً بين الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليظفر بالثواب الجزيل من الله تعالى .
منقول